حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إن الذي حرم شربها حرم بيعها - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب الأشربة باب جامع تحريم الخمر (حديث رقم: 1548 )


1548- عن ابن وعلة المصري، أنه سأل عبد الله بن عباس، عما يعصر من العنب؟ فقال ابن عباس: أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما علمت أن الله حرمها؟» قال: لا.
فساره رجل إلى جنبه.
فقال له صلى الله عليه وسلم: «بم ساررته».
فقال: أمرته أن يبيعها.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها» ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما

أخرجه مالك في الموطأ


أخرجه مسلم

شرح حديث (إن الذي حرم شربها حرم بيعها)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : سُؤَالُهُ عَمَّا يُعْصَرُ مِنْ الْعِنَبِ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْأَلَ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعَصِيرِ مِنْ حِينِ يُعْصَرُ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ فِي آخِرِ أَحْوَالِهِ وَذَلِكَ لِلْعَصِيرِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ : أَحَدُهَا مِنْ حِينِ يُعْصَرُ وَقَبْلَ أَنْ يُنَشَّ وَالثَّانِيَةُ إِذَا نَشَّ وَقَبْلَ أَنْ يُسْكِرَ وَالثَّالِثَةُ إِذَا أَسْكَرَ وَالرَّابِعَةُ إِذَا صَارَ خَلًّا فَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ حَالُ حَلَاوَتِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُنَشَّ فَإِنَّهُ حَلَالٌ لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ مَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : وَأَنْهَى عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ الْعَصِيرِ الَّذِي عُصِرَ فِي الْمَعَاصِرِ الَّتِي تَرَدَّدَ الْعَصْرُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ سَاعَةَ عَصْرٍ لِمَا يَبْقَى فِي أَسْفَلِهَا خَوْفًا أَنْ يَكُونَ قَدْ اخْتَمَرَ وَلَا شَكَّ أَنَّ بَقَايَا ثُفْلِهَا فِي أَسْفَلِهَا تَخْتَمِرُ فَتَصِيرُ خَمْرًا ثُمَّ يُلْقَى عَلَيْهِ عَصِيرُ طَوًى فَيَخْتَلِطُ بِهِ فَيَفْسُدُ جَمِيعُهُ لِأَنَّ قَلِيلَ الْخَمْرِ يُخَالِطُ كَثِيرًا مِنْ عَصِيرٍ أَوْ خَلٍّ أَوْ طَعَامٍ أَوْ مَا يُشْرَبُ فَيَحْرُمُ كُلُّهُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ : وَوَجْهُ هَذَا عِنْدِي أَنَّ الْخَمْرَ لَا يَعُودُ عَصِيرًا حُلْوًا فَلِذَلِكَ إِذَا مَازَجَتْ الْعَصِيرَ نَجَّسَتْهُ لِأَنَّهَا تَبْقَى عَلَى نَجَاسَتِهَا وَلَوْ خَالَطَ بِيَسِيرِ الْخَمْرِ الْخَلَّ لَمْ يُنَجِّسْهُ لِأَنَّ أَجْزَاءَ ذَلِكَ الْخَمْرِ تَسْتَحِيلُ خَلًّا طَاهِرًا فَلَا تَبْقَى ثُمَّ لَا يَنْجُسُ الْخَلُّ بِمُجَاوَرَتِهِ وَقَدْ قَالَ : لَا يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ الْخَلُّ حَتَّى تَبْقَى مُدَّةً يَقْدِرُ فِيهَا أَنَّ أَجْزَاءَ ذَلِكَ الْخَمْرِ قَدْ اسْتَحَالَتْ خَلًّا.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِذَا نَشَّ فَإِنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرَاهُ حَرَامًا حَتَّى يُسْكِرَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إِذَا نَشَّ فَقَدْ حَرُمَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْبِتْعِ فَقَالَ : كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ فَلَنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَصَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إِلَى بَيَانِ مَا حَرُمَ وَتَمْيِيزِهِ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ فَقَالَ : كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ فَعَلَّقَ اسْمَ التَّحْرِيمِ بِالْإِسْكَارِ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِالْغَلَيَانِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِسْكَارَ حَدٌّ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ دُونَ الْغَلَيَانِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَّقَ حُكْمَ التَّحْرِيمِ عَلَى الْإِسْكَارِ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لَهُ دُونَ الْغَلَيَانِ الَّذِي لَمْ يُعَلِّقْ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْغَلَيَانُ عِلَّةً لَهُ فَيُتْرَكُ التَّعْلِيلُ بِهِ وَيُعَلَّلُ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعِلَّةٍ لَهُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا أَسْكَرَ فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَشْرِبَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يُسَوَّغُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ عَنْهُ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ فَهَلْ تَجِبُ إرَاقَتُهَا وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ لَا يَخْلُو إِذَا عَصَرَهَا أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْمَحْظُورَ وَهُوَ أَنْ يَتَّخِذَهَا خَمْرًا أَوْ يَقْصِدَ بِهَا الْمُبَاحَ وَهُوَ أَنْ يَشْرَبَهَا عَصِيرًا أَوْ يُخَلِّلَهَا أَوْ يَطْبُخَهَا رَبًّا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُبَاحَةِ فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الْمَحْظُورَ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ نَعْلَمُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إرَاقَتُهَا فَإِنْ اجْتَرَأَ عَلَيْهَا فَخَلَّلَهَا فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ وَسَنَذْكُرُهُمَا بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ قَصَدَ بِهَا أَمْرًا مُبَاحًا فَصَارَ خَمْرًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَنْ عَصَرَ عَصِيرًا يُرِيدُ بِهِ الْخَلَّ : فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَالِجَهُ وَهُوَ عَصِيرٌ يُصَبُّ الْمَاءُ فِيهِ وَيَطْرَحُهُ عَلَى دُرْدِيِّ الْخَلِّ فَلَهُ أَنْ يُقِرَّهُ وَحُثَالَتَهُ وَإِنْ دَاخَلَتْهُ الْخَمْرُ ثُمَّ إِنْ عَجَّلَ فَفَتَحَهُ قَبْلَ أَوَانِهِ فَوَجَدَهُ قَدْ دَخَلَهُ عِرْقُ الْخَلِّ فَلَهُ أَنْ يُقِرَّهُ وَيُعَالِجَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي رَائِحَةٍ وَلَا طَعْمٍ فَهِيَ خَمْرٌ تُهْرَاقُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ حَبْسُهَا وَلَا عِلَاجُهَا لِتَصِيرَ خَلًّا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ : وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ نَظَرٌ وَظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ خِلَافُ هَذَا وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ فِيهِ فِي الِاسْتِيفَاءِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ خَمْرًا فَلَا يَخْلُو أَنْ تَصِيرَ خَلًّا بِمُعَالَجَةٍ أَوْ بِغَيْرِ مُعَالَجَةٍ فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا بِمُعَالَجَةِ آدَمِيٍّ فَإِنَّ الْمُعَالَجَةَ مَمْنُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَنَا وَأَحْسَنُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّ مُهْدِيَ الْمَزَادَتَيْنِ أَرَاقَهُمَا بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ جَازَ تَخْلِيلُهَا لَمَا أَبَاحَ لَهُ إرَاقَتَهَا وَلَنَبَّهَهُ عَلَى تَخْلِيلِهَا كَمَا نَبَّهَ أَهْلَ الْمَيْتَةِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا غَيْرَ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ خَمْرٌ قَصَدَ بِهَا الْخَمْرَ وَأَمَّا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ خَمْرًا وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهَا الْخَلَّ فَحُكْمُهُ غَيْرُ حُكْمِ مَا قَصَدَ بِهِ الْخَمْرَ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا بِمُعَالَجَةٍ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِيمَنْ عَصَرَ خَمْرًا أَوْ عَصَرَ خَلًّا فَصَارَتْ خَمْرًا فَبَاعَهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فَصَارَتْ خَلًّا أَوْ خَلَّلَهَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا وَبَيْعِهَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إبَاحَةُ أَكْلِهَا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِهِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ هِيَ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَإِذَا زَالَتْ زَالَ التَّحْرِيمُ كَمَا لَوْ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ : وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إِذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ فِي إرَاقَةِ مَا فِي الْمَزَادَتَيْنِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ وَلَوْ أَرَادَ تَخْلِيلَهَا لَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَنَبَّهَهُ عَلَيْهِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلَّذِي سَأَلَهُ عَمَّا يُعْصَرُ مِنْ الْعِنَبِ أَهْدَى رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَاوِيَةَ خَمْرٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَهِمَ مِنْ السَّائِلِ أَنَّهُ إنَّمَا سَأَلَ عَنْ الْخَمْرِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَصِيرِ أَوْ عَمَّا عُصِرَ لِلْخَمْرِ فَإِنْ كَانَ سَأَلَهُ عَنْ الْخَمْرِ فَقَدْ أَجَابَهُ عَنْ نَفْسِ مَسْأَلَتِهِ وَإِنْ كَانَ سَأَلَهُ عَنْ عَصِيرٍ أُرِيدَ بِهِ الْخَمْرُ فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا قَدْ صَارَ خَمْرًا.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ رَاوِيَةَ خَمْرٍ الرَّاوِيَةُ هِيَ الدَّابَّةُ الَّتِي تَحْمِلُ الْخَمْرَ أَوْ الْمَاءَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَرْوِي غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يُسَمَّى الظَّرْفُ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ الْخَمْرُ رَاوِيَةً بِمَعْنَى تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا جَاوَرَهُ أَوْ قَارَبَهُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لِلَّذِي أَهْدَى إِلَيْهِ الرَّاوِيَةَ أَمَا عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ لَهُ إِنْ كَانَ عَلِمَ ذَلِكَ ثُمَّ أَهْدَاهَا وَإِنْ كَانَ جَهِلَ مِثْلَ هَذَا مِنْ أَمْرِ الشَّرِيعَةِ مَعَ ظُهُورِهِ وَلَمَّا قَالَ الْمُهْدِي لِلْخَمْرِ : لَا إظْهَارًا لِعُذْرِهِ سَارَّهُ إنْسَانٌ إِلَى جَانِبِهِ بِمَا ظَنَّ أَنَّهُ يُرْشِدُهُ بِهِ إِلَى مَنْفَعَتِهِ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذَلِكَ مِنْ مُسَارَّتِهِ وَلَمْ يَثِقْ بِعِلْمِهِ وَتَوَقَّعَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِمِثْلِ مَا أَظْهَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَمَّا سَارَّهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَثَبَّتَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً حَذَّرَهُ مِنْهُ وَنَهَاهُ عَنْهُ وَأَرْشَدَهُ إِلَى الصَّوَابِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا كَمَا لَا يَحِلُّ شُرْبُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بِهَا مَنْفَعَةٌ تُمْسَكُ لِسَبَبِهَا فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ بَيْعَهَا مُحَرَّمٌ فَاجْتَرَأَ مُسْلِمٌ فَبَاعَهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا فِي آخِرِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَفَتَحَ الْمَزَادَتَيْنِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا لِلْعَصِيرِ عَلَى أَصْلِنَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ حَالُ عَصِيرٍ وَحَالُ سُكْرٍ وَحَالُ تَخَلُّلٍ فَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى وَهِيَ حَالَةُ الْعَصِيرِ فَهِيَ حَالَةُ إبَاحَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَا فَمَنْ أَعَدَّهَا لِوَجْهٍ مُبَاحٍ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إرَاقَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَمَنْ اتَّخَذَهَا لِوَجْهٍ مَحْظُورٍ فَهَلْ تَلْزَمُهُ إرَاقَتُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَتَحَهُمَا فَتْحًا يَبْقَى الِانْتِفَاعُ بِهِمَا بِأَنْ حَلَّ أَفْوَاهَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَتَحَهُمَا بِشَقِّ أَوْسَاطِهَا فَأَبْطَلَ ذَلِكَ الِانْتِفَاعَ بِهِمَا وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ خَمْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كُسِرَتْ عَلَيْهِ وَشُقَّ ظُرُوفُهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ : إنَّمَا تُشَقُّ الظُّرُوفُ إِذَا كَانَ لَا يَزُولُ مَا قَدْ فَسَدَ بِهَا مِنْ الْخَمْرِ بِالْغَسْلِ فَإِنْ كَانَ يَزُولُ مَا فِيهَا مِنْ الْغَسْلِ غُسِلَتْ وَلِيَنْتَفِعَ بِهَا وَكَذَلِكَ الْأَوَانِي تُكْسَرُ إِنْ كَانَ لَا يَزُولُ مَا فِيهَا قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ إنَّمَا أَرَادَ الظُّرُوفَ تُشَقُّ وَتُكْسَرُ الْأَوَانِي وَإِنْ كَانَ مَا فِيهَا يَزُولُ بِالْغَسْلِ عُقُوبَةً لِلْمُسْلِمِ عَلَى فِعْلِهِ وَإِمْسَاكِهِ الْخَمْرَ وَبَيْعِهِ لَهَا وَهَذَا الَّذِي أَرَادَهُ مَالِكٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلِذَلِكَ قَالَ : يُفَرَّقُ ثَمَنُ مَا بَاعَ مِنْهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ عُقُوبَةً لِلْمُسْلِمِ الَّذِي بَاعَهَا لِئَلَّا يَعُودَ ثَانِيَةً إِلَى بَيْعِهَا.


حديث أما علمت أن الله حرمها قال لا

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ ‏ ‏أَنَّهُ سَأَلَ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ‏ ‏عَمَّا يُعْصَرُ مِنْ الْعِنَبِ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏ابْنُ عَبَّاسٍ ‏ ‏أَهْدَى رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏رَاوِيَةَ ‏ ‏خَمْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا قَالَ لَا فَسَارَّهُ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ لَهُ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِمَ سَارَرْتَهُ فَقَالَ أَمَرْتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا فَفَتَحَ الرَّجُلُ ‏ ‏الْمَزَادَتَيْنِ ‏ ‏حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

أحاديث أخرى من موطأ الإمام مالك

يصلي في الصحراء إلى غير سترة

عن هشام بن عروة أن أباه كان: «يصلي في الصحراء إلى غير سترة»

نكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالم...

عن سليمان بن يسار، أن طليحة الأسدية، كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها، فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخفقة ضربات، وفرق بينهما، ثم قال ع...

فتيمم صعيدا طيبا

عن نافع، أنه أقبل هو وعبد الله بن عمر من الجرف حتى إذا كانا بالمربد نزل عبد الله «فتيمم صعيدا طيبا، فمسح وجهه، ويديه إلى المرفقين ثم صلى»

سئل عن المسح على العمامة فقال لا

عن مالك أنه بلغه أن جابر بن عبد الله الأنصاري، سئل عن المسح على العمامة؟ فقال: «لا.<br> حتى يمسح الشعر بالماء»

نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار ج...

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم» فقالوا: يا رسول الله، إن كانت لكافية قال: «...

قال لولا أنا حرم لطيبناه

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كفن ابنه واقد بن عبد الله ومات بالجحفة محرما وخمر رأسه ووجهه، وقال: «لولا أنا حرم لطيبناه»

سمعت رسول الله ﷺ قرأ بالطور في المغرب

عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم «قرأ بالطور في المغرب»

والله لأخرجن إلا أن تمنعني فلا يمنعها

عن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل امرأة عمر بن الخطاب، أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد فيسكت، فتقول: «والله لأخرجن إلا أن تمنعني فلا يمنعها»...

جرح العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الرك...

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جرح العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» قال مالك: «وتفسير الجبار أنه لا دية...