4329- عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بابن صائد في نفر من أصحابه، فيهم عمر بن الخطاب، وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة، وهو غلام، فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده، ثم قال: «أتشهد أني رسول الله؟» قال: فنظر إليه ابن صياد، فقال: أشهد أنك رسول الأميين، ثم قال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «آمنت بالله ورسله»، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يأتيك؟» قال: يأتيني صادق وكاذب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «خلط عليك الأمر»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني قد خبأت لك خبيئة» وخبأ له: {يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: ١٠]، قال ابن صياد: هو الدخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اخسأ، فلن تعدو قدرك»، فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فأضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن يكن فلن تسلط عليه - يعني الدجال - وإلا يكن هو فلا خير في قتله»
إسناده صحيح.
سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والزهري: هو محمد بن مسلم، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني.
وهو في "مصنف عبد الرزاق" (٢٠٨١٧).
وأخرجه البخاري (١٣٥٤)، ومسلم (٢٩٣٠)، والترمذي (٢٣٩٧) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في "مسند أحمد" (٦٣٦٠)، و"صحيح ابن حبان" (٦٧٨٥).
قال الخطابي: الأطم: بناء من الحجارة مرفوع كالقصر، وآطام المدينة:
حصونها، والدخ: الدخان، وقال الشاعر:
عند رواق البيت يغش الدخا
وقد اختلف الناس في ابن صياد اختلافا شديدا، وأشكل أمره، حتى قيل فيه كل قول.
وقد يسال عن هذا، فيقال: كيف يقار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يدعي النبوة كاذبا، ويتركه بالمدينة، يساكنه في داره ويجاوره فيها، وما معنى ذلك، وما وجه امتحانه إياه بما خبأه له من أنه الدخان، وقوله بعد ذلك: "اخسأ فلن تعدو قدرك؟ ".
والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهود وحلفاءهم وذلك أنه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتابا صالحهم فيه: على أن لا يهاجوا، وأن يتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم أو دخيلا في جملتهم، وكان يبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبره، وما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه -صلى الله عليه وسلم- بذلك ليروز به أمره، ويخبر شأنه، فلما كلمه علم أنه مبطل، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتيه رئي من الجن، أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به، فلما سمع منه قوله: الدخ، زبره، فقال: "اخسأ فلن تعدو قدرك".
يريد أن ذلك شيء اطلع عليه الشيطان فألقاه إليه، وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبل الوحي السماوي، إذ لم يكن له قدر الأنبياء الذين أوحى الله إليهم من علم الغيب، ولا درجة الأولياء الذين يلهمون العلم، فيصيبون بنور قلوبهم، وإنما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعض، وذلك معنى قوله: يأتيني صادق وكاذب، فقال له عند ذلك: "قد خلط عليك".
والجملة: أنه كان فتنة قد امتحن الله به عباده المؤمنين يهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حى عن بينة، وقد امتحن الله قوم موسى عليه السلام في زمانه بالعجل فافتتن به قوم، وهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه منهم.
وقد اختلفت الروايات في أمره، وما كان من شأنه بعد كبره، فروي أنه قد تاب عن ذلك القول، ثم إنه مات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، وقيل لهم: اشهدوا.
وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: شتمت ابن صياد، فقال: ألم تسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يدخل الدجال مكة"، وقد حججت معك، وقال: "لا يولد له" وقد ولد لي.
وكان ابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيما روي عنهما يحلفان أن ابن صياد هو الدجال لا يشكان فيه، فقيل لجابر: وإن أسلم؟ فقال: وإن أسلم، فقيل له: دخل مكة وكان بالمدينة؟ قال: وإن دخل.
وقد روي عن جابر أنه قال: فقدنا ابن صياد يوم الحرة.
قلت [القائل الخطابي]: وهذا خلاف رواية من روى أنه مات بالمدينة.
قلنا: ونقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ١٣/ ٣٢٦ عن الإمام البيهقي أنه قال: الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد، وكان ابن صياد أحد الدجالين الكذابين الذين أخبر -صلى الله عليه وسلم- بخروجهم، وقد خرج أكثرهم، وكأن الذين يجزمون بأن ابن صياد هو الدجال لم يسمعوا بقصة تميم وإلا فالجمع بينهما بعيد جدا، إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم، ويجتمع به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويسأله، أن يكون في آخرها شيخا كلبيرا مسجونا في جزيرة من جزائر البحر موثقا بالحديد، يستفهم عن خبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، هل خرج أو لا، فالأولى أن يحمل على عدم الاطلاع، أما عمر فيحتمل أن يكون ذلك منه (يعني قسمه أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ابن صياد هو الدجال كما سيأتي في الحديث (٤٣٣١) قبل أن يسمع قصة تميم، ثم لما سمعها لم يعد إلى الحلف المذكور، وأما جابر فشهد حلفه عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستصحب ما كان اطلع عليه من عمر بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو بكر ابن العربي في "عارضة الأحوذي" ٩/ ١٠٦: الصحيح أن الدجال ليس بابن صياد، فإن ابن صياد كان بالمدينة صبيا، وتميم الداري قد ذكر حديث الدجال ولقاءه في الجزيرة مع الجساسة، فيحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - مكن له عمر من ذلك في أول الأمر حتى جاءه تميم فأخبره بخبره المشاهد.
وقال الحافظ "الفتح" ١٣/ ٣٢٨: وأقرب ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال: أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثقا، وأن ابن صياد شيطان تبدى في سورة الدجال في تلك المدة.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( وَهُوَ ) : أَيْ اِبْن صَائِد وَالْوَاو لِلْحَالِ ( يَلْعَب مَعَ الْغِلْمَان ) : جَمْع الْغُلَام ( عِنْد أُطُم بَنِي مَغَالَة ) : قَالَ النَّوَوِيّ : الْمَغَالَة بِفَتْحِ الْمِيم وَتَخْفِيف الْغَيْن الْمُعْجَمَة.
قَالَ الْقَاضِي : وَبَنُو مَغَالَة كُلّ مَا كَانَ عَلَى يَمِينك إِذَا وَقَفْت آخِر الْبَلَاط مُسْتَقْبِل مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْأُطُم بِضَمِّ الْهَمْزَة وَالطَّاء هُوَ الْحِصْن جَمْعه آطَام اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْقَارِي : بِفَتْحِ الْمِيم وَبِضَمِّ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَنُقِلَ بِالضَّمِّ وَالْمُهْمَلَة وَهُوَ قَبِيلَة وَالْأُطُم الْقَصْر وَكُلّ حِصْن مَبْنِيّ بِحِجَارَةٍ وَكُلّ بَيْت مُرَبَّع مُسَطَّح الْجَمْع آطَام وَأُطُوم كَذَا فِي الْقَامُوس.
وَقَالَ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّه : الْمَشْهُور مَغَالَة بِفَتْحِ الْمِيم وَتَخْفِيف الْغَيْن الْمُعْجَمَة اِنْتَهَى ( فَلَمْ يَشْعُر ) : بِضَمِّ الْعَيْن أَيْ لَمْ يَدْرِ اِبْن الصَّيَّاد , مُرُوره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وَإِتْيَانه لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ عَلَى غَفْلَة مِنْهُ ( ظَهْره ) : أَيْ ظَهْر اِبْن صَيَّاد ( بِيَدِهِ ) : أَيْ الْكَرِيمَة ( ثُمَّ قَالَ ) : أَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَقَالَ ) : أَيْ اِبْن صَيَّاد ( أَنَّك رَسُول الْأُمِّيِّينَ ) : قَالَ الْقَاضِي : يُرِيد بِهِمْ الْعَرَب لِأَنَّ أَكْثَرهمْ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ وَلَا يَقْرَءُونَ.
وَمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مِنْ قِبَل الْمَنْطُوق لَكِنَّهُ يُشْعِر بِبَاطِلٍ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُوم وَهُوَ أَنَّهُ مَخْصُوص بِالْعَرَبِ غَيْر مَبْعُوث إِلَى الْعَجَم كَمَا زَعَمَهُ بَعْض الْيَهُود وَهُوَ إِنْ قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَة مَا يُلْقِي إِلَيْهِ الْكَاذِب الَّذِي يَأْتِيه وَهُوَ شَيْطَانه اِنْتَهَى.
كَذَا فِي الْمِرْقَاة ( ثُمَّ قَالَ اِبْن صَيَّاد لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُول اللَّه ) : زَادَ فِي رِوَايَة مُسْلِم وَالْبُخَارِيّ فَرَفَضَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ النَّوَوِيّ : أَيْ تَرَكَ سُؤَاله الْإِسْلَام لِيَأْسِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي سُؤَاله عَمَّا يَرَى.
وَفِي الْمِشْكَاة فَرَصَّهُ بِتَشْدِيدِ الصَّاد الْمُهْمَلَة.
قَالَ الْقَارِي : أَيْ ضَغَطَهُ حَتَّى ضَمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض اِنْتَهَى ( فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْت بِاَللَّهِ وَرُسُله ) : فَإِنْ قِيلَ كَيْف لَمْ يَقْتُلهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّهُ اِدَّعَى بِحَضْرَتِهِ النُّبُوَّة ؟ فَالْجَوَاب مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّهُ كَانَ غَيْر بَالِغ وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ فِي أَيَّام مُهَادَنَة الْيَهُود وَحُلَفَائِهِمْ.
وَجَزَمَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِم السُّنَن بِهَذَا الْجَوَاب الثَّانِي.
قَالَ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّة إِنَّمَا جَرَتْ مَعَهُ أَيَّام مُهَادَنَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُود وَحُلَفَائِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعْد مَقْدَمِهِ الْمَدِينَة كَتَبَ بَيْنه وَبَيْن الْيَهُود كِتَابًا وَصَالَحَهُمْ فِيهِ عَلَى أَنْ لَا يُهَاجِمُوا وَيَتْرُكُوا أَمْرهمْ وَكَانَ اِبْن صَيَّاد مِنْهُمْ أَوْ دَخِيلًا فِي جُمْلَتهمْ , وَكَانَ يَبْلُغ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَره وَمَا يَدَّعِيه مِنْ الْكِهَانَة وَيَتَعَاطَاهُ مِنْ الْغَيْب فَامْتَحَنَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ لِيَرُوزَ أَمْره وَيَخْبُر شَأْنه , فَلَمَّا كَلَّمَهُ عَلِمَ أَنَّهُ مُبْطِل وَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَة السَّحَرَة أَوْ الْكَهَنَة أَوْ مِمَّنْ يَأْتِيه رِئْي مِنْ الْجِنّ أَوْ يَتَعَاهَدهُ شَيْطَان فَيُلْقِي عَلَى لِسَانه بَعْض مَا يَتَكَلَّم اِنْتَهَى مُخْتَصَرًا.
( مَا يَأْتِيك ) : أَيْ مِنْ أَخْبَار الْغَيْب وَنَحْوه ( قَالَ ) : أَيْ اِبْن صَيَّاد ( صَادِق ) : أَيْ خَبَر صَادِق ( وَكَاذِب ) : أَيْ خَبَر كَاذِب.
قَالَ الْقَارِي : وَقِيلَ حَاصِل السُّؤَال أَنَّ الَّذِي يَأْتِيك مَا يَقُول لَك , وَمُجْمَل الْجَوَاب أَنَّهُ يُحَدِّثنِي بِشَيْءٍ قَدْ يَكُون صَادِقًا وَقَدْ يَكُون كَاذِبًا ( خُلِّطَ عَلَيْك الْأَمْر ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول مُشَدَّدًا لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْثِير وَيَجُوز تَخْفِيفه أَيْ شُبِّهَ عَلَيْك الْأَمْر أَيْ الْكَذِب بِالصِّدْقِ.
قَالَ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّه : أَيْ مَا يَأْتِيك بِهِ شَيْطَانك مُخَلَّط.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ تَارَات يُصِيب فِي بَعْضهَا وَيُخْطِئ فِي بَعْضهَا فَلِذَلِكَ اِلْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْر ( قَدْ خَبَّأْت لَك ) : أَيْ أَضْمَرْت لَك فِي نَفْسِي ( خَبِيئَة ) : أَيْ كَلِمَة مُضْمَرَة لِتُخْبِرنِي بِهَا ( هُوَ الدُّخّ ) : قَالَ النَّوَوِيّ : هُوَ بِضَمِّ الدَّال وَتَشْدِيد الْخَاء وَهِيَ لُغَة فِي الدُّخَان , وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالدُّخِّ هُنَا الدُّخَان وَأَنَّهَا لُغَة فِيهِ , وَخَالَفَهُمْ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ لَا مَعْنَى لِلدُّخَانِ هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُخَبَّأ فِي كَفّ أَوْ كُمّ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْنَى خَبَّأْت أَضْمَرْت لَك اِسْم الدُّخَان فَيَجُوز , وَالصَّحِيح الْمَشْهُور أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْمَرَ لَهُ آيَة الدُّخَان وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : { فَارْتَقِبْ يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين }.
قَالَ الْقَاضِي : وَأَصَحّ الْأَقْوَال أَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ مِنْ الْآيَة الَّتِي أَضْمَرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِهَذَا اللَّفْظ النَّاقِص عَلَى عَادَة الْكُهَّان.
إِذَا أَلْقَى الشَّيْطَان إِلَيْهِمْ بِقَدْرِ مَا يَخْطِف قَبْل أَنْ يُدْرِكهُ الشِّهَاب اِنْتَهَى ( اِخْسَأْ ) : بِفَتْحِ السِّين وَسُكُون الْهَمْزَة كَلِمَة تُسْتَعْمَل عِنْد طَرْد الْكَلْب مِنْ الْخُسُوء وَهُوَ زَجْر الْكَلْب ( فَلَنْ تَعْدُوَ ) : بِضَمِّ الدَّال أَيْ فَلَنْ تُجَاوِز ( قَدْرك ) : أَيْ الْقَدْر الَّذِي يُدْرِكهُ الْكُهَّان مِنْ الِاهْتِدَاء إِلَى بَعْض الشَّيْء قَالَهُ النَّوَوِيّ : وَقَالَ الطِّيبِيّ : أَيْ لَا تَتَجَاوَز عَنْ إِظْهَار الْخَبِيئَات عَلَى هَذَا الْوَجْه كَمَا هُوَ دَأْب الْكَهَنَة إِلَى دَعْوَى النُّبُوَّة فَتَقُول أَتَشَهَد أَنِّي رَسُول اللَّه ( إِنْ يَكُنْ ) : أَيْ إِنْ يَكُنْ هَذَا دَجَّالًا ( فَلَنْ تُسَلَّط عَلَيْهِ ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ لَا تَقْدِر ( يَعْنِي الدَّجَّال ) : هَذَا تَفْسِير لِلضَّمِيرِ الْمَجْرُور فِي قَوْله عَلَيْهِ مِنْ بَعْض الرُّوَاة ( وَإِنْ لَا يَكُنْ هُوَ ) : لَيْسَ فِي بَعْض النُّسَخ لَفْظ هُوَ , وَهُوَ خَبَر كَانَ وَاسْمه مُسْتَكِنّ فِيهِ وَكَانَ حَقّه أَنْ يُكِنّهُ فَوَضَعَ الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مَوْضِع الْمَنْصُوب الْمُتَّصِل عَكْس قَوْلهمْ لَوْلَاهُ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون تَأْكِيدًا لِلْمُسْتَكِنِّ وَالْخَبَر مَحْذُوفًا عَلَى تَقْدِير إِنْ لَا يَكُنْ هُوَ الدَّجَّال ( فَلَا خَيْر فِي قَتْله ) : أَيْ لِكَوْنِهِ صَغِيرًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ كَوْن كَلَامه مُحْتَمِلًا فِيهِ أَقْوَال وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْخَطَّابِيّ رَحِمَهُ اللَّه جَزَمَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَلَيْسَ فِي حَدِيثهمْ خَبَّأَ لَهُ ( يَوْم تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين ) : وَالْإِسْنَاد الَّذِي خَرَّجَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ رِجَاله ثِقَات.
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِابْنِ صَائِدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَهُوَ غُلَامٌ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَأْتِيكَ قَالَ يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلِطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئَةً وَخَبَّأَ لَهُ { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ يَكُنْ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ يَعْنِي الدَّجَّالَ وَإِلَّا يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ فِي قَتْلِهِ
عن نافع، قال: كان ابن عمر يقول: «والله، ما أشك أن المسيح الدجال ابن صياد»
عن محمد بن المنكدر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن صائد الدجال، فقلت: تحلف بالله، فقال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند رسول الله صلى الله...
عن جابر، قال: «فقدنا ابن صياد يوم الحرة»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالون، كلهم يزعم أنه رسول الله»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا دجالا، كلهم يكذب على الله، وعلى رسوله»(1) 4335- عن إب...
عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل، فيقول: يا هذا، اتق الله ودع...
عن قيس، قال: قال أبو بكر: بعد أن حمد الله، وأثنى عليه: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية، وتضعونها على غير مواضعها: {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذ...
عن جرير، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيروا عليه، فلا يغيروا، إلا أصابهم الل...
عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده - وقطع هناد بقية الحديث، وفاه ابن ا...