215- عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما»
(إذا كفر الرجل أخاه) الأرجح أن ذلك يؤول به إلى الكفر.
وذلك أن المعاصي، كما قالوا، يريد الكفر.
ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر.
ووجه آخر معناه: فقد رجع إليه تكفيره.
فليس الراجع حقيقة الكفر، بل التكفير.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَفَّرَ الرَّجُل أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدهمَا ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( أَيُّمَا رَجُل قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِر فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدهمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ , وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ ) , وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( لَيْسَ مِنْ رَجُل اِدَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ , وَهُوَ يَعْلَمهُ إِلَّا كَفَرَ.
وَمَنْ اِدَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا , وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار.
وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ , أَوْ قَالَ : عَدُوّ اللَّه , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ ).
هَذَا الْحَدِيث مِمَّا عَدَّهُ بَعْض الْعُلَمَاء مِنْ الْمُشْكِلَات مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَاد ; وَذَلِكَ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ أَنَّهُ لَا يَكْفُر الْمُسْلِم بِالْمَعَاصِي كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَكَذَا قَوْله لِأَخِيهِ يَا كَافِر مِنْ غَيْر اِعْتِقَادِ بُطْلَانِ دِينِ الْإِسْلَام.
وَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَقِيلَ فِي تَأْوِيل الْحَدِيث أَوْجُه : أَحَدُهَا : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْمُسْتَحِلّ لِذَلِكَ , وَهَذَا يُكَفَّر.
فَعَلَى هَذَا مَعْنَى ( بَاءَ بِهَا ) أَيْ بِكَلِمَةِ الْكُفْر , وَكَذَا حَارَ عَلَيْهِ , وَهُوَ مَعْنَى رَجَعَتْ عَلَيْهِ أَيْ : رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْر.
فَبَاءَ وَحَارَ وَرَجَعَ بِمَعْنَى وَاحِد.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : مَعْنَاهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ نَقِيصَته لِأَخِيهِ وَمَعْصِيَة تَكْفِيره.
وَالثَّالِث : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْخَوَارِج الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وَهَذَا الْوَجْهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه - عَنْ الْإِمَام مَالِك بْن أَنَس , وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْمَذْهَب الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ كَسَائِرِ أَهْل الْبِدَعِ.
وَالْوَجْه الرَّابِع : مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ يَئُول بِهِ إِلَى الْكُفْر ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ , كَمَا قَالُوا , بَرِيد الْكُفْر , وَيُخَاف عَلَى الْمُكْثِر مِنْهَا أَنْ يَكُون عَاقِبَة شُؤْمهَا الْمَصِير إِلَى الْكُفْر.
وَيُؤَيِّد هَذَا الْوَجْه مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَة الْإِسْفَرَايِينِيّ فِي كِتَابه ( الْمُخَرَّج عَلَى صَحِيح مُسْلِم ) : فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ , وَفِي رِوَايَة إِذَا قَالَ لِأَخِيهِ ( يَا كَافِر ) وَجَبَ الْكُفْر عَلَى أَحَدهمَا.
وَالْوَجْه الْخَامِس : مَعْنَاهُ فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيره ; فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَة الْكُفْر بَلْ التَّكْفِير ; لِكَوْنِهِ جَعَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِن كَافِرًا ; فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسه ; إِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْله , وَإِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إِلَّا كَافِر يَعْتَقِد بُطْلَانَ دِين الْإِسْلَام.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا
عن ابن عمر، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه "
عن أبي ذر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا، وليتبوأ مقعده من الن...
عن عراك بن مالك، أنه سمع أبا هريرة، يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر»
عن أبي عثمان، قال: لما ادعي زياد لقيت أبا بكرة، فقلت له: ما هذا الذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن أبي وقاص، يقول: سمع أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم...
عن سعد، وأبي بكرة كلاهما، يقول: سمعته أذناي، ووعاه قلبي محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: «من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام»...
عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» قال زبيد: فقلت لأبي وائل: أنت سمعته من عبد الله يرويه عن رس...
عن جرير، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «استنصت الناس» ثم قال: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض»وحدثنا عبيد الله بن معاذ، ح...
عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: " ويحكم - أو قال: ويلكم - لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض "
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت "