1712-
حدثنا أبو عثمان، أنه حدثه عبد الرحمن بن أبي بكر، أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرة: " من كان عنده طعام اثنين، فليذهب بثالث.
من كان عنده طعام أربعة، فليذهب بخامس بسادس " أو كما قال، وأن أبا بكر جاء بثلاثة، فانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم بعشرة، وأبو بكر بثلاثة، قال: فهو أنا، وأبي، وأمي - ولا أدري هل قال: وامرأتي - وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر؟ وإن أبا بكر تعشى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لبث حتى صليت العشاء، ثم رجع فلبث حتى نعس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله، قالت له امرأته: ما حبسك عن اضيافك - أو قالت: ضيفك؟ قال: أوما عشيتهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء، قد عرضوا عليهم فغلبوهم، قال: فذهبت أنا فاختبأت، قال: يا غنثر - أو يا عنتر - فجدع وسب، وقال: كلوا لا هنيا.
وقال: والله لا أطعمه أبدا، قال: وحلف الضيف أن لا يطعمه حتى يطعمه أبو بكر، قال: فقال أبو بكر: هذه من الشيطان، قال: فدعا بالطعام، فأكل.
قال: فايم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها.
قال: حتى شبعوا وصارت اكثر مما كانت قبل ذلك، فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي أو اكثر، فقال لامرأته: يا أخت بني فراس، ما هذا؟ قالت: لا وقرة عيني، لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرار.
فأكل منها أبو بكر، وقال: إنما كان ذلك من الشيطان - يعني يمينه - ثم أكل لقمة، ثم " حملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصبحت عنده "، قال: وكان بيننا وبين قوم عقد، فمضى الأجل، فعرفنا اثني عشر رجلا مع كل رجل أناس الله أعلم كم مع كل رجل؟ غير أنه بعث معهم فأكلوا منها أجمعون، أو كما قال
إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وانظر (١٧٠٢) .
قوله: "أو ضيفك"، قال السندي: الضيف اسم مفرد، يطلق على الواحد والجمع، قيل: لأنه في الأصل مصدر كالصوم والزور، ومنه قوله تعالى: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين) [الذاريات: ٢٤] .
وقوله: يا عنتر أو يا غنثر، قال ابن الأثير في "النهاية" في باب العين مع النون: هكذا جاء في رواية، وهو الذباب شبهه به تصغيرا له وتحقيرا، وقيل: هو الذباب الكبير الأزرق شبهه به لشدة أذاه، وقال في باب الغين والنون، قيل: هو الثقيل الوخم، وقيل: الجاهل، من الغثارة: الجهل، والنون زائدة.
وقوله: فجدع بتشديد الدال المفتوحة، أي: خاصمه وذمه، والمجادعة: المخاصمة، وقال في "اللسان" جادعه مجادعة وجداعا: شاتمه وشاره، كأن كل واحد منهما جدع أنف صاحبه.
وقال النووي: فجدع، أي: دعا بالجدع وهو قطع الأنف وغيره من الأعضاء.
قال أحمد شاكر: وهذا أصح وأقرب، فإن "جدع" غير "جادع" ويؤيده ما في "اللسان": وفي الدعاء على الإنسان: جدعا له وعقرا نصبوها في حد الدعاء على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره، وحكى سيبويه: جدعته تجديعا وعقرته: قلت له ذلك.
وهذا نص صريح.
وقوله: "لا هنيا"، قال السندي: قيل: قاله تأديبا لهم لأنهم تحكموا على أهل المنزل، وقيل: هو خبر، أي: أنهم لم يتهنوا به في وقته، قيل: وهو الأوجه.
وعقد، أي: عهد على أنهم يجيئون يوم كذا.
وقوله: "فعرفنا اثني عشر رجلا" قال النووي في "شرح مسلم" ١٤/١٩: هكذا هو في معظم النسخ (يعني نسخ صحيح مسلم) فعرفنا بالعين وتشديد الراء، أي: جعلنا عرفاء، وفي كثير من النسخ: ففرقنا بالفاء المكررة في أوله وبقاف من التفريق، أي: جعل كل رجل من الاثني عشر مع فرقة، وهما صحيحان، والعريف: النقيب، وهو دون الرئيس.
حاشية السندي على مسند الإمام أحمد بن حنبل: أبي الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي
قوله : "وانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم بعشرة " : قال النووي : هذا مبين لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الأخذ بأفضل الأمور ، والسبق إلى السخاء والجود ; فإن عيال النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قريبا من عدد ضيفانه هذه الليلة ، فآسى بنصف أو نحوه ، وآسى أبو بكر بثلث طعامه أو أكثر ، وآسى الباقون بدون ذلك .
"فهو أنا .
.
.
إلخ " : الضمير لمن في البيت ; أي : الذين في البيت هؤلاء ، وقيل : للشأن ، والخبر مقدر ; أي : الشأن أنا في الدار وأبي .
.
.
إلخ .
"حتى صليت " : على بناء المفعول .
"نعس " : - بفتح العين - .
"قد عرضوا " : أي : أهل البيت الطعام .
"فاختبأت " : خوفا من غضبه .
"يا عنتر " : - بعين مهملة وتاء مثناة مفتوحتين - ، قالوا : هو الذباب ، وقيل : هو الأزرق منه ، شبهه به تحقيرا له .
قلت : أو شبهه به في سرعة الطيران حيث غاب من المجلس .
*أو يا غنثر " : - بغين معجمة مضمومة ثم نون ساكنة ثم ثاء مثلثة مفتوحة أو مضمومة - وهذه هي الرواية المشهورة ، وهو الثقيل الوحم ، وقيل : هو الجاهل .
"فجدع " : من التجديع ; أي : دعا بجدع الأنف ونحوه ، وهو القطع .
"لا هنيا " : قيل : قاله تأديبا لهم ; لأنهم تحكموا على أهل المنزل ، وقيل : هو خبر ; أي : إنهم لم يتهنوا به في وقته ، قيل : وهو الأوجه .
"عقد " : أي : عهد على أنهم يجيئون يوم كذا .
"فعرفنا اثنا عشر رجلا " : هو - بعين وتشديد راء - ; أي : جعلنا عرفاء ، وجعله بعضهم من التفريق ; بفاء وقاف ، و"اثنا عشر" - بالألف - هو المشهور ، قيل : هو على لغة من جعل المثنى بالألف في الأحوال كلها ، وهي لغة أربع قبائل من العرب ، وعليه قوله : إن هذان لساحران [طه : 63] .
حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَّةً مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ أَوْ كَمَا قَالَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ فَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلَاثَةٍ قَالَ فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي وَلَا أَدْرِي هَلْ قَالَ وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْتِ أَبِي بَكْرٍ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّيْتُ الْعِشَاءَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ قَالَ أَوَمَا عَشَّيْتِهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ قَالَ فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ قَالَ يَا غُنْثَرُ أَوْ يَا عَنْتَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ كُلُوا لَا هَنِيًّا وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا قَالَ وَحَلَفَ الضَّيْفُ أَنْ لَا يَطْعَمَهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ قَالَ فَدَعَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلَ قَالَ فَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا قَالَ حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا قَالَتْ لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مِرَارٍ فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ يَعْنِي يَمِينَهُ ثُمَّ أَكَلَ لُقْمَةً ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ قَالَ وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ فَمَضَى الْأَجَلُ فَعَرَّفْنَا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ أَوْ كَمَا قَالَ
حدثنا أبو عثمان، أنه حدثه عبد الرحمن بن أبي بكر، أن أصحاب الصفة، كانوا أناسا فقراء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان عنده طعام اثنين فلي...
حدثنا خالد بن سلمة، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن، دعا موسى بن طلحة حين عرس على ابنه، فقال: يا أبا عيسى، كيف بلغك في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم...
عن عباد بن عبد الله بن الزبير، قال: أتى الحارث بن خزمة بهاتين الآيتين من آخر براءة: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} [التوبة: ١٢٨] إلى عمر بن الخطاب، فقال:...
عن سعد مولى أبي بكر، قال: قدمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرا، فجعلوا يقرنون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقرنوا "
عن سعد مولى أبي بكر، وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه خدمته، فقال: " يا أبا بكر أعتق سعدا " فقال: يا رسول الله...
عن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: " اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وب...
عن هبيرة، خطبنا الحسن بن علي رضي الله عنه، فقال: " لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ي...
عن عمرو بن حبشي، قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي، رضي الله عنهما، فقال: " لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم، ولا أدركه الآخرون، إن كان رس...
عن الحسن بن علي، أنه مر بهم جنازة، فقام القوم ولم يقم، فقال الحسن: " ما صنعتم إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تأذيا بريح اليهودي