195- عن أبي موسى، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: «إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه»
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٧٩) من طريق عمرو بن مرة، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (١٩٥٨٧) و (١٩٦٣٢)، و"صحيح ابن حبان" (٢٦٦).
وانظر ما بعده.
قوله: "يخفض القسط ويرفعه"، قال السندي: قيل: أريد بالقسط: الميزان، وسمي الميزان، قسطا لأنه يقع به العدل في القسمة، وهو الموافق لحديث أبي هريرة: "يرفع الميزان ويخفضه"، والمعنى: أن الله يخفض ويرفع ميزان أعمال العباد المرتفعة إليه وأرزاقهم النازلة من عنده، كما يرفع الوزان يده ويخفضها عند الوزن، فهو تمثيل وتصوير لما يقدر الله تعالى وينزل، ويحتمل أنه أشار إلى قوله تعالى: {كل يوم هو في شأن} أي: أنه يحكم بين خلقه بميزان العدل، فأمره كأمر الوزان الذي يزن فيخفض يده ويرفعها، وهذا المعنى أنسب بما قبله، كأنه قيل: كيف كان يجوز عليه النوم وهو الذي يتصرف أبدا في ملكه بميزان العدل؟ وقيل: أريد بالقسط: الرزق، لأنه قسط كل مخلوق، أي: نصيبه، وخفضه: تقليله، ورفعه: تكثيره، انتهى.
حاشية السندي على سنن ابن ماجه: أبو الحسن، محمد بن عبد الهادي نور الدين السندي (المتوفى: 1138هـ)
قَوْله ( قَامَ فِينَا إِلَخْ ) أَيْ قَامَ خَطِيبًا فِينَا مُذَكِّرًا بِخَمْسِ كَلِمَات فَقَوْله فِينَا وَبِخَمْسِ كَلِمَات مُتَرَادِفَانِ أَوْ مُتَدَاخِلَانِ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِينَا مُتَعَلِّقًا بِقَامَ عَلَى تَضْمِين مَعْنَى خَطَبَ وَبِخَمْسٍ حَال أَيْ خَطَبَ قَائِمًا مُذَكِّرًا بِخَمْسِ كَلِمَات وَالْقِيَام عَلَى الْوَجْهَيْنِ عَلَى ظَاهِره وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بِخَمْسٍ مُتَعَلِّقًا بِقَامَ وَفِينَا بَيَان وَالْقِيَام عَلَى هَذَا مِنْ قَامَ بِالْأَمْرِ شَمَّرَ وَتَجَلَّدَ لَهُ أَيْ تَشَمَّرَ بِحِفْظِ هَذِهِ الْكَلِمَات وَكَانَ السَّامِع حِين سَمِعَ ذَلِكَ قَالَ فِي حَقّهَا كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ قُلْت وَفِي الْوَجْه الثَّالِث لَوْ جَعَلَ فِينَا مُتَعَلِّقًا بِقَامَ مِنْ غَيْر اِعْتِبَار أَيْ قَامَ بِخَمْسِ كَلِمَات فِي حَقّنَا وَلِأَجْلِ اِنْتِفَاعنَا كَانَ صَحِيحًا وَالْأَقْرَب أَنَّ الْمَعْنَى قَامَ فِيمَا بَيْننَا بِتَبْلِيغِ خَمْس كَلِمَات أَيْ بِسَبَبِهِ فَالْجَارَانِ مُتَعَلِّقَانِ بِالْقِيَامِ وَهُوَ عَلَى ظَاهِره وَذَلِكَ أَنْ تَجْعَل الْقِيَام مِنْ قَامَ بِالْأَمْرِ وَتَجْعَل فِينَا بَيَانًا مُتَعَلِّقًا بِهِ أَيْضًا قَوْله ( بِخَمْسِ كَلِمَات ) أَيْ بِخَمْسِ فُصُول وَالْكَلِمَة لُغَة تُطْلَق عَلَى الْجُمْلَة الْمُرَكَّبَة الْمُفِيدَة ( لَا يَنَام ) إِذْ النَّوْم لِاسْتِرَاحَةِ الْقَوِيّ وَالْحَوَاسّ وَهِيَ عَلَى اللَّه تَعَالَى مُحَال وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَيْ لَا يَصِحّ وَلَا يَسْتَقِيم لَهُ النَّوْم فَالْكَلِمَة الْأُولَى دَالَّة عَلَى عَدَم صُدُور النَّوْم وَالثَّانِيَة لِلدَّلَالَةِ عَلَى اِسْتِحَالَته عَلَيْهِ تَعَالَى وَلَا يَلْزَم مِنْ عَدَم الصُّدُور اِسْتِحَالَته فَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ الْكَلِمَة الثَّانِيَة بَعْد الْأُولَى قَوْله ( يَخْفِض الْقِسْط وَيَرْفَعهُ ) قِيلَ أُرِيد بِالْقِسْطِ الْمِيزَان وَسُمِّيَ الْمِيزَان قِسْطًا لِأَنَّهُ يَقَع بِهِ الْمُعَادَلَة فِي الْقِسْمَة وَهُوَ الْمُوَافِق لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة يَرْفَع الْمِيزَان وَيَخْفِضهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّه يَخْفِض وَيَرْفَع مِيزَان أَعْمَال الْعِبَاد الْمُرْتَفِعَة إِلَيْهِ وَأَرْزَاقهمْ النَّازِلَة مِنْ عِنْده كَمَا يَرْفَع الْوَزَّان يَده وَيَخْفِضهَا عِنْد الْوَزْن فَهُوَ تَمْثِيل وَتَصْوِير لِمَا يُقَدِّر اللَّه تَعَالَى وَيُنَزِّل وَيَحْتَمِل أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْله تَعَالَى { كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن } أَيْ أَنَّهُ يَحْكُم بَيْن خَلْقه بِمِيزَانِ الْعَدْل فَأَمْره كَأَمْرِ الْوَزَّان الَّذِي يَزِن فَيَخْفِض يَده وَيَرْفَعهَا وَهَذَا الْمَعْنَى أَنْسَب بِمَا قَبْله كَأَنَّهُ قِيلَ كَيْف كَانَ يَجُوز عَلَيْهِ النَّوْم وَهُوَ الَّذِي يَتَصَرَّف أَبَدًا فِي مُلْكه بِمِيزَانِ الْعَدْل وَقِيلَ أُرِيد بِالْقِسْطِ الرِّزْق لِأَنَّهُ قِسْط كُلّ مَخْلُوق أَيْ نَصِيبه وَخَفْضه تَقْلِيله وَرَفْعه تَكْثِيره قَوْله ( يُرْفَع إِلَيْهِ ) أَيْ لِلْعَرْضِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ تَعَالَى أَعْلَم بِهِ لِيَأْمُر الْمَلَائِكَة بِإِمْضَاءِ مَا قَضَى لِفَاعِلِهِ جَزَاء لَهُ عَلَى فِعْله وَيَرْفَع أَيْ خَزَائِنه لِيَحْفَظ إِلَى يَوْم الْجَزَاء قَوْله ( قَبْل عَمَل اللَّيْل ) أَيْ قَبْل أَنْ يَشْرَع الْعَبْد فِي عَمَل اللَّيْل أَوْ قَبْل أَنْ يُرْفَع الْعَمَل بِاللَّيْلِ وَالْأَوَّل أَبْلَغ لِمَا فِيهِ مِنْ الدَّلَالَة عَلَى مُسَارَعَة الْكِرَام الْكَتَبَة إِلَى رَفْع الْأَعْمَال وَسُرْعَة عُرُوجهمْ إِلَى مَا فَوْق السَّمَوَات قَوْله ( حِجَابه ) الْحِجَاب هُوَ الْحَائِل بَيْن الرَّائِي وَالْمَرْئِيّ وَالْمُرَاد هَاهُنَا هُوَ الْمَانِع لِلْخَلْقِ عَنْ إِبْصَاره فِي دَار الْفِنَاء وَالْكَلَام فِي دَار الْبَقَاء فَلَا يَرِد أَنَّ الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى اِمْتِنَاع الرُّؤْيَة فِي الْآخِرَة وَكَذَا لَا يَرِد أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَانِع عَنْ الْإِدْرَاك فَكَيْف قِيلَ حِجَابه النُّور يُرِيد أَنَّ حِجَابه عَلَى خِلَاف الْحُجُب الْمَعْهُودَة فَهُوَ مُحْتَجِب عَلَى الْخَلْق بِأَنْوَارِ عِزّه وَجَلَاله وَسَعَة عَظَمَته وَكِبْرِيَائِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْحِجَاب الَّذِي تُدْهَش دُونه الْعُقُول وَتَذْهَب الْأَبْصَار وَتَتَحَيَّر الْبَصَائِر قَوْله ( لَوْ كَشَفَ ذَلِكَ الْحِجَاب ) وَتَجَلَّى لِمَا وَرَاءَهُ مَا تَجَلَّى مِنْ حَقَائِق الصِّفَات وَعَظَمَة الذَّات لَمْ يَبْقَ مَخْلُوق إِلَّا اِحْتَرَقَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْله لَوْ كَشَفَهُ أَيْ رَفَعَهُ وَأَزَالَهُ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَر مِنْ كَشْف الْحِجَاب وَيُفْهَم مِنْ كَلَام بَعْض أَنَّ الْمُرَاد لَوْ أَظْهَرَهُ لَاحْتَرَقَ قَوْله ( سُبُحَات وَجْهه ) السُّبُحَات أَيْ بِضَمَّتَيْنِ جَمْع سُبْحَة كَغُرْفَةٍ وَغُرُفَات وَفَسَّرَ سُبُحَات الْوَجْه بِجَلَالَتِهِ وَقِيلَ مَحَاسِنه لِأَنَّك إِذَا رَأَيْت الْوَجْه الْحَسَن قُلْت سُبْحَان اللَّه وَقِيلَ قَالَ بَعْض أَهْل التَّحْقِيق إِنَّهَا الْأَنْوَار الَّتِي إِذَا رَآهَا الرَّاءُونَ مِنْ الْمَلَائِكَة سَبِّحُوا وَهَلَّلُوا لِمَا يَرُوعهُمْ مِنْ جَلَال اللَّه وَعَظَمَته قُلْت ظَاهِر الْحَدِيث يُفِيد أَنَّ سُبُحَات الْوَجْه لَا تَظْهَر لِأَحَدٍ وَإِلَّا لَاحْتَرَقَتْ الْمَخْلُوقَات فَكَيْف يُقَال إِنَّ الْمَلَائِكَة يَرَوْنَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْله ( مَا اِنْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ ) أَيْ كُلّ مَخْلُوق اِنْتَهَى إِلَى ذَلِكَ الْمَخْلُوق بَصَرُهُ تَعَالَى وَمَعْلُوم أَنَّ بَصَره مُحِيط بِجَمِيعِ الْكَائِنَات مَعَ وُجُود الْحِجَاب فَكَيْف إِذَا كَشَفَ فَهَذَا كِنَايَة عَنْ هَلَاك الْمَخْلُوقَات أَجْمَع وَقِيلَ الْمُرَاد مَا اِنْتَهَى بَصَره إِلَى اللَّه تَعَالَى أَيْ كُلّ مَنْ يَرَاهُ يَهْلِك فَكَأَنَّهُمْ رَاعُوا أَنَّ الْحِجَاب مَانِع عَنْ أَبْصَارهمْ فَعِنْد الرَّفْع يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِر أَبْصَارهمْ وَإِلَّا فَإِبْصَاره تَعَالَى دَائِم فَلْيُتَأَمَّلْ وَقِيلَ الْمُرَاد بِالْبَصَرِ النُّور وَالْمَعْنَى أَيْ كُلّ مَخْلُوق اِنْتَهَى إِلَى ذَلِكَ نُوره تَعَالَى وَقَوْله مِنْ خَلْقه عَلَى الْوُجُوه بَيَان لِمَا فِي قَوْله مَا اِنْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ
عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يمين الله ملأى، لا يغيضها شيء، سحاء الليل والنهار، وبيده الأخرى الميزان، يرفع القسط ويخفض، قال: أرأيت...
عن عبد الله بن عمر، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: «يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده، وقبض بيده فجعل يقبضها ويبسطها» ،...
عن النواس بن سمعان الكلابي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه» وكان...
عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليضحك إلى ثلاثة: للصف في الصلاة، وللرجل يصلي في جوف الليل، وللرجل يقاتل، أراه قا...
عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس في الموسم، فيقول: «ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ...
عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {كل يوم هو في شأن} [الرحمن: ٢٩] ، قال: «من شأنه أن يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويخفض...
عن المنذر بن جرير، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن سنة حسنة فعمل بها، كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها، لا ينقص من أجورهم شيئا،...
عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فحث عليه، فقال رجل، عندي كذا وكذا، قال، فما بقي في المجلس رجل إلا تصدق عليه بما قل أو كثر، فق...