373- عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي» وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كنت أنظر إلى علمها، وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني»
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام رقم 556
(خميصة) كساء أسود مربع.
(أعلام) جمع علم وهو الخط.
(أنبجانية) كساء غليظ لا علم فيه.
(ألهتني) أشغلتني.
(آنفا) قريبا.
(تفتنني) تششغلني عن صلاتي
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( خَمِيصَة ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَكَسْر الْمِيم وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَة , كِسَاء مُرَبَّع لَهُ عَلَمَانِ , وَالْأَنْبِجَانِيَّة بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَسُكُون النُّون وَكَسْر الْمُوَحَّدَة وَتَخْفِيف الْجِيم وَبَعْد النُّون يَاء النِّسْبَة : كِسَاء غَلِيظ لَا عَلَم لَهُ , وَقَالَ ثَعْلَب : يَجُوز فَتْح هَمْزَته وَكَسْرهَا , وَكَذَا الْمُوَحَّدَة , يُقَال كَبْش أَنْبِجَانِيّ إِذَا كَانَ مُلْتَفًّا , كَثِير الصُّوف.
وَكِسَاء أَنْبِجَانِيّ كَذَلِكَ , وَأَنْكَرَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى مَنْبِج الْبَلَد الْمَعْرُوف بِالشَّامِ.
قَالَ صَاحِب الصِّحَاح : إِذَا نَسَبْت إِلَى مَنْبِج فَتَحْت الْبَاء فَقُلْت : كِسَاء مَنْبَجَانِيّ أَخْرَجُوهُ مَخْرَج مَنْظَرَانِيّ.
وَفِي الْجَمْهَرَة : مَنْبِج مَوْضِع أَعْجَمِيّ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَب وَنَسَبُوا إِلَيْهِ الثِّيَاب الْمَنْبِجَانِيَّة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ : لَا يُقَال كِسَاء أَنْبِجَانِيّ وَإِنَّمَا يُقَال مَنْبِجَانِيّ , قَالَ : وَهَذَا مِمَّا تُخْطِئ فِيهِ الْعَامَّة.
وَتَعَقَّبَهُ أَبُو مُوسَى كَمَا تَقَدَّمَ فَقَالَ : الصَّوَاب أَنَّ هَذِهِ النِّسْبَة إِلَى مَوْضِع يُقَال لَهُ أَنْبِجَان , وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله : ( إِلَى أَبِي جَهْم ) هُوَ عُبَيْد اللَّه - وَيُقَال عَامِر - بْن حُذَيْفَة الْقُرَشِيّ الْعَدَوِيِّ صَحَابِيّ مَشْهُور , وَإِنَّمَا خَصَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِرْسَالِ الْخَمِيصَة ; لِأَنَّهُ كَانَ أَهْدَاهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ عَائِشَة قَالَتْ " أَهْدَى أَبُو جَهْم بْن حُذَيْفَة إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِيصَة لَهَا عَلَم فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاة , فَلَمَّا اِنْصَرَفَ قَالَ : رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَة إِلَى أَبِي جَهْم " وَوَقَعَ عِنْد الزُّبَيْر بْن بَكَّارٍ مَا يُخَالِف ذَلِكَ , فَأَخْرَجَ مِنْ وَجْه مُرْسَل " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِخَمِيصَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ فَلَبِسَ إِحْدَاهُمَا وَبَعَثَ الْأُخْرَى إِلَى أَبِي جَهْم " وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق أُخْرَى " وَأَخَذَ كُرْدِيًّا لِأَبِي جَهْم , فَقِيلَ : يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَمِيصَة كَانَتْ خَيْرًا مِنْ الْكُرْدِيّ ".
قَالَ اِبْن بَطَّالٍ : إِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ ثَوْبًا غَيْرهَا لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ هَدِيَّته اِسْتِخْفَافًا بِهِ , قَالَ : وَفِيهِ أَنَّ الْوَاهِب إِذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ عَطِيَّته مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون هُوَ الرَّاجِع فِيهَا فَلَهُ أَنْ يَقْبَلهَا مِنْ غَيْر كَرَاهَة.
قُلْت : وَهَذَا مَبْنِيّ عَلَى أَنَّهَا وَاحِدَة , وَرِوَايَة الزُّبَيْر وَاَلَّتِي بَعْدهَا تُصَرِّح بِالتَّعَدُّدِ.
قَوْلُهُ : ( أَلْهَتْنِي ) أَيْ شَغَلَتْنِي , يُقَال لَهِيَ بِالْكَسْرِ إِذَا غَفَلَ , وَلَهَا بِالْفَتْحِ إِذَا لَعِب.
قَوْله : ( آنِفًا ) أَيْ قَرِيبًا , وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ اِئْتِنَاف الشَّيْء أَيْ اِبْتِدَائِهِ.
قَوْله : ( عَنْ صَلَاتِي ) أَيْ عَنْ كَمَالِ الْحُضُور فِيهَا , كَذَا قِيلَ , وَالطَّرِيق الْآتِيَة الْمُعَلَّقَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَع لَهُ شَيْء مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا خَشِيَ أَنْ يَقَع لِقَوْلِهِ " فَأَخَاف ".
وَكَذَا فِي رِوَايَة مَالِك " فَكَادَ " فَلْتُؤَوَّلْ الرِّوَايَة الْأُولَى.
قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : فِيهِ مُبَادَرَة الرَّسُول إِلَى مَصَالِح الصَّلَاة , وَنَفْي مَا لَعَلَّهُ يَخْدِش فِيهَا.
وَأَمَّا بَعْثه بِالْخَمِيصَةِ إِلَى أَبِي جَهْم فَلَا يَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَسْتَعْمِلهَا فِي الصَّلَاة.
وَمِثْله قَوْله فِي حُلَّة عُطَارِد حَيْثُ بَعَثَ بِهَا إِلَى عُمَر " إِنِّي لَمْ أَبْعَث بِهَا إِلَيْك لِتَلْبَسهَا " وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِنْ جِنْس قَوْله " كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي " وَيُسْتَنْبَط مِنْهُ كَرَاهِيَة كُلّ مَا يَشْغَل عَنْ الصَّلَاة مِنْ الْأَصْبَاغ وَالنُّقُوش وَنَحْوهَا.
وَفِيهِ قَبُول الْهَدِيَّة مِنْ الْأَصْحَاب وَالْإِرْسَال إِلَيْهِمْ وَالطَّلَب مِنْهُمْ.
وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبَاجِيّ عَلَى صِحَّة الْمُعَاطَاة لِعَدَمِ ذِكْر الصِّيغَة.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : فِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ لِلصُّوَرِ وَالْأَشْيَاء الظَّاهِرَة تَأْثِيرًا فِي الْقُلُوب الطَّاهِرَة وَالنُّفُوس الزَّكِيَّة , يَعْنِي فَضْلًا عَمَّنْ دُونهَا.
قَوْله : ( وَقَالَ هِشَام بْن عُرْوَة ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَابْن أَبِي شَيْبَة وَمُسْلِم وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقه , وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ طُرُقهمْ هَذَا اللَّفْظ.
نَعَمْ اللَّفْظ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمُوَطَّأ قَرِيب مِنْ هَذَا اللَّفْظ الْمُعَلَّق , وَلَفْظه : " فَإِنِّي نَظَرْت إِلَى عَلَمهَا فِي الصَّلَاة فَكَادَ يَفْتِنُنِي " وَالْجَمْع بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ بِحَمْلِ قَوْله " أَلْهَتْنِي " عَلَى قَوْله " كَادَتْ " فَيَكُون إِطْلَاق الْأُولَى لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْقُرْب لَا لِتَحَقُّقِ وُقُوع الْإِلْهَاء.
( تَنْبِيهٌ ) : قَوْله " فَأَخَاف أَنْ تَفْتِنِّي " فِي رِوَايَتنَا بِكَسْرِ الْمُثَنَّاة وَتَشْدِيد النُّون , وَفِي رِوَايَة الْبَاقِينَ بِإِظْهَارِ النُّون الْأُولَى وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّله مِنْ الثُّلَاثِيّ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي
عن أنس بن مالك، كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي»
عن عقبة بن عامر، قال: أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فروج حرير، فلبسه، فصلى فيه، ثم انصرف، فنزعه نزعا شديدا كالكاره له، وقال: «لا ينبغي هذا للمتقين...
عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت ال...
عن أبي حازم، قال: سألوا سهل بن سعد: من أي شيء المنبر؟ فقال: ما بقي بالناس أعلم مني، هو من أثل الغابة عمله فلان مولى فلانة لرسول الله صلى الله عليه وسل...
عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسه فجحشت ساقه - أو كتفه - وآلى من نسائه شهرا، فجلس في مشربة له درجتها من جذوع، فأتاه أصحابه ي...
عن ميمونة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " يصلي وأنا حذاءه، وأنا حائض، وربما أصابني ثوبه إذا سجد، قالت: وكان يصلي على الخمرة "
عن أنس بن مالك، أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له، فأكل منه، ثم قال: «قوموا فلأصل لكم» قال أنس: فقمت إلى حصير لنا، قد اسود...
عن ميمونة، قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة»
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: «كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي، في قبلته فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، فإذا قام...