7132- عن أبي سعيد قال: «حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال، فكان فيما يحدثنا به أنه قال: يأتي الدجال، وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل، وهو خير الناس، أو من خيار الناس، فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله، ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ ( يَأْتِي الدَّجَّال ) أَيْ إِلَى ظَاهِر الْمَدِينَة.
قَوْله ( فَيَنْزِل بَعْض السِّبَاخ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة جَمْع سَبَخَة بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ الْأَرْض الرَّمِلَة الَّتِي لَا تُنْبِت لِمُلُوحَتِهَا , وَهَذِهِ الصِّفَة خَارِج الْمَدِينَة مِنْ غَيْر جِهَة الْحِرَّة.
قَوْله ( الَّتِي تَلِي الْمَدِينَة ) أَيْ مِنْ قِبَل الشَّام.
قَوْله ( فَيَخْرُج إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُل هُوَ خَيْر النَّاس أَوْ مِنْ خِيَار النَّاس ) فِي رِوَايَة صَالِح عَنْ اِبْن شِهَاب عِنْد مُسْلِم " أَوْ مِنْ خَيْر النَّاس " وَفِي رِوَايَة أَبِي الْوَدَّاك عَنْ أَبِي سَعِيد عِنْد مُسْلِم " فَيَتَوَجَّه قِبَله رَجُل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , فَيَلْقَاهُ مَسَالِح الدَّجَّال فَيَقُولُونَ أَوْ مَا تُؤْمِن بِرَبِّنَا ؟ فَيَقُول مَا بِرَبِّنَا خَفَاء , فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّال بَعْدَ أَنْ يُرِيدُوا قَتْله , فَإِذَا رَآهُ قَالَ : يَا أَيّهَا النَّاس هَذَا الدَّجَّال الَّذِي ذَكَرَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَة عَطِيَّة " فَيَدْخُل الْقُرَى كُلّهَا غَيْر مَكَّة وَالْمَدِينَة حُرِّمَتَا عَلَيْهِ , وَالْمُؤْمِنُونَ مُتَفَرِّقُونَ فِي الْأَرْض , فَيَجْمَعهُمْ اللَّه فَيَقُول رَجُل مِنْهُمْ : وَاَللَّه لَأَنْطَلِقَنَّ فَلَأَنْظُرَنَّ هَذَا الَّذِي أَنْذَرْنَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيَمْنَعهُ أَصْحَابه خَشْيَة أَنْ يُفْتَتَن بِهِ , فَيَأْتِي حَتَّى إِذَا أَتَى أَدْنَى مَسْلَحَة مِنْ مَسَالِحه أَخَذُوهُ فَسَأَلُوهُ مَا شَأْنه فَيَقُول : أُرِيدَ الدَّجَّال الْكَذَّاب " فَيَكْتُبُونَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فَيَقُول أَرْسِلُوا بِهِ إِلَيَّ , فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ.
قَوْله ( فَيَقُول أَشْهَد أَنَّك الدَّجَّال الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثه ) فِي رِوَايَة عَطِيَّة " أَنْتَ الدَّجَّال الْكَذَّاب الَّذِي أَنْذَرَنَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَزَادَ " فَيَقُول لَهُ الدَّجَّال لَتُطِيعنِي فِيمَا آمُرك بِهِ أَوْ لَأَشُقَّنَّكَ شَقَّتَيْنِ , فَيُنَادِي : يَا أَيّهَا النَّاس هَذَا الْمَسِيح الْكَذَّاب ".
قَوْله ( فَيَقُول الدَّجَّال أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْت هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْته هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْر ؟ فَيَقُولُونَ : لَا ) فِي رِوَايَة عَطِيَّة " ثُمَّ يَقُول الدَّجَّال لِأَوْلِيَائِهِ " وَهَذَا يُوَضِّح أَنَّ الَّذِي يُجِيبهُ بِذَلِكَ أَتْبَاعه , وَيَرُدّ قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ تَقِيَّةً , أَوْ مُرَادهمْ لَا نَشُكّ أَيْ فِي كُفْرك وَبُطْلَان قَوْلك.
قَوْله ( فَيَقْتُلهُ ثُمَّ يُحْيِيه ) فِي رِوَايَة أَبِي الْوَدَّاك " فَيَأْمُر بِهِ الدَّجَّال فَيُشْبَح فَيُشْبَع ظَهْره وَبَطْنه ضَرْبًا " فَيَقُول : أَمَا تُؤْمِن بِي ؟ فَيَقُول : أَنْتَ الْمَسِيح الْكَذَّاب , فَيُؤْمَر بِهِ فَيُوشَر بِالْمِيشَارِ مِنْ مَفْرِقه حَتَّى يُفَرِّق بَيْنَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّال بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُول : قُمْ , فَيَسْتَوِي قَائِمًا " وَفِي حَدِيث النَّوَّاس بْن سَمْعَان عِنْد مُسْلِم " فَيَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعهُ جَزْلَتَيْنِ , ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِل وَيَتَهَلَّل وَجْهه يَضْحَك " وَفِي رِوَايَة عَطِيَّة " فَيَأْمُر بِهِ فَيُمَدّ بِرِجْلَيْهِ ثُمَّ يَأْمُر بِحَدِيدَةٍ فَتُوضَع عَلَى عَجَب ذَنَبه ثُمَّ يَشُقّهُ شَقَّتَيْنِ , ثُمَّ قَالَ الدَّجَّال لِأَوْلِيَائِهِ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَحْيَيْت لَكُمْ هَذَا , أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَبّكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ , فَيَأْخُذ عَصًا فَضَرَبَ أَحَد شِقَّيْهِ فَاسْتَوَى قَائِمًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ صَدَّقُوهُ وَأَحَبُّوهُ وَأَيْقَنُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ رَبّهمْ " وَعَطِيَّة ضَعِيف.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ هَذَا اِخْتِلَاف عَظِيم يَعْنِي فِي قَتْله بِالسَّيْفِ وَبِالْمِيشَارِ , قَالَ فَيُجْمَع بِأَنَّهُمَا رَجُلَانِ يَقْتُل كُلًّا مِنْهُمَا قِتْلَة غَيْر قِتْلَة الْآخَر , كَذَا قَالَ , وَالْأَصْل عَدَم التَّعَدُّد , وَرِوَايَة الْمِيشَار تُفَسِّر رِوَايَة الضَّرْب بِالسَّيْفِ , فَلَعَلَّ السَّيْف كَانَ فِيهِ فُلُول فَصَارَ كَالْمِيشَارِ وَأَرَادَ الْمُبَالَغَة فِي تَعْذِيبه بِالْقِتْلَةِ الْمَذْكُورَة , وَيَكُون قَوْله " فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ " مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ إِنَّهُ نَشَرَهُ وَقَوْله " فَيَقْطَعهُ جَزْلَتَيْنِ " إِشَارَة إِلَى آخِر أَمْره لِمَا يَنْتَهِي نَشْره.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَقَدْ وَقَعَ فِي قِصَّة الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِر أَنَّهُ وَضَعَ يَده فِي رَأْسه فَاقْتَلَعَهُ , وَفِي أُخْرَى فَأَضْجَعَهُ بِالسِّكِّينِ فَذَبَحَهُ , فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَرْجِيح إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِكَوْنِ الْقِصَّة وَاحِدَة.
قُلْت : وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير الْكَهْف بَيَان التَّوْفِيق بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْضًا بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَإِنْ قِيلَ كَيْف يَجُوز أَنْ يُجْرِي اللَّه الْآيَة عَلَى يَد الْكَافِر ؟ فَإِنَّ إِحْيَاء الْمَوْتَى آيَة عَظِيمَة مِنْ آيَات الْأَنْبِيَاء فَكَيْف يَنَالهَا الدَّجَّال وَهُوَ كَذَّاب مُفْتَرٍ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّة ؟ فَالْجَوَاب أَنَّهُ عَلَى سَبِيل الْفِتْنَة لِلْعِبَادِ إِذْ كَانَ عِنْدَهُمْ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مُبْطِل غَيْر مُحِقّ فِي دَعْوَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ أَعْوَر مَكْتُوب عَلَى جَبْهَته كَافِر يَقْرَؤُهُ كُلّ مُسْلِم , فَدَعْوَاهُ دَاحِضَة مَعَ وَسْم الْكُفْر وَنَقْص الذَّات وَالْقَدْر , إِذْ لَوْ كَانَ إِلَهًا لَأَزَالَ ذَلِكَ عَنْ وَجْهه , وَآيَات الْأَنْبِيَاء سَالِمَة مِنْ الْمُعَارَضَة فَلَا يَشْتَبِهَانِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : لَا يَجُوز أَنْ تُعْطَى أَعْلَام الرُّسُل لِأَهْلِ الْكَذِب وَالْإِفْك فِي الْحَالَة الَّتِي لَا سَبِيل لِمَنْ عَايَنَ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا إِلَّا الْفَصْل بَيْن الْمُحِقّ مِنْهُمْ وَالْمُبْطِل , فَأَمَّا إِذَا كَانَ لِمَنْ عَايَنَ ذَلِكَ السَّبِيل إِلَى عِلْم الصَّادِق مِنْ الْكَاذِب فَمَنْ ظَهَرَ ذَلِكَ عَلَى يَده فَلَا يُنْكِر إِعْطَاء اللَّه ذَلِكَ لِلْكَذَّابِينَ , فَهَذَا بَيَان الَّذِي أُعْطِيَهُ الدَّجَّال مِنْ ذَلِكَ فِتْنَة لِمَنْ شَاهَدَهُ وَمِحْنَة لِمَنْ عَايَنَهُ اِنْتَهَى.
وَفِي الدَّجَّال مَعَ ذَلِكَ دَلَالَة بَيِّنَة لِمَنْ عَقَلَ عَلَى كَذِبه.
لِأَنَّهُ ذُو أَجْزَاء مُؤَلَّفَة , وَتَأْثِير الصَّنْعَة فِيهِ ظَاهِر مَعَ ظُهُور الْآفَة بِهِ مِنْ عَوَر عَيْنَيْهِ , فَإِذَا دَعَا النَّاس إِلَى أَنَّهُ رَبّهمْ فَأَسْوَأ حَال مَنْ يَرَاهُ مِنْ ذَوِي الْعُقُول أَنْ يَعْلَم أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُسَوِّيَ خَلْق غَيْره وَيَعْدِلهُ وَيُحَسِّنهُ وَلَا يَدْفَع النَّقْص عَنْ نَفْسه , فَأَقَلّ مَا يَجِب أَنْ يَقُول : يَا مَنْ يَزْعُم أَنَّهُ خَالِق السَّمَاء وَالْأَرْض صَوِّرْ نَفْسك وَعَدِّلْهَا وَأَزِلْ عَنْهَا الْعَاهَة , فَإِنْ زَعَمَتْ أَنَّ الرَّبّ لَا يُحْدِث فِي نَفْسه شَيْئًا فَأَزِلْ مَا هُوَ مَكْتُوب بَيْنَ عَيْنَيْك.
وَقَالَ الْمُهَلَّب : لَيْسَ فِي اِقْتِدَار الدَّجَّال عَلَى إِحْيَاء الْمَقْتُول الْمَذْكُور مَا يُخَالِف مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هُوَ أَهْوَن عَلَى اللَّه مِنْ ذَلِكَ " أَيْ مِنْ أَنْ يُمَكَّن مِنْ الْمُعْجِزَات تَمْكِينًا صَحِيحًا , فَإِنَّ اِقْتِدَاره عَلَى قَتْل الرَّجُل ثُمَّ إِحْيَائِهِ لَمْ يَسْتَمِرّ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي غَيْره وَلَا اِسْتَضَرَّ بِهِ الْمَقْتُول إِلَّا سَاعَة تَأَلُّمه بِالْقَتْلِ مَعَ حُصُول ثَوَاب ذَلِكَ لَهُ , وَقَدْ لَا يَكُون وَجَدَ لِلْقَتْلِ أَلَمًا لِقُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى عَلَى دَفْع ذَلِكَ عَنْهُ.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : الَّذِي يَظْهَر عَلَى يَدَيْ الدَّجَّال مِنْ الْآيَات مِنْ إِنْزَال الْمَطَر وَالْخِصْب عَلَى مَنْ يُصَدِّقهُ وَالْجَدْب عَلَى مَنْ يُكَذِّبهُ وَاتِّبَاع كُنُوز الْأَرْض لَهُ وَمَا مَعَهُ مِنْ جَنَّة وَنَار وَمِيَاه تَجْرِي كُلّ ذَلِكَ مِحْنَة مِنْ اللَّه وَاخْتِبَار لِيَهْلِك الْمُرْتَاب وَيَنْجُو الْمُتَيَقِّن , وَذَلِكَ كُلّه أَمْر مَخُوف , وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا فِتْنَة أَعْظَم مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال " وَكَانَ يَسْتَعِيذ مِنْهَا فِي صَلَاته تَشْرِيعًا لِأُمَّتِهِ , وَأَمَّا قَوْله فِي الْحَدِيث الْآخَر عِنْد مُسْلِم " غَيْر الدَّجَّال أَخْوَف لِي عَلَيْكُمْ " فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِلصَّحَابَةِ لِأَنَّ الَّذِي خَافَهُ عَلَيْهِمْ أَقْرَب إِلَيْهِمْ مِنْ الدَّجَّال فَالْقَرِيب الْمُتَيَقَّن وُقُوعه لِمَنْ يَخَاف عَلَيْهِ يَشْتَدّ الْخَوْف مِنْهُ عَلَى الْبَعِيد الْمَظْنُون وُقُوعه بِهِ وَلَوْ كَانَ أَشَدّ.
قَوْله ( فَيَقُول وَاَللَّه مَا كُنْت فِيك أَشَدّ بَصِيرَة مِنِّي الْيَوْم ) فِي رِوَايَة أَبِي الْوَدَّاك " مَا اِزْدَدْت فِيك إِلَّا بَصِيرَة " ثُمَّ يَقُول " يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّهُ لَا يَفْعَل بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنْ النَّاس " وَفِي رِوَايَة عَطِيَّة " فَيَقُول لَهُ الدَّجَّال أَمَا تُؤْمِن بِي ؟ فَيَقُول : أَنَا الْآنَ أَشَدّ بَصِيرَة فِيك مِنِّي.
ثُمَّ نَادَى فِي النَّاس : يَا أَيّهَا النَّاس هَذَا الْمَسِيح الْكَذَّاب , مَنْ أَطَاعَهُ فَهُوَ فِي النَّار , وَمَنْ عَصَاهُ فَهُوَ فِي الْجَنَّة " وَنَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيّ أَنَّ الرَّجُل إِذَا قَالَ ذَلِكَ لِلدَّجَّالِ ذَابَ كَمَا يَذُوب الْمِلْح فِي الْمَاء , كَذَا قَالَ , وَالْمَعْرُوف أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُل لِلدَّجَّالِ إِذَا رَأَى عِيسَى بْن مَرْيَم.
قَوْله ( فَيُرِيد الدَّجَّال أَنْ يَقْتُلهُ فَلَا يُسَلَّط عَلَيْهِ ) فِي رِوَايَة أَبِي الْوَدَّاك " فَيَأْخُذهُ الدَّجَّال لِيَذْبَحَهُ فَيُجْعَل مَا بَيْنَ رَقَبَته إِلَى تَرْقُوَته نُحَاس فَلَا يَسْتَطِيع إِلَيْهِ سَبِيلًا " وَفِي رِوَايَة عَطِيَّة " فَقَالَ لَهُ الدَّجَّال : لَتُطِيعُنِي أَوْ لَأَذْبَحَنَّكَ , فَقَالَ : وَاَللَّه لَا أُطِيعك أَبَدًا , فَأَمَرَ بِهِ فَأُضْجِع فَلَا يَقْدِر عَلَيْهِ وَلَا يَتَسَلَّط عَلَيْهِ مَرَّة وَاحِدَة " زَادَ فِي رِوَايَة عَطِيَّة " فَأَخَذَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَأُلْقِيَ فِي النَّار وَهِيَ غَبْرَاء ذَات دُخَان " وَفِي رِوَايَة أَبِي الْوَدَّاك " فَيَأْخُذ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِف بِهِ فَيَحْسِب النَّاس أَنَّهُ قَذَفَهُ إِلَى النَّار وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّة " زَادَ فِي رِوَايَة عَطِيَّة " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَلِكَ الرَّجُل أَقْرَب أُمَّتِي مِنِّي وَأَرْفَعهُمْ دَرَجَة " وَفِي رِوَايَة أَبِي الْوَدَّاك " هَذَا أَعْظَم شَهَادَة عِنْدَ رَبّ الْعَالَمِينَ " وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَعَبْد بْن حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَة حَجَّاج بْن أَرْطَاةَ عَنْ عَطِيَّة أَنَّهُ " يَذْبَح ثَلَاث مَرَّات ثُمَّ يَعُود لِيَذْبَحهُ الرَّابِعَة فَيَضْرِب اللَّه عَلَى حَلْقه بِصَفِيحَةِ نُحَاس فَلَا يَسْتَطِيع ذَبْحه " وَالْأَوَّل هُوَ الصَّوَاب.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو رَفَعَهُ فِي ذِكْر الدَّجَّال " يَدْعُو بِرَجُلٍ لَا يُسَلِّطهُ اللَّه إِلَّا عَلَيْهِ " فَذَكَرَ نَحْو رِوَايَة أَبِي الْوَدَّاك وَفِي آخِره " فَيَهْوِي إِلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَلَا يَسْتَطِيعهُ فَيَقُول : أَخِّرُوهُ عَنِّي " وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن مُعْتَمِر ثُمَّ يَدْعُو بِرَجُلٍ فِيمَا يَرَوْنَ فَيُؤْمَر بِهِ فَيُقْتَل ثُمَّ يَقْطَع أَعْضَاءَهُ كُلّ عُضْو عَلَى حِدَة فَيُفَرِّق بَيْنَهَا حَتَّى يَرَاهُ النَّاس ثُمَّ يَجْمَعهَا ثُمَّ يَضْرِب بِعَصَاهُ فَإِذَا هُوَ قَائِم فَيَقُول : أَنَا اللَّه الَّذِي أُمِيت وَأُحْيِي , قَالَ وَذَلِكَ كُلّه سِحْر سَحَرَ أَعْيُن النَّاس لَيْسَ يَعْمَل مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , وَهُوَ سَنَد ضَعِيف جِدًّا.
وَفِي رِوَايَة أَبِي يَعْلَى مِنْ الزِّيَادَة " قَالَ أَبُو سَعِيد كُنَّا نَرَى ذَلِكَ الرَّجُل عُمَر بْن الْخَطَّاب لِمَا نَعْلَم مِنْ قُوَّته وَجَلَده " وَوَقَعَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَقِب رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَةَ " قَالَ أَبُو إِسْحَاق : يُقَال إِنَّ هَذَا الرَّجُل هُوَ الْخَضِر " كَذَا أَطْلَقَ فَظَنَّ الْقُرْطُبِيّ أَنَّ أَبَا إِسْحَاق الْمَذْكُور هُوَ السَّبِيعِيُّ أَحَد الثِّقَات مِنْ التَّابِعِينَ وَلَمْ يُصِبْ فِي ظَنّه فَإِنَّ السَّنَد الْمَذْكُور لَمْ يَجْرِ لِأَبِي إِسْحَاق فِيهِ ذِكْر , وَإِنَّمَا أَبُو إِسْحَاق الَّذِي قَالَ ذَلِكَ هُوَ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سُفْيَان الزَّاهِد رَاوِي صَحِيح مُسْلِم عَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ عِيَاض وَالنَّوَوِيّ وَغَيْرهمَا وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَذْكِرَته أَيْضًا قَبْلُ , فَكَأَنَّ قَوْله فِي الْمَوْضِع الثَّانِي السَّبِيعِيُّ سَبْق قَلَم , وَلَعَلَّ مُسْتَنَده فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَعْمَر فِي جَامِعه بَعْدَ ذِكْر هَذَا الْحَدِيث " قَالَ مَعْمَر بَلَغَنِي أَنَّ الَّذِي يَقْتُل الدَّجَّال الْخَضِر " وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّان مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر قَالَ " كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الْخَضِر " وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ سَمِعْت مَنْ يَقُول : إِنَّ الَّذِي يَقْتُلهُ الدَّجَّال هُوَ الْخَضِر , وَهَذِهِ دَعْوَى لَا بُرْهَان لَهَا.
قُلْت : وَقَدْ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث أَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح رَفَعَهُ فِي ذِكْر الدَّجَّال " لَعَلَّهُ أَنْ يُدْرِكهُ بَعْض مَنْ رَآنِي أَوْ سَمِعَ كَلَامِي " الْحَدِيث.
وَيُعَكِّر عَلَيْهِ قَوْله فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ تَقَدَّمَ التَّنْبِيه عَلَيْهَا " شَابّ مُمْتَلِئ شَبَابًا " وَيُمْكِن أَنْ يُجَاب بِأَنَّ مِنْ جُمْلَة خَصَائِص الْخَضِر أَنْ لَا يَزَال شَابًّا , وَيَحْتَاج إِلَى دَلِيل.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلًا عَنْ الدَّجَّالِ فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ أَنَّهُ قَالَ يَأْتِي الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ فَيَقُولُونَ لَا فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال.»
عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المدينة يأتيها الدجال، فيجد الملائكة يحرسونها، فلا يقربها الدجال، قال: ولا الطاعون إن شاء الله.»
عن زينب بنت جحش: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فزعا يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يفتح الردم ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وعقد وهيب تسعين.<br>
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أطاعني قد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أم...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن ر...
عن محمد بن جبير بن مطعم يحدث: «أنه بلغ معاوية، وهو عنده في وفد من قريش: أن عبد الله بن عمرو يحدث: أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب، فقام فأثنى على الله...
قال ابن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان.»
عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمة، فهو يقضي...