حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

لا تبع إلا ما آويت إلى رحلك - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب البيوع باب جامع الدين والحول (حديث رقم: 1370 )


1370- عن موسى بن ميسرة، أنه سمع رجلا يسأل سعيد بن المسيب فقال: إني رجل أبيع بالدين، فقال سعيد: «لا تبع إلا ما آويت إلى رحلك»

أخرجه مالك في الموطأ

شرح حديث (لا تبع إلا ما آويت إلى رحلك)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ لَا تَبِعْ إِلَّا مَا آوَيْت إِلَى رَحْلِك يُرِيدُ مَا قَدْ قَبَضْته , وَصَارَ عِنْدَك , وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مِمَّنْ يُدَايِنُ النَّاسَ , وَيَبِيعُ مِنْهُمْ بِالدَّيْنِ فَنَهَاهُ عَنْ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُمْ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ أَوْ مَا يَشْتَرِيهِ بَعْدَ مُوَافَقَةِ الْمُبْتَاعِ مِنْهُ عَلَى بَيْعِهِ مِنْهُ بِثَمَنٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَيَشْتَرِيهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ , وَرُبَّمَا لَمْ يَسْتَتِمَّ قَبْضُهُ مِنْ بَائِعِهِ مِنْهُ , وَيُوَلِّي قَبْضَهُ الْمُبْتَاعَ مِمَّنْ بَاعَهُ مِنْ هَذَا السَّائِلِ ; لِأَنَّهُ لَهُ اشْتَرَاهُ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ ثَمَنَهُ الَّذِي ابْتَاعَهُ بِهِ فِي ثَمَنِهِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ مِنْهُ , وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ لَا تَبِعْ إنِّي كُنْت مِنْ أَهْلِ هَذَا الصِّنْفِ , وَعَرَفْت بِمِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ مِنْ التِّجَارَةِ إِلَّا مَا قَدْ تَقَدَّمَ ابْتِيَاعُك لَهُ , وَصَحَّ مِلْكُك لَهُ , وَتَمَّ ذَلِكَ بِالْقَبْضِ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ مِنْ الذَّرِيعَةِ الَّتِي يُخَافُ عَلَيْك مُوَاقَعَتُهَا , وَتَعَلَّقَ تَبَايُعُك بِهَا , وَلَا تَعَلُّقَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِبَيْعِك مَا تَقَدَّمَ مِلْكُك لَهُ , وَقَبْضُك إِيَّاهُ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي بِالنَّقْدِ أَوْ يَكُونَانِ عَلَى التَّأْجِيلِ أَوْ يَكُونُ الْأَوَّلُ بِالنَّقْدِ وَالثَّانِي بِأَجَلٍ أَوْ يَكُونُ الْأَوَّلُ بِالْأَجَلِ , وَالثَّانِي بِالنَّقْدِ فَإِنْ كَانَ جَمِيعًا بِالنَّقْدِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ هَذَا الثَّوْبَ , وَلَا يُعَيِّنُ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ أَوْ يَقُولُ اشْتَرِهِ لِنَفْسِك فَإِنْ قَالَ اشْتَرِ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ , وَهُوَ لِي بِأَحَدَ عَشَرَ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُكْرَهُ هَذَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بُيُوعِ النَّاسِ , وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ بِالنَّقْدِ كُلِّهِ , وَهُمَا حَاضِرَانِ فَذَلِكَ جَائِزٌ , وَإِنْ دَخَلَهُ تَأْخِيرٌ , وَدَخَلَتْهُ الزِّيَادَةُ فِي السَّلَفِ , وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ الِابْتِيَاعِ , وَهُوَ قَوْلُهُ , وَهُوَ لِي بِأَحَدَ عَشَرَ , وَجَمَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَجَعَلَهُ ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ كُرِهَ ذَلِكَ , وَمُنِعَ مِنْهُ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَبْتَاعَهُ لِنَفْسِهِ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ مِنْهُ بِأَحَدَ عَشَرَ فَهُوَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ , وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الَّذِي يَقُولُ لَهُ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا , وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا أَوْ أَنَا أُرْبِحُك فِيهَا , وَلَا يُسَمِّي شَيْئًا فَلَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ ذِكْرَ الرِّبْحِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُورَ يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ , وَلَوْ قَالَ اشْتَرِهِ بِعَشْرَةٍ , وَلَك دِينَارٌ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ جَائِزٌ , وَضَمَانُهُ مِنْ الْآمِرِ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّينَارَ جُعْلًا لِلْمَأْمُورِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ بِظَاهِرِهِ وَلَا بِصَرِيحِهِ , وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ مُرَاعَاةُ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ لِفَقْدِ التَّمْيِيزِ إِذَا كَانَ الْبَيْعَانِ بِالنَّقْدِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَيَجِبُ فَسْخُ الْبَيْعِ الثَّانِي.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ قَالَ لَهُ ابْتَعْ لِي هَذَا الثَّوْبَ , وَأَنَا أَبْتَاعُهُ مِنْك بِرِبْحٍ كَذَا فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ ذَلِكَ جَائِزٌ , وَهُوَ جُعْلٌ , وَلَا خَيْرَ فِيهِ إِلَى أَجَلٍ , وَقَوْلُ الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ ابْتَعْ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ , وَهِيَ لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ فَإِنْ اسْتَوْجَبَهَا الْآمِرُ , وَالثَّمَنُ نَقْدًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ , وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ جُعْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ , وَذَلِكَ أَنْ يَنْتَقِدَ الثَّمَنَ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ نَقَدَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَإِنْ نَقَدَهُ بِشَرْطٍ رُدَّ إِلَى جُعْلٍ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُ اشْتَرِهَا فَظَاهِرُهُ مِلْكُ الْآمِرِ لَهَا , وَأَنَّ الِابْتِيَاعَ لَهُ , وَلَمَّا اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى اشْتَرِهَا لِي لِتَبِيعَهَا مِنِّي شَرْطٌ فِي رِوَايَةِ الْعُتْبِيِّ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يَسْتَوْجِبَهَا لِلْبَائِعِ فَيَكُونُ ضَمَانُهَا مِنْهُ , وَيَكُونُ مَا زَادَهُ مِنْ الدِّينَارَيْنِ جُعْلًا لِلْمَأْمُورِ فِي تَنَاوُلِ ابْتِيَاعِهَا لَهُ , وَشَرْطٌ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ النَّقْدَ ; لِأَنَّهُ إِنْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَانَ بَيْعًا وَسَلَفًا مُشْتَرَطًا.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ قَالَ اشْتَرِهَا لِنَفْسِك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا , وَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي يَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَبِيعُهَا مِنْهُ لَمْ يَحْتَمِلْ هَذَا الْجُعْلُ , وَكَانَ قَدْ بَاعَ مِنْهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ , وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ , وَلَا مُؤَجَّلٍ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ الشِّرَاءُ الثَّانِي ; لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ تَجِبَ لَهُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَإِنْ كَانَتْ الْبَيْعَتَانِ إِلَى أَجَلٍ , وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهُ ابْتَعْ , وَإِنْ كَانَتْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى بِالنَّقْدِ , وَالثَّانِيَةُ إِلَى أَجَلٍ فَهَذِهِ أَشَدُّ الْوُجُوهِ فَسَادًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِينَةِ , وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ سَأَلَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ شَيْئًا فَيَقُولَ ابْتَاعَهُ لَك فَيُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَبِيعَهُ مِنْهُ إِلَى أَجَلٍ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الْعِينَةُ الْمَكْرُوهَةُ , وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ ابْتَعْ لِي سِلْعَةَ كَذَا , وَأُرْبِحُك فِيهَا كَذَا إِلَى أَجَلٍ فَكَأَنَّهُ دَفَعَ ذَهَبًا فِي أَكْثَرَ مِنْهَا.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ الَّذِي يَقُولُ لِلرَّجُلِ ابْتَعْ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ , وَهِيَ لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ مُؤَجَّلَةً أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ إيجَابَهَا لِلْآمِرِ عَلَى أَنْ يَنْتَقِدَهَا عَنْهُ لِلْمَأْمُورِ , وَيَبِيعَهُ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَنَّ ذَلِكَ يُفْسَخُ مَا لَمْ تَفُتْ فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَتْ الْآمِرَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا , وَيَسْقُطُ مَا زَادَ ; لِأَنَّهُ ضَمِنَهَا حِينَ قَالَ لَهُ , وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا وَقَعَ لَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْآمِرَ بِعَشْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ , وَهِيَ الَّتِي نَقَدَ عَنْهُ الْمَأْمُورُ , وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ , وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِدِينَارَيْنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَهُ الْمَأْمُورُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ إِلَى أَجَلٍ , وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ فِي السِّلْعَةِ , وَقَوْلُهُ أَنَّ هَذَا يُفْسَخُ مَا لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ يُرِيدُ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ , وَالسَّلَفُ فَتَرْجِعُ السِّلْعَةُ إِلَى الْمَأْمُورِ ; لِأَنَّ دَيْنَ الْبَائِعِ فِيهَا قَدْ لَزِمَ فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ حُكِمَ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَسْلَفَهُ الْمَأْمُورُ , وَذَلِكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ تُعَجَّلُ ; لِأَنَّ التَّأْجِيلَ كَانَ بِسَبَبِ عِوَضٍ قَدْ بَطَلَ , وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُفْسَخُ , وَإِنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ ; لِأَنَّ عَمَلَ الْإِجَارَةِ قَدْ كَمُلَ , وَفَاتَ نَقْصُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَيَلْزَمُ الْآمِرَ السِّلْعَةُ , وَعَلَيْهِ ثَمَنُهَا الَّذِي اسْتَسْلَفَهُ , وَجُعْلُ مِثْلِ الْمَأْمُورِ فِيمَا ابْتَاعَ بِهِ , وَنَحْوَهُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ قَالَ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا , وَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى سَنَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا لَا يَجُوزُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لَزِمَتْ الْآمِرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ إِلَى سَنَةٍ ; لِأَنَّ مُبْتَاعَهَا ضَمِنَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ , وَقَالَ مَالِكٌ , وَمَعْنَى ذَلِكَ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا الْمَأْمُورُ مِنْ الْآمِرِ بَيْعًا مُسْتَأْنَفًا فَكُرِهَ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ الْمَوْعِدِ , وَلَمْ يُفْسَخْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ بَيْعٌ , وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ , وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَرَّعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الزَّائِدِ عَلَى الْعَشَرَةِ , وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَيُقْتَضَى لَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ , وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ فِي الَّذِي يَقُولُ اشْتَرِ هَذَا الْمُبْتَاعَ , وَأَنَا ابتاعه مِنْك بِرِبْحٍ يُسَمِّيهِ إِلَى أَجَلٍ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ , وَمَعْنَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنْ يُرَاعِيَ عَدَمَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ وَلُزُومَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْعِدِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ , وَلَا يَنْتَقِضُ , وَإِنْ ذَكَرَ الرِّبْحَ وَسَمَّاهُ , وَإِنْ كَانَ عَلَى اللُّزُومِ فَهُوَ حَرَامٌ , وَهُوَ الَّذِي يُنْقَضُ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَقُولُ لِلرَّجُلِ اشْتَرِ هَذَا الْمَتَاعَ أَبْتَاعُهُ مِنْك بِرِبْحٍ إِلَى أَجَلٍ , وَلَمْ يَتَرَاوَضَا عَلَى رِبْحٍ يُرِيدُ لَمْ يَقْطَعَا سَوْمًا ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَبَاعَهُ مِنْهُ إِلَى أَجَلٍ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ , وَإِلَّا يَفْسَخُهُ إِنْ نَزَلَ فَرَاعَى فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَدَمَ ذِكْرِ تَقْدِيرِ الرِّبْحِ , وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا , وَأَنَا أُرْبِحُك أَكْثَرَ أَوْ قَالَ أُرْبِحُك , وَلَمْ يُسَمِّ رِبْحًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْكَرَاهِيَةَ مِنْ أَجْلِ الْمَوْعِدِ فَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ الْعَادَةَ أَوْ الْمَوْعِدَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ لَيْسَ عِنْدِي , وَلَكِنْ عُدْ إلَيَّ أَشْتَرِهِ لَك , وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ أَجْلِهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِ مَوْعِدٍ , وَلَا عَادَةَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِأَجَلٍ , وَالثَّانِي بِالنَّقْدِ , وَهُوَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِآخَرَ ابْتَعْ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ إِلَى أَجَلٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ , وَأَنَا أَبْتَاعُهَا مِنْك بِنَقْدٍ بِعَشَرَةٍ أَوْ لَمْ يَقُلْ لِي فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُعْجِبُهُ ذَلِكَ , وَكَرِهَهُ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ , وَأَنَّ الْمُبْتَاعَ الْآخَرَ أَقْرَضَ الْأَوَّلَ عَشَرَةً لِيَدْفَعَهَا عَنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ إِلَى بَائِعِ السِّلْعَةِ , وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ خَمْسَةً.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ ابْتَعْهُ لِي لَزِمَ الْآمِرَ مَا ابْتَاعَ لَهُ بِهِ , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزِمَهُ نَفْسَهُ بِأَقَلَّ نَقْدًا , وَلَا بِأَكْثَرَ تَأْخِيرًا , وَلَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ الْعَشَرَةَ لِيَدْفَعَ عَنْهُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْعَشَرَةُ , وَبَقِيَتْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى الْآمِرِ إِلَى الْأَجَلِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ اشْتَرِهِ لِي يَقْتَضِي مِلْكَ الْآمِرِ لَهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ , وَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ اشْتَرِهَا , وَلَا تَقُلْ لِي.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ قَالَ اشْتَرِهَا لِنَفْسِك بِخَمْسَةَ عَشَرَ مُؤَجَّلَةً , وَأَشْتَرِيهَا مِنْك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا.


حديث لا تبع إلا ما آويت إلى رحلك

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ ‏ ‏أَنَّهُ سَمِعَ ‏ ‏رَجُلًا يَسْأَلُ ‏ ‏سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ‏ ‏فَقَالَ إِنِّي رَجُلٌ أَبِيعُ بِالدَّيْنِ فَقَالَ ‏ ‏سَعِيدٌ ‏ ‏لَا تَبِعْ إِلَّا مَا آوَيْتَ إِلَى ‏ ‏رَحْلِكَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض...

عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل باع متاعا، فأفلس الذي ابتاعه منه، ولم يقبض الذي باعه من ثمن...

أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به من...

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل أفلس، فأدرك الرجل ماله بعينه، فهو أحق به من غيره»

أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء

عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل من الصدقة، قال أبو رافع فأمرني رسول الله صل...

هذه خير من دراهمي التي أسلفتك فقال قد علمت ولكن نف...

عن حميد بن قيس المكي، عن مجاهد أنه قال: استسلف عبد الله بن عمر من رجل دراهم، ثم قضاه دراهم خيرا منها، فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي...

من أسلف سلفا فلا يشترط إلا قضاءه

عن نافع، أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: «من أسلف سلفا فلا يشترط إلا قضاءه»

رسول الله ﷺ قال لا يبع بعضكم على بيع بعض

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبع بعضكم على بيع بعض»

لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض و...

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تصروا الإبل...

أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها وليس في نفسك اشتراؤه...

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن النجش» قال مالك: «والنجش أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها، وليس في نفسك اشتراؤها فيقتدي بك غي...

إذا بايعت فقل لا خلابة

عن عبد الله بن عمر أن رجلا ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا بايعت فقل: لا خلابة "، قال:...