4688- عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه فهو منافق خالص ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق حتى يدعها إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر»
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (٥٨) (١٠٦) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٤)، ومسلم (٥٨) (١٠٦) , والترمذي (٢٨٢١) من طريق سفيان، والنسائي في "الكبرى" (٨٦٨١) من طريق شعبة، كلاهما عن سليمان الأعمش، به.
وهو في "مسند أحمد" (٦٧٦٨)، و "صحيح ابن حبان"، (٢٥٤).
قال السندي، قوله: "وإذا خاصم فجر": الفجور في اللغة: الميل، وفي الشرع: الميل عن القصد، والعدول عن الحق، والمراد به ها هنا: الشتم والرمي بالأشياء القيحة والبهتان.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( أَرْبَع ) : أَيْ خِصَال أَرْبَع أَوْ أَرْبَع مِنْ الْخِصَال فَسَاغَ الِابْتِدَاء بِهِ ( مَنْ كُنَّ ) : أَيْ تِلْكَ الْأَرْبَع ( فِيهِ ) : الضَّمِير لِمَنْ ( فَهُوَ مُنَافِق خَالِص ) : قَالَ الْعَلْقَمِيّ : أَيْ فِي هَذِهِ الْخِصَال فَقَطْ لَا فِي غَيْرهَا , أَوْ شَدِيد الشَّبَه بِالْمُنَافِقِينَ , وَوَصْفه بِالْخُلُوصِ يُؤَيِّد قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ الْعَمَلِيّ دُون الْإِيمَانِيّ أَنَّ النِّفَاق الْعُرْفِيّ لَا الشَّرْعِيّ , لِأَنَّ الْخُلُوص بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ لَا يَسْتَلْزِم الْكُفْر الْمُلْقِي فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار ( حَتَّى يَدَعهَا ) : أَيْ إِلَى أَنْ يَتْرُكهَا ( إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ) : أَيْ عَمْدًا بِغَيْرِ عُذْر ( وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ) : أَيْ إِذَا وَعَدَ بِالْخَيْرِ فِي الْمُسْتَقْبَل لَمْ يَفِ بِذَلِكَ ( وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ) : أَيْ نَقَضَ الْعَهْد وَتَرَكَ الْوَفَاء بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْفَرْق بَيْن الْوَعْد وَالْعَهْد فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَرْق بَيْن الْوَعْد وَالْعَهْد صَرِيحًا.
وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْإِمَام الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنهمَا بَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ صَحِيحه بَاب مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْد , ثُمَّ اِسْتَدَلَّ عَلَى مَضْمُون الْبَاب بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيث أَوَّلهَا حَدِيث أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب فِي قِصَّة هِرَقْل أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا وَهُوَ أَنَّ هِرَقْل قَالَ لَهُ سَأَلْتُك مَاذَا يَأْمُركُمْ.
فَزَعَمْت أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْق وَالْعَفَاف وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ الْحَدِيث.
وَلَوْلَا أَنَّ الْوَعْد وَالْعَهْد مُتَّحِدَانِ لَمَا تَمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال , فَثَبَتَ مِنْ صَنِيعه هَذَا أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ.
وَالظَّاهِر مِنْ كَلَام الْحَافِظ رَحِمَهُ اللَّه فِي الْفَتْح أَنَّ بَيْنهمَا فَرْقًا فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّ مَعْنَاهُمَا قَدْ يَتَّحِد وَنَصَّهُ فِي شَرْح بَاب عَلَامَات الْمُنَافِق مِنْ كِتَاب الْإِيمَان قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ : حَصَلَ فِي مَجْمُوع الرِّوَايَتَيْنِ خَمْس خِصَال لِأَنَّهُمَا تَوَارَدَتَا عَلَى الْكَذِب فِي الْحَدِيث وَالْخِيَانَة فِي الْأَمَانَة وَزَادَ الْأَوَّل الْخُلْف فِي الْوَعْد وَالثَّانِي الْغَدْر فِي الْمُعَاهَدَة وَالْفُجُور فِي الْخُصُومَة.
قُلْت : وَفِي رِوَايَة مُسْلِم الثَّانِي بَدَل الْغَدْر فِي الْمُعَاهَدَة الْخُلْف فِي الْوَعْد كَمَا فِي الْأَوَّل , فَكَأَنَّ بَعْض الرُّوَاة تَصَرَّفَ فِي لَفْظه لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا قَدْ يَتَّحِد إِلَخْ.
فَلَفْظه قَدْ تَدُلّ دَلَالَة ظَاهِرَة عَلَى أَنَّ بَيْنهمَا فَرْقًا , وَلَكِنْ لَمْ يُبَيِّن أَنَّهُ أَيْ فَرَّقَ بَيْنهمَا , وَلَعَلَّ الْفَرْق هُوَ أَنَّ الْوَعْد أَعَمّ مِنْ الْعَهْد مُطْلَقًا , فَإِنَّ الْعَهْد هُوَ الْوَعْد الْمُوثَق فَأَيْنَمَا وُجِدَ الْعَهْد وُجِدَ الْوَعْد , مِنْ غَيْر عَكْس.
لِجَوَازِ أَنْ يُوجَد الْوَعْد مِنْ غَيْر تَوْثِيق.
وَيُمْكِن أَنْ يَكُون بَيْنهمَا عُمُوم وَخُصُوص مِنْ وَجْه , فَالْوَعْد أَعَمّ مِنْ الْعَهْد , بِأَنَّ الْعَهْد لَا يُطْلَق إِلَّا إِذَا كَانَ الْوَعْد مُوَثَّقًا وَالْوَعْد أَهَمّ مِنْ أَنْ يَكُون مُوَثَّقًا أَوْ لَا يَكُون كَذَلِكَ , وَيَشْهَد عَلَى ذَلِكَ لَفْظ الْحَدِيث لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ عَلَى إِخْلَاف الْوَعْد لَفْظ الْإِخْلَاف , وَعَلَى إِخْلَاف الْعَهْد لَفْظ الْغَدْر , وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَدْر أَشَدُّ مِنْ الْإِخْلَاف , فَعُلِمَ أَنَّ الْعَهْد أَشَدّ وَأَوْثَق مِنْ الْوَعْد.
وَيُؤَيِّدهُ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْد اللَّه مِنْ بَعْد مِيثَاقه ) : الْآيَة.
وَأَمَّا الْعَهْد أَهَمّ مِنْ الْوَعْد فَبِأَنَّ الْوَعْد لَا يُطْلَق إِلَّا عَلَى مَا يَكُون لِشَخْصٍ آخَر , وَالْعَهْد يُطْلَق عَلَى مَا يَكُون لِشَخْصٍ آخَر أَوْ لِنَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى.
قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيق مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) : فَهَاهُنَا عَهْدهمْ لَيْسَ إِلَّا عَلَى أَنْفُسهمْ بِالْإِيمَانِ وَقَالَ اللَّه تَعَالَى ( إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدهمْ إِلَى مُدَّتهمْ ) : الْآيَة فَهَاهُنَا مُعَاهَدَة الْمُؤْمِنِينَ لَا عَلَى أَنْفُسهمْ بَلْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ.
وَأَمَّا الْوَعْد فَلَا يُوجَد فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا لِرَجُلٍ آخَر , كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآن ( وَقَالَ الشَّيْطَان لَمَّا قُضِيَ الْأَمْر إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ) : الْآيَة.
وَقَالَ اللَّه تَعَالَى : ( رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتنَا عَلَى رُسُلك ) : الْآيَة.
وَقَالَ تَعَالَى ( رَبّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّات عَدْن الَّتِي وَعَدْتهمْ ) : الْآيَة , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات وَالْأَحَادِيث وَكَلَام أَهْل الْعَرَب.
فَلَعَلَّ مُرَاد الْبُخَارِيّ ثُمَّ الْحَافِظ بِاتِّحَادِ الْوَعْد وَالْعَهْد اِجْتِمَاعهمَا فِي مَادَّة الْوَعْد مِنْ غَيْر نَظَر إِلَى الْوُثُوق وَغَيْر الْوُثُوق , وَكَذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ لِرَجُلٍ آخَر أَوْ لِنَفْسِهِ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم ( وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ) : أَيْ شَتَمَ وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَة.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ خَالِصٌ وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن...
عن أبي هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان»
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " القدرية مجوس هذه الأمة: إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم "
عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل أمة مجوس ومجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومن مرض منهم فلا تع...
عن ابي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض: جاء منهم الأحمر...
عن علي عليه السلام، قال: كنا في جنازة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقيع الغرقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس ومعه مخصرة، فجعل ينكت با...
عن يحيى بن يعمر، قال: كان أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين، أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدا من...
عن أبي ذر، وأبي هريرة قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه، فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله صلى ا...
عن ابن الديلمي، قال: أتيت أبي بن كعب، فقلت: له وقع في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي، قال: «لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل...