حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده - سنن أبي داود

سنن أبي داود | كتاب الملاحم باب الأمر والنهي (حديث رقم: 4340 )


4340- عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده - وقطع هناد بقية الحديث، وفاه ابن العلاء: - فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان "

أخرجه أبو داوود


إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (١١٤٠).

شرح حديث (من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( وَعَنْ قَيْس بْن مُسْلِم ) ‏ ‏: مَعْطُوف عَلَى إِسْمَاعِيل مَعْنَاهُ رَوَاهُ الْأَعْمَش عَنْ إِسْمَاعِيل وَعَنْ قَيْس قَالَهُ النَّوَوِيّ فِي كِتَاب الْإِيمَان مِنْ شَرْح مُسْلِم ‏ ‏( مَنْ رَأَى ) ‏ ‏: أَيْ مَنْ عَلِمَ ‏ ‏( مُنْكَرًا ) ‏ ‏: أَيْ فِي غَيْره مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي " مِنْكُمْ " كَمَا فِي رِوَايَة مُسْلِم إِشْعَار بِأَنَّهُ مِنْ فُرُوض الْكِفَايَة وَالْمُنْكَر مَا أَنْكَرَهُ الشَّرْع ‏ ‏( فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ) ‏ ‏: أَيْ بِأَنْ يَمْنَعهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَكْسِر الْآلَات وَيُرِيق الْخَمْر وَيَرُدّ الْمَغْصُوب إِلَى مَالِكه ‏ ‏( وَقَطَعَ هَنَّاد بَقِيَّة الْحَدِيث ) ‏ ‏: أَيْ لَمْ يَذْكُرهَا بَلْ اِقْتَصَرَ عَلَى الْقَدْر الْمَذْكُور ‏ ‏( وَفَّاهُ اِبْن الْعَلَاء ) ‏ ‏: أَيْ ذَكَرَهُ وَافِيًا تَامًّا ‏ ‏( فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ) ‏ ‏: أَيْ التَّغْيِير بِالْيَدِ وَإِزَالَته بِالْفِعْلِ لِكَوْنِ فَاعِله أَقْوَى مِنْهُ ‏ ‏( فَبِلِسَانِهِ ) ‏ ‏: أَيْ فَلْيُغَيِّرْهُ بِالْقَوْلِ وَتِلَاوَة مَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ الْوَعِيد عَلَيْهِ وَذِكْر الْوَعْظ وَالتَّخْوِيف وَالنَّصِيحَة ‏ ‏( فَبِقَلْبِهِ ) ‏ ‏: بِأَنْ لَا يَرْضَى بِهِ وَيُنْكِر فِي بَاطِنه عَلَى مُتَعَاطِيه فَيَكُون تَغْيِيرًا مَعْنَوِيًّا إِذْ لَيْسَ فِي وُسْعه إِلَّا هَذَا الْقَدْر مِنْ التَّغْيِير.
وَقِيلَ : التَّقْدِير فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ لِأَنَّ التَّغْيِير لَا يُتَصَوَّر بِالْقَلْبِ فَيَكُون التَّرْكِيب مِنْ بَاب عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا ‏ ‏( وَذَلِكَ ) ‏ ‏: أَيْ الْإِنْكَار بِالْقَلْبِ ‏ ‏( أَضْعَف الْإِيمَان ) ‏ ‏: قَالَ النَّوَوِيّ : أَيْ أَقَلّه ثَمَرَة.
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ : أَضْعَف الْإِيمَان أَيْ خِصَاله , فَالْمُرَاد بِهِ الْإِسْلَام أَوْ آثَاره وَثَمَرَاته.
وَقَالَ الْقَارِي : أَوْ ذَلِكَ الشَّخْص الْمُنْكِر بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَف أَهْل الْإِيمَان , فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَوِيًّا صُلْبًا فِي الدِّين لَمَا اِكْتَفَى بِهِ , يُؤَيِّدهُ الْحَدِيث الْمَشْهُور " أَفْضَل الْجِهَاد كَلِمَة حَقّ عِنْد سُلْطَان جَائِر " اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : وَعَلَى هَذَا فَالْمُشَار إِلَيْهِ مَنْ رَأَى وَالْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَارِي سَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب.
‏ ‏قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم : ثُمَّ إِنَّ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر فَرْض كِفَايَة إِذَا قَامَ بِهِ بَعْض النَّاس سَقَطَ الْحَرَج عَنْ الْبَاقِينَ , وَإِذَا تَرَكَهُ الْجَمِيع أَثِمَ كُلّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِلَا عُذْر وَلَا خَوْف , ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّن كَمَا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِع لَا يَعْلَم بِهِ إِلَّا هُوَ أَوْ لَا يَتَمَكَّن مِنْ إِزَالَته إِلَّا هُوَ.
قَالَ الْعُلَمَاء : وَلَا يَسْقُط عَنْ الْمُكَلَّف الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر لِكَوْنِهِ لَا يُفِيد فِي ظَنّه , بَلْ يَجِب عَلَيْهِ فِعْله فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَع الْمُؤْمِنِينَ.
وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْر وَالنَّهْي لَا الْقَبُول , وَلَا يُشْتَرَط فِي الْآمِر وَالنَّاهِي أَنْ يَكُون كَامِل الْحَال مُمْتَثِلًا بِمَا يَأْمُر بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الْأَمْر وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَأْمُر بِهِ وَالنَّهْي وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ , فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ شَيْئَانِ : أَنْ يَأْمُر نَفْسه وَيَنْهَاهَا وَيَأْمُر غَيْره وَيَنْهَاهُ , فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا كَيْف يُبَاح لَهُ الْإِخْلَال بِالْآخَرِ وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنْ الْمُنْكَر أَنْ يَرْفُق لِيَكُونَ أَقْرَب إِلَى تَحْصِيل الْمَطْلُوب , فَقَدْ قَالَ الْإِمَام الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ , وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَة فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ " قَالَ وَهَذَا الْبَاب أَعْنِي بَاب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَره مِنْ أَزْمَان مُتَطَاوِلَة وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَان إِلَّا رُسُوم قَلِيلَة جِدًّا , وَهُوَ بَاب عَظِيم بِهِ قِوَام الْأَمْر وَمِلَاكه , وَإِذَا كَثُرَ الْخَبَث عَمَّ الْعِقَاب الصَّالِح وَالطَّالِح , فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَة وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيل رِضَا اللَّه تَعَالَى أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَاب فَإِنَّ نَفْعه عَظِيم لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ مُعْظَمه , وَيُخْلِص نِيَّته وَلَا يَهَاب مَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَته فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ : { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّه مَنْ يَنْصُرهُ } وَقَالَ : وَلَا يُتَارِكهُ أَيْضًا لِصَدَاقَتِهِ وَمَوَدَّته وَمُدَاهَنَته وَطَلَب الْوَجَاهَة عِنْده وَدَوَام الْمَنْزِلَة لَدَيْهِ , فَإِنَّ صَدَاقَته وَمَوَدَّته تُوجِب لَهُ حُرْمَة وَحَقًّا , وَمِنْ حَقّه أَنْ يَنْصَحهُ وَيَهْدِيه إِلَى مَصَالِح آخِرَته وَيُنْقِذهُ مِنْ مَضَارّهَا , وَصَدِيق الْإِنْسَان وَمُحِبّه هُوَ مَنْ يَسْعَى فِي عِمَارَة آخِرَته وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى نَقْص فِي دُنْيَاهُ وَعَدُوّهُ مَنْ سَعَى فِي ذَهَاب دِينه أَوْ نَقْص آخِرَته , وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ صُورَة نَفْع فِي دُنْيَاهُ اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الصَّلَاة.


حديث من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده وقطع هناد بقية الحديث

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ‏ ‏وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو مُعَاوِيَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْمَشِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏إِسْمَعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ ‏ ‏وَعَنْ ‏ ‏قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ‏ ‏وَقَطَعَ ‏ ‏هَنَّادٌ ‏ ‏بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ ‏ ‏وَفَّاهُ ‏ ‏ابْنُ الْعَلَاءِ ‏ ‏فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن أبي داود

بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر

عن أبي أمية الشعباني، قال: سألت أبا ثعلبة الخشني، فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: {عليكم أنفسكم} [المائدة: ١٠٥]؟ قال: أما والله لقد سألت ع...

تأخذون ما تعرفون وتذرون ما تنكرون وتقبلون على أمر...

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كيف بكم وبزمان» أو «يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة، تبقى حثالة من الناس،...

الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما تنك...

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر الفتنة، فقال: «إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وك...

أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر

عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر، أو أمير جائر»

إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فأنكرها ك...

عن العرس ابن عميرة الكندي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا عملت الخطيئة في الأرض، كان من شهدها فكرهها - وقال مرة: «أنكرها» - كان كمن غاب عنها،...

لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم

عن أبي البختري، قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وقال سليمان: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسل...

إن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر ال...

عبد الله بن عمر، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام، فقال: «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس ما...

لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم

عن أبي ثعلبة الخشني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم»

إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف ي...

عن سعد بن أبي وقاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم» ، قيل لسعد: وكم نصف ذلك اليوم؟ قال: «خمس م...