159- عن مولى عثمان أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه وعن إبراهيم قال قال صالح بن كيسان قال ابن شهاب ولكن عروة يحدث عن حمران فلما توضأ عثمان قال ألا أحدثكم حديثا لولا آية ما حدثتكموه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يتوضأ رجل يحسن وضوءه ويصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة حتى يصليها قال عروة الآية { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات }(1) 160- عن حمران، فلما توضأ عثمان قال: ألا أحدثكم حديثا لولا آية ما حدثتكموه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يتوضأ رجل يحسن وضوءه، ويصلي الصلاة، إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة حتى يصليها» قال عروة: " الآية {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات} "(2)
أخرجه مسلم في الطهارة باب صفة الوضوء وكماله رقم 226
(مرار) مرات.
(نحو وضوئي هذا) مثل هذا الوضوء.
(لا يحدث فيهما نفسه) لا يسترسل مع ما يخطر على نفسه.
(لولا آية) أي تهدد من يكتم علما علمه وهي قوله تعالى {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} / البقرة 159 /.
(البينات) الآيات الواضحات والدلائل الظاهرات.
(الهدى) الإرشاد إلى طريق الحق.
(يلعنهم الله) يطردهم من رحمته.
(يلعنهم اللاعنون) تدعو عليهم الخلائق لأنهم يكونون سبب المعاصي والفساد ومنع الخير من السماء.
(يحسن وضوءه) يأتي به كاملا بآدابه وسننه.
(وبين الصلاة) أي التي تليها.
(حتى يصليها) يشرع فيها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَطَاء بْن يَزِيد ) هُوَ اللَّيْثِيّ الْمَدَنِيّ.
وَالْإِسْنَاد كُلّه مَدَنِيُّونَ , وَفِيهِ ثَلَاثَة مِنْ التَّابِعِينَ : حُمْرَان وَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَة اِبْن أَبَانَ , وَعَطَاء , وَابْن شِهَاب.
وَفِي الْإِسْنَاد الَّذِي يَلِيه أَرْبَعَة مِنْ التَّابِعِينَ : حُمْرَان وَعُرْوَة وَهُمَا قَرِينَانِ , وَابْن شِهَاب وَصَالِح بْن كَيْسَانَ وَهُمَا قَرِينَانِ أَيْضًا.
قَوْله : ( دَعَا بِإِنَاءٍ ) وَفِي رِوَايَة شُعَيْب الْآتِيَة قَرِيبًا " دَعَا بِوَضُوءٍ " , وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق يُونُس , وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاو اِسْم لِلْمَاءِ الْمُعَدّ لِلْوُضُوءِ وَبِالضَّمِّ الَّذِي هُوَ الْفِعْل , وَفِيهِ الِاسْتِعَانَة عَلَى إِحْضَار مَا يُتَوَضَّأ بِهِ.
قَوْله : ( فَأَفْرَغَ ) أَيْ : صَبَّ.
قَوْله : ( عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاث مِرَار ) كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَأَبِي الْوَقْت , وَلِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَة مَرَّات بِمُثَنَّاةٍ آخِره , وَفِيهِ غَسْل الْيَدَيْنِ قَبْل إِدْخَالهمَا الْإِنَاء وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَقِب نَوْم اِحْتِيَاطًا.
قَوْله : ( ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينه ) فِيهِ الِاغْتِرَاف بِالْيَمِينِ.
وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضهمْ عَلَى عَدَم اِشْتِرَاط نِيَّة الِاغْتِرَاف , وَلَا دَلَالَة فِيهِ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا.
قَوْله : ( فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ) وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ " وَاسْتَنْشَقَ " بَدَل وَاسْتَنْثَرَ , وَالْأَوَّل أَعَمّ , وَثَبَتَتْ الثَّلَاثَة فِي رِوَايَة شُعَيْب الْآتِيَة فِي بَاب الْمَضْمَضَة , وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ طُرُق هَذَا الْحَدِيث تَقْيِيد ذَلِكَ بِعَدَدٍ.
نَعَمْ ذَكَرَهُ اِبْن الْمُنْذِر مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ الزُّهْرِيّ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ عُثْمَان وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَات عَلَى تَقْدِيم الْمَضْمَضَة.
قَوْله : ( ثُمَّ غَسَلَ وَجْهه ) فِيهِ تَأْخِيره عَنْ الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق , وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ حِكْمَة ذَلِكَ اِعْتِبَار أَوْصَاف الْمَاء ; لِأَنَّ اللَّوْن يُدْرَك بِالْبَصَرِ وَالطَّعْم يُدْرَك بِالْفَمِ وَالرِّيح يُدْرَك بِالْأَنْفِ فَقُدِّمَتْ الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق وَهُمَا مَسْنُونَانِ قَبْل الْوَجْه وَهُوَ مَفْرُوض , اِحْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ.
وَسَيَأْتِي ذِكْر حِكْمَة الِاسْتِنْثَار فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه.
قَوْله : ( وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ) أَيْ : كُلّ وَاحِدَة كَمَا بَيَّنَهُ الْمُصَنِّف فِي رِوَايَة مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ فِي الصَّوْم , وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق يُونُس وَفِيهَا تَقْدِيم الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَالتَّعْبِير فِي كُلّ مِنْهُمَا بِثُمَّ وَكَذَا الْقَوْل فِي الرِّجْلَيْنِ أَيْضًا قَوْله : ( ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ) هُوَ بِحَذْفِ الْبَاء فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ , وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْ طُرُقه فِي الصَّحِيحَيْنِ ذِكْر عَدَد الْمَسْح , وَبِهِ قَالَ أَكْثَر الْعُلَمَاء.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ : يُسْتَحَبّ التَّثْلِيث فِي الْمَسْح كَمَا فِي الْغُسْل , وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِظَاهِرِ رِوَايَة لِمُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا , وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُجْمَل تَبَيَّنَ فِي الرِّوَايَات الصَّحِيحَة أَنَّ الْمَسْح لَمْ يَتَكَرَّر فَيُحْمَل عَلَى الْغَالِب أَوْ يَخْتَصّ بِالْمَغْسُولِ , قَالَ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَن : أَحَادِيث عُثْمَان الصِّحَاح كُلّهَا تَدُلّ عَلَى أَنَّ مَسْح الرَّأْس مَرَّة وَاحِدَة ; وَكَذَا قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : إِنَّ الثَّابِت عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْح مَرَّة وَاحِدَة , وَبِأَنَّ الْمَسْح مَبْنِيّ عَلَى التَّخْفِيف فَلَا يُقَاسَ عَلَى الْغُسْل الْمُرَاد مِنْهُ الْمُبَالَغَة فِي الْإِسْبَاغ , وَبِأَنَّ الْعَدَد لَوْ اُعْتُبِرَ فِي الْمَسْح لَصَارَ فِي صُورَة الْغُسْل , إِذْ حَقِيقَة الْغُسْل جَرَيَان الْمَاء , وَالدَّلْك لَيْسَ بِمُشْتَرَطٍ عَلَى الصَّحِيح عِنْد أَكْثَر الْعُلَمَاء.
وَبَالَغَ أَبُو عُبَيْدَة فَقَالَ : لَا نَعْلَم أَحَدًا مِنْ السَّلَف اِسْتَحَبَّ تَثْلِيث مَسْح الرَّأْس إِلَّا إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , وَفِيمَا قَالَ نَظَر , فَقَدْ نَقَلَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَابْن الْمُنْذِر عَنْ أَنَس وَعَطَاء وَغَيْرهمَا , وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ وَجْهَيْنِ صَحَّحَ أَحَدهمَا اِبْن خُزَيْمَة وَغَيْره فِي حَدِيث عُثْمَان تَثْلِيث مَسْح الرَّأْس , وَالزِّيَادَة مِنْ الثِّقَة مَقْبُولَة.
قَوْله : ( نَحْو وُضُوئِي هَذَا ) قَالَ النَّوَوِيّ : إِنَّمَا لَمْ يَقُلْ " مِثْل " لِأَنَّ حَقِيقَة مُمَاثَلَته لَا يَقْدِر عَلَيْهَا غَيْره.
قُلْت : لَكِنْ ثَبَتَ التَّعْبِير بِهَا فِي رِوَايَة الْمُصَنِّف فِي الرِّقَاق مِنْ طَرِيق مُعَاذ بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ حُمْرَان عَنْ عُثْمَان وَلَفْظه " مَنْ تَوَضَّأَ مِثْل هَذَا الْوُضُوء " وَلَهُ فِي الصِّيَام مِنْ رِوَايَة مَعْمَر " مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا " , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ حُمْرَان " تَوَضَّأَ مِثْل وُضُوئِي هَذَا " وَعَلَى هَذَا فَالتَّعْبِير بِنَحْوٍ مِنْ تَصَرُّف الرُّوَاة لِأَنَّهَا تُطْلَق عَلَى الْمِثْلِيَّة مَجَازًا , لِأَنَّ " مِثْل " وَإِنْ كَانَتْ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاة ظَاهِرًا لَكِنَّهَا تُطْلَق عَلَى الْغَالِب , فَبِهَذَا تَلْتَئِم الرِّوَايَتَانِ وَيَكُون الْمَتْرُوك بِحَيْثُ لَا يُخِلّ بِالْمَقْصُودِ.
وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.
قَوْله : ( ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ) فِيهِ اِسْتِحْبَاب صَلَاة رَكْعَتَيْنِ عَقِب الْوُضُوء , وَيَأْتِي فِيهِمَا مَا يَأْتِي فِي تَحِيَّة الْمَسْجِد.
قَوْله : ( لَا يُحَدِّث فِيهِمَا نَفْسه ) الْمُرَاد بِهِ مَا تَسْتَرْسِل النَّفْس مَعَهُ وَيُمْكِن الْمَرْء قَطْعه ; لِأَنَّ قَوْلَهُ " يُحَدِّث " يَقْتَضِي تَكَسُّبًا مِنْهُ , فَأَمَّا مَا يَهْجُم مِنْ الْخَطَرَات وَالْوَسَاوِس وَيَتَعَذَّر دَفْعه فَذَلِكَ مَعْفُوّ عَنْهُ.
وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ بَعْضهمْ أَنَّ الْمُرَاد مَنْ لَمْ يَحْصُل لَهُ حَدِيث النَّفْس أَصْلًا وَرَأْسًا , وَيَشْهَد لَهُ مَا أَخْرَجَهُ اِبْن الْمُبَارَك فِي الزُّهْد بِلَفْظِ " لَمْ يَسِرْ فِيهِمَا ".
وَرَدَّهُ النَّوَوِيّ فَقَالَ : الصَّوَاب حُصُول هَذِهِ الْفَضِيلَة مَعَ طَرَيَان الْخَوَاطِر الْعَارِضَة غَيْر الْمُسْتَقِرَّة.
نَعَمْ مَنْ اِتَّفَقَ أَنْ يَحْصُل لَهُ عَدَم حَدِيث النَّفْس أَصْلًا أَعْلَى دَرَجَة بِلَا رَيْب.
ثُمَّ إِنَّ تِلْكَ الْخَوَاطِر مِنْهَا مَا يَتَعَلَّق بِالدُّنْيَا وَالْمُرَاد دَفْعه مُطْلَقًا , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لِلْحَكِيمِ التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الْحَدِيث " لَا يُحَدِّث نَفْسه بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا ".
وَهِيَ فِي الزُّهْد لِابْنِ الْمُبَارَك أَيْضًا وَالْمُصَنِّف لِابْنِ أَبِي شَيْبَة , وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّق بِالْآخِرَةِ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَشْبَهَ أَحْوَال الدُّنْيَا , وَإِنْ كَانَ مِنْ مُتَعَلَّقَات تِلْكَ الصَّلَاة فَلَا , وَسَيَأْتِي بَقِيَّة مَبَاحِث ذَلِكَ فِي كِتَاب الصَّلَاة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله : ( مِنْ ذَنْبه ) ظَاهِره يَعُمّ الْكَبَائِر وَالصَّغَائِر ; لَكِنَّ الْعُلَمَاء خَصُّوهُ بِالصَّغَائِرِ لِوُرُودِهِ مُقَيَّدًا بِاسْتِثْنَاءِ الْكَبَائِر فِي غَيْر هَذِهِ الرِّوَايَة , وَهُوَ فِي حَقّ مَنْ لَهُ كَبَائِر وَصَغَائِر , فَمَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا صَغَائِر كُفِّرَتْ عَنْهُ , وَمَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا كَبَائِر خُفِّفَ عَنْهُ مِنْهَا بِمِقْدَارِ مَا لِصَاحِبِ الصَّغَائِر , وَمَنْ لَيْسَ لَهُ صَغَائِر وَلَا كَبَائِر يَزْدَاد فِي حَسَنَاته بِنَظِيرِ ذَلِكَ.
وَفِي الْحَدِيث التَّعْلِيم بِالْفِعْلِ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ وَأَضْبَط لِلْمُتَعَلِّمِ , وَالتَّرْتِيب فِي أَعْضَاء الْوُضُوء لِلْإِتْيَانِ فِي جَمِيعهَا بِثُمَّ , وَالتَّرْغِيب فِي الْإِخْلَاص , وَتَحْذِير مَنْ لَهَا فِي صَلَاته بِالتَّفْكِيرِ فِي أُمُور الدُّنْيَا مِنْ عَدَم الْقَبُول , وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فِي الْعَزْم عَلَى عَمَل مَعْصِيَة فَإِنَّهُ يَحْضُر الْمَرْء فِي حَال صَلَاته مَا هُوَ مَشْغُوف بِهِ أَكْثَر مِنْ خَارِجهَا.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْمُصَنِّف فِي الرِّقَاق فِي آخِر هَذَا الْحَدِيث : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَغْتَرُّوا " أَيْ : فَتَسْتَكْثِرُوا مِنْ الْأَعْمَال السَّيِّئَة بِنَاء عَلَى أَنَّ الصَّلَاة تُكَفِّرهَا , فَإِنَّ الصَّلَاة الَّتِي تُكَفَّر بِهَا الْخَطَايَا هِيَ الَّتِي يَقْبَلهَا اللَّه , وَأَنَّى لِلْعَبْدِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْله : ( وَعَنْ إِبْرَاهِيم ) أَيْ : اِبْن سَعْد , وَهُوَ مَعْطُوف عَلَى قَوْله " حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن سَعْد " وَزَعَمَ مُغَلْطَاي وَغَيْره أَنَّهُ مُعَلَّق , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ بِالْإِسْنَادَيْنِ مَعًا , وَإِذَا كَانَا جَمِيعًا عِنْد يَعْقُوب فَلَا مَانِع أَنْ يَكُونَا عِنْد الْأُوَيْسِيّ.
ثُمَّ وَجَدْت الْحَدِيث الثَّانِي عِنْد أَبِي عَوَانَة فِي صَحِيحه - مِنْ حَدِيث الْأُوَيْسِيّ الْمَذْكُور - فَصَحَّ مَا قُلْته بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى , وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي تَعْلِيق التَّعْلِيق.
قَوْله : ( وَلَكِنَّ عُرْوَة يُحَدِّث ) يَعْنِي أَنَّ شَيْخَيْ اِبْن شِهَاب اِخْتَلَفَا فِي رِوَايَتهمَا لَهُ عَنْ حُمْرَان عَنْ عُثْمَان , فَحَدَّثَهُ بِهِ عَطَاء عَلَى صِفَة وَعُرْوَة عَلَى صِفَة , وَلَيْسَ ذَلِكَ اِخْتِلَافًا وَإِنَّمَا هُمَا حَدِيثَانِ مُتَغَايِرَانِ , وَقَدْ رَوَاهُمَا مُعَاذ بْن عَبْد الرَّحْمَن فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيقه نَحْو سِيَاق عَطَاء , وَمُسْلِم مِنْ طَرِيقه نَحْو سِيَاق عُرْوَة , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيق هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ.
قَوْله : ( لَوْلَا آيَة ) زَادَ مُسْلِم " فِي كِتَاب اللَّه " وَلِأَجْلِ هَذِهِ الزِّيَادَة صَحَّفَ بَعْض رُوَاته آيَة فَجَعَلَهَا " أَنَّهُ " بِالنُّونِ الْمُشَدَّدَة وَبِهَاءِ الشَّأْن.
قَوْله : ( وَيُصَلِّي الصَّلَاة ) أَيْ : الْمَكْتُوبَة , وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " فَيُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَوَات الْخَمْس ".
قَوْله : ( وَبَيْن الصَّلَاة ) أَيْ الَّتِي تَلِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِم فِي رِوَايَة هِشَام بْن عُرْوَة.
قَوْله : ( حَتَّى يُصَلِّيهَا ) أَيْ : يَشْرَع فِي الصَّلَاة الثَّانِيَة.
قَوْله : ( قَالَ عُرْوَة : الْآيَة " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا " ) يَعْنِي الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة إِلَى قَوْله " اللَّاعِنُونَ " كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِم , وَمُرَاد عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة تُحَرِّض عَلَى التَّبْلِيغ , وَهِيَ وَإِنْ نَزَلَتْ فِي أَهْل الْكِتَاب لَكِنَّ الْعِبْرَة بِعُمُومِ اللَّفْظ , وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْو ذَلِكَ لِأَبِي هُرَيْرَة فِي كِتَاب الْعِلْم , وَإِنَّمَا كَانَ عُثْمَان يَرَى تَرْك تَبْلِيغهمْ ذَلِكَ لَوْلَا الْآيَة الْمَذْكُورَة خَشْيَة عَلَيْهِمْ مِنْ الِاغْتِرَار وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ رَوَى مَالِك هَذَا الْحَدِيث فِي الْمُوَطَّأ عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , وَلَمْ يَقَع فِي رِوَايَته تَعْيِين الْآيَة فَقَالَ مِنْ قِبَل نَفْسه : أَرَاهُ يُرِيد ( وَأَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ).
اِنْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عُرْوَة رَاوِي الْحَدِيث بِالْجَزْمِ أَوْلَى.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مِرَارٍ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَكِنْ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ عَنْ حُمْرَانَ فَلَمَّا تَوَضَّأَ عُثْمَانُ قَالَ أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا آيَةٌ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ يُحْسِنُ وُضُوءَهُ وَيُصَلِّي الصَّلَاةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا قَالَ عُرْوَةُ الْآيَةَ { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ }
عن أبي هريرة : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق.»
عن خباب بن الأرت قال: «شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من ق...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي له أجر، فرجل ربطه في سبيل...
عن ابي وائل، قال: كنا بصفين، فقام سهل بن حنيف، فقال: أيها الناس اتهموا أنفسكم، فإنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، ولو نرى قتالا لق...
عن جابر رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ.» وعن الأعمش: حدثنا أبو صالح، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه...
عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر، والشمس لم تخرج من حجرتها» وقال أبو أسامة، عن هشام: «من قعر حجرتها»
عن عباد بن تميم، أن عمه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - أخبره: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي لهم، فقام فدعا الله قائما، ثم...
عن ابن عمر نحوا من قول مجاهد: إذا اختلطوا قياما، وزاد ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن كانوا أكثر من ذلك، فليصلوا قياما وركبانا»
عن علي رضي الله عنه قال: «كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ث...