5935-
عن ابن عباس، قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته، فقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل إليه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم قطعة جريدة، حتى وقف على مسيلمة في أصحابه، قال: «لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن أتعدى أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإني لأراك الذي أريت فيك ما أريت، وهذا ثابت يجيبك عني» ثم انصرف عنه.
فقال ابن عباس: فسألت عن قول النبي صلى الله عليه وسلم «إنك أرى الذي أريت فيك ما أريت» فأخبرني أبو هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحي إلي في المنام أن انفخهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان من بعدي، فكان أحدهما العنسي صاحب صنعاء، والآخر مسيلمة صاحب اليمامة»
(ولن أتعدى أمر الله فيك) هكذا وقع في جميع نسخ مسلم.
ووقع في البخاري: ولن تعدو أمر الله فيك؛ قال القاضي: هما صحيحان.
فمعنى الأول لن أعدو أنا أمر الله فيك من أني لا أجيبك إلى ما طلبته مما لا ينبغي لك من الاستخلاف أو المشاركة.
ومن أني أبلغ ما أنزل إلي فأدفع أمرك بالتي هي أحسن.
ومعنى الثاني ولن تعدو أنت أمر الله في خيبتك فيما أملته من النبوة، وهلاكك دون ذلك، أو فيما سبق من قضاء الله تعالى وقدره في شقاوتك.
(ولئن أدبرت ليعقرنك الله) أي إن أدبرت عن طاعتي ليقتلنك الله.
والعقر القتل.
وعقروا الناقة قتلوها.
وقتله الله تعالى يوم اليمامة وهذا من معجزات النبوة (وهذا ثابت يجيبك عني) قال العلماء: كان ثابت بن قيس خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاوب الوفود عن خطبهم وتشدقهم.
(يخرجان من بعدي) أي يظهران شوكتهما ودعواهما النبوة.
وإلا فقد كانا في زمنه.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( أَنَّ مُسَيْلِمَة الْكَذَّاب وَرَدَ الْمَدِينَة فِي عَدَد كَثِير , فَجَاءَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) قَالَ الْعُلَمَاء : إِنَّمَا جَاءَهُ تَأَلُّفًا لَهُ وَلِقَوْمِهِ رَجَاء إِسْلَامهمْ , وَلِيُبَلِّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ.
قَالَ الْقَاضِي : وَيَحْتَمِلُ أَنَّ سَبَبَ مَجِيئِهِ إِلَيْهِ أَنَّ مُسَيْلِمَة قَصَدَهُ مِنْ بَلَده لِلِقَائِهِ , فَجَاءَهُ مُكَافَأَة لَهُ.
قَالَ : وَكَانَ مُسَيْلِمَة إِذْ ذَاكَ يُظْهِرُ الْإِسْلَام , وَإِنَّمَا ظَهَرَ كُفْره وَارْتِدَاده بَعْد ذَلِكَ.
قَالَ : وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيث آخَر أَنَّهُ هُوَ أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا مَرَّتَانِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُسَيْلَمَةَ : ( وَلَنْ أَتَعَدَّى أَمْر اللَّه فِيك ) فَهَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيع نُسَخ مُسْلِم.
وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيّ ( وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْر اللَّه فِيك ) قَالَ الْقَاضِي : هُمَا صَحِيحَانِ.
فَمَعْنَى الْأَوَّل لَنْ أَعْدُوَ أَنَا أَمْر اللَّه فِيك مِنْ أَنِّي لَا أُجِيبُك إِلَى مَا طَلَبْته مِمَّا لَا يَنْبَغِي لَك مِنْ الِاسْتِخْلَاف أَوْ الْمُشَارَكَة , وَمِنْ أَنِّي أُبَلِّغُ مَا أُنْزِلَ إِلَيَّ , وَأَدْفَعُ أَمْرَك بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن.
وَمَعْنَى الثَّانِي وَلَنْ تَعْدُوَ أَنْتَ أَمْر اللَّه فِي خَيْبَتك فِيمَا أَمَلْته مِنْ النُّبُوَّة , وَهَلَاكك دُون ذَلِكَ , أَوْ فِيمَا سَبَقَ مِنْ قَضَاء اللَّه تَعَالَى وَقَدَره فِي شَقَاوَتِك.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَئِنْ أَدْبَرْت لَيَعْقِرَنَّك اللَّه ) أَيْ إِنْ أَدْبَرْت عَنْ طَاعَتِي لَيَقْتُلَنَّك اللَّه.
وَالْعَقْرُ الْقَتْل.
وَعَقَرُوا النَّاقَةَ قَتَلُوهَا.
وَقَتَلَهُ اللَّه تَعَالَى يَوْم الْيَمَامَة.
وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَات النُّبُوَّة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُك عَنِّي ) قَالَ الْعُلَمَاء كَانَ ثَابِت بْن قَيْس خَطِيبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِبُ الْوُفُود عَنْ خُطَبِهِمْ وَتَشَدُّقهمْ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَأَيْت فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( فَوَضَعَ فِي يَدَيَّ أُسْوَارَيْنِ ) قَالَ أَهْل اللُّغَة : يُقَالُ : ( سِوَار ) بِكَسْرِ السِّين وَضَمِّهَا , وَ ( أُسْوَار ) بِضَمِّ الْهَمْز , ثَلَاث لُغَات.
وَوَقَعَ فِي جَمِيع النُّسَخ فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة ( أُسْوَارَيْنِ ) فَيَكُون وَضَعَ بِفَتْحِ الْوَاو وَالضَّاد , وَفِيهِ ضَمِير الْفَاعِل , أَيْ وَضَعَ الْآتِي بِخَزَائِن الْأَرْض فِي يَدَيَّ أَسُوَارَيْنِ , فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب.
وَضَبَطَهُ بَعْضهمْ ( فَوُضِعَ ) بِضَمِّ الْوَاو , وَهُوَ ضَعِيف لِنَصْبِ أَسُوَارَيْنِ , وَإِنْ كَانَ يَتَخَرَّجُ عَلَى وَجْه ضَعِيف.
وَقَوْله : ( يَدَيَّ ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْيَاء عَلَى التَّثْنِيَة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ انْفُخْهُمَا ) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.
وَنَفْخه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمَا فَطَارَا دَلِيل لِانْمِحَاقِهِمَا وَاضْمِحْلَال أَمْرِهِمَا , وَكَانَ كَذَلِكَ , وَهُوَ مِنْ الْمُعْجِزَات.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي , فَكَانَ أَحَدهمَا الْعَنْسِي صَاحِب صَنْعَاء , وَالْآخَر مُسَيْلَمَة صَاحِب الْيَمَامَة ) قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَخْرُجَانِ بَعْدِي " أَيْ يُظْهِرَانِ شَوْكَتهمَا أَوْ مُحَارَبَتهمَا وَدَعْوَاهُمَا النُّبُوَّة , وَإِلَّا فَقَدْ كَانَا فِي زَمَنه.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ فَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَفِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِطْعَةُ جَرِيدَةٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ قَالَ لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ أَتَعَدَّى أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ وَإِنِّي لَأُرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا أُرِيتُ وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ أَرَى الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا أُرِيتُ فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنْ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِي فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ
عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا أنا نائم أتي...
عن سمرة بن جندب، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه فقال: «هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا؟»
عن واثلة بن الأسقع، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم...
عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع»
عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء فأتي بقدح رحراح، فجعل القوم يتوضئون، فحزرت ما بين الستين إلى الثمانين.<br> قال: فجعلت «أنظر إلى الماء ينب...
عن أنس بن مالك، أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء، فلم يجدوه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء،...
حدثنا أنس بن مالك، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزوراء - قال: والزوراء بالمدينة عند السوق والمسجد فيما ثمه - دعا بقدح فيه ماء، فوضع كفه في...
عن جابر، أن أم مالك، كانت تهدي للنبي صلى الله عليه وسلم في عكة لها سمنا، فيأتيها بنوها فيسألون الأدم، وليس عندهم شيء، فتعمد إلى الذي كانت تهدي فيه للن...