1087-
أخبرني السائب بن يزيد، «أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، فلما كان خلافة عثمان، وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك» (1) 1088- عن السائب بن يزيد، قال: كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد، وأبي بكر، وعمر، ثم ساق نحو حديث يونس.
(2) 1089- عن السائب، قال: لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد بلال، ثم ذكر معناه (3) 1090- ن ابن شهاب، أن السائب بن يزيد، ابن أخت نمر أخبره، قال: ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم غير مؤذن واحد، وساق هذا الحديث وليس بتمامه.
(4)
(١) إسناده صحيح.
ابن شهاب: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله
الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه البخاري (912) و (913) و (915) و (916)، والترمذي (523)، والنسائى
في "الكبرى" (1712) من طرق عن الزهري، به.
وهو في "مسند أحمد" (15716)، و"صحيح ابن حبان" (1673).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (1088 - 1090).
قال القسطلانى في "شرح البخاري": إن النداء الذي زاده عثمان هو عند دخول
الوقت وكان في موضع يبعد عن المسجد بحيث لا يسمع الأذان الذي يفعل في المسجد
النبوي، والقصد منه إعلام أكبر قدر من المسلمين ليسعوا إلى ذكر الله، والآن يغني
عن هذا الأذان مكبرات الصوت.
وسماه ثالثا باعتبار كونه مزيدا على الأذان بين يدي الإمام والإقامة للصلاة،
وأطلق على الإقامة أذان تغليبا بجامع الإعلام فيهما، وكان هذا الأذان لما كثر المسلمون،
فزاده اجتهادا منه، وموافقة سائر الصحابة بالسكوت، وعدم الإنكار، فصار إجماعا
سكوتيا.
والزوراء: هو موضع بسوق المدينة.
(٢)إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق- وهو ابن يسار المطلبي مولاهم-
وقد صرح بالتحديث عند أحمد (١٥٧١٦) وغيره، فانتفت شبهة تدليسه، ثم إنه متابع.
النفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل.
وأخرجه ابن ماجه (١١٣٥) من طريقين عن محمد بن إسحاق، به.
وهو في "مسند أحمد" (١٥٧١٦) و (١٥٧٢٣).
وانظر ما قبله.
(٣) إسناده حسن كسابقه.
عبدة: هو ابن سليمان.
وانظر ما سلف برقم (١٠٨٧).
(٤) إسناده صحيح.
صالح: هو ابن كيسان.
وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (١٧١٤) عن محمد بن يحيى، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (١٠٨٧).
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( أَنَّ الْأَذَان كَانَ أَوَّله ) : وَفِي رِوَايَة لِابْنِ خُزَيْمَةَ " كَانَ اِبْتِدَاء النِّدَاء الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْقُرْآن يَوْم الْجُمُعَة " وَلَهُ فِي رِوَايَته " كَانَ الْأَذَان عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه وَآله وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر أَذَانَيْنِ يَوْم الْجُمُعَة , وَفَسَّرَ الْأَذَانَيْنِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَة يَعْنِي تَغْلِيبًا ( حِين يَجْلِس الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر ) : قَالَ الْمُهَلَّب : الْحِكْمَة فِي جَعْل الْأَذَان فِي هَذَا الْمَحَلّ لِيَعْرِف النَّاس جُلُوس الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر , فَيُنْصِتُونَ لَهُ إِذَا خَطَبَ.
قَالَ الْحَافِظ : وَفِيهِ نَظَر لِمَنْ عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَغَيْره , مِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاق فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّن عَلَى بَاب الْمَسْجِد.
فَالظَّاهِر أَنَّهُ كَانَ لِمُطْلَقِ الْإِعْلَام لَا لِخُصُوصِ الْإِنْصَات , نَعَمْ لَمَّا زِيدَ الْأَذَان الْأَوَّل كَانَ لِلْإِعْلَامِ وَكَانَ الَّذِي بَيْن يَدَيْ الْخَطِيب لِلْإِنْصَاتِ ( فَلَمَّا كَانَ خِلَافَة عُثْمَان وَكَثُرَ النَّاس ) : أَيْ بِالْمَدِينَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّح بِهِ فِي رِوَايَة عِنْد الْبُخَارِيّ , وَكَانَ أَمْره بِذَلِكَ بَعْد مُضِيّ مُدَّة مِنْ خِلَافَته كَمَا عِنْد أَبِي نُعَيْم فِي الْمُسْتَخْرَج ( بِالْأَذَانِ الثَّالِث ) : فِي رِوَايَة " فَأَمَرَ عُثْمَان بِالنِّدَاءِ الْأَوَّل " وَفِي رِوَايَة " التَّأْذِين الثَّانِي أَمَرَ بِهِ عُثْمَان " وَلَا مُنَافَاة لِأَنَّهُ سُمِّيَ ثَالِثًا بِاعْتِبَارِ كَوْنه مَزِيدًا , وَأَوَّلًا بِاعْتِبَارِ كَوْنه فَعَلَهُ مُقَدَّمًا عَلَى الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَثَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْأَذَان الْحَقِيقِيّ لَا الْإِقَامَة , قَالَ فِي عُمْدَة الْقَارِي : الْأَذَان الثَّالِث الَّذِي هُوَ الْأَوَّل فِي الْوُجُود لَكِنَّهُ ثَالِث بِاعْتِبَارِ شَرْعِيَّته بِاجْتِهَادِ عُثْمَان وَمُوَافَقَة سَائِر الصَّحَابَة لَهُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَم الْإِنْكَار فَصَارَ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا , وَإِنَّمَا أُطْلِقَ الْأَذَان عَلَى الْإِقَامَة لِأَنَّهَا إِعْلَام كَالْأَذَانِ.
اِنْتَهَى ( عَلَى الزَّوْرَاء ) : بِفَتْحِ الْزَّاي وَسُكُون الْوَاو بَعْدهَا رَاءٌ مَمْدُودَة.
قَالَ الْبُخَارِيّ : هِيَ مَوْضِعٌ بِسُوقِ الْمَدِينَة.
قَالَ الْحَافِظ : وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَقَالَ اِبْن بَطَّال : هُوَ حَجَر كَبِير عِنْد بَاب الْمَسْجِد , وَرُدَّ بِمَا عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ وَابْن مَاجَهْ عَنْ الزُّهْرِيّ أَنَّهَا دَار بِالسُّوقِ يُقَال لَهَا الزَّوْرَاء , وَعِنْد الطَّبَرَانِيّ " فَأَمَرَ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّل عَلَى دَار يُقَال لَهَا الزَّوْرَاء فَكَانَ يُؤَذَّنُ لَهُ عَلَيْهَا , فَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَر أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ الْأَوَّلَ , فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ الصَّلَاة " ( فَثَبَتَ الْأَمْر عَلَى ذَلِكَ ) : أَيْ الْأَذَان الثَّالِث الَّذِي هُوَ الْأَوَّل فِي الْوُجُود قَالَ فِي الْفَتْح : وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ النَّاس أَخَذُوا بِفِعْلِ عُثْمَان فِي جَمِيع الْبِلَاد إِذْ ذَاكَ لِكَوْنِهِ كَانَ خَلِيفَة مُطَاع الْأَمْر , لَكِنْ ذَكَرَ الْفَاكِهَانِيّ أَنَّ أَوَّل مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَان الْأَوَّل بِمَكَّة الْحَجَّاجُ وَبِالْبَصْرَةِ زِيَادٌ.
قَالَ الْحَافِظ : وَبَلَغَنِي أَنَّ أَهْل الْغَرْب الْأَدْنَى الْآن لَا تَأْذِين عِنْدهمْ سِوَى مَرَّة وَرَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق اِبْن عُمَر قَالَ " الْأَذَان الْأَوَّل يَوْم الْجُمُعَة بِدْعَة " فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الْإِنْكَار , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكُلّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنه يُسَمَّى بِدْعَة , وَتَبَيَّنَ بِمَا مَضَى أَنَّ عُثْمَان أَحْدَثَهُ لِإِعْلَامِ النَّاس بِدُخُولِ وَقْت الصَّلَاة قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّة الصَّلَوَات وَأَلْحَقَ الْجُمُعَة بِهَا وَأَبْقَى خُصُوصِيَّتهَا بِالْأَذَانِ بَيْن يَدَيْ الْخَطِيب , وَأَمَّا مَا أَحْدَثَ النَّاس قَبْل الْجُمُعَة مِنْ الدُّعَاء إِلَيْهَا بِالذِّكْرِ وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَهُوَ فِي بَعْض الْبِلَاد دُون بَعْض , وَاتِّبَاع السَّلَف الصَّالِح أَوْلَى.
كَذَا فِي الْفَتْحِ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.
( كَانَ يُؤَذَّن بَيْن يَدَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب : قَالَ الْفَرَّاء فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى { جَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْن يَدَيْهَا } يَعْنِي الْمِسْخَة جُعِلَت نَكَالًا لِمَا مَضَى مِنْ الذُّنُوب وَلِمَا تُعْمَل بَعْدهَا وَيُقَال بَيْن يَدَيْك كَذَا لِكُلِّ شَيْء أَمَامك , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ وَمِنْ خَلْفهمْ } وَقَالَ الزَّجَّاج فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا بِاَلَّذِي بَيْن يَدَيْهِ } أَرَادَ بِاَلَّذِي بَيْن يَدَيْهِ الْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة.
اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْخَفَاجِيّ فِي عِنَايَة الرَّاضِي : وَقِيلَ الَّذِي بَيْن يَدَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة , فَيَكُون بَيْن يَدَيْهِ عِبَارَة عَنْ الْمُسْتَقْبَل , فَإِنَّهُ يُرَاد بِهِ مَا مَضَى وَقَدْ يُرَاد بِهِ مَا سَيَأْتِي.
اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : يُقَال إِنَّ بَيْن يَدَيْ السَّاعَة أَهْوَالًا , أَيْ قُدَّامهَا.
اِنْتَهَى.
وَهَكَذَا فِي الْقَامُوسِ.
وَفِي تَفْسِير لُبَاب التَّأْوِيل لِلْخَازِنِ : لِمَا بَيْن يَدَيْهِ مِنْ مَجَاز الْكَلَام , وَذَلِكَ أَمَّا مَا بَيْن يَدَيْهِ فَهُوَ أَمَامه , فَقِيلَ لِكُلِّ شَيْء تَقَدَّمَ عَلَى الشَّيْء هُوَ بَيْن يَدَيْهِ لِغَايَةِ ظُهُوره وَاشْتِهَاره.
قَالَ أَبُو بَكْر بْن الْأَنْبَارِيّ : الْيَدَانِ تَسْتَعْمِلهُمَا الْعَرَب فِي الْمَجَاز عَلَى مَعْنَى التَّقْدِمَة , تَقُول هَذِهِ تَكُون فِي الْفِتَن بَيْن يَدَيْ السَّاعَة , يُرِيدُونَ قَبْل أَنْ تَقُوم السَّاعَة , تَشْبِيهًا وَتَمْثِيلًا بِمَا إِذَا كَانَتْ يَدَا الْإِنْسَان تَتَقَدَّمَانِهِ.
اِنْتَهَى.
قَالَ فِي الْمَدَارِك { مَا بَيْن أَيْدِينَا } أَيْ لَهُ مَا قُدَّامنَا.
وَقَالَ فِي الْجَلَالَيْنِ { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا } أَيْ أَمَامنَا.
وَهَذَا الْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بِلَفْظِ " إِنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى بَاب الْمَسْجِد ".
وَالْحَاصِل أَنَّ بَيْن يَدَيْهِ يُسْتَعْمَل لِكُلِّ شَيْء يَكُون قُدَّامه وَأَمَامه , سَوَاء كَانَ قَرِيبه أَوْ بَعِيده.
وَالْمَعْنَى أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّن قُدَّام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَامه إِذَا جَلَسَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة , لَكِنْ لَا يُؤَذِّن قُدَّامه عِنْد الْمِنْبَر مُتَّصِلًا بِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَف الْآن فِي أَكْثَر بِلَاد الْهِنْد إِلَّا مَا عَصَمَهُ اللَّه تَعَالَى , لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِع الْأَذَان وَتَفُوت مِنْهُ فَائِدَة الْأَذَان , بَلْ كَانَ يُؤَذِّن ( عَلَى بَاب الْمَسْجِد ) : وَهَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِمَا بَيْن يَدَيْ , لِأَنَّ بَيْن يَدَيْ بِمَعْنَى قُدَّام وَأَمَام وَهُمَا ظَرْفَانِ مُبْهَمَانِ.
قَالَ فِي الْقَامُوس : قُدَّام كَزُنَّارِ ضِدُّ الْوَرَاء وَالْأَمَام نَقِيض الْوَرَاء , كَقُدَّام يَكُون اِسْمًا ظَرْفًا.
اِنْتَهَى.
وَفَسَّرَ الْمُبْهَم مِنْ الْمَكَان بِالْجِهَاتِ السِّتّ وَهِيَ أَمَام وَخَلْف وَيَمِين وَشِمَال وَفَوْق وَتَحْت وَمَا فِي مَعْنَاهُ , فَإِنَّ أَمَام زَيْد مَثَلًا يَتَنَاوَل جَمِيع مَا يُقَابِل وَجْهه إِلَى اِنْقِطَاع الْأَرْض فَيَكُون مُبْهَمًا.
قَالَهُ الْجَامِيّ فِي شَرْح الْكَافِيَةِ.
وَقَالَ بَعْض مُحَشِّيه : وَالْمُبْهَم هُوَ الَّذِي لَا حَدَّ وَلَا نِهَايَة لَهُ اِنْتَهَى.
فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُرَاد بِقَوْلِهِ بَيْن يَدَيْهِ قُدَّام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد الْمِنْبَر بَلْ عَلَى بَاب الْمَسْجِد , وَيُؤَيِّدهُ مَا نَقَلَ حَافِظ الْمَغْرِب أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ عَنْ مَالِك بْن أَنَس الْإِمَام أَنَّ الْأَذَان بَيْن يَدَيْ الْإِمَام لَيس مِنْ الْأَمْر الْقَدِيم.
وَقَالَ الزُّرْقَانِيّ فِي شَرْح الْمَوَاهِب : قَالَ الشَّيْخ خَلِيل بْن إِسْحَاق فِي التَّوْضِيح شَرْح كِتَاب اِبْن الْحَاجِب : وَاخْتَلَفَ النَّقْل هَلْ كَانَ يُؤَذَّن بَيْن يَدَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَوْ عَلَى الْمَنَار , الَّذِي نَقَلَهُ أَصْحَابنَا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمَنَار , نَقَلَهُ عَبْد الرَّحْمَن بْنُ الْقَاسِم عَنْ مَالِك فِي الْمَجْمُوعَة كِتَاب لَهُ.
وَنَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرّ فِي كَافِيه - اِسْم كِتَاب لَهُ فِي الْفِقْه - عَنْ مَالِك أَنَّ الْأَذَان بَيْن يَدَيْ الْإِمَام لَيْسَ مِنْ الْأَمْر الْقَدِيم اِنْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمِرْقَاة : نَقَلَ بَعْض الْمَالِكِيَّة عَنْ اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك أَنَّهُ فِي زَمَنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَيْن يَدَيْهِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَة.
اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْإِمَام اِبْن الْحَاجّ مُحَمَّد الْمَالِكِيّ فِي كِتَاب الْمَدْخَل : إِنَّ السُّنَّة فِي أَذَان الْجُمُعَة إِذَا صَعِدَ الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر أَنْ يَكُون الْمُؤَذِّن عَلَى الْمَنَار , كَذَلِكَ كَانَ عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَة عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , وَكَانَ الْمُؤَذِّنُونَ ثَلَاثَة يُؤَذِّنُونَ وَاحِدًا بَعْد وَاحِد , ثُمَّ زَادَ عُثْمَان بْن عَفَّان أَذَانًا آخَر بِالزَّوْرَاءِ وَأَبْقَى الْأَذَان الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَنَار وَالْخَطِيب عَلَى الْمِنْبَر إِذْ ذَاكَ , ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا أَنْ تَوَلَّى هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك أَخَذَ الْأَذَان الَّذِي فَعَلَهُ عُثْمَان بِالزَّوْرَاءِ وَجَعَلَهُ عَلَى الْمَنَار , وَكَانَ الْمُؤَذِّن وَاحِدًا يُؤَذِّن عِنْد الزَّوَال , ثُمَّ نَقَلَ الْأَذَان الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَنَار حِين صُعُود الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَة عُثْمَان بَيْن يَدَيْهِ وَكَانُوا يُؤَذِّنُونَ ثَلَاثَة فَجَعَلَهُمْ يُؤَذِّنُونَ جَمَاعَة وَيَسْتَرِيحُونَ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : وَسُنَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى أَنْ تُتَّبَع , فَقَدْ بَانَ أَنَّ فِعْل ذَلِكَ فِي الْمَسْجِد بَيْن يَدَيْ الْخَطِيب بِدْعَة , وَأَنَّ أَذَانهمْ جَمَاعَة أَيْضًا بِدْعَة أُخْرَى , فَتَمَسَّكَ بَعْض النَّاس بِهَاتَيْنِ الْبِدْعَتَيْنِ وَهُمَا مِمَّا أَحْدَثَهُ هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك ثُمَّ تَطَاوَلَ الْأَمْر عَلَى ذَلِكَ حَتَّى صَارَ بَيْن النَّاس كَأَنَّهُ سُنَّة مَعْمُول بِهَا اِنْتَهَى كَلَامه.
وَمَا قَالَهُ اِبْن الْحَاجّ حَسَن جِدًّا غَيْر أَنِّي لَمْ أَقِف عَلَى نَقْل صَرِيح أَنَّ الْمُؤَذِّنِينَ كَانُوا ثَلَاثَة عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلّهمْ يُؤَذِّنُونَ يَوْم الْجُمُعَة وَاحِدًا بَعْد وَاحِد , بَلْ سَيَجِيءُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّن وَاحِد بِلَال وَاَللَّه أَعْلَم.
ثُمَّ قَالَ اِبْن الْحَاجّ فَصْل فِي النَّهْي عَنْ الْأَذَان فِي الْمَسْجِد , إِنَّ لِلْأَذَانِ ثَلَاثَة مَوَاضِع الْمَنَار وَعَلَى سَطْح الْمَسْجِد وَعَلَى بَابه , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيُمْنَع مِنْ الْأَذَان فِي جَوْف الْمَسْجِد لِوُجُوهٍ , أَحَدهَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْل مَنْ مَضَى , الثَّانِي أَنَّ الْأَذَان إِنَّمَا هُوَ نِدَاء لِلنَّاسِ لِيَأْتُوا إِلَى الْمَسْجِد وَمَنْ كَانَ فِيهِ فَلَا فَائِدَة لِنِدَائِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَحْصِيل حَاصِل , وَمَنْ كَانَ فِي بَيْته فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعهُ مِنْ الْمَسْجِد غَالِبًا , وَإِذَا كَانَ الْأَذَان فِي الْمَسْجِد عَلَى هَذِهِ الصِّفَة فَلَا فَائِدَة لَهُ , وَمَا لَيْسَ فِيهِ فَائِدَة يُمْنَعُ.
وَقَالَ فِي فَصْل مَوْضِع الْأَذَان : وَمِنْ السُّنَّة الْمَاضِيَة أَنْ يُؤَذِّن الْمُؤَذِّن عَلَى الْمَنَار فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى سَطْح الْمَسْجِد , فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى بَابه.
وَكَانَ الْمَنَار عِنْد السَّلَفِ بِنَاء يَبْنُونَهُ عَلَى سَطْح الْمَسْجِد اِنْتَهَى.
فَإِنْ قُلْت : قَالَ صَاحِب الْهِدَايَة : وَإِذَا صَعِدَ الْإِمَام الْمِنْبَر جَلَسَ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ بَيْن يَدَيْ الْمِنْبَر بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُث وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا هَذَا الْأَذَان اِنْتَهَى وَقَالَ الْعَلَّامَة الْعَيْنِيّ فِي الْبِنَايَة شَرْح الْهِدَايَة فِي تَفْسِير التَّوَارُث يَعْنِي هَكَذَا فَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَئِمَّة مِنْ بَعْده إِلَى يَوْمنَا هَذَا , وَلَفْظ التَّوَارُث إِنَّمَا يُسْتَعْمَل فِي أَمْر خَطَر وَشَرَف يُقَال تَوَارَثَ الْمَجْد كَابِرًا عَنْ كَابِر أَيْ كَبِيرًا عَنْ كَبِير فِي الْقَدْر وَالشَّرَف , وَقِيلَ هِيَ حِكَايَة الْعَدْل عَنْ الْعَدْل اِنْتَهَى.
قُلْت : هَذِهِ الْمَذْكُورَة عِبَارَة الْهِدَايَة وَهَكَذَا فِي عَامَّة كُتُب الْحَنَفِيَّة لَا اِخْتِلَافَ بَيْنهمْ.
وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْخَطِيب إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَر بِحَيْثُ يَكُون عَلَى الْمَنَارَة أَوْ الْمِئْذَنَة أَوْ عَلَى بَاب الْمَسْجِد أَوْ عَلَى السَّطْح وَيَكُون الْمُؤَذِّن قَرِيبًا مِنْ الْخَطِيب عِنْد الْمِنْبَر جَرَى التَّوَارُث.
وَأَنْتَ خَبِير أَنَّ الْفَقِيه الْإِمَام بُرْهَان الدِّين مُؤَلِّف الْهِدَايَة مِنْ الْأَئِمَّة الْكِبَار لَكِنْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى التَّوَارُث عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِنَقْلٍ صَرِيح إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَثْبُت قَطُّ فِيمَا أَعْلَم , بَلْ يُبْطِلُ دَعْوَى التَّوَارُث مَا نَقَلَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ عَنْ مَالِك الْإِمَام كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمَا وَقَعَ فِي تَفْسِير جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك عَنْ بُرْد بْن سِنَان عَنْ مَكْحُول عَنْ مُعَاذ أَنَّ عُمَر أَمَرَ مُؤَذِّنَيْنِ أَنْ يُؤَذِّنَا لِلنَّاسِ الْجُمُعَة خَارِجًا مِنْ الْمَسْجِد حَتَّى يَسْمَع النَّاس وَأَمَرَ أَنْ يُؤَذَّن بَيْن يَدَيْهِ كَمَا كَانَ فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر ثُمَّ قَالَ عُمَر نَحْنُ اِبْتَدَعْنَاهُ لِكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ فَضَعِيف جِدًّا قَالَ الْحَافِظ وَهَذَا الْأَثَر مُنْقَطِع بَيْن مَكْحُول وَمُعَاذ وَلَا يَثْبُت لِأَنَّ مُعَاذًا كَانَ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَة إِلَى الشَّام فِي أَوَّل مَا غَزَوْا الشَّام وَاسْتَمَرَّ إِلَى أَنْ مَاتَ بِالشَّامِ فِي طَاعُون عَمْوَاس , وَقَدْ تَوَارَدَتْ الرِّوَايَات أَنَّ عُثْمَان هُوَ الَّذِي زَادَهُ فَهُوَ الْمُعْتَمَد اِنْتَهَى.
وَجُوَيْبِر بْن سَعِيد الْمُفَسِّر صَاحِب الضَّحَّاك مَتْرُوك الْحَدِيث قَالَهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَالَ اِبْن مَعِين لَيْسَ بِشَيْءٍ , وَقَالَ الْجُوزَانِيّ لَا يُشْتَغَلُ بِهِ.
وَضَحَّاك بْن مُزَاحِم ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْن سَعِيد وَوَثَّقَهُ الْأَكْثَرُونَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَذَان يَوْم الْجُمُعَة الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى هُوَ الْأَذَان حِين صُعُود الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر لِمَا أَخْرَجَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَده مِنْ حَدِيث السَّائِب " كَانَ النِّدَاء الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي الْقُرْآن يَوْم الْجُمُعَة إِذَا جَلَسَ الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر وَحَتَّى خِلَافَة عُثْمَان فَلَمَّا كَثُرَ النَّاس زَادَ النِّدَاء الثَّالِث عَلَى الزَّوْرَاء " وَعِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه مِنْ رِوَايَة أَبِي عَامِر عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ السَّائِب " كَانَ اِبْتِدَاء النِّدَاء الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْقُرْآن يَوْم الْجُمُعَة " وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْد بْن حُمَيْدٍ كَمَا فِي الدُّرّ الْمَنْثُور.
وَحَدِيث أَذَانِ الْجُمُعَةِ رُوِيَ مِنْ حَدِيث السَّائِب بْن يَزِيد وَابْن عُمَر وَسَعِيد بْن حَاطِب.
أَمَّا حَدِيث السَّائِب فَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة إِلَّا مُسْلِمًا , وَأَيْضًا أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَإِسْحَاق مِنْ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدَيْهِمَا وَابْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَن وَالْمَعْرِفَة وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْن الْجَارُود فِي الْمُنْتَقَى , وَيَدُور إِسْنَاد حَدِيث السَّائِب عَلَى اِبْن شِهَاب الزُّهْرِيّ , وَرَوَى عَنْ الزُّهْرِيّ سَبْعَة أَنْفُس اِبْن أَبِي ذِئْب وَعَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي سَلَمَة الْمَاجِشُونِ وَعَقِيل بْن خَالِد وَيُونُس بْن يَزِيد وَصَالِح وَسُلَيْمَان التَّيْمِيُّ وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق لَكِنَّ هَؤُلَاءِ السَّبْعَة غَيْر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , مَا ذَكَرُوا فِي رِوَايَته مَوْضِع الْأَذَان , وَمَا قَالُوا لَفْظ بَيْن يَدَيْهِ وَلَا غَيْره مِنْ الْأَلْفَاظ الْمُخْبِرَة لِتَعَيُّنِ الْمَكَان.
نَعَمْ ذَكَرُوا وَقْت الْأَذَان وَهُوَ حِين جُلُوس الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر , وَأَمَّا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فَذَكَرَ فِي رِوَايَته مَوْضِع الْأَذَان وَهُوَ بَيْن يَدَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَاب الْمَسْجِد.
وَحَدِيث اِبْن عُمَر أَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ يَوْم الْجُمُعَة فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَر أَذَّنَ بِلَال " وَفِي إِسْنَاده مُصْعَب بْن سَلَامٍ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ كَذَا فِي التَّلْخِيص وَحَدِيث سَعِيد بْن حَاطِب أَخْرَجَهُ اِبْن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيق الْحَسَن بْن صَالِح الْأُتْرُجِّيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيد بْن حَاطِب قَالَ " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُج يَجْلِس عَلَى الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة ثُمَّ يُؤَذِّن الْمُؤَذِّن فَإِذَا فَرَغَ قَامَ يَخْطُب " كَذَا فِي الْإِصَابَة وَهَكَذَا فِي أُسْد الْغَابَة , فَلَيْسَ فِي الْبَاب أَيْ لِتَعْيِينِ مَكَان أَذَان الْجُمُعَة غَيْر حَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار هَذَا ثِقَة حُجَّة وَلَمْ يَثْبُت فِيهِ جَرْح وَمَا نُقِمَ عَلَيْهِ إِلَّا التَّدْلِيس , وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة قَدْ عَنْعَنَ لَكِنْ ثَبَتَ سَمَاع مُحَمَّد مِنْ إِسْحَاق عَنْ الزُّهْرِيّ فِي حَدِيث أَذَان الْجُمُعَة كَمَا أَخْرَجَ أَحْمَد فِي مُسْنَده حَدَّثَنَا يَعْقُوب حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ اِبْن إِسْحَاق قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد اللَّه الزُّهْرِيّ عَنْ السَّائِب بْن يَزِيد بْن أُخْت نَمِر قَالَ " لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّن وَاحِد فِي الصَّلَوَات كُلّهَا فِي الْجُمُعَة وَغَيْرهَا يُؤَذِّن وَيُقِيم قَالَ كَانَ بِلَال يُؤَذِّن إِذَا جَلَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة وَيُقِيم إِذَا نَزَلَ وَلِأَبِي بَكْر وَعُمَر حَتَّى كَانَ عُثْمَان " اِنْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظ اِبْن عَبْد الْبَرّ فِي التَّمْهِيد شَرْح الْمُوَطَّإِ بَعْد سَرْد الرِّوَايَات : وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ السَّائِب بْن يَزِيد قَالَ " كَانَ يُؤَذَّن بَيْن يَدَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة عَلَى بَاب الْمَسْجِد وَأَبِي بَكْر وَعُمَر " ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَة عَنْ اِبْن إِسْحَاق ثُمَّ سَاقَ حَدِيث يُونُس الَّذِي تَقَدَّمَ وَفِي حَدِيث اِبْن إِسْحَاق هَذَا مَعَ حَدِيث مَالِك وَيُونُس مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْأَذَان كَانَ بَيْن يَدَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّ الْأَذَان الثَّانِي عِنْد بَاب الْمَسْجِد وَالثَّالِث أَحْدَثَهُ عُثْمَان عَلَى الزَّوْرَاء اِنْتَهَى كَلَامه.
فَهَذَا اِبْن عَبْد الْبَرّ قَدْ قَيَّدَ الْأَذَان الَّذِي يَكُون بَيْن يَدَيْ الْإِمَام أَنْ يَكُون عِنْد بَاب الْمَسْجِد وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح , وَلَمْ يَثْبُت حَرْف وَاحِد فِي الْأَذَان مُسْتَقْبِل الْإِمَام مُحَاذِيًا بِهِ عِنْد الْمِنْبَر كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَف الْآن.
فَإِنْ قُلْت مَنْ أَذَّنَ فِي الْبَاب كَيْف يَكُون بَيْن يَدَيْ الْإِمَام وَمُسْتَقْبِله قُلْت : قَدْ عَرَفْت أَنَّ بَيْن يَدَيْ بِمَعْنَى أَمَام وَهُوَ يَتَنَاوَل جَمِيع مَا يُقَابِل وَجْهه إِلَى اِنْقِطَاع الْأَرْض , فَإِذَا أَذَّنَ الرَّجُل فِي بَاب الْمَسْجِد صَارَ أَمَام الْخَطِيب وَمُسْتَقْبِله لِأَنَّ بَاب الْمَسْجِد يَكُون غَالِبًا مُسْتَقْبِل الْمِنْبَر وَهَكَذَا حَال الْمَسَاجِد مِنْ خَيْر الْقُرُون إِلَى يَوْمنَا هَذَا.
أَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّف حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد عَنْ الْمُسْتَمِرّ بْن الرَّيَّان قَالَ " رَأَيْت أَنَسًا عِنْد الْبَاب الْأَوَّل يَوْم الْجُمُعَة قَدْ اِسْتَقْبَلَ الْمِنْبَر " هَذَا مُلَخَّص مِنْ غَايَة الْمَقْصُود وَالْمَطَالِب الرَّفِيعَة وَاللَّهُ أَعْلَم.
( إِلَّا مُؤَذِّن وَاحِد ) : فِيهِ أَنَّهُ قَدْ اِشْتَهَرَ أَنَّهُ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَة مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ مِنْهُمْ بِلَال وَابْن أُمّ مَكْتُوم وَسَعْد الْقُرَظ وَأَبُو مَحْذُورَة.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ فِي الْجُمُعَة وَفِي مَسْجِد الْمَدِينَة , وَلَمْ يُنْقَل أَنَّ اِبْن أُمّ مَكْتُوم كَانَ يُؤَذِّن يَوْم الْجُمُعَة , بَلْ الَّذِي وَرَدَ عَنْهُ التَّأْذِين يَوْم الْجُمُعَة بِلَال وَأَبُو مَحْذُورَة جَعَلَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنًا بِمَكَّة وَسَعْد جَعَلَهُ بِقُبَاءٍ ( ثُمَّ ذَكَرَ ) : مُحَمَّد بْن إِسْحَاق ( مَعْنَاهُ ) : أَيْ مَعْنَى حَدِيث يُونُس.
وَأَخْرَجَ اِبْن مَاجَهْ بِتَمَامِهِ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَلَفْظه " مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّن وَاحِد إِذَا خَرَجَ أَذَّنَ وَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَعُمَر كَذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَان وَكَثُرَ النَّاس زَادَ النِّدَاء الثَّالِث عَلَى دَار فِي السُّوق يُقَال لَهَا الزَّوْرَاء ".
( وَسَاقَ ) : أَيْ صَالِح الرَّاوِي عَنْ اِبْن شِهَاب ( هَذَا الْحَدِيث ) : مِثْل حَدِيث يُونُس ( وَ ) : لَكِنْ ( لَيْسَ ) : حَدِيث صَالِح ( بِتَمَامِهِ ) : أَيْ مَا سَاقَ صَالِح حَدِيثه بِالتَّمَامِ وَالْكَمَال كَمَا سَاقَ يُونُس عَنْ الزُّهْرِيّ وَأَخْرَجَ أَحْمَد مِنْ طَرِيق يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن إِسْحَاق أَتَمَّ مِنْ حَدِيث صَالِح وَتَقَدَّمَ آنِفًا.
وَأَخْرَجَ أَحْمَد أَيْضًا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن آدَم حَدَّثَنَا اِبْن إِدْرِيس وَأَبُو شِهَاب عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ السَّائِب بْن يَزِيد بْن أُخْت نَمِر قَالَ " مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّن وَاحِد يُؤَذِّنُ.
إِذَا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَر وَيُقِيم إِذَا نَزَلَ وَأَبُو بَكْر كَذَلِكَ وَعُمَر كَذَلِكَ ".
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَمَّا كَانَ خِلَافَةُ عُثْمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْأَذَانِ الثَّالِثِ فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ يُؤَذَّنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثُمَّ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ يُونُسَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ بِلَالٌ ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ ابْنَ أُخْتِ نَمِرٍ أَخْبَرَهُ قَالَ وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ
عن زيد بن وهب، قال: أتي ابن مسعود فقيل هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال عبد الله: «إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به»
عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: " يا عباس، يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل بك عشر خصال، إذا...
عن سلمة بن الأكوع، قال: «كان بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين الحائط كقدر ممر الشاة»
عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال مسدد - خطب يوم الفتح - ثم اتفقا - فقال: «ألا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية من دم أو مال تذكر...
عن الأشعث بن قيس، أن رجلا من كندة، ورجلا من حضرموت اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض من اليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله، إن أرضي اغتصبنيها...
عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه فإن الحياء من الإيمان»
عن محمد بن يحيى بن حبان، أن عبدا سرق وديا من حائط رجل، فغرسه في حائط سيده، فخرج صاحب الودي يلتمس وديه، فوجده، فاستعدى على العبد مروان بن الحكم، وهو أم...
عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فسلمت فرد وقال: «ادخل» فقلت: أكلي يا رسول الله؟ قال: «ك...
عن هشام بن زيد، قال: دخلت مع أنس، على الحكم بن أيوب فرأى فتيانا - أو غلمانا - قد نصبوا دجاجة يرمونها، فقال أنس: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ت...