68- عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه» هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن جابر
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ) بْنِ كَامِلٍ الْإِبْنَاوِيِّ الصَّنْعَانِيِّ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ , وَمُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَطَائِفَةٍ , وَعَنْهُ أَخُوهُ وَهْبٌ وَمَعْمَرٌ , وَثَّقَهُ اِبْنُ مَعِينٍ , قَالَ اِبْنُ سَعْدٍ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ.
قَوْلُهُ : ( لَا يَبُولَنَّ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَبِنُونِ التَّأْكِيدِ الثَّقِيلَةِ ( فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ الَّذِي لَا يَجْرِي , وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلدَّائِمِ وَإِيضَاحٌ لِمَعْنَاهُ ( ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ ) كَذَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنِ حِبَّانَ.
وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا : ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ , قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ , وَقَالَ اِبْنُ مَالِكٍ يَجُوزُ الْجَزْمُ عَطْفًا عَلَى يَبُولَنَّ لِأَنَّهُ مَجْزُومُ الْمَوْضِعِ بِلَا النَّاهِيَةِ وَلَكِنَّهُ بُنِيَ عَلَى الْفَتْحِ لِتَوْكِيدِهِ بِالنُّونِ.
وَمَنَعَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ لَوْ أُرِيدَ النَّهْيُ يُقَالُ ثُمَّ لَا يَغْتَسِلَنَّ فَحِينَئِذٍ يَتَسَاوَى الْأَمْرَانِ فِي النَّهْيِ عَنْهُمَا لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي تَوَارَدَا عَلَيْهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمَاءُ , قَالَ فَعُدُولُهُ عَنْ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ الْعَطْفَ بَلْ نَبَّهَ عَلَى مَآلِ الْحَالِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا بَالَ فِيهِ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ اِسْتِعْمَالُهُ , وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَضْرِبَنَّ أَحَدُكُمْ اِمْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْأَمَةِ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا , فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ بِالْجَزْمِ لِأَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ الضَّرْبِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي مَآلِ حَالِهِ إِلَى مُضَاجَعَتِهَا فَتَمْتَنِعُ لِإِسَاءَتِهِ إِلَيْهَا فَلَا يَحْصُلُ لَهُ مَقْصُودُهُ , وَتَقْدِيرُ اللَّفْظِ ثُمَّ هُوَ يُضَاجِعُهَا , وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ ثُمَّ هُوَ يَغْتَسِلُ مِنْهُ.
وَتُعُقِّبَ : بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْكِيدِ النَّهْيِ أَنْ لَا يُعْطَفَ عَلَيْهِ نَهْيٌ آخَرُ غَيْرُ مُؤَكَّدٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِلتَّأْكِيدِ فِي أَحَدِهِمَا مَعْنًى لَيْسَ لِلْآخَرِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : وَلَا يَجُوزُ النَّصْبُ إِذْ لَا تُضْمَرُ أَنْ بَعْدَ ثُمَّ وَأَجَازَهُ اِبْنُ مَالِكٍ بِإِعْطَاءِ ثُمَّ حُكْمَ الْوَاوِ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ : بِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ دُونَ إِفْرَادِ أَحَدِهِمَا.
وَضَعَّفَهُ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُتَعَدِّدَةِ لَفْظٌ وَاحِدٌ , فَيُؤْخَذُ النَّهْيُ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ تَثْبُتَ رِوَايَةُ النَّصْبِ وَيُؤْخَذُ النَّهْيُ عَنْ الْإِفْرَادِ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ.
قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ , وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ , وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ النَّهْيُ عَنْهُمَا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَلَفْظُهُ : لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلَا يَغْتَسِلُ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
فَكُلُّ مَا ذُكِرَ فِي يَغْتَسِلُ مِنْ الْإِعْرَابِ يَجْرِي فِي يَتَوَضَّأُ.
وَالْحَدِيثُ بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى تَنَجُّسِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ مُطْلَقًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَحْمُولٍ عَلَى ظَاهِرِهِ بِالِاتِّفَاقِ , قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ الْقَارِي : هَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِهِ اِتِّفَاقًا بِالْمَاءِ الْمُتَبَحِّرِ الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ أَحَدُ طَرَفَيْهِ بِتَحْرِيكِ الطَّرَفِ الْآخَرِ أَوْ بِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَوْ بِالْعُمُومَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ لَا فَرْقَ فِي الْمَاءِ الَّذِي لَا يَجْرِي فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ بَوْلِ الْآدَمِيِّ , وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَبُولَ فِي الْمَاءِ أَوْ يَبُولَ فِي مَاءٍ ثُمَّ يَصُبُّهُ فِيهِ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ , وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى اِخْتِلَافِهِمْ فِي حَدِّ الْقَلِيلِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ إِلَّا التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ وَهُوَ قَوِيٌّ , لَكِنَّ الْفَصْلَ بِالْقُلَّتَيْنِ أَقْوَى لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ اِنْتَهَى.
قُلْت : الْأَمْرُ عِنْدِي كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ , قَالَ : وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ - , وَهُوَ قَوْلُ الْبَاقِينَ فِي الْكَثِيرِ , وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا عَلَى قَاعِدَةِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى تَنْجِيسِ الْمَاءِ اِنْتَهَى.
قُلْت : مَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ حَسَنٌ جَيِّدٌ قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا أَنَّ فِيهِ " مِنْهُ " مَكَانَ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ اِبْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ النَّاقِعِ.
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الْبَاب عَنْ جَابِرٍ
عن عمرو بن عثمان بن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده، أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فانتهوا إلى مضيق، فحضرت الصلاة، فمطروا، السماء من فوق...
عن ابن بريدة، عن أبيه، «أن النجاشي أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما» هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث...
عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا الزهري،...
عن أنس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينتعل الرجل وهو قائم»: هذا حديث غريب وقال محمد بن إسماعيل: ولا يصح هذا الحديث، ولا حديث معمر، عن عمار...
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علاني...
عن عبد الله بن بسر، عن أخته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عو...
حدثنا عباد بن منصور، قال: سمعت أبا المهزم قال: صحبت أبا هريرة عشر سنين سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من تبع جنازة، وحملها ثلاث...
عن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الل...
عن عبد الرحمن وهو ابن يزيد الصنعاني، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين» فليقرأ:...