1423- عن سليمان بن يسار، أن عمر بن الخطاب كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام، فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر بن الخطاب قائفا فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه فضربه عمر بن الخطاب بالدرة، ثم دعا المرأة، فقال: أخبريني خبرك؟ فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيني، وهي في إبل لأهلها، فلا يفارقها حتى يظن وتظن أنه قد استمر بها حبل، ثم انصرف عنها، فأهريقت عليه دماء، ثم خلف عليها هذا - تعني الآخر - فلا أدري من أيهما هو؟ قال فكبر القائف فقال عمر للغلام: «وال أيهما شئت»
إسناده منقطع
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ : أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُلْحِقُهُمْ بِهِمْ وَيَنْسُبُهُمْ إِلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لِزِنْيَةٍ , وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي جَمَاعَةٍ يُسْلِمُونَ فيستلحقون أَوْلَادًا مِنْ زِنًى فَإِنْ كَانُوا أَحْرَارًا وَلَمْ يَدَّعِهِمْ أَحَدٌ لِفِرَاشٍ فَهُمْ أَوْلَادُهُمْ وَقَدْ أَلَاطَ عُمَرُ مِنْ وَلَدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ مَعَهُمْ سَيِّدُ الْأَمَةِ أَوْ زَوْجُ الْحُرَّةِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَفِرَاشُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ أَحَقُّ وَالْإِلَاطَةُ هِيَ الْإِلْحَاقُ قَالَ وَمَنْ ادَّعَى مِنْ النَّصَارَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا أَوْلَادًا مِنْ الزِّنَا فَلْيُلَاطُوا بِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الزِّنَا فِي دِينِهِمْ فَجُعِلَ ذَلِكَ بِاسْتِحْلَالِهِمْ الزِّنَا , وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أَسْلَمَ الْيَوْمَ فَاسْتَلَاطَ وَلَدًا بِزِنًا فِي شِرْكِهِ فَهُوَ مِثْلُ حُكْمِ مَنْ أَسْلَمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمْ فِيمَنْ كَانَ مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ والنصرانية , وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْقَافَةِ فِيمَا يَلْحَقُ مِنْ الْوَلَدِ وَأَمَّا فِي بَغَايَا أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا.
( مَسْأَلَةٌ ) فَمَنْ اسْتَلْحَقَ مِنْهُمْ وَلَدَ أَمَةِ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا [ ] لَحِقَ بِهِ فَإِنْ عَتَقَ يَوْمًا كَانَ وَلَدَهُ وَوَرِثَهُ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ , وَقَالَ : إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ زَوْجُ الْحُرَّةِ أَوْ سَيِّدُ الْأَمَةِ فَيَكُونَ أَحَقَّ بِهِ , وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا اسْتَحَلُّوا الزِّنَا وَأَثْبَتُوا بِهِ الْأَنْسَابَ لَمْ يُبْطِلْ تِلْكَ الْأَنْسَابَ الْإِسْلَامُ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ , فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ حُكِمَ لَهُ بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّمَا يَلْحَقُ بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَّعٍ ثَمَّ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي لِلْوَلَدِ مِنْ قَوْمٍ بَقُوا فِي بِلَادِهِمْ إمَّا بِأَنْ أَسْلَمُوا فَبَقُوا فِي بِلَادِهِمْ أَوْ أَقَرُّوا فِيهَا بِصُلْحٍ تَصَالَحُوا عَلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمُوا أَوْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ أَوْ اُفْتُتِحَتْ بِلَادُهُمْ عَنْوَةً فَأَقَرُّوا فِيهَا ثُمَّ أَسْلَمُوا أَوْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ أَوْ يَكُونُوا مُتَحَمِّلِينَ عَنْ مَوَاطِنِهِمْ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ , فَإِنْ كَانُوا أَقَرُّوا فِي بِلَادِهِمْ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ اُفْتُتِحَتْ عَنْوَةً فَسَكَنَهَا الْمُسْلِمُونَ فَلْيَتَوَارَثُوا بِقَرَابَتِهِمْ بِالنَّسَبِ , وَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَهْلِ الْعَنْوَةِ يَتَوَارَثُونَ كَأَهْلِ الصُّلْحِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِأَهْلِ مِصْرَ وَأَهْلِ الشَّامِ غُلِبُوا عَنْوَةً أَيَّامَ عُمَرَ فَمَا زَالُوا يَتَوَارَثُونَ إِلَى الْيَوْمِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ كَانُوا مُتَحَمِّلِينَ عَنْ أَوْطَانِهِمْ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونُوا عَدَدًا كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا فَإِنْ كَانُوا كَثِيرًا يَبْعُدُ عَنْهُمْ التَّوَاطُؤ عَلَى الْكِتْمَانِ كَأَهْلِ مِصْرَ أَسْلَمُوا أَوْ جَمَاعَةٍ لَهُمْ عَدَدٌ فَتَحَمَّلُوا إلَيْنَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِأَنْسَابِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانُوا عِشْرِينَ فَأَمَّا النَّفَرُ مِثْلُ سَبْعَةٍ وَثَمَانِيَةٍ فَلَا يَتَوَارَثُونَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَرَى الْعِشْرِينَ عَدَدًا يَتَوَارَثُونَ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ يَتَوَارَثُونَ بِأَنْسَابِهِمْ دُونَ الْعَدَدِ الْيَسِيرِ وَاخْتَلَفَا فِي تَقْدِيرِهِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعِشْرِينَ فِي حَيِّزِ الْكَثِيرِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَتَى رَجُلَانِ كِلَاهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ أَتَى رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مَعَ أُمِّهِ مِنْ الْحَالِ الَّتِي كَانَ يُلَاطُ وَلَدُهَا بِهِ , وَلَعَلَّ عُمَرَ قَدْ فَهِمَ مِنْهَا وَجْهَ ادِّعَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ أَنَّهُ وَجْهٌ أَشْكَلَ بِهِ عَلَيْهِ الْحُكْمَ فِي إفْرَادِ أَحَدِهِمَا بِهِ وَقَدْ وُجِدَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَطْؤُهَا بَعْدَ الْآخَرِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ , وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطِئَ بِنِكَاحٍ.
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطِئَ بِزِنًا يَلْحَقُ فِيهِ النَّسَبُ , فَأَمَّا إِذَا كَانَ وَطْؤُهُمَا جَمِيعًا بِنِكَاحٍ , فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي فَهُوَ لِلْأَوَّلِ , وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فَهُوَ لِلثَّانِي.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِذَا كَانَ وَطْءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَوَطِئَ الْأَوَّلُ ثُمَّ وَطِئَ الثَّانِي بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلٌ مِنْ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ لِلثَّانِي ; لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ وَطِئَ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ دُونَ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءٍ الْأَوَّلِ فَأَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَزَادَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ سَوَاءٌ كَانَ سِقْطًا أَوْ تَامًّا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وَطْئِهِمَا إِلَّا يَوْمٌ فَأَمَّا الْحَمْلُ فَلَا خِلَافَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي اعْتِبَارِ الْأَشْهُرِ السِّتَّةِ بَيْنَ الْوَطْأَيْنِ وَأَمَّا الْإِسْقَاطُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ , وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ فِي وَطْءِ الْأَمَةَ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الْمُتَبَايِعَيْنِ : إِنْ أَسْقَطَتْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ بَعْدَهَا أَنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِمَا وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ وَطْئِهَا وَنِصْفَ الثَّمَنِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مَا حَمَلُوا عَلَيْهِ الْأَمَةَ مِنْ أَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْلَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ فَكُلَّمَا أَصَابَهَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ بَعْدَهُ مَا لَمْ تَحِضْ فَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ ; لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَمْ يَتِمَّ وَالْمُدَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْحَمْلِ فَكُلُّ سِقْطٍ أَوْ وَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ فَهُوَ لَهُ فَإِنْ أَكْمَلَتْ السِّتَّةَ الْأَشْهُرَ فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَلَدَتْهُ مَيِّتًا كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ النَّظَرُ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الَّذِي يُولَدُ مَيِّتًا لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَعَلَّهُ قَدْ كَانَ مِمَّا يُولَدُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَكِنَّهُ بَقِيَ مَيِّتًا فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ وِلَادَتِهِ لَمْ يُدْعَ لَهُ الْقَافَةُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يُدْعَى الْقَافَةُ لِمَا وُلِدَ الْوِلَادَةَ الْمُعْتَادَةَ الَّتِي يُعْتَبَرُ بِهَا فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ , فَأَمَّا الْوِلَادَةُ الَّتِي لَا يُعْتَبَرُ بِهَا فِي ذَلِكَ فَلَا مَدْخَلَ لِلْقَافَةِ فِيهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ بِالْوَقْتِ خَاصَّةً فَمَا كَانَ قَبْلَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَمَا كَانَ بَعْدَهَا فَهُوَ لِلثَّانِي.
وَوَجْهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ أَنَّ السِّقْطَ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَهْرٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ فَلَمَّا اشْتَرَكَا فِيهِ وَتَعَذَّرَ تَمَيُّزُهُ وَإِلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا مِنْ جِهَةِ الْوَقْتِ أَوْ الْقَافَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا فَيَضْمَنَانِ الْأُمَّ إذْ لَيْسَ الْتِزَامُ ذَلِكَ أَحَدَهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ , وَلَمَّا كَانَ السِّقْطُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِهِمَا وَلَا يَتَمَيَّزُ أَمْرُهُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ السِّقْطُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَاتَ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ تَقَارَبَ الوطئان أَوْ تَبَاعَدَا وَالْوَلَدُ حَيٌّ فَهُوَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ , وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ , وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَنَعَ مِنْهُ الْكُوفِيُّونَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ , وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَالُوا : إِذَا ادَّعَى رَجُلَانِ وَلَدًا فَهُوَ لَهُمَا وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدِهِمَا , فَإِنْ ادَّعَاهُ ثَلَاثَةٌ [ ] لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لَهُمْ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ , فَقَالَ : أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُحَرِّزًا الْمُدْلِجِيَّ قَالَ فِي أَقْدَامِ زَيْدٍ وَأُسَامَةَ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ صَادِرٌ عَنْ عِلْمٍ يَلْزَمُ التَّعَلُّقُ بِهِ لَمَا سُرَّ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ وَضَعَتْهُ مَيِّتًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ سِقْطًا أَوْ تَامًّا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَالْوَلَدُ لَهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَا قَافَةَ فِي الْأَمْوَاتِ [ ] وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي السِّقْطِ أَنَّهُ مِنْهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ , وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا قَافَةَ فِي الْأَمْوَاتِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَنْ وُلِدَ مَيِّتًا وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ مَاتَ بَعْدَ وَضْعِهِ حَيًّا دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ إذْ لَا يُغَيِّرُ الْمَوْتُ شَخْصَهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الَّذِي يُولَدُ مَيِّتًا لَا يُدْرَى مَتَى مَاتَ.
( فَرْعٌ ) وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ [ ] فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ يَنْظُرُ الْقَافَةُ إِلَى الْوَلَدِ وَالْبَاقِي مِنْ الْأَبَوَيْنِ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ لَحِقَ وَإِنْ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا بِالْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يَلْحَقُ بِالْمَيِّتِ ; لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَلَوْلَا وَطْءُ الْآخَرِ لَلَحِقَ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَافَةٍ , فَإِذَا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ الْحَيِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْقَافَةَ لَا تَنْظُرُ إِلَى ابْنِ مَيِّتٍ , وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْقَافَةَ لَا تُلْحِقُ بِأَبٍ مَيِّتٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ سَحْنُونٍ : إنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى الِابْنِ بَعْدَ أَنْ يَمُوتَ إِذَا وُلِدَ حَيًّا , وَقَالَ : إِنَّ الْمَوْتَ لَا يُغَيِّرُ شَخْصَهُ فَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْأَبَ مِنْ شَرْطِ إلْحَاقِ الِابْنِ بِهِ أَنْ يَدَّعِيَهُ فَيَجِبَ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِلْحَاقِ بِهِ مُدَّعِيًا لَهُ , فَإِذَا مَاتَ فَقَدْ عُدِمَ ذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ الْإِلْحَاقُ بِهِ وَالِابْنُ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ إقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ , فَجَازَ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِلْحَاقِ بِهِ حَالَ مَوْتِهِ , وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَتَعْلِيلِهِ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَازَ أَنْ يَنْفِيَهُ عَنْهُ الْقَافَةُ , فَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَبَ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ الْإِلْحَاقُ بِهِ بِالْقَافَةِ دُونَ دَعْوَاهُ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُنْفَى عَنْهُ بِالْقَافَةِ , وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَتَحَقَّقُ مِنْهُ أَنَّ ادِّعَاءَ الْأَبِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَارِنًا لِإِلْحَاقِ الْقَافَةِ الِابْنَ بِهِ , وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ يَجُوزُ أَنْ يُلْحِقَهُ الْقَافَةُ بِهِ بِدَعْوَى مُتَقَدِّمَةٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ التَّغْيِيرَ يَلْحَقُهُ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى الِابْنِ إِذَا مَاتَ وَإِنْ كَانَ قَدْ وُلِدَ حَيًّا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَدَعَا عُمَرُ قَائِفًا فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا يُرِيدُ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَيْهِمَا وَإِلَى الْوَلَدِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَائِفِ الْوَاحِدِ لَمَّا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِتَحَقُّقِ جَوَازِ الْحُكْمِ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْقَائِفُ الْوَاحِدُ [ ] إِنْ كَانَ عَدْلًا وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ , وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِنَا إِلَّا مَا رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا قَائِفَانِ وَبِهِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ الْخَبَرِ عَنْ عِلْمٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْقَلِيلُ مِنْ النَّاسِ كَالطَّبِيبِ وَالْمُفْتِي , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِسَمَاعِهِ وَالْحُكْمِ بِهِ الْحُكَّامُ فَلَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ كَالشَّهَادَاتِ وَقَدْ قَالَ عِيسَى لَا يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَهْلُ الْعَدْلِ لَمَّا كَانَ طَرِيقُ ذَلِكَ عِنْدَهُ طَرِيقَ الشَّهَادَةِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْقَوْلِ بِالْقَافَةِ فِي أَوْلَادِ الْإِمَاءِ , وَأَمَّا أَوْلَادُ الْحَرَائِرِ [ ] فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُدْعَى لَهُمْ الْقَافَةُ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ السَّيِّدَانِ فِي مِلْكِهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا الرَّجُلُ وَلَمْ تُسْتَبْرَأْ مِنْ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ فِي الْحُرَّةِ فَلَمَّا كَثُرَتْ أَسْبَابُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ اخْتَصَّ أَوْلَادُهُنَّ بِحُكْمِ الْقَافَةِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَلْحَقُ وَلَدَهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ الْقَائِفِ لَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ يُرِيدُ أَنَّهُ مِنْ وَاطِئَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ نَصِيبٌ وَتَأْثِيرٌ وَلَعَلَّهُ كَانَ ذَلِكَ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ شَبَهِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ الْعَجَلَةِ وَاعْتَقَدَ فِيهِ مِنْ التَّقْصِيرِ عَنْ النَّظَرِ الَّذِي يُلْحِقُهُ بِأَحَدِهِمَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَدَعَا عُمَرُ الْمَرْأَةَ فَقَالَ أَخْبِرِينِي خَبَرَك عَلَى مَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِ الْحَقِّ لَعَلَّهُ أَنْ يَجِدَ فِي قَوْلِهَا مَا يُقَوِّي الْحَقَّ عِنْدَهُ , أَوْ مَا يَتَسَبَّبُ بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ , وَمِثْلُ هَذَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ فَإِنَّهُ مِنْ وُجُوهِ الِاجْتِهَادِ إِنْ سُئِلَ عَنْ الْحُكْمِ قَبْلَ إنْفَاذِهِ وَيَتَسَبَّبُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ مِنْ وَكُلِّ وَجْهٍ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِيهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ الْمَرْأَةِ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ يَأْتِيهَا وَلَا يُفَارِقُهَا حَتَّى يَظُنَّا أَنَّهُ قَدْ اسْتَمَرَّ بِهَا حَمْلٌ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا الْآخَرُ فَلَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ تُرِيدُ أَنَّهُ أَشْكَلَ عَلَيْهَا أَيْضًا الْأَمْرُ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُفَارِقْهَا إِلَّا وَقَدْ ظَنَّتْ أَنَّهَا حَامِلٌ مِنْهُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْأَمْرَ ثُمَّ أُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ ثُمَّ وَاقَعَهَا الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَشْكَلَ عَلَيْهَا الْأَمْرُ ; لِأَنَّهَا لَعَلَّهَا لَمْ تَرَ الدَّمَ مُدَّةَ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ يَقَعُ بِهَا الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنَّمَا رَأَتْهُ دَفْعَةً , وَلِذَلِكَ لَمْ تَقُلْ أَنَّهَا حَاضَتْ , وَإِنَّمَا قَالَتْ أَنَّهَا رَأَتْ الدَّمَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ اسْتِبْرَاءٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَ بَغَايَا الْجَاهِلِيَّةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَبْرَأْ الْوَطْءُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي إِلَى نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ وَأَمَّا فِي الْإِسْلَامِ فَإِذَا وَطِئَ الثَّانِي بَعْدَ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ لَهُ دُونَ الْأَوَّلِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مُسْنَدٌ إِلَى مِلْكِ الْيَمِينِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَكَبَّرَ الْقَائِفُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ مِنْ خَبَرِ الْمَرْأَةِ مَا يُصَدِّقُ قَوْلَهُ كَبَّرَ كَفِعْلِ الْغَالِبِ الَّذِي صَحَّ قَوْلُهُ وَتَبَيَّنَ فِعْلُهُ فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ وَالِ أَيَّهمَا شِئْت يَقْتَضِي أَنَّ الْغُلَامَ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَخْتَارَ وَيُمَيِّزَ وَيَكُونُ لَهُ قَصْدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ , وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْأَمَةِ تَأْتِي بِوَلَدٍ مِنْ وَطْءِ الشَّرِيكَيْنِ فَيَقُولُ الْقَائِفُ لَهُ لَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ فَلْيُوَالِ أَيَّهمَا شَاءَ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ بَلْ يُقَالُ لِلْقَافَةِ أَلْحِقُوهُ بِأَصَحِّهِمَا بِهِ شَبَهًا فَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ وَلَا يُتْرَكُ وَمُوَالَاةَ مَنْ أَحَبَّ وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ , قَالَ سَحْنُونٌ : وَقَدْ قَالَ لِي غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُوَالَاةُ أَحَدِهِمَا إِذَا بَلَغَ وَيَبْقَى ابْنًا لَهُمَا.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَالِ مَنْ شِئْت مِنْهُمَا وَمِثْلُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ مِمَّا يَشِيعُ وَيَنْتَشِرُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَثَبَتَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِي النَّسَبِ , وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلَانِ امْرَأَةً لِمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ الشِّرْكِ فِي النَّسَبِ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَتَيْنِ لِمَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ وَجْهٌ يَخْتَصُّ مِنْهُ بِأَحَدِهِمَا رُدَّ ذَلِكَ إِلَى اخْتِيَارِ الْوَلَدِ فَوَالَى أَحَدَهُمَا وَكَانَ ابْنًا لَهُ دُونَ الْآخَرِ , وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا , وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَكَ فِيهِ الرَّجُلَانِ وَلَكِنْ يَلْحَقُ بِأَقْوَاهُمَا شَبَهًا بِهِ فِي الْمَعَانِي الَّتِي تُوجِبُ الْإِلْحَاقَ فَيَغْلِبُ ذَلِكَ , وَأَمَّا التَّخْيِيرُ فَإِنَّ الْأَنْسَابَ لَا تَثْبُتُ بِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِيهَا , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَنَّ النَّسَبَ أَصْلَهُ وَحَقِيقَتَهُ يَكُونُ مَخْلُوقًا مِنْ مَائِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُخْلَقُ بِهِ فَلَمَّا ظَهَرَ إلَيْنَا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِمَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُمَا قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فَإِذَا قُلْنَا أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ فَمَتَى يَكُونُ لَهُ [ ] ذَلِكَ , رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا بَلَغَ , وَقَالَ أَصْبَغُ وَرَوَى ابْنُ يَزِيدَ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ إِذَا عَقَلَ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ تَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا طَرِيقُهُ الِاخْتِيَارُ فَإِذَا عَقَلَ صَحَّ اخْتِيَارُهُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ.
( فَرْعٌ ) وَمَنْ الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ إِلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ [ ] رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا , وَقَالَ أَصْبَغُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَبْلُغَ حَدَّ الْمُوَالَاةِ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْقُوفًا لَهُمَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَحَقَّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَزِمَهُمَا الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْيَدَ فَكَانَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَوَالَى أَحَدَهُمَا [ ] , قَالَ عِيسَى : لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِمَا أَنْفَقَ , وَقَالَ أَصْبَغُ مَا أَنْفَقَ الَّذِي لَمْ يُوَالِهِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّذِي وَالَاهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَفِ وَلَمْ يَعْتَقِدْ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ وَالِدٌ يُوَالِيه.
وَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّ وِلَايَتِهِ كَالْعَبْدِ يُوقَفُ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمُتَدَاعِيَانِ ثُمَّ يَسْتَحِقُّهُ أَحَدُهُمَا.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ بَلَغَ وَقَالَ : لَا أُوَالِي وَاحِدًا مِنْهُمَا [ ] فَقَالَ سَحْنُونٌ : ذَلِكَ لَهُ وَيَكُونُ ابْنًا لَهُمَا , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ حَالٌ لَمْ يُجْبَرْ فِيهَا فَلَمْ يَخْتَصَّ بِوَلَاءِ أَحَدِهِمَا , أَصْلُ ذَلِكَ حَالَ الصِّغَرِ وَهُمَا أَحَقُّ بِوِلَايَتِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَكَانَ ذَلِكَ لَهُمَا ; لِأَنَّهُ قَدْ سَاوَى بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ وَالَاهُمَا.
و حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَأَتَى رَجُلَانِ كِلَاهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِفًا فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ الْقَائِفُ لَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ فَقَالَ أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ فَقَالَتْ كَانَ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ يَأْتِينِي وَهِيَ فِي إِبِلٍ لِأَهْلِهَا فَلَا يُفَارِقُهَا حَتَّى يَظُنَّ وَتَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَمَرَّ بِهَا حَبَلٌ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا هَذَا تَعْنِي الْآخَرَ فَلَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ قَالَ فَكَبَّرَ الْقَائِفُ فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ
عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قال: «ما بال رجال يطئون ولائدهم، ثم يعزلوهن.<br> لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها، إلا...
عن صفية بنت أبي عبيد، أنها أخبرته أن عمر بن الخطاب قال: «ما بال رجال يطئون ولائدهم.<br> ثم يدعوهن يخرجن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا...
عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق» قال مالك: " والعرق الظالم: كل ما احتفر أو...
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» قال مالك: «وعلى ذلك الأمر عندنا»
عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أنه بلغه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في سيل مهزور ومذينب يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى عل...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ»
عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنع نقع بئر»
عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضرر ولا ضرار»
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره» ثم يقول أبو هريرة: «ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين...