حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه - سنن أبي داود

سنن أبي داود | كتاب الزكاة باب في حقوق المال (حديث رقم: 1658 )


1658- عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من صاحب كنز، لا يؤدي حقه، إلا جعله الله يوم القيامة يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره، حتى يقضي الله تعالى بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار، وما من صاحب غنم لا يؤدي حقها، إلا جاءت يوم القيامة أوفر ما كانت، فيبطح لها بقاع قرقر، فتنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، ليس فيها عقصاء، ولا جلحاء، كلما مضت أخراها، ردت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي حقها، إلا جاءت يوم القيامة أوفر ما كانت، فيبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه بأخفافها، كلما مضت عليه أخراها، ردت عليه أولاها، حتى يحكم الله تعالى بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» (1) 1659- عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، قال: في قصة الإبل بعد قوله «لا يؤدي حقها» قال: «ومن حقها حلبها يوم وردها» (2) 1660- عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو هذه القصة، فقال له: يعني لأبي هريرة، فما حق الإبل؟ قال: تعطي الكريمة، وتمنح الغزيرة، وتفقر الظهر، وتطرق الفحل، وتسقي اللبن (3) 1661- عن ابن جريج، قال: قال أبو الزبير: سمعت عبيد بن عمير، قال: قال رجل: يا رسول الله، ما حق الإبل؟ فذكر نحوه زاد «وإعارة دلوها» (4)

أخرجه أبو داوود


(١) إسناده صحيح.
حماد: هو ابن سلمة، وأبو صالح: هو ذكوان السمان وأخرجه مسلم بطوله (987) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرا بذكر الكنز النسائي في "الكبرى" (11557) من طريق معمر، عن سهيل، به.
بلفظ: "ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل له يوم القيامة شجاعا من نار، فيكوى بها جبهته وجبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس".
وأخرجه مسلم (987) من طريق بكير بن عبد الله، عن أبي صالح، به.
بنحو حديث سهيل عند المصنف.
وأخرجه مختصرا بذكر الكنز البخاري (1403)، والنسائي في "الكبرى" (2273) من طريق عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، به.
إلا أنه قال في روايته: "من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته، مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني بشدقيه - ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك".
وأخرجه نحوه مختصرا البخاري (6958) من طريق همام بن منبه، وابن ماجه (1786) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب، كلاهما عن أبي هريرة، به.
ولفظهما في الكنز بنحو لفظ عبد الله بن دينار عن أبي صالح.
وأخرجه البخاري (1402)، والنسائي في "الكبرى" (2240) من طريق عبد الرحمن ابن هرمز، عن أبي هريرة، به.
ورواية البخاري ليس فيها ذكر الكنز.
ولفظ رواية النسائي في الكنز كرواية عبد الله بن دينار، عن أبي صالح.
وهو في "مسند أحمد" (7563)، و"صحيح ابن حبان" (3253) و (3254).
وانظر ما سيأتي برقم (1659) و (1660).
القاع: الأرض الواسعة.
قر قر: أملس.
والأظلاف: جمع ظلف وهو للبقر والغنم بمنزلة الحافر للفرس، والعقصاء: ملتوية القرن، والجلحاء: التي لا قرن لها.
(٢)حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
هشام بن سعد حديثه حسن في المتابعات والشواهد، وقد توبع.
وأخرجه مسلم بتمامه (٩٨٧) من طريق هشام بن سعد، و (٩٨٧) من طريق حفص بن ميسرة، كلاهما عن زيد بن أسلم، به.
وأخرج البخاري (٢٣٧٨) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة، به.
رفعه: "من حق الإبل أن تحلب على الماء".
وانظر ما قبله.
قال الطيبي: ومعنى حلبها يوم وردها: أن يسقي ألبانها المارة، وهذا مثل نهيه عليه الصلاة والسلام عن الجذاذ بالليل أراد أن يصرم بالنهار ليحضرها الفقراء.
وقال ابن عبد الملك: وحصر يوم الورد لاجتماعهم غالبا على المياه، وهذا على سبيل الاستحباب.
وقال ابن حزم في "المحلى" ٦/ ٥٠: وفرض على كل ذي إبل وبقر وغنم أن يحلبها يوم وردها على الماء، ويتصدق من لبنها بما طابت به نفسه.
قال شعيب: وأهل القرى في دمشق بارك الله فيهم الذين عندهم البقر يوزع غالبهم الحليب يوم الجمعة على الفقراء حسبة لله، وقد كانوا يفعلون ذلك إذ كنت فيهم قبل ربع قرن، وأظنهم لا يزالون يقومون بذلك إلى يومنا هذا لما أعلم فيهم من الكرم وحب الخير، والبر بالفقراء والمساكين.
(٣)حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عمر - ويقال: عمرو - الغداني.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (٢٢٣٤) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (١٠٣٥١).
وقول أبي هريرة آخر الحديث أخرجه ابن أبي شيبة ٧/ ٣٣ عن وكيع عن عكرمة ابن عمار، عن علقمة بن الزبرقان - وهو علقمة بن بجالة بن الزبرقان - قال: قلت لأبي هريرة: ما حق الإبل .
وعلقمة هذا ذكره ابن حبان في "الثقات"، وفي "مشاهير علماء الأمصار" وقال: كان ثبتا.
وانظر سابقيه.
الغزيرة: الكثيرة اللبن، والمنيحة: الشاة اللبون، أو الناقة ذات الدر تعار لدرها، فإذا حلبت ردت إلى صاحبها، وإفقار الظهر: إعارته للركوب، يقال: أفقرت الرجل بعيري: إذا أعرته ظهره يركبه، ويبلغ عليه حاجته، وإطراق الفحل: إعارته للضرب لا يمنعه إذا طلبه، ولا يأخذ عليه أجرة.
(٤) إسناده مرسل صحيح.
أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس.
وأخرجه مسلم (٩٨٨) من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (١٤٤٤٢).
وأخرجه مسلم (٩٨٨)، والنسائي في "الكبرى" (٢٢٤٦) من طريق عبد الملك ابن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن جابر.
فوصله.
وأخرجه الطحاوي في "أحكام القرآن" (٦٤٠)، وفي "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٧ من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر فوصله أيضا.

شرح حديث (ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( قَالَ : مَا مِنْ صَاحِب كَنْز لَا يُؤَدِّي حَقّه ) ‏ ‏: قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْمُرَاد بِالْكَنْزِ الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن وَفِي الْحَدِيث.
فَقَالَ أَكْثَرهمْ : هُوَ كُلّ مَال وَجَبَتْ فِيهِ صَدَقَة الزَّكَاة فَلَمْ تُؤَدَّ , فَأَمَّا مَال خَرَجَتْ زَكَاته فَلَيْسَ بِكَنْزٍ , وَاتَّفَقَ أَئِمَّة الْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْل لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ لَا تُؤَدَّى زَكَاته وَفِي صَحِيح مُسْلِم : مَنْ كَانَ عِنْده مَال لَمْ يُؤَدِّ زَكَاته مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أَقْرَع , وَفِي آخِره فَيَقُول أَنَا كَنْزك.
وَفِي لَفْظ لِمُسْلِمٍ بَدَل قَوْله مَا مِنْ صَاحِب كَنْز لَا يُؤَدِّي زَكَاته مَا مِنْ صَاحِب ذَهَبَ وَلَا فِضَّة لَا يُؤَدِّي مِنْهُمَا حَقّهمَا ‏ ‏( يُحْمَى عَلَيْهَا ) ‏ ‏: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول وَالْجَارّ وَالْمَجْرُور نَائِب الْفَاعِل أَيْ يُوقِد عَلَيْهَا ذَات حُمَّى وَحَرّ شَدِيد مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى { نَارٌ حَامِيَةً } فَفِيهِ مُبَالَغَة لَيْسَتْ فِي أُحْمِيت فِي نَار , وَالضَّمِير فِي عَلَيْهَا رَاجَعَ إِلَى الْكَنْز لِكَوْنِهِ عِبَارَة عَنْ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير ‏ ‏( فِي نَار جَهَنَّم ) ‏ ‏: يَشْتَدّ حَرّهَا ‏ ‏( فَتُكْوَى بِهَا ) ‏ ‏: أَيْ بِتِلْكَ الدَّرَاهِم ‏ ‏( جَبْهَته وَجَنْبه وَظَهْره ) ‏ ‏: قِيلَ لِأَنَّهَا أَشْرَفَ الْأَعْضَاء الظَّاهِرَة لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْأَعْضَاء الرَّئِيسِيَّة الَّتِي هِيَ الدِّمَاغ وَالْقَلْب وَالْكَبِد ‏ ‏( حَتَّى يَقْضِي اللَّه ) ‏ ‏: أَيْ يَحْكُم ‏ ‏( فِي يَوْم ) ‏ ‏: هُوَ يَوْم الْقِيَامَة ‏ ‏( كَانَ مِقْدَاره إِلَخْ ) ‏ ‏: أَيْ عَلَى الْكَافِرِينَ , وَيَطُول عَلَى بَقِيَّة الْعَاصِينَ بِقَدْرِ ذُنُوبهمْ , وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ الْكَامِلُونَ فَلَا يَطُول عَلَيْهِمْ.
قَالَ اللَّه تَعَالَى { يَوْمٌ عَسِيرٍ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } ‏ ‏( ثُمَّ يُرَى ) ‏ ‏: عَلَى صِيغَة الْمَجْهُول مِنْ الرُّؤْيَة أَوْ الْإِرَاءَةِ ‏ ‏( سَبِيله ) ‏ ‏: مَرْفُوع عَلَى الْأَوَّل وَمَنْصُوب بِالْمَفْعُولِ الثَّانِي عَلَى الثَّانِي.
قَالَ النَّوَوِيّ رَحِمه اللَّه : ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْحهَا وَبِرَفْعِ لَام سَبِيله وَنَصْبهَا.
وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ مَسْلُوب الِاخْتِيَار يَوْمئِذٍ مَقْهُور لَا يَقْدِر أَنْ يَرُوح إِلَى النَّار فَضْلًا عَنْ الْجَنَّة حَتَّى يُعَيَّن لَهُ أَحَد السَّبِيلَيْنِ ‏ ‏( إِمَّا إِلَى الْجَنَّة ) ‏ ‏: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَنْب سِوَاهُ وَكَانَ الْعَذَاب تَكْفِيرًا لَهُ ‏ ‏( وَإِمَّا إِلَى النَّار ) ‏ ‏: إِنْ كَانَ عَلَى خِلَاف ذَلِكَ.
وَفِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ يَقُول إِنَّ الْآيَة مُخْتَصَّة بِأَهْلِ الْكِتَاب لِأَنَّ الْعِبْرَة بِعُمُومِ اللَّفْظ لَا بِخُصُوصِ السَّبَب , مَعَ أَنَّهُ لَا دَلَالَة فِي الْحَدِيث عَلَى خُلُودِهِ فِي النَّار.
وَقِيلَ فِي تَوْجِيهه إِمَّا إِلَى الْجَنَّة إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِأَنْ لَمْ يَسْتَحِلّ تَرْك الزَّكَاة , وَإِمَّا إِلَى النَّار إِنْ كَانَ كَافِرًا بِأَنْ اِسْتَحَلَّ تَرْكهَا ‏ ‏( أَوْفَر مَا كَانَتْ ) ‏ ‏: أَيْ أَكْثَر عَدَدًا وَأَعْظَم سِمَنًا وَأَقْوَى قُوَّة , يُرِيد بِهِ كَمَال حَال الْغَنَم الَّتِي وَطِئَتْ صَاحِبهَا فِي الْقُوَّة وَالسِّمَن لِيَكُونَ أَثْقَل لِوَطْئِهَا ‏ ‏( فَيُبْطَح ) ‏ ‏: أَيْ يُلْقَى ذَلِكَ الصَّاحِب عَلَى وَجْهه ‏ ‏( لَهَا ) ‏ ‏: أَيْ لِتِلْكَ الْغَنَم ‏ ‏( بِقَاعٍ قَرْقَر ) ‏ ‏: فِي النِّهَايَة : الْقَاع الْمَكَان الْمُسْتَوِي الْوَاسِع , وَالْقَرْقَر الْمَكَان الْمُسْتَوِي فَيَكُون صِفَة مُؤَكَّدَة , وَقِيلَ الْأَمْلَس الْمُسْتَوِي مِنْ الْأَرْض ‏ ‏( فَتَنْطَحهُ ) ‏ ‏: بِفَتْحِ الطَّاء وَتُكْسَر فِي الْقَامُوس : نَطَحَهُ كَمَنَعَهُ وَضَرَبَهُ أَصَابَهُ بِقَرْنِهِ ‏ ‏( بِقُرُونِهَا ) ‏ ‏: إِمَّا تَأْكِيد وَإِمَّا تَجْرِيد ‏ ‏( بِأَظْلَافِهَا ) ‏ ‏: جَمْع ظِلْف وَهُوَ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَم بِمَنْزِلَةِ الْحَافِر لِلْفَرَسِ ‏ ‏( عَقْصَاء ) ‏ ‏: بِفَتْحِ الْعَيْن وَسُكُون الْقَاف أَيْ الْمُلْتَوِيَة الْقُرُون ‏ ‏( وَلَا جَلْحَاء ) ‏ ‏: بِجِيمٍ مَفْتُوحَة ثُمَّ لَام سَاكِنَة ثُمَّ حَاء مُهْمَلَة الَّتِي لَا قَرْن لَهَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَإِنَّمَا اِشْتَرَطَ نَفْي الْعَقْص وَالِالْتِوَاء فِي قُرُونهَا لِيَكُونَ أَنْكَى لَهَا وَأَدْنَى أَنْ تَحُوز فِي النُّطُوحِ ‏ ‏( بِأَخْفَافِهَا ) ‏ ‏: أَيْ بِأَرْجُلِهَا.
وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى وُجُوب الزَّكَاة فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْإِبِل وَالْغَنَم.
وَقَدْ زَادَ مُسْلِم فِي هَذَا الْحَدِيث : وَلَا صَاحِب بَقَر إِلَخْ.
قَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ أَصَحّ حَدِيث وَرَدَ فِي زَكَاة الْبَقَر.
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَة عَلَى وُجُوب الزَّكَاة فِي الْخَيْل لِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ عِنْد ذِكْر الْخَيْل ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقّ اللَّه فِي ظُهُورهَا وَلَا رِقَابهَا.
وَتَأَوَّلَ الْجُمْهُور هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْمُرَاد يُجَاهِد بِهَا , وَقِيلَ الْمُرَاد بِالْحَقِّ فِي رِقَابهَا الْإِحْسَان إِلَيْهَا وَالْقِيَام بِعَلْفِهَا وَسَائِر مُؤَنهَا , وَالْمُرَاد بِظُهُورِهَا إِطْرَاق فَحْلهَا إِذَا طُلِبَتْ عَارِيَته وَقِيلَ الْمُرَاد حَقّ اللَّه مِمَّا يَكْسِبهُ مِنْ مَال الْعَدُوّ عَلَى ظُهُورهَا وَهُوَ خُمُس الْغَنِيمَة.
‏ ‏( نَحْوه ) ‏ ‏: أَيْ نَحْو حَدِيث سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح ‏ ‏( قَالَ ) ‏ ‏: أَيْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِح ‏ ‏( فِي قِصَّة الْإِبِل ) ‏ ‏: وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ مُسْلِم بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَلَفْظه : قِيلَ يَا رَسُول اللَّه فَالْإِبِل ؟ قَالَ : وَلَا صَاحِب الْإِبِل لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقّهَا وَمِنْ حَقّهَا حَلْبهَا يَوْم وِرْدهَا الْحَدِيث ‏ ‏( حَلَبهَا ) ‏ ‏: قَالَ النَّوَوِيّ : بِفَتْحِ اللَّام هِيَ اللُّغَة الْمَشْهُورَة وَحُكِيَ سُكُونهَا وَهُوَ غَرِيب ضَعِيف وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاس ‏ ‏( يَوْم وِرْدهَا ) ‏ ‏: بِكَسْرِ الْوَاو الْمَاء الَّذِي تَرِد عَلَيْهِ.
‏ ‏قَالَ النَّوَوِيّ : قِيلَ الْوِرْد الْإِتْيَان إِلَى الْمَاء وَنَوْبَة الْإِتْيَان إِلَى الْمَاء , فَإِنَّ الْإِبِل تَأْتِي الْمَاء فِي كُلّ ثَلَاثَة أَوْ أَرْبَعَة وَرُبَّمَا تَأْتِي فِي ثَمَانِيَة.
قَالَ الطِّيبِيُّ : وَمَعْنَى حَلْبهَا يَوْم وِرْدهَا أَنْ يُسْقَى أَلْبَانهَا الْمَارَّة وَهَذَا مِثْل نَهْيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَنْ الْجُذَاذ بِاللَّيْلِ أَرَادَ أَنْ يُصْرَم بِالنَّهَارِ لِيَحْضُرهَا الْفُقَرَاء.
وَقَالَ اِبْن الْمَلِك : وَحَصَرَ يَوْم الْوِرْد لِاجْتِمَاعِهِمْ غَالِبًا عَلَى الْمِيَاه وَهَذَا عَلَى سَبِيل الِاسْتِحْبَاب.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَمِنْ حَقّهَا أَنْ يَحْلُبهَا فِي يَوْم شُرْبهَا الْمَاء دُون غَيْره , لِئَلَّا يَلْحَقهَا مَشَقَّة الْعَطَش وَمَشَقَّة الْحَلْب.
وَاعْلَمْ أَنَّ ذِكْره وَقَعَ اِسْتِطْرَادًا وَبَيَانًا لِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِي بِهِ مَنْ لَهُ مُرُوءَة لَا لِكَوْنِ التَّعْذِيب يَتَرَتَّب عَلَيْهِ أَيْضًا لِمَا هُوَ مُقَرَّر مِنْ أَنَّ الْعَذَاب لَا يَكُون إِلَّا عَلَى تَرْك وَاجِب أَوْ فِعْل مُحَرَّم اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُحْمَل عَلَى وَقْت الْقَحْط أَوْ حَالَة الِاضْطِرَار.
‏ ‏وَقِيلَ يُحْتَمَل أَنَّ التَّعْذِيب عَلَيْهِمَا مَعًا تَغْلِيظ.
قَالَهُ عَلِيّ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاة.
‏ ‏( عَنْ أَبِي عُمَر الْغُدَانِيّ ) ‏ ‏: قَالَ فِي التَّقْرِيب : أَبُو عُمَر وَيُقَال أَبُو عَمْرٍو الْغُدَانِيّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الدَّال الْبَصْرِيّ مَقْبُول وَوَهَمَ مَنْ قَالَ اِسْمه يَحْيَى بْن عُبَيْد اِنْتَهَى.
‏ ‏وَالْغُدَانِيّ نِسْبَة إِلَى غُدَانَة بْن يَرْبُوع كَذَا فِي الْمُغْنِي : قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ مُخْتَصَرًا بِنَحْوِهِ مِنْ حَدِيث الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ‏ ‏( قَالَ تُعْطِي الْكَرِيمَةَ ) ‏ ‏: أَيْ النَّفِيسَة ‏ ‏( وَتَمْنَحُ الْغَزِيرَةَ ) ‏ ‏: بِتَقْدِيمِ الْمُعْجَمَة عَلَى الْمُهْمَلَة أَيْ الْكَثِيرَة اللَّبَن وَالْمَنِيحَة الشَّاة اللَّبُون أَوْ النَّاقَة ذَات الدَّرّ تُعَار لِدَرِّهَا فَإِذَا حُلِبَتْ رُدَّتْ إِلَى أَهْلهَا ‏ ‏( تُفْقِر الظَّهْر ) ‏ ‏: بِضَمِّ أَوَّله أَيْ تُعِيرهُ لِلرُّكُوبِ يُقَال أَفْقَرْت الرَّجُل بَعِيره يُفْقِرهُ إِفْقَارًا إِذَا أَعَرْته إِيَّاهُ لِيَرْكَبهُ وَيَبْلُغ عَلَيْهِ حَاجَته.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِفْقَار الظَّهْر إِعَارَته لِلرُّكُوبِ يُقَال أَفْقَرْت الرَّجُل بَعِيرِي إِذَا أَعَرْته ظَهْره لِيَرْكَبهُ وَيَبْلُغ حَاجَته ‏ ‏( وَتَطْرِق الْفَحْل ) ‏ ‏: أَيْ تُعِيرهُ لِلضِّرَابِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَإِطْرَاق الْفَحْل عَارِيَته لِلضِّرَابِ لَا يَمْنَعهُ إذ طَلَبه وَلَا يَأْخُذ عَلَيْهِ أَجْرًا , وَيُقَال طَرَقَ الْفَحْل النَّاقَة فَهِيَ مَطْرُوقَة وَهِيَ طَرُوقَة الْفَحْل إِذَا حَانَ لَهَا أَنْ تُطْرَق اِنْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
‏ ‏( وَإِعَارَة دَلْوهَا ) ‏ ‏: أَيْ ضَرْعهَا.
وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه ثُمَّ قَالَ وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْر سَمِعْت عُبَيْد بْن عُمَيْر يَقُول هَذَا الْقَوْل ثُمَّ سَأَلْنَا جَابِر بْن عَبْد اللَّه عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْل قَوْل عُبَيْد بْن عُمَيْر اِنْتَهَى مِنْ صَحِيح مُسْلِم.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَهَذَا مُرْسَل عُبَيْد بْن عُمَيْر وُلِدَ فِي زَمَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ رَأَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَغَيْره مَعْدُود فِي كِبَار التَّابِعِينَ وَلِأَبِيهِ صُحْبَة.


حديث ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعله الله يوم القيامة يحمى عليها في

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حَمَّادٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏مَا مِنْ صَاحِبِ ‏ ‏كَنْزٍ ‏ ‏لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏ ‏يُحْمَى ‏ ‏عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جَبْهَتُهُ وَجَنْبُهُ وَظَهْرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ وَمَا مِنْ صَاحِبِ غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏ ‏أَوْفَرَ ‏ ‏مَا كَانَتْ ‏ ‏فَيُبْطَحُ ‏ ‏لَهَا ‏ ‏بِقَاعٍ ‏ ‏قَرْقَرٍ ‏ ‏فَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ ‏ ‏بِأَظْلَافِهَا ‏ ‏لَيْسَ فِيهَا ‏ ‏عَقْصَاءُ ‏ ‏وَلَا ‏ ‏جَلْحَاءُ ‏ ‏كُلَّمَا مَضَتْ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏ ‏أَوْفَرَ ‏ ‏مَا كَانَتْ ‏ ‏فَيُبْطَحُ ‏ ‏لَهَا ‏ ‏بِقَاعٍ ‏ ‏قَرْقَرٍ ‏ ‏فَتَطَؤُهُ ‏ ‏بِأَخْفَافِهَا ‏ ‏كُلَّمَا مَضَتْ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي صَالِحٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَحْوَهُ قَالَ فِي قِصَّةِ الْإِبِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا قَالَ وَمِنْ حَقِّهَا ‏ ‏حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏شُعْبَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي عُمَرَ الْغُدَانِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ لَهُ ‏ ‏يَعْنِي ‏ ‏لِأَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏فَمَا حَقُّ الْإِبِلِ قَالَ ‏ ‏تُعْطِي الْكَرِيمَةَ ‏ ‏وَتَمْنَحُ ‏ ‏الْغَزِيرَةَ ‏ ‏وَتُفْقِرُ ‏ ‏الظَّهْرَ ‏ ‏وَتُطْرِقُ الْفَحْلَ ‏ ‏وَتَسْقِي اللَّبَنَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو عَاصِمٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ جُرَيْجٍ ‏ ‏قَالَ قَالَ ‏ ‏أَبُو الزُّبَيْرِ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏رَجُلٌ ‏ ‏يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الْإِبِلِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ زَادَ وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن أبي داود

أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر

عن جابر بن عبد الله، «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر، بقنو يعلق في المسجد للمساكين»

من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له

عن أبي سعيد الخدري، قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، إذ جاء رجل على ناقة له، فجعل يصرفها يمينا وشمالا، فقال رسول الله صلى الله ع...

إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالك...

عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: {والذين يكنزون الذهب والفضة} [التوبة: 34]، قال: كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر رضي الله عنه: أنا أفرج عنكم، فان...

للسائل حق وإن جاء على فرس

عن حسين بن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للسائل حق، وإن جاء على فرس» (1) 1666- حدثنا زهير، عن شيخ - قال: رأيت سفيان عنده - عن فاطمة...

إن لم تجدي له شيئا تعطينه إياه إلا ظلفا محرقا

عن عبد الرحمن بن بجيد، عن جدته أم بجيد، وكانت ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنها قالت له: يا رسول الله صلى الله عليك، المسكين ليقوم على بابي،...

إن أمي قدمت علي وهي راغمة مشركة أفأصلها

عن أسماء، قالت: قدمت علي أمي راغبة في عهد قريش وهي راغمة مشركة، فقلت: يا رسول الله، إن أمي قدمت علي، وهي راغمة مشركة، أفأصلها؟ قال: «نعم، فصلي أمك»

أن تفعل الخير خير لك

عن سيار بن منظور، رجل من بني فزارة، عن أبيه، عن امرأة يقال لها: بهيسة، عن أبيها، قالت: استأذن أبي النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل بينه وبين قميصه، فجعل...

هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا

عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟»، فقال أبو بكر رضي الله عنه: دخلت المسجد، فإذا أنا بس...

لا يسأل بوجه الله إلا الجنة

عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يسأل بوجه الله، إلا الجنة»