1967- عن أبي شريح العدوي أنه قال: أبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته أذناي حين تكلم به قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته» قالوا: وما جائزته؟ قال: «يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، وما كان بعد ذلك فهو صدقة، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت»: هذا حديث حسن صحيح
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ ) فَائِدَةُ ذِكْرِهِ التَّوْكِيدُ ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يُؤْمِنُ الْإِيمَانَ الْكَامِلَ , وَخَصَّهُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إِشَارَةً إِلَى الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ أَيْ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَآمَنَ بِأَنَّهُ سَيُجَازِيهِ بِعَمَلِهِ ( فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ) قَالُوا إِكْرَامُ الضَّيْفِ بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَطِيبِ الْكَلَامِ وَالْإِطْعَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْأَوَّلِ بِمَقْدُورِهِ وَمَيْسُورِهِ وَالْبَاقِي بِمَا حَضَرَهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ , وَلِئَلَّا يَثْقُلَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَفْسِهِ , وَبَعْدَ الثَّلَاثَةِ يُعَدُّ مِنْ الصَّدَقَاتِ إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِلَّا فَلَا ( جَائِزَتَهُ ) هِيَ الْعَطَاءُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْجَوَازِ لِأَنَّهُ حَقُّ جَوَازِهِ عَلَيْهِمْ , وَانْتِصَابُهُ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِلْإِكْرَامِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِعْطَاءِ أَوْ هُوَ كَالظَّرْفِ أَوْ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِجَائِزَتِهِ ( قَالَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ) أَيْ جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.
وَجَوَازُ وُقُوعِ الزَّمَانِ خَبَرًا عَنْ الْجَنَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الظَّرْفِ , وَإِمَّا فِيهِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ تَقْدِيرُهُ أَيْ زَمَانُ جَائِزَتِهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ( وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ ) قَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ : سُئِلَ عَنْهُ مَالِكٌ فَقَالَ يُكْرِمُهُ وَيُتْحِفُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ضِيَافَةٌ.
قَالَ الْحَافِظُ : اِخْتَلَفُوا هَلْ الثَّلَاثُ غَيْرُ الْأُوَلِ أَوْ يُعَدُّ مِنْهَا , فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : يَتَكَلَّفُ لَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِالْبِرِّ وَالْإِلْطَافِ , وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِث يُقَدِّمُ لَهُ مَا حَضَرَهُ وَلَا يَزِيدُهُ عَلَى عَادَتِهِ , ثُمَّ يُعْطِيه مَا يَجُوزُ بِهِ مَسَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَتُسَمَّى الْجِيزَةُ , وَهِيَ قَدْرُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْمُسَافِرُ مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى مَنْهَلٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ : " أُجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْت أُجِيزُهُمْ ".
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ الضَّيْفُ أَنْ يُتْحِفَهُ وَيَزِيدَهُ فِي الْبِرِّ عَلَى مَا بِحَضْرَتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً , وَفِي الْيَوْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يُقَدِّمُ لَهُ مَا يَحْضُرُهُ , فَإِذَا مَضَى الثَّلَاثُ فَقَدْ قَضَى حَقَّهُ , فَمَا زَادَ عَلَيْهَا مِمَّا يُقَدِّمُهُ لَهُ يَكُونُ لَهُ صَدَقَةً.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ بِلَفْظِ : " الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ".
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْمُغَايَرَةِ , وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ , وَأَجَابَ الطِّيبِيُّ بِأَنَّهَا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ بَيَانٌ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى , كَأَنَّهُ قِيلَ كَيْفَ يُكْرِمُهُ ؟ قَالَ : جَائِزَتُهُ , وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ زَمَانُ جَائِزَتِهِ أَيْ بِرُّهُ , وَالضِّيَافَةُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.
فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ , وَرِوَايَةُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَلَى الْيَوْمِ الْأَخِيرِ أَيْ قَدْرَ مَا يَجُوزُ بِهِ الْمُسَافِرُ مَا يَكْفِيهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.
فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ اِنْتَهَى.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَجَائِزَتَهُ بَيَانًا لِحَالَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْمُسَافِرَ تَارَةً يُقِيمُ عِنْدَ مَنْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فَهَذَا لَا يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثِ بِتَفَاصِيلِهَا أَوْ تَارَةً لَا يُقِيمُ فَهَذَا يُعْطَى مَا يَجُوزُ بِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةٌ , وَلَعَلَّ هَذَا أَعْدَلَ الْأَوْجُهِ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ : أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الضِّيَافَةِ , وَأَنَّهَا مِنْ مُتَأَكِّدَاتِ الْإِسْلَامِ.
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالْجُمْهُورُ : وَهِيَ سُنَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ : هِيَ وَاجِبَةٌ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَأَهْلِ الْقُرَى دُونَ أَهْلِ الْمُدُنِ , وَتَأَوَّلَ الْجُمْهُورُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَأَشْبَاهَهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ , وَتَأَكُّدِ حَقِّ الضَّيْفِ كَحَدِيثِ : " غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " أَيْ مُتَأَكِّدُ الِاسْتِحْبَابِ , وَتَأَوَّلَهَا الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُضْطَرِّ اِنْتَهَى.
قُلْت : قَدْ اِخْتَارَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ وُجُوبَ الضِّيَافَةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِدَلَائِلَ عَدِيدَةٍ فَقَالَ فِي النَّيْلِ : وَالْحَقُّ وُجُوبُ الضِّيَافَةِ لِأُمُورٍ ثُمَّ ذَكَرَهَا , فَمِنْهَا إِبَاحَةُ الْعُقُوبَةِ بِأَخْذِ الْمَالِ لِمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ , وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ وَاجِبٍ , وَمِنْهَا قَوْلُهُ فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ , فَإِنَّهُ صَرِيحٌ أَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرُ صَدَقَةٍ بَلْ وَاجِبٌ شَرْعًا , وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ " , فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالْوُجُوبِ لَمْ يَأْتِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأْوِيلِهِ.
قُلْت : وُجُوبُ الضِّيَافَةِ هُوَ الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ قَالُوا وَمَا جَائِزَتُهُ قَالَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
عن أبي شريح الكعبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة، وما أنفق عليه بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عن...
عن صفوان بن سليم، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل» حدثنا ا...
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك» وفي ال...
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى...
عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلا من نتن ما جاء به؟» قال يحيى: فأقر به عبد الرحيم بن هارون، فقال: نعم،:...
عن عائشة، قالت: «ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب،» ولقد كان الرجل يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكذبة فما يزال في نفسه...
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما كان الفحش في شيء إلا شانه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه» وفي الباب عن عائشة: هذا حديث حسن غريب لا...
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خياركم أحاسنكم أخلاقا»، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا: هذا حديث حسن صح...
عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار» وفي الباب عن ابن عباس، وأبي هريرة، وابن عمر، وعم...