حديث الرسول ﷺ الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الإيمان باب: اتباع الجنائز من الإيمان (حديث رقم: 47 )


47- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اتبع جنازة مسلم، إيمانا واحتسابا، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط» تابعه عثمان المؤذن، قال: حدثنا عوف، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه



(إيمانا واحتسابا) مؤمنا لا يقصد مكافأة ولا مجاملة.
(قيراطين) مثنى قيراط وهو اسم لمقدار يقع على القليل والكثير وقد يقال لجزء من الشيء

شرح حديث (من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

رِجَال إِسْنَاد هَذَا الْحَدِيث كُلّهمْ مَدَنِيُّونَ , وَمَالِك وَالِد أَبِي سُهَيْل هُوَ اِبْن أَبِي عَامِر الْأَصْبَحِيّ حَلِيف طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه , وَإِسْمَاعِيل هُوَ اِبْن أَبِي أُوَيْس اِبْن أُخْت الْإِمَام مَالِك , فَهُوَ مِنْ رِوَايَة إِسْمَاعِيل عَنْ خَاله عَنْ عَمّه عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَلِيفه , فَهُوَ مُسَلْسَل بِالْأَقَارِبِ كَمَا هُوَ مُسَلْسَل بِالْبَلَدِ.
‏ ‏قَوْله : ( جَاءَ رَجُل ) ‏ ‏زَادَ أَبُو ذَرّ " مِنْ أَهْل نَجْد " وَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ وَمُسْلِم.
‏ ‏قَوْله : ( ثَائِر الرَّأْس ) ‏ ‏هُوَ مَرْفُوع عَلَى الصِّفَة , وَيَجُوز نَصْبه عَلَى الْحَال , وَالْمُرَاد أَنَّ شَعْره مُتَفَرِّق مِنْ تَرْك الرَّفَاهِيَة , فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى قُرْب عَهْده بِالْوِفَادَةِ , وَأَوْقَعَ اِسْم الرَّأْس عَلَى الشَّعْر إِمَّا مُبَالَغَة أَوْ لِأَنَّ الشَّعْر مِنْهُ يَنْبُت.
‏ ‏قَوْله : ( يُسْمَع ) ‏ ‏بِضَمِّ الْيَاء عَلَى الْبِنَاء لِلْمَفْعُولِ , أَوْ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَة لِلْجَمْعِ , وَكَذَا فِي " يُفْقَه ".
‏ ‏قَوْله ( دَوِيّ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الدَّالّ وَكَسْر الْوَاو وَتَشْدِيد الْيَاء , كَذَا فِي رِوَايَتنَا.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : جَاءَ عِنْدنَا فِي الْبُخَارِيّ بِضَمِّ الدَّال.
قَالَ : وَالصَّوَاب الْفَتْح.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الدَّوِيّ صَوْت مُرْتَفِع مُتَكَرِّر وَلَا يُفْهَم.
وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَادَى مِنْ بُعْد.
وَهَذَا الرَّجُل جَزَمَ اِبْن بَطَّال وَآخَرُونَ بِأَنَّهُ ضِمَام بْن ثَعْلَبَة وَافِد بَنِي سَعْد بْن بَكْر.
وَالْحَامِل لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إِيرَاد مُسْلِم لِقِصَّتِهِ عَقِب حَدِيث طَلْحَة ; وَلِأَنَّ فِي كُلّ مِنْهُمَا أَنَّهُ بَدْوِيّ , وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ فِي آخِر حَدِيثه " لَا أَزِيد عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُص ".
لَكِنْ تَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيّ بِأَنَّ سِيَاقهمَا مُخْتَلِف , وَأَسْئِلَتهمَا مُتَبَايِنَة , قَالَ : وَدَعْوَى أَنَّهُمَا قِصَّة وَاحِدَة دَعْوَى فَرَط , وَتَكَلُّف شَطَط , مِنْ غَيْر ضَرُورَة.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَوَّاهُ بَعْضهمْ بِأَنَّ اِبْن سَعْد وَابْن عَبْد الْبَرّ وَجَمَاعَة لَمْ يَذْكُرُوا لِضِمَام إِلَّا الْأَوَّل , وَهَذَا غَيْر لَازِم.
‏ ‏قَوْله : ( فَإِذَا هُوَ يَسْأَل عَنْ الْإِسْلَام ) ‏ ‏أَيْ : عَنْ شَرَائِع الْإِسْلَام , وَيَحْتَمِل أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَقِيقَة الْإِسْلَام , وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُر لَهُ الشَّهَادَة لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمهَا أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْأَل عَنْ الشَّرَائِع الْفِعْلِيَّة , أَوْ ذَكَرَهَا وَلَمْ يَنْقُلهَا الرَّاوِي لِشُهْرَتِهَا , وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُر الْحَجّ إِمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فُرِضَ بَعْد أَوْ الرَّاوِي اِخْتَصَرَهُ , وَيُؤَيِّد هَذَا الثَّانِي مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي الصِّيَام مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر عَنْ أَبِي سُهَيْل فِي هَذَا الْحَدِيث قَالَ : فَأَخْبَرَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَائِع الْإِسْلَام , فَدَخَلَ فِيهِ بَاقِي الْمَفْرُوضَات بَلْ وَالْمَنْدُوبَات.
‏ ‏قَوْله : ( خَمْس صَلَوَات ) ‏ ‏فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الْمَذْكُورَة أَنَّهُ قَالَ فِي سُؤَاله : أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّه عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاة ؟ فَقَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس.
فَتَبَيَّنَ بِهَذَا مُطَابَقَة الْجَوَاب لِلسُّؤَالِ.
وَيُسْتَفَاد مِنْ سِيَاق مَالِك أَنَّهُ لَا يَجِب شَيْء مِنْ الصَّلَوَات فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة غَيْر الْخَمْس , خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ الْوِتْر أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْر أَوْ صَلَاة الضُّحَى أَوْ صَلَاة الْعِيد أَوْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْد الْمَغْرِب.
‏ ‏قَوْله : ( هَلْ عَلَيَّ غَيْرهَا ؟ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع ) ‏ ‏تَطَّوَّع بِتَشْدِيدِ الطَّاء وَالْوَاو , وَأَصْله تَتَطَوَّع بِتَاءَيْنِ فَأُدْغِمَتْ إِحْدَاهُمَا , وَيَجُوز تَخْفِيف الطَّاء عَلَى حَذْف إِحْدَاهُمَا.
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الشُّرُوع فِي التَّطَوُّع يُوجِب إِتْمَامه تَمَسُّكًا بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاء فِيهِ مُتَّصِل , قَالَ الْقُرْطُبِيّ : لِأَنَّهُ نَفْي وُجُوب شَيْء آخَر إِلَّا مَا تَطَوَّعَ بِهِ , وَالِاسْتِثْنَاء مِنْ النَّفْي إِثْبَات , وَلَا قَائِل بِوُجُوبِ التَّطَوُّع , فَيَتَعَيَّن أَنْ يَكُون الْمُرَاد إِلَّا أَنْ تَشْرَع فِي تَطَوُّع فَيَلْزَمك إِتْمَامه.
وَتَعَقَّبَهُ الطِّيبِيّ بِأَنَّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ مُغَالَطَة ; لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاء هُنَا مِنْ غَيْر الْجِنْس ; لِأَنَّ التَّطَوُّع لَا يُقَال فِيهِ " عَلَيْك " فَكَأَنَّهُ قَالَ : لَا يَجِب عَلَيْك شَيْء , إِلَّا إِنْ أَرَدْت أَنْ تَطَّوَّع فَذَلِكَ لَك.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ التَّطَوُّع لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
فَلَا يَجِب شَيْء آخَر أَصْلًا.
كَذَا قَالَ.
وَحَرْف الْمَسْأَلَة دَائِر عَلَى الِاسْتِثْنَاء , فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ مُتَّصِل تَمَسَّكَ بِالْأَصْلِ , وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ مُنْقَطِع اِحْتَاجَ إِلَى دَلِيل , وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْره أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْيَانًا يَنْوِي صَوْم التَّطَوُّع ثُمَّ يُفْطِر , وَفِي الْبُخَارِيّ أَنَّهُ أَمَرَ جُوَيْرِيَة بِنْت الْحَارِث أَنْ تُفْطِر يَوْم الْجُمُعَة بَعْد أَنْ شَرَعَتْ فِيهِ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّرُوع فِي الْعِبَادَة لَا يَسْتَلْزِم الْإِتْمَام - إِذَا كَانَتْ نَافِلَة - بِهَذَا النَّصّ فِي الصَّوْم وَالْقِيَاس فِي الْبَاقِي.
فَإِنْ قِيلَ : يَرِد الْحَجّ , قُلْنَا : لَا ; لِأَنَّهُ اِمْتَازَ عَنْ غَيْره بِلُزُومِ الْمُضِيّ فِي فَاسِده فَكَيْف فِي صَحِيحه.
وَكَذَلِكَ اِمْتَازَ بِلُزُومِ الْكَفَّارَة فِي نَفْله كَفَرْضِهِ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏عَلَى أَنَّ فِي اِسْتِدْلَال الْحَنَفِيَّة نَظَرًا لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِفَرْضِيَّةِ الْإِتْمَام , بَلْ بِوُجُوبِهِ.
وَاسْتِثْنَاء الْوَاجِب مِنْ الْفَرْض مُنْقَطِع لِتَبَايُنِهِمَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْ النَّفْي عِنْدهمْ لَيْسَ لِلْإِثْبَاتِ بَلْ مَسْكُوت عَنْهُ.
وَقَوْله " إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع " اِسْتِثْنَاء مِنْ قَوْله لَا , أَيْ : لَا فَرْض عَلَيْك غَيْرهَا.
‏ ‏قَوْله : ( وَذَكَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر قَالَ : أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّه عَلَيَّ مِنْ الزَّكَاة , قَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَائِع الْإِسْلَام , فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ فِي الْقِصَّة أَشْيَاء أُجْمِلَتْ , مِنْهَا بَيَان نُصُب الزَّكَاة فَإِنَّهَا لَمْ تُفَسَّر فِي الرِّوَايَتَيْنِ , وَكَذَا أَسْمَاء الصَّلَوَات , وَكَأَنَّ السَّبَب فِيهِ شُهْرَة ذَلِكَ عِنْدهمْ , أَوْ الْقَصْد مِنْ الْقِصَّة بَيَان أَنَّ الْمُتَمَسِّك بِالْفَرَائِضِ نَاجٍ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلَ النَّوَافِل.
‏ ‏قَوْله : ( وَاَللَّه ) ‏ ‏أَيْ : رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر فَقَالَ " وَاَلَّذِي أَكْرَمَك ".
وَفِيهِ جَوَاز الْحَلِف فِي الْأَمْر الْمُهِمّ , وَقَدْ تَقَدَّمَ.
‏ ‏قَوْله : ( أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ ) ‏ ‏وَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الْمَذْكُورَة " أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ " أَوْ " دَخَلَ الْجَنَّة وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ ".
وَلِأَبِي دَاوُدَ مِثْله لَكِنْ بِحَذْفِ " أَوْ ".
فَإِنْ قِيلَ : مَا الْجَامِع بَيْن هَذَا وَبَيْن النَّهْي عَنْ الْحَلِف بِالْآبَاءِ ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل النَّهْي , أَوْ بِأَنَّهَا كَلِمَة جَارِيَة عَلَى اللِّسَان لَا يُقْصَد بِهَا الْحَلِف , كَمَا جَرَى عَلَى لِسَانهمْ عَقْرَى , حَلْقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , أَوْ فِيهِ إِضْمَار اِسْم الرَّبّ كَأَنَّهُ قَالَ : وَرَبّ أَبِيهِ , وَقِيلَ : هُوَ خَاصّ وَيَحْتَاج إِلَى دَلِيل , وَحَكَى السُّهَيْلِيّ عَنْ بَعْض مَشَايِخه أَنَّهُ قَالَ : هُوَ تَصْحِيف , وَإِنَّمَا كَانَ وَاَللَّه , فَقُصِّرَتْ اللَّامَانِ.
وَاسْتَنْكَرَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا وَقَالَ : إِنَّهُ يَجْزِم الثِّقَة بِالرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَة.
وَغَفَلَ الْقَرَافِيّ فَادَّعَى أَنَّ الرِّوَايَة بِلَفْظِ : وَأَبِيهِ لَمْ تَصِحّ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّأ , وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ الْجَوَاب فَعَدَلَ إِلَى رَدّ الْخَبَر , وَهُوَ صَحِيح لَا مِرْيَة فِيهِ , وَأَقْوَى الْأَجْوِبَة الْأَوَّلَانِ.
وَقَالَ اِبْن بَطَّال : دَلَّ قَوْله " أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ " عَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَصْدُق فِيمَا اِلْتَزَمَ لَا يُفْلِح , وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْل الْمُرْجِئَة , فَإِنْ قِيلَ : كَيْف أَثْبَتَ لَهُ الْفَلَاح بِمُجَرَّدِ مَا ذَكَرَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر الْمَنْهِيَّات ؟ أَجَابَ اِبْن بَطَّال بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون ذَلِكَ وَقَعَ قَبْل وُرُود فَرَائِض النَّهْي.
وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ السَّائِل ضِمَام , وَأَقْدَم مَا قِيلَ فِيهِ إِنَّهُ وَفَدَ سَنَة خَمْس , وَقِيلَ بَعْد ذَلِكَ , وَقَدْ كَانَ أَكْثَر الْمَنْهِيَّات وَاقِعًا قَبْل ذَلِكَ.
وَالصَّوَاب أَنَّ ذَلِكَ دَاخِل فِي عُمُوم قَوْله " فَأَخْبَرَهُ بِشَرَائِع الْإِسْلَام " كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ أَمَّا فَلَاحه بِأَنَّهُ لَا يَنْقُص فَوَاضِح , وَأَمَّا بِأَنْ لَا يَزِيد فَكَيْف يَصِحّ ؟ أَجَابَ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ الْفَلَاح لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا أَتَى بِزَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ لَا يَكُون مُفْلِحًا ; لِأَنَّهُ إِذَا أَفْلَحَ بِالْوَاجِبِ فَفَلَاحه بِالْمَنْدُوبِ مَعَ الْوَاجِب أَوْلَى.
فَإِنْ قِيلَ فَكَيْف أَقَرَّهُ عَلَى حَلِفه وَقَدْ وَرَدَ النَّكِير عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَل خَيْرًا ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال وَالْأَشْخَاص , وَهَذَا جَارٍ عَلَى الْأَصْل بِأَنَّهُ لَا إِثْم عَلَى غَيْر تَارِك الْفَرَائِض , فَهُوَ مُفْلِح وَإِنْ كَانَ غَيْره أَكْثَر فَلَاحًا مِنْهُ.
وَقَالَ الطِّيبِيّ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون هَذَا الْكَلَام صَدَرَ مِنْهُ عَلَى طَرِيق الْمُبَالَغَة فِي التَّصْدِيق وَالْقَبُول , أَيْ : قَبِلْت كَلَامك قَبُولًا لَا مَزِيد عَلَيْهِ مِنْ جِهَة السُّؤَال , وَلَا نُقْصَان فِيهِ مِنْ طَرِيق الْقَبُول.
وَقَالَ اِبْن الْمُنِير : يَحْتَمِل أَنْ تَكُون الزِّيَادَة وَالنَّقْص تَتَعَلَّق بِالْإِبْلَاغِ ; لِأَنَّهُ كَانَ وَافِد قَوْمه لِيَتَعَلَّم وَيُعَلِّمهُمْ.
قُلْت : وَالِاحْتِمَالَانِ مَرْدُودَانِ بِرِوَايَةِ إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر , فَإِنَّ نَصَّهَا " لَا أَتَطَوَّع شَيْئًا , وَلَا أَنْقُص مِمَّا فَرَضَ اللَّه عَلَيَّ شَيْئًا ".
وَقِيلَ : مُرَاده بِقَوْلِهِ لَا أَزِيد وَلَا أَنْقُص أَيْ : لَا أُغَيِّر صِفَة الْفَرْض كَمَنْ يَنْقُص الظُّهْر مَثَلًا رَكْعَة أَوْ يَزِيد الْمَغْرِب , قُلْت : وَيُعَكِّر عَلَيْهِ أَيْضًا لَفْظ التَّطَوُّع فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر.
وَاَللَّه أَعْلَم.


الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَنْجُوفِيُّ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏رَوْحٌ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏عَوْفٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْحَسَنِ ‏ ‏وَمُحَمَّدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا ‏ ‏وَاحْتِسَابًا ‏ ‏وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ ‏ ‏أُحُدٍ ‏ ‏وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ ‏ ‏تَابَعَهُ ‏ ‏عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏عَوْفٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَحْوَهُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

أحاديث أخرى من صحيح البخاري

مر النبي ﷺ بقوم بين أيديهم شاة مصلية فدعوه فأبى أ...

عن ‌أبي هريرة رضي الله عنه، «أنه مر بقوم بين أيديهم شاة مصلية فدعوه، فأبى أن يأكل قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من الخبز ال...

لا إله إلا الله ماذا أنزل الليلة من الفتنة ماذا أن...

عن ‌أم سلمة قالت: «استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: لا إله إلا الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب...

موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها

عن سهل بن سعد الساعدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها»

أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات وأما الجبة فانز...

عن ‌صفوان بن يعلى بن أمية أخبر: أن ‌يعلى كان يقول: «ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه، قال فبينا النبي صلى الله عليه وسلم بالجعران...

صليت وراء النبي ﷺ على امرأة ماتت في نفاسها

عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: «صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها وسطها»

إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل له أخوه أو صاح...

عن ‌أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الل...

أبصر النبي ﷺ نساء وصبيانا مقبلين من عرس فقام ممت...

عن ‌أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أبصر النبي صلى الله عليه وسلم نساء وصبيانا مقبلين من عرس، فقام ممتنا فقال: اللهم أنتم من أحب الناس إلي.»

من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين

عن محمد بن إبراهيم، أن أبا سلمة، حدثه أنه، كانت بينه وبين أناس خصومة فذكر لعائشة رضي الله عنها، فقالت: يا أبا سلمة اجتنب الأرض، فإن النبي صلى الله علي...

النبي ﷺ قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا

عن حكيم بن حزام رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» قال همام: وجدت في كتابي «يختار - ثلاث مرار -، فإن صدقا...