2174- عن مالك بن أوس، أخبره: أنه التمس صرفا بمائة دينار، فدعاني طلحة بن عبيد الله، فتراوضنا حتى اصطرف مني، فأخذ الذهب يقلبها في يده، ثم قال: حتى يأتي خازني من الغابة، وعمر يسمع ذلك، فقال: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( أَنَّهُ اِلْتَمَسَ صَرْفًا ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذَهَبٍ كَانَ مَعَهُ , وَبَيَّنَ ذَلِكَ اللَّيْث فِي رِوَايَتِهِ عَنْ اِبْن شِهَاب وَلَفْظه " عَنْ مَالِك بْن أَوْس بْن الْحَدَثَانِ قَالَ : أَقْبَلْت أَقُولُ مَنْ يَصْطَرِفُ الدَّرَاهِم ؟ ".
قَوْله : ( فَتَرَاوَضْنَا ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ تَجَارَيْنَا الْكَلَام فِي قَدْر الْعِوَض بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ يُرَوِّضُ صَاحِبَهُ وَيُسَهِّلُ خُلُقَهُ , وَقِيلَ الْمُرَاوَضَة هُنَا الْمُوَاصَفَة بِالسِّلْعَةِ , وَهُوَ أَنْ يَصِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا سِلْعَته لِرَفِيقِهِ.
قَوْله : ( فَأَخَذَ الذَّهَب يُقَلِّبُهَا ) أَيْ الذَّهَبَةِ , وَالذَّهَبُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ ذَهَبٌ وَذَهَبَةٌ.
أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ ضَمَّنَ الذَّهَبَ مَعْنَى الْعَدَد الْمَذْكُور وَهُوَ الْمِائَةُ فَأَنَّثَهُ لِذَلِكَ , وَفِي رِوَايَة اللَّيْث " فَقَالَ طَلْحَة إِذَا جَاءَ خَادِمُنَا نُعْطِيك وَرِقَك " وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَة الْخَازِن الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ طَلْحَة.
قَوْله : ( مِنْ الْغَابَةِ ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ يَأْتِي شَرْح أَمْرِهَا فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ فِي قِصَّة تَرِكَة الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام , وَكَأَنَّ طَلْحَة كَانَ لَهُ بِهَا مَالٌ مِنْ نَخْل وَغَيْرِهِ وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ اِبْن عَبْد الْبَرّ.
قَوْله : ( حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ) أَيْ عِوَض الذَّهَب , فِي رِوَايَة اللَّيْث " وَاللَّه لَتُعْطِيَنَّهُ وَرِقَهُ أَوْ لَتَرُدَّنَّ إِلَيْهِ ذَهَبَهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " فَذَكَرَهُ.
قَوْله : ( الذَّهَب بِالْوَرِقِ رِبًا ) قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِك فِيهِ وَحَمَلَهُ عَنْهُ الْحُفَّاظ حَتَّى رَوَاهُ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ الْأَوْزَاعِيّ عَنْ مَالِك , وَتَابَعَهُ مَعْمَر وَاللَّيْث وَغَيْرهُمَا , وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ عَنْ اِبْن عُيَيْنَة.
وَشَذَّ أَبُو نُعَيْم عَنْهُ فَقَالَ " الذَّهَب بِالذَّهَبِ " كَذَلِكَ رَوَاهُ اِبْن إِسْحَاق عَنْ الزُّهْرِيِّ , وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ " الذَّهَب بِالْوَرِقِ " الرَّفْعُ أَيْ بَيْع الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ فَحَذَفَ الْمُضَاف لِلْعِلْمِ بِهِ , أَوْ الْمَعْنَى الذَّهَب يُبَاعُ بِالذَّهَبِ , وَيَجُوزُ النَّصْبُ أَيْ بِيعُوا الذَّهَبَ , وَالذَّهَبُ يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ الْمَضْرُوبَةِ وَغَيْرِهَا , وَالْوَرِقِ الْفِضَّة وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِإِسْكَانِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجُوزُ فَتْحُهُمَا , وَقِيلَ بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمَضْرُوبَةُ وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ , وَالْمُرَادُ هُنَا جَمِيع أَنْوَاعِ الْفِضَّةِ مَضْرُوبَةً وَغَيْرَ مَضْرُوبَةٍ.
قَوْله : ( إِلَّا هَاء وَهَاء ) بِالْمَدِّ فِيهِمَا وَفَتْح الْهَمْزَة , وَقِيلَ بِالْكَسْرِ , وَقِيلَ بِالسُّكُونِ , وَحُكِيَ الْقَصْر بِغَيْرِ هَمْز وَخَطَّأَهَا الْخَطَّابِيّ , وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّوَوِيّ وَقَالَ : هِيَ صَحِيحَةٌ لَكِنْ قَلِيلَة وَالْمَعْنَى خُذْ وَهَاتِ , وَحُكِيَ " هَاك " بِزِيَادَة كَاف مَكْسُورَة وَيُقَالُ " هَاءِ " بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى هَاتِ وَبِفَتْحِهَا بِمَعْنَى خُذْ بِغَيْرِ تَنْوِين , وَقَالَ اِبْن الْأَثِيرِ : هَاء وَهَاء هُوَ أَنْ يَقُولَ كُلّ وَاحِد مِنْ الْبَيِّعَيْنِ هَاء فَيُعْطِيه مَا فِي يَدِهِ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ " إِلَّا يَدًا بِيَد " يَعْنِي مُقَابَضَةً فِي الْمَجْلِسِ.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ خُذْ وَأَعْطِ , قَالَ وَغَيْر الْخَطَّابِيِّ يُجِيزُ فِيهَا السُّكُونَ عَلَى حَذْف الْعِوَض وَيَتَنَزَّلُ مَنْزِلَة " هَا " الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ.
وَقَالَ اِبْن مَالِك : هَا اِسْم فِعْلٍ بِمَعْنَى خُذْ , وَإِنْ وَقَعَتْ بَعْد إِلَّا فَيَجِبُ تَقْدِيرُ قَوْلٍ قَبْلَهُ يَكُونُ بِهِ مَحْكِيًّا فَكَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَا الذَّهَب بِالذَّهَبِ إِلَّا مَقُولًا عِنْدَهُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ هَاء وَهَاء.
وَقَالَ الْخَلِيل : كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْمُنَاوَلَةِ , وَالْمَقْصُود مِنْ قَوْلِهِ " هَاء وَهَاء " أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِصَاحِبِهِ هَاء فَيَتَقَابَضَانِ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ اِبْن مَالِك : حَقُّهَا أَنْ لَا تَقَعَ بَعْدُ إِلَّا كَمَا لَا يَقَعُ بَعْدَهَا خُذْ , قَالَ : فَالتَّقْدِيرُ لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مَقُولًا بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ هَاء وَهَاء.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اِشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ فِي الصَّرْفِ فِي الْمَجْلِسِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ , وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَّا عِنْدَ الْإِيجَابِ بِالْكَلَامِ , وَلَوْ اِنْتَقَلَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَى آخَرَ لَمْ يَصِحَّ تَقَابُضهمَا , وَمَذْهَبه أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ تَرَاخِي الْقَبْض فِي الصَّرْفِ سَوَاء كَانَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ تَفَرَّقَا , وَحُمِلَ قَوْلُ عُمَرَ " لَا يُفَارِقُهُ " عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ الصَّيْرَفِيُّ الْقَبْضَ حَتَّى يَقُومَ إِلَى قَعْوِ دُكَّانِهِ ثُمَّ يَفْتَحَ صُنْدُوقَهُ لَمَا جَازَ.
قَوْله : ( الْبُرّ بِالْبُرِّ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ رَاء مِنْ أَسْمَاء الْحِنْطَة , وَالشَّعِير بِفَتْح أَوَّلِهِ مَعْرُوف وَحُكِيَ جَوَازُ كَسْرِهِ , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ صِنْفَانِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ , وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ فَقَالُوا هُمَا صِنْف وَاحِد , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَبِيرَ يَلِي الْبَيْع وَالشِّرَاء لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وُكَلَاء وَأَعْوَان يَكْفُونَهُ.
وَفِيهِ الْمُمَاكَسَةُ فِي الْبَيْعِ وَالْمُرَاوَضَة وَتَقْلِيب السِّلْعَة , وَفَائِدَته الْأَمْن مِنْ الْغَبْنِ , وَأَنَّ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَخْفَى عَلَى الرَّجُلِ الْكَبِيرِ الْقَدْر حَتَّى يُذَكِّرَهُ غَيْرُهُ , وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا سَمِعَ أَوْ رَأَى شَيْئًا لَا يَجُوزُ يَنْهَى عَنْهُ وَيُرْشِدُ إِلَى الْحَقِّ , وَأَنَّ مَنْ أَفْتَى بِحُكْمٍ حَسَنٍ أَنْ يَذْكُرَ دَلِيله , وَأَنْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ رَعِيَّتِهِ وَيَهْتَمَّ بِمَصَالِحِهِمْ.
وَفِيهِ الْيَمِينُ لِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ , وَفِيهِ الْحُجَّةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ , وَأَنَّ الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ خَالَفَ فِي حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ حَدِيثِ رَسُولِهِ.
وَفِيهِ أَنَّ النَّسِيئَةَ لَا تَجُوزُ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ , وَإِذَا لَمْ يَجُزْ فِيهِمَا مَعَ تَفَاضُلِهِمَا بِالنَّسِيئَةِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَجُوزَ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ , وَكَذَا الْوَرِق بِالْوَرِقِ , يَعْنِي إِذَا لَمْ تَكُنْ رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق وَمَنْ تَابَعَهُ مَحْفُوظَةً فَيُؤْخَذُ الْحُكْمُ مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ , وَقَدْ نَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَغَيْره الْإِجْمَاع عَلَى هَذَا الْحُكْمِ , أَيْ التَّسْوِيَةِ فِي الْمَنْعِ بَيْنَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَبَيْنَ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ فَيُسْتَغْنَى حِينَئِذٍ بِذَلِكَ عَنْ الْقِيَاسِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنْ الْغَابَةِ وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، قال: قال أبو بكرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء، والفضة بالفضة إلا...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن أبا سعيد الخدري حدثه مثل ذلك حديثا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلقيه عبد الله بن عمر فقال: يا أبا سعيد ما...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، يقول: « الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم»، فقلت له: فإن ابن عباس لا يقوله، فقال أبو سعيد: سألته فقلت: سمعته من النبي...
عن أبي المنهال، قال: سألت البراء بن عازب، وزيد بن أرقم رضي الله عنهم عن الصرف، فكل واحد منهما يقول: هذا خير مني، فكلاهما يقول: «نهى رسول الله صلى الله...
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، إلا سواء بسواء، وأمرنا أن نبتاع الذ...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه، ولا تبيعوا الثمر بالتمر» 2184 - قال سالم: وأ...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة، والمزابنة: اشتراء الثمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا "
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن المزابنة، والمحاقلة، والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر في رءوس النخل»