4348- عبد الله بن عمر، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام، فقال: «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد»، قال ابن عمر: فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلك فيما يتحدثون عن هذه الأحاديث عن مائة سنة، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض»، يريد بأن ينخرم ذلك القرن
إسناده صحيح.
أبو بكر بن سليمان: هو ابن أبي حثمة.
وأخرجه البخاري (١١٦)، ومسلم (٢٥٣٧)، والترمذي (٢٤٠١)، والنسائي في "الكبرى" (٥٨٤٠) من طرق عن الزهري، به.
وهو في "مسند أحمد" (٥٦١٧)، و"صحيح ابن حبان" (٢٩٨٩).
وأخرج مسلم في "صحيحه" أن أبا الطفيل عامر بن واثلة آخر من مات من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن وفاته كانت سنة مئة من الهجرة.
وقد نقل السهيلي عن البخاري وطائفة من أهل الحديث موت الخضر عليه السلام صاحب موسى عليه السلام قبل انقضاء مئة من الهجرة، قال: ونصر شيخنا أبو بكر بن العربي هذا لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر هذا: "على رأس مئة لا يبقى على الأرض ممن هو عليها أحد" يريد من كان حيا حين هذه المقالة.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ٦/ ٤٣٤: والذي جزم بأن الخضر غير موجود الآن البخاري وإبراهيم الحربي، وأبو جعفر بن المنادي، وأبو يعلي بن الفراء، وأبو طاهر العبادي، وأبو بكر بن العربي وطائفة، وعمدتهم حديث ابن عمر هذا، وحديث جابر بن عبد الله .
ومن حجج من أنكر حياته قوله تعالى: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} [الأنبياء: ٣٤]، وحديث ابن عباس: "ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه" أخرجه البخاري [كذا وقع فيه، مع أن البخاري لم يخرج هذا الأثر عن ابن عباس، وقال محمد بن يوسف الصالحي في "السيرة الشامية" المعروفة بـ"سبل الهدى والرشاد" ١/ ٩١: رواه البخاري في "صحيحه" كما نقله الزركشي في "شرح البردة"، والحافظ ابن كثير في "تاريخه"، وأول كتابه "جامع المسانيد"، والحافظ في "الفتح" في باب حديث الخضر مع موسى، ولم أظفر به فيه، ورواه ابن عساكر بنحوه] ولم يأت في خبر صحيح أن الخضر جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا قاتل معه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" فلو كان الخضر موجودا لم يصح هذا النفي.
وقال أبو حيان الأندلسي في "تفسيره" ٦/ ١٤٧: الجمهور على أنه مات، ونقل عن ابن أبي الفضل المرسي أن الخضر صاحب موسى مات، لأنه لو كان حيا للزمه المجيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والإيمان به، واتباعه، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي".
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( فِي آخِر حَيَاته ) : قَبْل مَوْته بِشَهْرٍ كَمَا فِي حَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم ( أَرَأَيْتُمْ ) : وَفِي بَعْض النُّسَخ أَرَأَيْتَكُمْ أَيْ أَخْبِرُونِي وَهُوَ مِنْ إِطْلَاق السَّبَب عَلَى الْمُسَبَّب لِأَنَّ مُشَاهَدَة هَذِهِ الْأَشْيَاء طَرِيق إِلَى الْإِخْبَار عَنْهَا , وَالْهَمْزَة فِيهِ مُقَرِّرَة أَيْ قَدْ رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَخْبِرُونِي ( لَيْلَتكُمْ ) : أَيْ شَأْن لَيْلَتكُمْ أَوْ خَبَر لَيْلَتكُمْ ( هَذِهِ ) : هَلْ تَدْرُونَ مَا يَحْدُث بَعْدهَا مِنْ الْأُمُور الْعَجِيبَة وَتَاء أَرَأَيْتَكُمْ فَاعِل وَالْكَاف حَرْف خِطَاب لَا مَحَلّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَاب وَلَا تُسْتَعْمَل إِلَّا فِي الِاسْتِخْبَار عَنْ حَالَة عَجِيبَة وَلَيْلَتكُمْ بِالنَّصْبِ مَفْعُول ثَانٍ لِأَخْبِرُونِي قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيّ ( فَإِنَّ عَلَى رَأْس مِائَة سَنَة ) : أَيْ عِنْد اِنْتِهَاء مِائَة سَنَة كَذَا فِي الْفَتْح.
وَقَالَ السِّنْدِيُّ وَاسْم إِنَّ ضَمِير الشَّأْن : وَلِلْبُخَارِيِّ فَإِنَّ رَأْس اِنْتَهَى ( مِنْهَا ) : أَيْ تِلْكَ اللَّيْلَة ( لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْر الْأَرْض أَحَد ) : قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم : الْمُرَاد أَنَّ كُلّ مَنْ كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة عَلَى الْأَرْض لَا يَعِيش بَعْدهَا أَكْثَر مِنْ مِائَة سَنَة سَوَاء قَلَّ عُمْره قَبْل ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ , وَلَيْسَ فِيهِ نَفْي عَيْش أَحَد يُوجَد بَعْد تِلْكَ اللَّيْلَة فَوْق مِائَة سَنَة.
قَالَ وَفِيهِ اِحْتِرَاز مِنْ الْمَلَائِكَة.
وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ شَذَّ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ بِمَوْتِ خَضِر عَلَيْهِ السَّلَام وَالْجُمْهُور عَلَى حَيَاته لِإِمْكَانِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَحْر لَا عَلَى الْأَرْض.
وَقِيلَ هَذَا عَلَى سَبِيل الْغَالِب.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي تَهْذِيب الْأَسْمَاء : وَاخْتَلَفُوا فِي حَيَاة الْخَضِر وَنُبُوَّته فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْعُلَمَاء هُوَ حَيّ مَوْجُود بَيْن أَظْهُرنَا وَذَلِكَ مُتَّفَق عَلَيْهِ عِنْد الصُّوفِيَّة وَأَهْل الصَّلَاح وَالْمَعْرِفَة وَحِكَايَاتهمْ فِي رُؤْيَته وَالِاجْتِمَاع بِهِ وَالْأَخْذ عَنْهُ وَسُؤَاله وَجَوَابه وَوُجُوده فِي الْمَوَاضِع الشَّرِيفَة وَمَوَاطِن الْخَيْر أَكْثَر مِنْ أَنْ يُحْصَر وَأَشْهَر مِنْ أَنْ يُذْكَر.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح فِي فَتَاوِيه هُوَ حَيّ عِنْد جَمَاهِير الْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْعَامَّة مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ وَإِنَّمَا شَذَّ بِإِنْكَارِهِ بَعْض الْمُحَدِّثِينَ اِنْتَهَى.
قُلْت : مَا قَالَهُ النَّوَوِيّ مِنْ أَنَّ حَيَاة الْخَضِر قَوْل الْجُمْهُور لَيْسَ بِصَحِيحٍ , وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي الْإِصَابَة فَقَالَ : اِعْتَنَى بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ بِجَمْعِ الْحِكَايَات الْمَأْثُورَة عَنْ الصَّالِحِينَ وَغَيْرهمْ مِمَّنْ بَعْد الثَّالِث مِائَة فَمَا بَلَغَتْ الْعِشْرِينَ مَعَ مَا فِي أَسَانِيد بَعْضهَا مِمَّنْ يُضَعَّف لِكَثْرَةِ أَغْلَاطه أَوْ إِيهَامه بِالْكَذِبِ كَأَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ وَأَبِي الْحَسَن بْن جَهْضَم.
وَقَالَ السُّهَيْلِيّ قَالَ الْبُخَارِيّ وَطَائِفَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث : مَاتَ الْخَضِر قَبْل اِنْقِضَاء مِائَة سَنَة مِنْ الْهِجْرَة.
قَالَ : وَنَصَرَ شَيْخنَا أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ هَذَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عَلَى رَأْس مِائَة سَنَة لَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْض مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِمَا أَحَد " يُرِيد مِمَّنْ كَانَ حَيًّا حِين هَذِهِ الْمَقَالَة اِنْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّاب بْن دِحْيَة : وَلَا يَثْبُت اِجْتِمَاع الْخَضِر مَعَ أَحَد مِنْ الْأَنْبِيَاء إِلَّا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا قَصَّهُ اللَّه تَعَالَى مِنْ خَبَره , وَجَمِيع مَا وَرَدَ فِي حَيَاته لَا يَصِحّ مِنْهَا شَيْء بِاتِّفَاقِ أَهْل النَّقْل.
وَأَمَّا مَا جَاءَ مِنْ الْمَشَائِخ فَهُوَ مِمَّا يُتَعَجَّب مِنْهُ كَيْف يَجُوز لِعَاقِلٍ أَنْ يَلْقَى شَخْصًا لَا يَعْرِفهُ فَيَقُول لَهُ أَنَا فُلَان فَيُصَدِّقهُ اِنْتَهَى.
وَنَقَلَ أَبُو بَكْر النَّقَّاش فِي تَفْسِيره عَنْ عَلِيّ بْن مُوسَى الرِّضَا وَعَنْ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ أَنَّ الْخَضِر مَاتَ وَأَنَّ الْبُخَارِيّ سُئِلَ عَنْ حَيَاة الْخَضِر فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ اِبْن عُمَر الْمَذْكُور وَهُوَ عُمْدَة مَنْ تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ مَاتَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُون بَاقِيًا.
وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره الْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ مَاتَ.
وَنُقِلَ عَنْ اِبْن أَبِي الْفَضْل الْمُرْسِيّ أَنَّ الْخَضِر صَاحِب مُوسَى مَاتَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَزِمَهُ الْمَجِيء إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِيمَان بِهِ وَاتِّبَاعه , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اِتِّبَاعِي ".
وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَن بْن مُبَارَك عَنْ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ أَنَّ الْخَضِر مَاتَ وَبِذَلِكَ جَزَمَ اِبْن الْمُنَادَى.
وَذَكَرَ اِبْن الْجَوْزِيّ عَنْ أَبِي يَعْلَى بْن الْعَرَاء الْحَنْبَلِيّ قَالَ سُئِلَ بَعْض أَصْحَابنَا عَنْ الْخَضِر هَلْ مَاتَ ؟ فَقَالَ نَعَمْ.
قَالَ وَبَلَغَنِي مِثْل هَذَا عَنْ أَبِي طَاهِر بْن الْعَبَّادِيّ وَكَانَ يَحْتَجّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الْحَافِظ بْن حَجَر وَمِنْهُمْ أَبُو الْفَضْل بْن نَاصِر وَالْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن النَّقَّاش وَمِنْهُمْ اِبْن الْجَوْزِيّ وَاسْتَدَلَّ بِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي " قَالَ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقّ مُوسَى فَكَيْف لَمْ يَتْبَعهُ الْخَضِر أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا فَيُصَلِّي مَعَهُ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَيُجَاهِد تَحْت رَايَته كَمَا ثَبَتَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يُصَلِّي خَلْف إِمَام هَذِهِ الْأُمَّة.
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بْن الْمُنَادَى بَحَثْت عَنْ تَعْمِير الْخَضِر وَهَلْ هُوَ بَاقٍ أَمْ لَا فَإِذَا أَكْثَر الْمُغَفَّلِينَ مُغْتَرُّونَ بِأَنَّهُ بَاقٍ مِنْ أَجْل مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ وَالْأَحَادِيث الْمَرْفُوعَة فِي ذَلِكَ وَاهِيَة وَالسَّنَد إِلَى أَهْل الْكِتَاب سَاقِط لِعَدَمِ ثِقَتهمْ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَار كُلّهَا وَاهِيَة لَا يَخْلُو حَالهَا مِنْ أَحَد الْأَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ تَكُون أُدْخِلَتْ عَلَى الثِّقَات اِسْتِغْفَالًا أَوْ يَكُون بَعْضهمْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ.
وَفِي تَفْسِير الْأَصْبَهَانِيّ رُوِيَ عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ كَانَ يَذْهَب إِلَى أَنَّ الْخَضِر مَاتَ اِنْتَهَى كَلَام الْحَافِظ مِنْ الْإِصَابَة مُخْتَصَرًا.
وَقَدْ أَطَالَ الْحَافِظ الْكَلَام فِي ذَلِكَ فَأَجَادَ وَأَحْسَن وَاَللَّه أَعْلَم.
( فَوَهَلَ النَّاس ) : بِفَتْحِ الْوَاو وَالْهَاء وَيَجُوز كَسْرهَا أَيْ غَلِطُوا وَذَهَبَ وَهْمهمْ إِلَى خِلَاف الصَّوَاب فِي تَأْوِيل ( مَقَالَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : أَيْ فِي حَدِيثه ( تِلْكَ ) : وَهِيَ قَوْله فَإِنَّ عَلَى رَأْس مِائَة سَنَة مِنْهَا إِلَخْ ( فِيمَا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيث عَنْ مِائَة سَنَة ) وَلَفْظ الْبُخَارِيّ فِي بَاب السَّمَر فِي الْفِقْه وَالْخَيْر بَعْد صَلَاة الْعِشَاء مِنْ كِتَاب الصَّلَاة فِي مَقَالَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث عَنْ مِائَة سَنَة.
قَالَ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْبُخَارِيّ : أَيْ حَيْثُ تُؤَوِّلُونَهَا بِهَذِهِ التَّأْوِيلَات الَّتِي كَانَتْ مَشْهُورَة بَيْنهمْ إِلَيْهَا عِنْدهمْ فِي مَعْنَى الْمُرَاد عَنْ مِائَة سَنَة مِثْل أَنَّ الْمُرَاد بِهَا اِنْقِرَاض الْعَالَم بِالْكُلِّيَّةِ وَنَحْوه ; لِأَنَّ بَعْضهمْ كَانَ يَقُول إِنَّ السَّاعَة تَقُوم عِنْد اِنْقِضَاء مِائَة سَنَة كَمَا رَوَى ذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْره مِنْ حَدِيث أَبِي مَسْعُود الْبَدْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَغَرَض اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ النَّاس مَا فَهِمُوا مَا أَرَادَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَة وَحَمَلُوهَا عَلَى مَحَامِل كُلّهَا بَاطِل , وَبَيَّنَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِذَلِكَ اِنْخِرَام الْقَرْن عِنْد اِنْقِضَاء مِائَة سَنَة , مِنْ مَقَالَته تِلْكَ وَهُوَ الْقَرْن الَّذِي كَانَ هُوَ فِيهِ بِأَنْ تَنْقَضِيَ أَهَالِيه وَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَد بَعْد مِائَة سَنَة , وَلَيْسَ مُرَاده أَنْ يَنْقَرِض الْعَالَم بِالْكُلِّيَّةِ , وَكَذَلِكَ وَقَعَ بِالِاسْتِقْرَاءِ فَكَانَ آخِر مَنْ ضُبِطَ عُمْره مِمَّنْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَئِذٍ أَبُو الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاثِلَة وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْل الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ كَانَ آخِر الصَّحَابَة مَوْتًا , وَغَايَة مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى سَنَة عَشْر وَمِائَة , وَهِيَ رَأْس مِائَة سَنَة مِنْ مَقَالَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهَذَا إِعْلَام مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ أَعْمَار أُمَّته لَيْسَتْ تَطُول كَأَعْمَارِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأُمَم السَّالِفَة لِيَجْتَهِدُوا فِي الْعَمَل اِنْتَهَى ( يُرِيد ) : أَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ مِائَة سَنَة ( أَنْ يَنْخَرِم ) : أَيْ يَنْقَطِع ( ذَلِكَ الْقَرْن ) : الَّذِي هُوَ فِيهِ فَلَا يَبْقَى أَحَد مِمَّنْ كَانَ مَوْجُودًا حَال تِلْكَ الْمَقَالَة.
قَالَ فِي النِّهَايَة : الْقَرْن أَهْل زَمَن , وَانْخِرَامه ذَهَابه وَانْقِضَاؤُهُ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْعَلَّامَة الْعَيْنِيّ : وَالْقَرْن بِفَتْحِ الْقَاف كُلّ طَبَقَة مُقْتَرِنِينَ فِي وَقْت وَمِنْهُ قِيلَ لِأَهْلِ كُلّ مُدَّة أَوْ طَبَقَة بُعِثَ فِيهَا نَبِيّ قَرْن.
قَلَّتْ السُّنُونَ أَوْ كَثُرَتْ اِنْتَهَى.
وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول قَبْل أَنْ يَمُوت بِشَهْرٍ : " تَسْأَلُونَ عَنْ السَّاعَة , وَإِنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه وَأُقْسِم بِاَللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْض مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَة سَنَة " هَذِهِ رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر عَنْهُ.
وَفِي رِوَايَة أَبِي نَضْرَة عَنْهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْل مَوْته بِشَهْرٍ أَوْ نَحْو ذَلِكَ " مَا مِنْ نَفْس " وَزَادَ فِي آخِره " وَهِيَ حَيَّة يَوْمئِذٍ " وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي سُفْيَان عَنْ جَابِر نَحْو رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر.
وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ أَبِي سَعِيد عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَأْتِي مِائَة سَنَة وَعَلَى الْأَرْض نَفْس مَنْفُوسَة الْيَوْم ".
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : كَانَ رِجَال مِنْ الْأَعْرَاب يَأْتُونَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْأَلُونَهُ عَنْ السَّاعَة فَكَانَ يَنْظُر إِلَى أَصْغَرهمْ فَيَقُول إِنْ يَعِشْ هَذَا لَا يُدْرِكهُ الْهَرَم حَتَّى تَقُوم عَلَيْكُمْ سَاعَتكُمْ أَيْ قِيَامَتكُمْ وَهِيَ السَّاعَة الصُّغْرَى وَالْمُرَاد مَوْت جَمِيعهمْ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : أَرَادَ بِالسَّاعَةِ اِنْقِرَاض الْقَرْن الَّذِينَ هُمْ مِنْ عِدَادهمْ ; وَلِذَلِكَ أَضَافَ إِلَيْهِمْ.
وَقَالَ بَعْضهمْ أَرَادَ مَوْت كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَهِلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ فِيمَا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يُرِيدُ بِأَنْ يَنْخَرِمَ ذَلِكَ الْقَرْنُ
عن أبي ثعلبة الخشني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم»
عن سعد بن أبي وقاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم» ، قيل لسعد: وكم نصف ذلك اليوم؟ قال: «خمس م...
عن عكرمة، أن عليا، عليه السلام أحرق ناسا ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ت...
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم رجل مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنف...
عن عائشة، رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: ر...
قال أبو موسى: أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين، أحدهما عن يميني، والآخر عن يساري، فكلاهما سأل العمل، والنبي صلى الله عليه وس...
عن أبي موسى، قال: قدم علي معاذ، وأنا باليمن، ورجل كان يهوديا فأسلم فارتد عن الإسلام، فلما قدم معاذ، قال: «لا أنزل عن دابتي حتى يقتل»، فقتل، قال أحدهم...
عن ابن عباس قال: كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأزله الشيطان، فلحق بالكفار، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم...
عن سعد، قال: لما كان يوم فتح مكة، اختبأ عبد الله بن سعد بن أبي سرح عند عثمان بن عفان، فجاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول ال...