3947- عن سالم، عن أبيه، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان موسرا يقوم عليه قيمة لا وكس، ولا شطط ثم يعتق»
إسناده صحيح.
سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٢٥٢١)، ومسلم بإثر (١٦٦٧)، والنسائي في "الكبرى" (٤٩٢١)
و (٤٩٢٢) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (٤٥٨٩).
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (٣٩٤٠).
قوله: "لا وكس ولا شطط" قال ابن الأثير في "النهاية": الوكس: النقص، والشطط: الجور.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( يُقَوَّم ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول ( لَا وَكْس ) : بِفَتْحِ الْوَاو وَسُكُون الْكَاف بَعْدهَا مُهْمَلَة بِمَعْنَى النَّقْص أَيْ لَا نَقْص ( وَلَا شَطَط ) : بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَة مُكَرَّرَة وَالْفَتْح أَيْ لَا جَوْر وَلَا ظُلْم ( ثُمَّ يُعْتَق ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول.
وَلَفْظ مُسْلِم ثُمَّ أُعْتِقَ عَلَيْهِ مِنْ0 مَاله إِنْ كَانَ مُوسِرًا.
قَالَ الْحَافِظ : وَاتَّفَقَ مَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ يُبَاع عَلَيْهِ فِي حِصَّة شَرِيكه جَمِيع مَا يُبَاع عَلَيْهِ فِي الدِّين عَلَى اِخْتِلَاف عِنْدهمْ فِي ذَلِكَ , وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْن يُقَدَّر مَا يَمْلِكهُ كَانَ فِي حُكْم الْمُوسِر عَلَى أَصَحّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاء وَهُوَ كَالْخِلَافِ فِي أَنَّ الدَّيْن هَلْ يَمْنَع الزَّكَاة أَمْ لَا اِنْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث مُوسَى بْن عُقْبَة أَخْبَرَنِي نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي فِي الْعَبْد أَوْ الْأَمَة يَكُون بَيْن الشُّرَكَاء فَيُعْتِق أَحَدُهُمْ نَصِيبه مِنْهُ يَقُول قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقه كُلّه إِذَا كَانَ لِلَّذِي أَعْتَقَ مِنْ الْمَال مَا يَبْلُغ قِيمَتَهُ يُقَوَّم مِنْ مَاله قِيمَة الْعَدْل وَيُدْفَع إِلَى الشُّرَكَاء أَنْصِبَاؤُهُمْ وَيُخَلَّى سَبِيل الْمُعْتَق يُخْبِر ذَلِكَ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُوسِر إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مَمْلُوك عِتْق كُلّه.
قَالَ الْحَافِظ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَا خِلَاف فِي أَنَّ التَّقْوِيم لَا يَكُون إِلَّا عَلَى الْمُوسِر , ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي وَقْت الْعِتْق فَمَال الْجُمْهُور وَالشَّافِعِيّ فِي الْأَصَحّ وَبَعْض الْمَالِكِيَّة أَنَّهُ يُعْتِق فِي الْحَال.
وَقَالَ بَعْض الشَّافِعِيَّة لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيك نَصِيبهُ بِالتَّقْوِيمِ كَانَ لَغْوًا وَيَغْرَم الْمُعْتَق حِصَّة نَصِيبهُ بِالتَّقْوِيمِ , وَحُجَّتهمْ رِوَايَة أَيُّوب عِنْد الْبُخَارِيّ حَيْثُ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا وَكَانَ لَهُ مِنْ الْمَال مَا يَبْلُغ قِيمَته فَهُوَ عَتِيق وَأُوضِحَ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَة النِّسَائِيّ وَابْن حِبَّان وَغَيْرهمَا مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بْن مُوسَى عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر بِلَفْظِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ فِيهِ شُرَكَاء وَلَهُ وَفَاء فَهُوَ حُرّ وَيَضْمَن نَصِيب شُرَكَائِهِ بِقِيمَتِهِ.
وَلِلطَّحَاوِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ نَافِع فَكَانَ لِلَّذِي يُعْتِق نَصِيبهُ مَا يَبْلُغ ثَمَنه فَهُوَ عَتِيق كُلّه حَتَّى لَوْ أَعْسَر الْمُوسِر الْمُعْتَق بَعْد ذَلِكَ اِسْتَمَرَّ الْعِتْق وَبَقِيَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّته وَلَوْ مَاتَ أُخِذَ مِنْ تَرِكَته فَإِنْ لَمْ يُخَلِّف شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ شَيْء وَاسْتَمَرَّ الْعِتْق.
وَالْمَشْهُور عِنْد الْمَالِكِيَّة أَنَّهُ لَا يَعْتِق إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَة , فَلَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيك قَبْل أَخْذ الْقِيمَة نَفَذَ عِتْقه وَهُوَ أَحَد أَقْوَال الشَّافِعِيّ , وَحُجَّتُهُمْ رِوَايَة سَالِم عِنْد الْبُخَارِيّ حَيْثُ قَالَ : فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَعْتِق.
وَالْجَوَاب أَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ تَرْتِيب الْعِتْق عَلَى التَّقْوِيم تَرْتِيبه عَلَى أَدَاء الْقِيمَة , فَإِنَّ التَّقْوِيم يُفِيد مَعْرِفَة الْقِيمَة وَأَمَّا الدَّفْع فَقَدْرٌ زَائِد عَلَى ذَلِكَ , وَأَمَّا رِوَايَة مَالِك الَّتِي فِيهَا فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْد فَلَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا لِسِيَاقِهَا بِالْوَاوِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : إِنَّ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبه مِنْ عَبْد مُشْتَرَك قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيه إِذَا كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ عَدْل سَوَاء كَانَ الْعَبْد مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَسَوَاء كَانَ الشَّرِيك مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَسَوَاء كَانَ الْعَتِيق عَبْدًا أَوْ أَمَة , وَلَا خِيَار لِلشَّرِيكِ فِي هَذَا وَلَا لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْمُعْتِقِ , بَلْ يَنْفُذ هَذَا الْحُكْم وَإِنْ كَرِهَهُ كُلّهمْ مُرَاعَاة لِحَقِّ اللَّه تَعَالَى فِي الْحُرِّيَّة.
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ نَصِيب الْمُعْتِق بِنَفْسِ الْإِعْتَاق إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ رَبِيعَة أَنَّهُ قَالَ لَا يَعْتِق نَصِيب الْمُعْتِق مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا , وَهَذَا مَذْهَب بَاطِل مُخَالِف لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة كُلّهَا وَالْإِجْمَاع.
وَأَمَّا نَصِيب الشَّرِيك فَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمه إِذَا كَانَ الْمُعْتِق مُوسِرًا عَلَى مَذَاهِب أَحَدهَا وَهُوَ الصَّحِيح فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ , وَبِهِ قَالَ اِبْن شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَابْن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق وَبَعْض الْمَالِكِيَّة أَنَّهُ عَتَقَ بِنَفْسِ الْإِعْتَاق وَيُقَوَّم عَلَيْهِ نَصِيب شَرِيكه بِقِيمَتِهِ يَوْم الْإِعْتَاق وَيَكُون وَلَاء جَمِيعه لِلْمُعْتِقِ , وَحُكْمه مِنْ حِين الْإِعْتَاق حُكْم الْأَحْرَار فِي الْمِيرَاث وَغَيْره , وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ إِلَّا الْمُطَالَبَة بِقِيمَةِ نَصِيبه كَمَا لَوْ قَتَلَهُ قَالَ هَؤُلَاءِ وَلَوْ أَعْسَرَ الْمُعْتِق بَعْد ذَلِكَ اِسْتَمَرَّ نُفُوذ الْعِتْق وَكَانَتْ الْقِيمَة دَيْنًا فِي ذِمَّته , وَلَوْ مَاتَ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَته , فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَة ضَاعَتْ الْقِيمَة وَاسْتَمَرَّ عِتْق جَمِيعه.
قَالُوا وَلَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيك نَصِيبه بَعْد إِعْتَاق الْأَوَّل نَصِيبه كَانَ إِعْتَاقه لَغْوًا.
لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ كُلّه حُرًّا.
وَالْمَذْهَب الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَعْتِق إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَة , وَهُوَ الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب مَالِك.
وَبِهِ قَالَ أَهْل الظَّاهِر , وَهُوَ قَوْل لِلشَّافِعَيِّ.
وَالثَّالِث مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة لِلشَّرِيكِ الْخِيَار إِنْ شَاءَ اُسْتُسْعِيَ الْعَبْد فِي نِصْف قِيمَته وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبه وَالْوَلَاء بَيْنهمَا وَإِنْ شَاءَ قُوِّمَ نَصِيبه عَلَى شَرِيكه الْمُعْتِق ثُمَّ يَرْجِع الْمُعْتِق بِمَا دَفَعَ إِلَى شَرِيكه عَلَى الْعَبْد يَسْتَسْعِيه فِي ذَلِكَ وَالْوَلَاء كُلّه لِلْمُعْتِقِ قَالَ وَالْعَبْد فِي مُدَّة السِّعَايَة بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَب فِي كُلّ أَحْكَامه.
هَذَا كُلّه فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِق لِنَصِيبِهِ مُوسِرًا.
فَأَمَّا إِذَا كَانَ مُعْسِرًا حَالَ الْإِعْتَاق فَفِيهِ مَذَاهِب أَيْضًا أَحَدهَا مَذْهَب مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَأَبِي عُبَيْد وَمُوَافِقِيهِمْ يَنْفُذ الْعِتْق فِي نَصِيب الْمُعْتِق فَقَطْ وَلَا يُطَالِب الْمُعْتِق بِشَيْء وَلَا يُسْتَسْعَى الْعَبْد بَلْ يَبْقَى نَصِيب الشَّرِيك رَقِيقًا كَمَا كَانَ , وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُور عُلَمَاء الْحِجَاز لِحَدِيثِ اِبْن عُمَر.
الْمَذْهَب الثَّانِي مَذْهَب اِبْن شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَة وَابْن أَبِي لَيْلَى وَسَائِر الْكُوفِيِّينَ وَإِسْحَاق يُسْتَسْعَى الْعَبْد فِي حِصَّة الشَّرِيك , وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي رُجُوع الْعَبْد بِمَا أَدَّى فِي سِعَايَته عَلَى مُعْتِقه فَقَالَ اِبْن أَبِي لَيْلَى يَرْجِع عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَصَاحِبَاهُ لَا يَرْجِع , ثُمَّ هُوَ عِنْد أَبَى حَنِيفَة فِي مُدَّة السِّعَايَة بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَب وَعِنْد الْآخَرِينَ هُوَ حُرّ بِالسِّرَايَةِ ثُمَّ ذَكَرَ النَّوَوِيّ بَاقِي الْمَذَاهِب ثُمَّ قَالَ أَمَّا إِذَا مَلَكَ الْإِنْسَان عَبْدًا بِكَمَالِهِ فَأَعْتَقَ بَعْضه فَيَعْتِق كُلّه فِي الْحَال بِغَيْرِ اِسْتِسْعَاء هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَالك وَأَحْمَد وَالْعُلَمَاء كَافَّة وَانْفَرَدَ أَبُو حَنِيفَة فَقَالَ يُسْتَسْعَى فِي بَقِيَّته لِمَوْلَاهُ وَخَالَفَهُ أَصْحَابه فِي ذَلِكَ فَقَالُوا بِقَوْلِ الْجُمْهُور وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَرَبِيعَة وَحَمَّاد وَرِوَايَة عَنْ الْحَسَن كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة وَقَالَهُ أَهْل الظَّاهِر عَنْ الشَّعْبِيّ وَعُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن الْعَنْبَرِيّ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْتِق مِنْ عَبْده مَا شَاءَ اِنْتَهَى.
فَإِنْ قُلْت : حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الْمَذْكُور يَدُلّ عَلَى ثُبُوت الِاسْتِسْعَاء وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر يَدُلّ عَلَى تَرْكه فَكَيْف التَّوْفِيق بَيْنهمَا.
قُلْت : إِنَّ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحَانِ لَا يُشَكّ فِي صِحَّتهمَا وَاتَّفَقَ عَلَى إِخْرَاجهمَا الشَّيْخَانِ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم.
وَقَدْ جَمَعَ بَيْن الْحَدِيثَيْنِ الْأَئِمَّة الْحُذَّاق مِنْهُمْ الْبُخَارِيّ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرهمْ.
قَالَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه بَعْد إِخْرَاج حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر مِنْ طُرُق شَتَّى : بَاب إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبًا فِي عَبْد وَلَيْسَ لَهُ مَال اُسْتُسْعِيَ الْعَبْد غَيْر مَشْقُوق عَلَيْهِ عَلَى نَحْو الْكِتَابَة اِنْتَهَى.
فَأَشَارَ الْبُخَارِيّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ أَيْ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِق لَا مَال لَهُ يَبْلُغ قِيمَة بَقِيَّة الْعَبْد فَقَدْ تَنَجَّزَ عِتْق الْجُزْء الَّذِي كَانَ يَمْلِكهُ وَبَقِيَ الْجُزْء الَّذِي لِشَرِيكِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلًا إِلَى أَنْ يُسْتَسْعَى الْعَبْد فِي تَحْصِيل الْقَدْر الَّذِي يَخْلُص بِهِ بَاقِيه مِنْ الرِّقّ إِنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ , فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسه اِسْتَمَرَّتْ حِصَّة الشَّرِيك مَوْقُوفَة , وَهُوَ مَصِير مِنْ الْبُخَارِيّ إِلَى الْقَوْل بِصِحَّةِ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا وَالْحُكْم بِرَفْعِ الزِّيَادَتَيْنِ مَعًا وَهُمَا قَوْله فِي حَدِيث اِبْن عُمَر وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ , وَقَوْله فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فَاسْتُسْعِيَ بِهِ غَيْر مَشْقُوق عَلَيْهِ.
قَالَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح.
وَأَمَّا الطَّحَاوِيُّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ أَوَّلًا حَدِيث اِبْن عُمَر ثُمَّ قَالَ فَثَبَتَ أَنَّ مَا رَوَاهُ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُوسِر خَاصَّة فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُر فِي حُكْم عَتَاق الْمُعْسِر كَيْف هُوَ فَقَالَ قَائِلُونَ قَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ دَلِيل أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْد لَمْ يَدْخُلهُ عَتَاق فَهُوَ رَقِيق لِلَّذِي لَمْ يَعْتِق عَلَى حَاله وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا بَلْ يَسْعَى الْعَبْد فِي نِصْف قِيمَته لِلَّذِي لَمْ يُعْتِقهُ , وَكَانَ مِنْ الْحُجَّة لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ اِبْن عُمَر وَزَادَ عَلَيْهِ شَيْئًا بَيَّنَ بِهِ كَيْف حُكْمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْد بَعْد نَصِيب الْمُعْتِق ثُمَّ سَاقَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَقَالَ بَعْد ذَلِكَ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيث فِيهِ مَا فِي حَدِيث اِبْن عُمَر وَفِيهِ وُجُوب السِّعَايَة عَلَى الْعَبْد إِذَا كَانَ مُعْتِقه مُعْسِرًا , ثُمَّ رَوَى حَدِيث أَبِي الْمَلِيح عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ بَعْد ذَلِكَ : فَدَلَّ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيك عَلَى أَنَّ الْعَتَاق إِذَا وَجَبَ بِبَعْضِ الْعَبْد لِلَّهِ اِنْتَفَى أَنْ يَكُون لِغَيْرِهِ عَلَى بَقِيَّته مِلْك , فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ إِعْتَاق الْمُوسِر وَالْمُعْسِر جَمِيعًا يُبَرِّئَانِ الْعَبْد مِنْ الرِّقّ , فَقَدْ وَافَقَ حَدِيث أَبِي الْمَلِيح أَيْضًا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة , وَزَادَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَلَى حَدِيث أَبِي الْمَلِيح وَعَلَى حَدِيث اِبْن عُمَر وُجُوب السِّعَايَة لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِق إِذَا كَانَ الْمُعْتِق مُعْسِرًا.
فَتَصْحِيح هَذِهِ الْآثَار يُوجِب الْعَمَل بِذَلِكَ وَيُوجِب الضَّمَان عَلَى الْمُعْتِق الْمُوسِر لِشَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِق وَلَا يَجِب الضَّمَان عَلَى الْمُعْتِق الْمُعْسِر , وَلَكِنَّ الْعَبْد يَسْعَى فِي ذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِق.
وَهَذَا قَوْل أَبِي يُوسُف وَمُحَمَّد وَبِهِ نَأْخُذ اِنْتَهَى.
وَفِي فَتْح الْبَارِي : وَعُمْدَة مَنْ ضَعَّفَ حَدِيث الِاسْتِسْعَاء فِي حَدِيث اِبْن عُمَر قَوْله وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ , وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ فِي حَقّ الْمُعْسِر وَأَنَّ الْمَفْهُوم مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْجُزْء الَّذِي لِشَرِيكِ الْمُعْتِق بَاقٍ عَلَى حُكْمه الْأَوَّل وَلَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيح بِأَنْ يَسْتَمِرّ رَقِيقًا وَلَا فِيهِ التَّصْرِيح بِأَنَّهُ يَعْتِق كُلّه.
فَلِلَّذِي صَحَّحَ رَفْع الِاسْتِسْعَاء أَنْ يَقُول مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْمُعْسِر إِذَا أَعْتَقَ حِصَّته لَمْ يَسْرِ الْعِتْق فِي حِصَّة شَرِيكه بَلْ تَبْقَى حِصَّة شَرِيكه عَلَى حَالهَا وَهِيَ الرِّقّ ثُمَّ يُسْتَسْعَى فِي عِتْق بَقِيَّته فَيُحَصِّل ثَمَن الْجُزْء الَّذِي لِشَرِيكِ سَيِّده وَيَدْفَعهُ إِلَيْهِ وَيَعْتِق , وَجَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُكَاتَبِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيّ.
وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ فِي ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ لِقَوْلِهِ غَيْر مَشْقُوق عَلَيْهِ , فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل اللُّزُوم بِأَنْ يُكَلَّف الْعَبْد الِاكْتِسَاب وَالطَّلَب حَتَّى يَحْصُل ذَلِكَ لَحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ غَايَة الْمَشَقَّة وَهُوَ لَا يَلْزَم فِي الْكِتَابَة بِذَلِكَ عِنْد الْجُمْهُور لِأَنَّهَا غَيْر وَاجِبَة فَهَذِهِ مِثْلهَا وَإِلَى هَذَا الْجَمْع مَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ لَا يَبْقَى بَيْن الْحَدِيثَيْنِ مُعَارَضَة أَصْلًا , وَهُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنَّهُ يَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَبْقَى الرِّقّ فِي حِصَّة الشَّرِيك إِذَا لَمْ يَخْتَرْ الْعَبْد الِاسْتِسْعَاء فَيُعَارِضهُ حَدِيث أَبِي الْمَلِيح عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
وَحَدِيث سَمُرَة عِنْد أَحْمَد بِلَفْظِ : أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوك فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ كُلّه فَلَيْسَ لِلَّهِ شَرِيك , وَيُمْكِن حَمْله عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِق غَنِيًّا أَوْ عَلَى مَا إِذَا كَانَ جَمِيعه لَهُ فَأَعْتَقَ بَعْضه , فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق مِلْقَام بْن التَّلِب عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ نَصِيبه مِنْ مَمْلُوك فَلَمْ يُضَمِّنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَحْمُول عَلَى الْمُعْسِر وَإِلَّا لَتَعَارَضَا اِنْتَهَى.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةً لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ ثُمَّ يُعْتَقُ
عن ابن التلب، عن أبيه، أن رجلا أعتق نصيبا له من مملوك «فلم يضمنه النبي صلى الله عليه وسلم» قال أحمد: «إنما هو بالتاء يعني التلب وكان شعبة ألثغ لم يبين...
عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال موسى: في موضع آخر عن سمرة بن جندب فيما يحسب حماد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ملك ذا رحم محرم...
عن قتادة، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «من ملك ذا رحم محرم فهو حر»
عن الحسن، قال: «من ملك ذا رحم محرم فهو حر» (1) 3952- عن قتادة، عن جابر بن زيد، والحسن مثله قال أبو داود: سعيد أحفظ من حماد.<br> (2)
عن سلامة بنت معقل، - امرأة من خارجة قيس عيلان - قالت: قدم بي عمي في الجاهلية، فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو، فولدت له عبد الرحمن بن ا...
عن جابر بن عبد الله، قال: «بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا»
عن جابر بن عبد الله، أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر منه، ولم يكن له مال غيره، «فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فبيع بسبع مائة أو بتسع مائة»(1) 3956...
عن جابر، أن رجلا، من الأنصار يقال: له أبو مذكور أعتق غلاما له يقال له يعقوب عن دبر ولم يكن له مال غيره فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «من...
عن عمران بن حصين، أن رجلا، أعتق ستة أعبد عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، «فقال له قولا شديدا»، ثم دعاهم فجزأهم ثلاث...