3950-
عن سعد بن معاذ أنه قال: «كان صديقا لأمية بن خلف، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انطلق سعد معتمرا، فنزل على أمية بمكة، فقال لأمية: انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريبا من نصف النهار، فلقيهما أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، من هذا معك؟ فقال: هذا سعد، فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد أويتم الصباة، وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم، أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما.
فقال له سعد، ورفع صوته عليه:أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه، طريقك على المدينة، فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم، سيد أهل الوادي، فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنهم قاتلوك.
قال: بمكة؟ قال: لا أدري، ففزع لذلك أمية فزعا شديدا، فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي، فقلت له: بمكة، قال: لا أدري، فقال أمية: والله لا أخرج من مكة، فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال: أدركوا عيركم، فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي، تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذ غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة، ثم قال أمية: يا أم صفوان جهزيني، فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا، فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره، فلم يزل بذلك، حتى قتله الله عز وجل ببدر.»
(الصباة) جمع صابئ، وهو المائل عن دينه إلى دين غيره، ويقصد المسلمين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة.
(عيركم) هي الإبل التي تحمل الأرزاق ونحوها.
(أجوز) أنفذ أسلك.
(عقل بعيره) ربط إحدى يديه حتى لا يذهب بعيدا عنه.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( شُرَيْح ) هُوَ بِمُعْجَمَةٍ وَآخِره مُهْمَلَة , وَإِبْرَاهِيم بْن يُوسُف عَنْ أَبِيهِ هُوَ يُوسُف بْن إِسْحَاق السَّبِيعِيّ.
قَوْله : ( أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود حَدَّثَ عَنْ سَعْد بْن مُعَاذ قَالَ كَانَ صَدِيقًا ) فِيهِ اِلْتِفَات عَلَى رَأْي , وَالسِّيَاق يَقْتَضِي أَنْ يَقُول كُنْت صَدِيقًا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون " قَالَ " زَائِدَة وَيَكُون قَوْله " قَالَ " مِنْ كَلَام اِبْن مَسْعُود , وَالْمُرَاد سَعْد بْن مُعَاذ , وَهِيَ رِوَايَة النَّسَفِيّ.
قَوْله : ( عَلَى أُمَيَّة ) بْن خَلَف وَوَقَعَ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة مِنْ طَرِيق إِسْرَائِيل عَنْ اِبْن إِسْحَاق " أُمَيَّة بْن خَلَف بْن صَفْوَان " , كَذَا لِلْمَرْوَزِيّ , وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق إِسْرَائِيل , وَالصَّوَاب مَا عِنْد الْبَاقِينَ " أُمَيَّة بْن خَلَف أَبِي صَفْوَان " , وَعِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ " أَبِي صَفْوَان أُمَيَّة بْن خَلَف " وَهِيَ كُنْيَة أُمَيَّة كُنِّيَ بِابْنِهِ صَفْوَان بْن أُمَيَّة , وَكَذَلِكَ اِتَّفَقَ أَصْحَاب أَبِي إِسْحَاق ثُمَّ أَصْحَاب إِسْرَائِيل عَلَى أَنَّ الْمَنْزُول عَلَيْهِ أُمَيَّة بْن خَلَف , وَخَالَفَهُمْ أَبُو عَلِيّ الْحَنَفِيّ فَقَالَ : نَزَلَ عَلَى عُتْبَة بْن رَبِيعَة , وَسَاقَ الْقِصَّة كُلّهَا , أَخْرَجَهُ الْبَزَّار.
وَقَوْل الْجَمَاعَة أَوْلَى , وَعُتْبَة بْن رَبِيعَة قُتِلَ بِبَدْرٍ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَارِهًا فِي الْخُرُوج مِنْ مَكَّة إِلَى بَدْر , وَإِنَّمَا حَرَّضَ النَّاس عَلَى الرُّجُوع بَعْد أَنْ سَلِمَتْ تِجَارَتهمْ فَخَالَفَهُ أَبُو جَهْل , وَفِي سِيَاق الْقِصَّة الْبَيَان الْوَاضِح أَنَّهَا لِأُمَيَّة بْن خَلَف لِقَوْلِهِ فِيهَا " فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُمّ صَفْوَان " وَلَمْ يَكُنْ لِعُتْبَة بْن رَبِيعَة اِمْرَأَة يُقَال لَهَا أُمّ صَفْوَان.
قَوْله : ( فَقَالَ ) أَيْ سَعْد بْن مُعَاذ ( لِأُمَيَّة ) بْن خَلَف ( اُنْظُرْ لِي سَاعَة خَلْوَة ) فِي رِوَايَة إِسْرَائِيل " فَقَالَ أُمَيَّة لِسَعْدٍ : أَلَا تَنْظُر حَتَّى يَكُون نِصْف النَّهَار " وَالْجَمْع بَيْنهمَا بِأَنَّ سَعْدًا سَأَلَهُ وَأَشَارَ عَلَيْهِ أُمَيَّة , وَإِنَّمَا اِخْتَارَ لَهُ نِصْف النَّهَار لِأَنَّهُ مَظِنَّة الْخَلْوَة.
قَوْله : ( أَلَا أَرَاك ) بِتَخْفِيفِ اللَّام لِلِاسْتِفْتَاحِ , وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ هَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَهِيَ مُرَادَة.
قَوْله : ( آوَيْتُمْ ) بِالْمَدِّ وَالْقَصْر , وَالصُّبَاة بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة جَمْع صَابِي بِمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَة ثُمَّ تَحْتَانِيَّة خَفِيفَة بِغَيْرِ هَمْز وَهُوَ الَّذِي يَنْتَقِل مِنْ دِين إِلَى دِين , وَفِي رِوَايَة إِسْرَائِيل " وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه ".
قَوْله : ( طَرِيقك عَلَى الْمَدِينَة ) أَيْ مَا يُقَارِبهَا أَوْ يُحَاذِيهَا , قَالَا الْكَرْمَانِيُّ : طَرِيقك بِالنَّصْبِ وَالرَّفْع.
قُلْت : النَّصْب أَصَحّ لِأَنَّ عَامِله لَأَمْنَعَنك , فَهُوَ بَدَل مِنْ قَوْله مَا هُوَ أَشَدّ عَلَيْك , وَأَمَّا الرَّفْع فَيَحْتَاج إِلَى تَقْدِير.
وَفِي رِوَايَة إِسْرَائِيل مَتْجَرك إِلَى الشَّام , وَهُوَ الْمُرَاد بِقَطْعِ طَرِيقه عَلَى الْمَدِينَة.
قَوْله : ( عَلَى أَبِي الْحَكَم ) هِيَ كُنْيَة أَبِي جَهْل , وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي لَقَّبَهُ بِأَبِي جَهْل.
قَوْله : ( فَوَاَللَّهِ لَقَدْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول إِنَّهُمْ قَاتَلُوك ) كَذَا أَتَى بِصِيغَةِ الْجَمْع وَالْمُرَاد الْمُسْلِمُونَ , أَوْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَكَرَهُ بِهَذِهِ الصِّيغَة تَعْظِيمًا , وَفِي بَقِيَّة سِيَاق الْقِصَّة مَا يُؤَيِّد هَذَا الثَّانِي , وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ " قَاتِلِيك " بِتَحْتَانِيَّةٍ بَدَل الْوَاو وَقَالُوا هِيَ لَحْن , وَوُجِّهَتْ بِحَذْفِ الْأَدَاة وَالتَّقْدِير أَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَاتِلِيك , وَفِي رِوَايَة إِسْرَائِيل " أَنَّهُ قَاتِلك " بِالْإِفْرَادِ , وَقَدْ قَدَّمْت فِي " عَلَامَات النُّبُوَّة " بَيَان وَهْم الْكَرْمَانِيّ فِي شَرْح هَذَا الْمَوْضِع وَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الضَّمِير لِأَبِي جَهْل فَاسْتَشْكَلَهُ فَقَالَ إِنَّ أَبَا جَهْل لَمْ يَقْتُل أُمَيَّة , ثُمَّ تَأَوَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي خُرُوجه حَتَّى قُتِلَ.
قُلْت : وَرِوَايَة الْبَاب كَافِيَة فِي الرَّدّ عَلَيْهِ , فَإِنَّ فِيهَا " أَنَّ أُمَيَّة قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إِنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَاتِلِي " وَلَمْ يَتَقَدَّم فِي كَلَامه لِأَبِي جَهْل ذِكْر.
قَوْله : ( فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّة فَزَعًا شَدِيدًا ) بَيَّنَ سَبَب فَزَعه فِي رِوَايَة إِسْرَائِيل فَفِيهَا " قَالَ فَوَاَللَّهِ مَا يَكْذِب مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ " وَوَقَعَ عِنْد الْبَيْهَقِيِّ " فَقَالَ وَاَللَّه مَا يَكْذِب مُحَمَّد , فَكَادَ أَنْ يُحْدِث " كَذَا وَقَعَ عِنْده بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّة وَسُكُون الْمُهْمَلَة وَكَسْر الدَّال مِنْ الْحَدَث وَهُوَ خُرُوج الْخَارِج مِنْ أَحَد السَّبِيلَيْنِ , وَالضَّمِير لِأُمَيَّة أَيْ أَنَّهُ كَادَ أَنْ يَخْرُج مِنْهُ الْحَدَث مِنْ شِدَّة فَزَعه , وَمَا أَظُنّ ذَلِكَ إِلَّا تَصْحِيفًا.
قَوْله : ( فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّة إِلَى أَهْله ) أَيْ اِمْرَأَته ( فَقَالَ يَا أُمّ صَفْوَان ) هِيَ كُنْيَتهَا , وَاسْمهَا صَفِيَّة وَيُقَال كَرِيمَة بِنْت مَعْمَر بْن حَبِيب بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جُمَح , وَهِيَ مِنْ رَهْط أُمَيَّة فَأُمَيَّة اِبْن عَمّ أَبِيهَا , وَقِيلَ اِسْمهَا فَاخِتَة بِنْت الْأَسْوَد.
قَوْله : ( مَا قَالَ لِي سَعْد ) وَفِي رِوَايَة إِسْرَائِيل " مَا قَالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيّ " ذَكَرَ الْأُخُوَّة بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ بَيْنهمَا مِنْ الْمُؤَاخَاة فِي الْجَاهِلِيَّة , وَنَسَبَهُ إِلَى يَثْرِب وَهُوَ اِسْم الْمَدِينَة قَبْل الْإِسْلَام.
قَوْله : ( فَقُلْت لَهُ : بِمَكَّة ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي.
فَقَالَ أُمَيَّة : وَاَللَّه لَا أَخْرُج مِنْ مَكَّة ) يُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ الْأَخْذ بِالْمُحْتَمَلِ حَيْثُ يَتَحَقَّق الْهَلَاك فِي غَيْره أَوْ يَقْوَى الظَّنّ أَوْلَى.
قَوْله : ( فَلَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر ) زَادَ إِسْرَائِيل " وَجَاءَ الصَّرِيخ " وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى مَا أَخْرَجَهُ اِبْن إِسْحَاق كَمَا تَقَدَّمَ قَبْل هَذَا الْبَاب , وَعَرَفَ أَنَّ اِسْم الصَّرِيخ ضَمْضَم بْن عَمْرو الْغِفَارِيُّ , وَذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق بِأَسَانِيدِهِ أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إِلَى مَكَّة جَدَعَ بَعِيره وَحَوَّلَ رَحْله وَشَقَّ قَمِيصه وَصَرَخَ : يَا مَعْشَر قُرَيْش أَمْوَالكُمْ مَعَ أَبِي سُفْيَان قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمَّد , الْغَوْث الْغَوْث.
قَوْله : ( أَدْرِكُوا عِيركُمْ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة أَيْ الْقَافِلَة الَّتِي كَانَتْ مَعَ أَبِي سُفْيَان.
قَوْله : ( إِنَّك مَتَى يَرَاك النَّاس ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ وَحْده " مَتَى مَا يَرَاك النَّاس " بِزِيَادَةِ " مَا " وَهِيَ الزَّائِدَة الْكَافَّة عَنْ الْعَمَل , وَبِحَذْفِهَا كَانَ حَقّ الْأَلِف مِنْ " يَرَاك " أَنْ تُحْذَف , لِأَنَّ مَتَى لِلشَّرْطِ وَهِيَ تَجْزِم الْفِعْل الْمُضَارِع , قَالَ اِبْن مَالِك : يُخَرَّجُ ثُبُوت الْأَلِف عَلَى أَنَّ قَوْله " يَرَاك " مُضَارِع رَاءٍ بِتَقْدِيمِ الْأَلِف عَلَى الْهَمْزَة وَهِيَ لُغَة فِي رَأْي قَالَ الشَّاعِر : إِذَا رَآنِي أَبْدَى بَشَاشَة وَاصِل وَمُضَارِعه يُرَاءَ بِمَدِّ ثُمَّ هَمْز , فَلَمَّا جُزِمَتْ حُذِفَتْ الْأَلِف ثُمَّ أُبْدِلَتْ الْهَمْزَة أَلِفًا فَصَارَ يَرَا , وَعَلَى أَنَّ مَتَى شُبِّهَتْ بِإِذَا فَلَمْ يُجْزَم بِهَا , وَهُوَ كَقَوْلِ عَائِشَة الْمَاضِي فِي الصَّلَاة فِي أَبِي بَكْر " مَتَى يَقُوم مَقَامك " أَوْ عَلَى إِجْرَاء الْمُعْتَلّ مَجْرَى الصَّحِيح كَقَوْلِ الشَّاعِر : وَلَا تَرْضَاهَا وَلَا تَمْلَق أَوْ عَلَى الْإِشْبَاع كَمَا قُرِئَ ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي ).
قُلْت : وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ " مَتَى يَرَك النَّاس " بِحَذْفِ الْأَلِف وَهُوَ الْوَجْه.
قَوْله : ( وَأَنْتَ سَيِّد أَهْل الْوَادِي ) أَيْ وَادِي مَكَّة , قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أُمَيَّة وَصَفَ بِهَا أَبَا جَهْل لَمَّا خَاطَبَ سَعْدًا بِقَوْلِهِ " لَا تَرْفَع صَوْتك عَلَى أَبِي الْحَكَم وَهُوَ سَيِّد أَهْل الْوَادِي " فَتَقَارَضَا الثَّنَاء وَكَانَ كُلّ مِنْهُمَا سَيِّدًا فِي قَوْمه.
قَوْله : ( فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْل ) بَيَّنَ اِبْن إِسْحَاق الصِّفَة الَّتِي كَادَ بِهَا أَبُو جَهْل أُمَيَّةَ حَتَّى خَالَفَ رَأْي نَفْسه فِي تَرْك الْخُرُوج مِنْ مَكَّة فَقَالَ " حَدَّثَنِي اِبْن أَبِي نَجِيح أَنَّ أُمَيَّة بْن خَلَف كَانَ قَدْ أَجْمَع عَلَى عَدَم الْخُرُوج , وَكَانَ شَيْخًا جَسِيمًا , فَأَتَاهُ عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط بِمَجْمَرَةٍ حَتَّى وَضَعَهَا بَيْن يَدَيْهِ فَقَالَ : إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ النِّسَاء , فَقَالَ : قَبَّحَك اللَّه ".
وَكَأَنَّ أَبَا جَهْل سَلَّطَ عُقْبَة عَلَيْهِ حَتَّى صَنَعَ بِهِ ذَلِكَ , وَكَانَ عُقْبَة سَفِيهًا.
قَوْله : ( لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَد بَعِير بِمَكَّة ) يَعْنِي فَأَسْتَعِدّ عَلَيْهِ لِلْهَرَبِ إِذَا خِفْت شَيْئًا.
قَوْله : ( ثُمَّ قَالَ أُمَيَّة ) فِي الْكَلَام حَذْف تَقْدِيره : فَاشْتَرَى الْبَعِير الَّذِي ذَكَرَ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ.
قَوْله : ( لَا يَتْرُك مَنْزِلًا إِلَّا عَقَلَ بَعِيره ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " يَنْزِل " بِنُونٍ وَزَاي وَلَام مِنْ النُّزُول وَهِيَ أَوْجَه مِنْ رِوَايَة غَيْره " يَتْرُك " بِمُثَنَّاةٍ وَرَاء وَكَاف.
قَوْله : ( فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْله : ( حَتَّى قَتَلَهُ اللَّه بِبَدْرٍ ) تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَة حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف فِي صِفَة قَتْله , وَسَتَأْتِي الْإِشَارَة إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَة.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيّ أَنَّ الَّذِي وَلِيَ قَتْله خُبَيْب وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَة مُصَغَّر , اِبْن إِسَاف بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَمُهْمَلَة خَفِيفَة الْأَنْصَارِيّ , وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق : قَتَلَهُ رَجُل مِنْ بَنِي مَازِن مِنْ الْأَنْصَار.
وَقَالَ اِبْن هِشَام : يُقَال اِشْتَرَكَ فِيهِ مُعَاذ ابْن عَفْرَاء وَخَارِجَة بْن زَيْد وَخُبَيْب الْمَذْكُور.
وَذَكَرَ الْحَاكِم فِي " الْمُسْتَدْرَك " أَنَّ رِفَاعَة بْن رَافِع طَعَنَهُ بِالسَّيْفِ , وَيُقَال قَتَلَهُ بِلَال.
وَأَمَّا اِبْنه عَلِيّ بْن أُمَيَّة فَقَتَلَهُ عَمَّار.
وَفِي الْحَدِيث مُعْجِزَات لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرَة , وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَعْد بْن مُعَاذ مِنْ قُوَّة النَّفْس وَالْيَقِين.
وَفِيهِ أَنَّ شَأْن الْعُمْرَة كَانَ قَدِيمًا , وَأَنَّ الصَّحَابَة كَانَ مَأْذُونًا لَهُمْ فِي الِاعْتِمَار مِنْ قَبْل أَنْ يَعْتَمِر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ الْحَجّ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ صَدِيقًا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ وَكَانَ سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ فَقَالَ لِأُمَيَّةَ انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ يَا أَبَا صَفْوَانَ مَنْ هَذَا مَعَكَ فَقَالَ هَذَا سَعْدٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ أَلَا أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا وَقَدْ أَوَيْتُمْ الصُّبَاةَ وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّكَ مَعَ أَبِي صَفْوَانَ مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي هَذَا لَأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ طَرِيقَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ سَيِّدِ أَهْلِ الْوَادِي فَقَالَ سَعْدٌ دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّةُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ قَالَ بِمَكَّةَ قَالَ لَا أَدْرِي فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ يَا أُمَّ صَفْوَانَ أَلَمْ تَرَيْ مَا قَالَ لِي سَعْدٌ قَالَتْ وَمَا قَالَ لَكَ قَالَ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ فَقُلْتُ لَهُ بِمَكَّةَ قَالَ لَا أَدْرِي فَقَالَ أُمَيَّةُ وَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ قَالَ أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ يَا أَبَا صَفْوَانَ إِنَّكَ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي تَخَلَّفُوا مَعَكَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْلٍ حَتَّى قَالَ أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِي فَوَاللَّهِ لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِي فَقَالَتْ لَهُ يَا أَبَا صَفْوَانَ وَقَدْ نَسِيتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ قَالَ لَا مَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلَّا قَرِيبًا فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ أَخَذَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا عَقَلَ بَعِيرَهُ فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبَدْرٍ
عن كعب بن مالك رضي الله عنه يقول: «لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني تخلفت عن غزوة بدر، ولم يعاتب أحد ت...
عن ابن مسعود يقول: «شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا، لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين، فقال: لا...
عن ابن عباس قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد.<br> فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج وهو يقول...
عن ابن عباس : أنه سمعه يقول: «{لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر، والخارجون إلى بدر.»
عن البراء قال: «استصغرت أنا وابن عمر».<br> 3956- عن البراء قال: «استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر، وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين، والأنصار...
عن البراء رضي الله عنه يقول: «حدثني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا: أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت، الذين جازوا معه النهر، بضعة عشر وثلاثمائ...
عن البراء قال: «كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث: أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت، الذين جاوزوا معه النهر، ولم يجاوز معه إلا مؤمن، بضعة ع...
عن البراء رضي الله عنه قال: «كنا نتحدث: أن أصحاب بدر ثلاثمائة وبضعة عشر، بعدة أصحاب طالوت، الذين جاوزوا معه النهر، وما جاوز معه إلا مؤمن.»
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة، فدعا على نفر من قريش: على شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن ع...