4756-
عن مسروق قال: «دخل حسان بن ثابت على عائشة فشبب وقال:
حصان رزان ما تزن بريبة .
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
قالت: لست كذاك، قلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك، وقد أنزل الله: {والذي تولى كبره منهم} فقالت: وأي عذاب أشد من العمى، وقالت: وقد كان يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( فَشَبَّبَ ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَة أَيْ تَغَزَّلَ , يُقَال شَبَّبَ الشَّاعِر بِفُلَانَةَ أَيْ عَرَّضَ بِحُبِّهَا وَذِكْر حُسْنهَا , وَالْمُرَاد تَرْقِيق الشِّعْر بِذِكْرِ النِّسَاء , وَقَدْ يُطْلَق عَلَى إِنْشَاد الشِّعْر وَإِنْشَائِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غَزَل كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيث أُمّ مَعْبَد " فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّان شِعْر الْهَاتِف شَبَّبَ يُجَارِيه " أَخَذَ فِي نَظْم جَوَابه.
قَوْله : ( حَصَان ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة قَالَ السُّهَيْلِيُّ : هَذَا الْوَزْن يَكْثُر فِي أَوْصَاف الْمُؤَنَّث وَفِي الْإِعْلَام مِنْهَا كَأَنَّهُمْ قَصَدُوا بِتَوَالِي الْفَتَحَات مُشَاكَلَة خِفَّة اللَّفْظ لِخِفَّةِ الْمَعْنَى " حَصَان " مِنْ الْحُصَيْن وَالتَّحْصِين يُرَاد بِهِ الِامْتِنَاع عَلَى الرِّجَال وَمِنْ نَظَرهمْ إِلَيْهَا , وَقَوْله : " رَزَان " مِنْ الرَّزَانَة يُرَاد قِلَّة الْحَرَكَة , " وَتُزَنُّ " بِضَمِّ أَوَّله ثُمَّ زَاي ثُمَّ نُون ثَقِيلَة أَيْ تُرْمَى , وَقَوْله : " غَرْثَى " بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء ثُمَّ مُثَلَّثَة أَيْ خَمِيصَة الْبَطْن أَيْ لَا تَغْتَاب أَحَدًا , وَهِيَ اِسْتِعَارَة فِيهَا تَلْمِيح بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُغْتَاب : ( أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ يَأْكُل لَحْم أَخِيهِ مَيْتًا ).
وَ " الْغَوَافِل " جَمْع غَافِلَة وَهِيَ الْعَفِيفَة الْغَافِلَة عَنْ الشَّرّ , وَالْمُرَاد تَبْرِئَتهَا مِنْ اِغْتِيَاب النَّاس بِأَكْلِ لُحُومهمْ مِنْ الْغِيبَة , وَمُنَاسَبَة تَسْمِيَة " الْغِيبَة " بِأَكْلِ اللَّحْم أَنَّ اللَّحْم سَتْر عَلَى الْعَظْم , فَكَأَنَّ الْمُغْتَاب يَكْشِف مَا عَلَى مَنْ اِغْتَابَهُ مِنْ سِتْر.
وَزَادَ اِبْن هِشَام فِي السِّيرَة فِي هَذَا الشِّعْر عَلَى أَبِي زَيْد الْأَنْصَارِيّ : عَقِيلَة حَيّ مِنْ لُؤَيّ بْن غَالِب كِرَام الْمَسَاعِي مَجْدهمْ غَيْر زَائِل مُهَذَّبَة قَدْ طَيَّبَ اللَّه خِيمهَا وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلّ سُوء وَبَاطِل وَفِيهِ عَنْ اِبْن إِسْحَاق : فَإِنْ كُنْت قَدْ قُلْت الَّذِي زَعَمُوا لَكُمْ فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي فَكَيْف وَوُدِّي مَا حَيِيت وَنُصْرَتِي لِآلِ رَسُول اللَّه زَيْن الْمَحَافِل وَزَادَ فِيهِ الْحَاكِم فِي رِوَايَة لَهُ مِنْ غَيْر رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق : حَلِيلَة خَيْر الْخَلْق دِينًا وَمَنْصِبًا نَبِيّ الْهُدَى وَالْمَكْرُمَات الْفَوَاضِل رَأَيْتُك وَلْيَغْفِرْ لَك اللَّه حُرَّة مِنْ الْمُحْصَنَات غَيْر ذَات الْغَوَائِل وَ " الْخِيم " بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة الْأَصْل الثَّابِت , وَأَصْله مِنْ الْخَيْمَة يُقَال خَام يَخِيم إِذَا أَقَامَ بِالْمَكَانِ.
قَوْله : ( فَقَالَتْ عَائِشَة : لَسْت كَذَاك ) ذَكَرَ اِبْن هِشَام عَنْ أَبِي عُبَيْدَة أَنَّ اِمْرَأَة مَدَحَتْ بِنْت حَسَّان بْن ثَابِت عِنْدَ عَائِشَة فَقَالَتْ : حَصَان رَزَان الْبَيْت.
فَقَالَتْ عَائِشَة : لَكِنْ أَبُوهَا.
وَهُوَ بِتَخْفِيفِ النُّون , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَمْكَنَ تَعَدُّد الْقِصَّة وَيَكُون قَوْله فِي بَعْض طُرُق رِوَايَة مَسْرُوق " يُشَبِّب بِبِنْتٍ لَهُ " بِالنُّونِ لَا بِالتَّحْتَانِيَّةِ , وَيَكُون نَظْم حَسَّان فِي بِنْته لَا فِي عَائِشَة , وَإِنَّمَا تَمَثَّلَ بِهِ , لَكِنْ بَقِيَّة الْأَبْيَات ظَاهِرَة فِي أَنَّهَا فِي عَائِشَة , وَهَذَا الْبَيْت فِي قَصِيدَة لِحَسَّانَ يَقُول فِيهَا : فَإِنْ كُنَّا قَدْ قُلْت الَّذِي زَعَمُوا لَكُمْ فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِقٍ بِك الدَّهْر بَلْ قِيل اِمْرِئ مُتَمَاحِل قَوْله : ( قَالَتْ : لَكِنْ أَنْتَ ) فِي رِوَايَة شُعَيْب " قَالَتْ : لَسْت كَذَاك " وَزَادَ فِي آخِره " وَقَالَتْ : قَدْ كَانَ يَرُدّ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَتَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْه آخَر عَنْ شُعْبَة بِلَفْظِ " أَنَّهُ كَانَ يُنَافِح أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَدَلَّ قَوْل عَائِشَة : " لَكِنْ أَنْتَ لَسْت كَذَلِكَ " عَلَى أَنَّ حَسَّان كَانَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ , وَهَذِهِ الزِّيَادَة الْأَخِيرَة تَقَدَّمَتْ هُنَاكَ مِنْ طَرِيق عُرْوَة عَنْ عَائِشَة أَتَمَّ مِنْ هَذَا , وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا فِي أَثْنَاء حَدِيث الْإِفْك مِنْ طَرِيق صَالِح بْن كَيْسَانَ عَنْ الزُّهْرِيّ " قَالَ عُرْوَة : كَانَتْ عَائِشَة تَكْرَه أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّان وَتَقُول : إِنَّهُ الَّذِي قَالَ : فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي لِعَرْضِ مُحَمَّد مِنْكُمْ وِقَاء " قَوْله : ( بَاب وَيُبَيِّن اللَّه لَكُم الْآيَات وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم ) ذَكَرَ فِيهِ بَعْض حَدِيث مَسْرُوق عَنْ عَائِشَة , وَقَدْ بَيَّنْت مَا فِيهِ فِي الْبَاب الَّذِي قَبْلَهُ , وَقَوْله فِي أَوَّل السَّنَد : " حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن كَثِير أَنْبَأَنَا سُلَيْمَان كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْر مَنْسُوب وَهُوَ سُلَيْمَان بْن كَثِير أَخُو مُحَمَّد الرَّاوِي عَنْهُ صَرَّحَ بِهِ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي زَيْد كَالْجَمَاعَةِ , وَعَنْ الْجُرْجَانِيِّ سُفْيَان بَدَل سُلَيْمَان , قَالَ أَبُو عَلِيّ الْجِيَّانِيُّ : وَسُلَيْمَان هُوَ الصَّوَاب.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ فَشَبَّبَ وَقَالَ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ قَالَتْ لَسْتَ كَذَاكَ قُلْتُ تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ } فَقَالَتْ وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنْ الْعَمَى وَقَالَتْ وَقَدْ كَانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن صفية بنت شيبة : أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تقول: «لما نزلت هذه الآية: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي، فاختمر...
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن رجلا قال: يا نبي الله يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن...
عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «سألت، أو سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ ق...
عن القاسم بن أبي بزة: أنه «سأل سعيد بن جبير: هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ فقرأت عليه: {ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق}.<br> فقال سعيد:...
عن سعيد بن جبير قال: «اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيه إلى ابن عباس، فقال: نزلت في آخر ما نزل، ولم ينسخها شيء.»
عن سعيد بن جبير قال: «سألت ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن قوله تعالى: {فجزاؤه جهنم} قال: لا توبة له.<br> وعن قوله جل ذكره: {لا يدعون مع الله إلها آخ...
عن سعيد بن جبير قال: قال ابن أبزى : «سئل ابن عباس، عن قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم}، وقوله: {ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا با...
عن سعيد بن جبير قال: «أمرني عبد الرحمن بن أبزى: أن أسأل ابن عباس، عن هاتين الآيتين: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} فسألته، فقال: لم ينسخها شيء، وعن: {والذين...
عن مسروق قال: قال عبد الله : «خمس قد مضين: الدخان، والقمر، والروم، والبطشة، واللزام، {فسوف يكون لزاما}».<br>