822- عن عبادة بن الصامت، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدا»
إسناده صحيح.
ابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله أبو الطاهر المصري، وسفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (756)، ومسلم (394) (34)، وابن ماجه (837)، والترمذي (245)، والنسائي في "الكبرى" (984) و (7955) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد- وليس فيه عندهم "فصاعدا".
وأخرجه مسلم (394) (35) من طريق يونس بن يزيد، و (36) من طريق صالح ابن كيسان، ومسلم (394) (37)، والنسائي (985) من طريق معمر، ثلاثتهم عن الزهري، به- زاد معمر في روايته: "فصاعدا".
والحديث في "مسند أحمد" (2677) و (22749)، و"صحيح ابن حبان" (1782) و (1786).
ويشهد لزيادة لفظ "فصاعدا" حديث أبي سعيد السالف برقم (818)، وحديث أبي هريرة برقم (820).
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( عَنْ مَحْمُود بْن الرَّبِيع ) : فِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَان حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ سَمِعْت مَحْمُود بْن الرَّبِيع , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة صَالِح بْن كَيْسَانَ عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّ مَحْمُود بْن الرَّبِيع أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت أَخْبَرَهُ , وَبِهَذَا التَّصْرِيح بِالْإِخْبَارِ يَنْدَفِع تَعْلِيل مَنْ أَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ لِكَوْنِ بَعْض الرُّوَاة أَدْخَلَ بَيْن مَحْمُود وَعُبَادَةَ رَجُلًا , وَهِيَ رِوَايَة ضَعِيفَة عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ.
قَالَهُ الْحَافِظ ( لَا صَلَاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب ) : فِيهِ دَلَالَة صَرِيحَة وَاضِحَة عَلَى أَنَّ كُلّ صَلَاة لَا تُقْرَأ فِيهَا فَاتِحَة الْكِتَاب لَا تَصِحّ وَلَا تَجُوز , لِأَنَّ النَّفْي فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاة يَتَوَجَّه إِلَى الذَّات إِنْ أَمْكَنَ اِنْتِفَاؤُهَا وَإِلَّا تَوَجَّهَ إِلَى مَا هُوَ أَقْرَب إِلَى الذَّات وَهُوَ الصِّحَّة لَا إِلَى الْكَمَال لِأَنَّ الصِّحَّة أَقْرَب الْمَجَازَيْنِ وَالْكَمَال أَبْعَدهمَا , وَالْحَمْل عَلَى أَقْرَب الْمَجَازَيْنِ وَاجِب , وَتَوَجُّه النَّفْي هَاهُنَا إِلَى الذَّات مُمْكِن كَمَا قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح لِأَنَّ الْمُزَاد بِالصَّلَاةِ مَعْنَاهَا الشَّرْعِيّ لَا اللُّغَوِيّ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ أَلْفَاظ الشَّارِع مَحْمُولَة عَلَى عُرْفه لِكَوْنِهِ بُعِثَ لِتَعْرِيفِ الشَّرْعِيَّات لَا لِتَعْرِيفِ الْمَوْضُوعَات اللُّغَوِيَّة.
وَإِذَا كَانَ الْمَنْفِيّ الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة اِسْتَقَامَ نَفْي الذَّات , لِأَنَّ الْمُرَكَّب كَمَا يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جَمِيع أَجْزَائِهِ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ بَعْضهَا , فَلَا يُحْتَاج بِإِضْمَارِ الصِّحَّة وَلَا الْأَجْزَاء وَلَا الْكَمَال كَمَا رَوَى عَنْ جَمَاعَة لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْتَاج إِلَيْهِ عِنْد الضَّرُورَة وَهِيَ عَدَم إِمْكَان اِنْتِفَاء الذَّات.
وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَاد هَاهُنَا الصَّلَاة اللُّغَوِيَّة فَلَا يُمْكِن تَوَجُّه النَّفْي إِلَى ذَاتهَا , لِأَنَّهَا قَدْ وُجِدَتْ فِي الْخَارِج كَمَا قَالَهُ الْبَعْض , لَكَانَ الْمُتَعَيَّن تَوْجِيه النَّفْي إِلَى الصِّحَّة أَوْ الْإِجْزَاء لَا إِلَى الْكَمَال , إِمَّا أَوَّلًا : فَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ ذَلِكَ أَقْرَب الْمَجَازَيْنِ , وَإِمَّا ثَانِيًا : فَلِرِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِلَفْظِ " لَا تُجْزِئ الصَّلَاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب " وَقَالَ إِسْنَاده صَحِيح , وَصَحَّحَهَا اِبْن الْقَطَّان , وَلَهَا شَاهِد مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا بِهَذَا اللَّفْظ أَخْرَجَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّان وَغَيْرهمَا , وَلِأَحْمَد بِلَفْظِ " لَا تُقْبَل صَلَاة لَا يُقْرَأ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآن " وَمِنْ هَاهُنَا لَاحَ لَك أَنَّ قَوْل الْحَنَفِيَّة بِأَنَّ الْمُرَاد بِالنَّفْيِ فِي الْحَدِيث نَفْي الْكَمَال بَاطِل لَا دَلِيل عَلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْض الْعُلَمَاء الْحَنَفِيَّة قَدْ تَأَوَّلُوا رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيِّ الْمَذْكُورَة وَقَالُوا إِنَّهَا مَحْمُولَة عَلَى الْإِجْزَاء الْكَامِل , وَأَنْتَ تَعْلَم أَنَّ هَذَا تَحَكُّم بَحْت وَتَعَصُّب مَحْض لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْد الْإِجْزَاء إِلَّا الْبُطْلَان , وَمَاذَا بَعْد الْحَقّ إِلَّا الضَّلَال.
وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى وُجُوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي كُلّ رَكْعَة بِنَاء عَلَى أَنَّ الرَّكْعَة الْوَاحِدَة تُسَمَّى صَلَاة لَوْ تَجَرَّدَتْ , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ قِرَاءَتهَا فِي رَكْعَة وَاحِدَة مِنْ الرُّبَاعِيَّة مَثَلًا يَقْتَضِي حُصُول اِسْم قِرَاءَتهَا فِي تِلْكَ الصَّلَاة , وَالْأَصْل عَدَم وُجُوب الزِّيَادَة عَلَى الْمَرَّة الْوَاحِدَة , وَالْأَصْل أَيْضًا عَدَم إِطْلَاق الْكُلّ عَلَى الْبَعْض , لِأَنَّ الظُّهْر مَثَلًا كُلّهَا صَلَاة وَاحِدَة حَقِيقَة كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي حَدِيث الْإِسْرَاء حَيْثُ سُمِّيَ الْمَكْتُوبَات خَمْسًا وَكَذَا حَدِيث عُبَادَةَ " خَمْس صَلَوَات كَتَبَهُنَّ اللَّه عَلَى الْعِبَاد " وَغَيْر ذَلِكَ فَإِطْلَاق الصَّلَاة عَلَى رَكْعَة مِنْهَا يَكُون مَجَازًا.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين : وَغَايَة مَا فِي الْبَحْث أَنْ يَكُون فِي الْحَدِيث دَلَالَة مَفْهُوم عَلَى صِحَّة الصَّلَاة بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَة فِي كُلّ رَكْعَة وَاحِدَة مِنْهَا , فَإِنْ دَلَّ دَلِيل خَارِج مَنْطُوق عَلَى وُجُوبهَا فِي كُلّ رَكْعَة كَانَ مُقَدَّمًا.
اِنْتَهَى.
وَقَالَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْبَحْث الْحَسَن الْبَصْرِيّ : رَوَاهُ عَنْهُ اِبْن الْمُنْذِر بِإِسْنَادٍ صَحِيح وَدَلِيل الْجُمْهُور قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتك كُلّهَا " بَعْد أَنْ أَمَرَهُ بِالْقِرَاءَةِ , وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد وَابْن حِبَّان " ثُمَّ اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلّ رَكْعَة " كَذَا قَالَ الْحَافِظ.
وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى وُجُوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة عَلَى الْمَأْمُوم سَوَاء أَسَرَّ الْإِمَام أَمْ جَهَرَ , لِأَنَّ صَلَاته صَلَاة حَقِيقَة , فَتَنْتَفِي عِنْد اِنْتِفَاء الْقِرَاءَة , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
( فَصَاعِدًا ) : أَيْ فَمَا زَادَ عَلَى فَاتِحَة الْكِتَاب مِنْ الصُّعُود وَهُوَ الِارْتِفَاع مِنْ سُفْل إِلَى عُلْو.
قَالَ الْمُظْهِر : أَيْ زَائِدًا وَهُوَ مَنْصُوب عَلَى الْحَال , أَيْ لَا صَلَا2ة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن فَقَطْ أَوْ بِأَنَّ الْقُرْآن حَلَّ كَوْن قِرَاءَته زَائِدًا عَلَى أُمّ الْقُرْآن.
كَذَا فِي الْمِرْقَاة ( قَالَ سُفْيَان لِمَنْ يُصَلِّي وَحْده ) : قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : هَذَا عُمُوم لَا يَجُوز تَخْصِيصه إِلَّا بِدَلِيلٍ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ , وَلَيْسَ فِي حَدِيث بَعْضهمْ فَصَاعِدًا.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ السَّرْحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَصَاعِدًا قَالَ سُفْيَانُ لِمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ
عن عبادة بن الصامت، قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: «لعلك...
عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري قال نافع: أبطأ عبادة بن الصامت عن صلاة الصبح، فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة فصلى أبو نعيم بالناس، وأقبل عبادة وأنا...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: «هل قرأ معي أحد منكم آنفا؟»، فقال رجل: نعم، يا رسول الله، قال: «إن...
عن عمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فجاء رجل فقرأ خلفه سبح اسم ربك الأعلى فلما فرغ، قال: «أيكم قرأ؟»، قالوا: رجل، قال: «قد عرفت أن...
عن عمران بن حصين، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فلما انفتل، قال: «أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى؟»، فقال رجل: أنا، فقال: «علمت أن بعضكم خ...
عن جابر بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والأعجمي، فقال: «اقرءوا فكل حسن وسيجيء أقوام يقيمونه...
عن سهل بن سعد الساعدي، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن نقترئ، فقال: «الحمد لله كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر وفيكم الأبيض وفيكما...
عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه، قال: " قل: سبحان ال...
عن جابر بن عبد الله، قال: «كنا نصلي التطوع ندعو قياما وقعودا، ونسبح ركوعا وسجودا» (1) 834- عن حميد، مثله لم يذكر التطوع، قال: كان الحسن، يق...