5269-
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم» قال قتادة: إذا طلق في نفسه فليس بشيء.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا مُسْلِم ) هُوَ اِبْن إِبْرَاهِيم , وَهِشَام هُوَ الدَّسْتُوَائِيّ.
قَوْله ( عَنْ زُرَارَة ) تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِ فِي أَوَائِل الْعِتْق , وَذَكَرْت فِيهِ بَعْض فَوَائِده , وَيَأْتِي بَقِيَّتهَا فِي كِتَاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور , وَقَوْله " مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسهَا " بِالْفَتْحِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّة , وَذَكَرَ الْمُطَرِّزِيّ عَنْ أَهْل اللُّغَة أَنَّهُمْ يَقُولُونَهُ بِالضَّمِّ يُرِيدُونَ بِغَيْرِ اِخْتِيَارهَا , وَقَدْ أَسْنَدَ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ قَالَ لَيْسَ عِنْد قَتَادَةَ حَدِيث أَحْسَن مِنْ هَذَا , وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة فِي أَنَّ الْمُوَسْوَسَ لَا يَقَع طَلَاقه وَالْمَعْتُوه وَالْمَجْنُون أَوْلَى مِنْهُ بِذَلِكَ , وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِهَذَا الْحَدِيث لِلْجُمْهُورِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِق وَنَوَى فِي نَفْسه ثَلَاثًا أَنَّهُ لَا يَقَع إِلَّا وَاحِدَة - خِلَافًا لِلشَّافِعَيَّ وَمَنْ وَافَقَهُ - قَالَ : لِأَنَّ الْخَبَر دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز وُقُوع الطَّلَاق بِنِيَّةٍ لَا لَفْظ مَعَهَا , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَفَظَ بِالطَّلَاقِ وَنَوَى الْفُرْقَة التَّامَّة فَهِيَ نِيَّة صَحِبَهَا لَفْظ ; وَاحْتُجَّ بِهِ أَيْضًا لِمَنْ قَالَ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا فُلَانَة وَنَوَى بِذَلِكَ طَلَاقهَا أَنَّهَا لَا تَطْلُق , خِلَافًا لِمَالِك وَغَيْره , لِأَنَّ الطَّلَاق لَا يَقَع بِالنِّيَّةِ دُون اللَّفْظ وَلَمْ يَأْتِ بِصِيغَةٍ لَا صَرِيحَة وَلَا كِنَايَة , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَتَبَ الطَّلَاق طَلُقَتْ اِمْرَأَته لِأَنَّهُ عَزَمَ بِقَلْبِهِ وَعَمَل بِكِتَابَتِهِ وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور , وَشَرْط مَالِك فِيهِ الْإِشْهَاد عَلَى ذَلِكَ , وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ : إِذَا طَلَّقَ نَفْسه طَلُقَتْ - وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ اِبْن سِيرِينَ وَالزُّهْرِيّ - وَعَنْ مَالِك رِوَايَة ذَكَرَهَا أَشْهَب عَنْهُ وَقَوَّاهَا اِبْن الْعَرَبِيّ , بِأَنَّ مَنْ اِعْتَقَدَ الْكُفْر بِقَلْبِهِ كَفَرَ وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى الْمَعْصِيَة أَثِمَ , وَكَذَلِكَ مَنْ رَاءَى بِعَمَلِهِ وَأُعْجِبَ , وَكَذَا مَنْ قَذَفَ مُسْلِمًا بِقَلْبِهِ , وَكُلّ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَال الْقَلْب دُون اللِّسَان.
وَأُجِيب بِأَنَّ الْعَفْو عَنْ حَدِيث النَّفْس مِنْ فَضَائِل هَذِهِ الْأُمَّة , وَالْمُصِرّ عَلَى الْكُفْر لَيْسَ مِنْهُمْ , وَبِأَنَّ الْمُصِرّ عَلَى الْمَعْصِيَة الْآثِم مَنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَمَل الْمَعْصِيَة لَا مَنْ لَمْ يَعْمَل مَعْصِيَة قَطُّ , وَأَمَّا الرِّيَاء وَالْعُجْب وَغَيْر ذَلِكَ فَكُلّه مُتَعَلِّق بِالْأَعْمَالِ.
وَاحْتَجَّ الْخَطَّابِيُّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الظِّهَار لَا يَصِير مُظَاهِرًا قَالَ : وَكَذَلِكَ الطَّلَاق , وَكَذَا لَوْ حَدَّثَ نَفْسه بِالْقَذْفِ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا , وَلَوْ كَانَ حَدِيث النَّفْس يُؤَثِّر لَأَبْطَلَ الصَّلَاة , وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيث الصَّحِيح عَلَى أَنَّ تَرْك الْحَدِيث مَنْدُوب فَلَوْ وَقَعَ لَمْ تَبْطُل , وَتَقَدَّمَ الْبَحْث فِي الصَّلَاة فِي ذَلِكَ فِي قَوْل عُمَر " إِنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاة " الْحَدِيث الثَّانِي حَدِيث جَابِر فِي قِصَّة الَّذِي أَقَرَّ بِالزِّنَا فَرُجِمَ , ذَكَرهَا مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ جَابِر , وَيَأْتِي شَرْحه مُسْتَوْفًى فِي كِتَاب الْحُدُود , وَالْمُرَاد مِنْهُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَة مِنْ قَوْله " هَلْ بِك جُنُون " فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَجْنُونًا لَمْ يُعْمَل بِإِقْرَارِهِ , وَمَعْنَى الِاسْتِفْهَام هَلْ كَانَ بِك جُنُون أَوْ هَلْ تُجَنّ تَارَة وَتُفِيق تَارَة ؟ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ حِين الْمُخَاطَبَة مُفِيقًا.
وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون وَجَّهَ لَهُ الْخِطَاب وَالْمُرَاد اِسْتِفْهَام مَنْ حَضَرَ مِمَّنْ يَعْرِف حَاله , وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَدِيث الثَّالِث حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِي الْقِصَّة الْمَذْكُورَة , أَوْرَدَهَا مِنْ طَرِيق شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَسَيَأْتِي شَرْحُهَا أَيْضًا فِي الْحُدُود , وَقَوْله فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " أَنَّ الْآخِر قَدْ زَنَى " بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة أَيْ الْمُتَأَخِّر عَنْ السَّعَادَة وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْأَرْذَل.
قَوْله ( وَقَالَ قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسه فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ) وَصَلَهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَن قَالَا : مَنْ طَلَّقَ سِرًّا فِي نَفْسه فَلَيْسَ طَلَاقه ذَلِكَ بِشَيْءٍ , وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور وَخَالَفَهُمْ اِبْن سِيرِينَ وَابْن شِهَاب فَقَالَا تَطْلُقُ , وَهِيَ رِوَايَة عَنْ مَالِك.
( تَنْبِيهٌ ) : وَقَعَ هَذَا الْأَثَر عَنْ قَتَادَةَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ عَقِب حَدِيث قَتَادَةَ الْمَرْفُوع الْمَذْكُور هُنَا بَعْدُ , فَلَمَّا سَاقَهُ مِنْ طَرِيق قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَ الْحَدِيث الْمَرْفُوع قَالَ بَعْده " قَالَ قَتَادَةُ " فَذَكَرَهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّف فِي الْبَاب ثَلَاثَة أَحَادِيث.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ قَالَ قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ
عن جابر : «أن رجلا من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: إنه قد زنى، فأعرض عنه فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات، فدع...
عن أبي هريرة قال: «أتى رجل من أسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله، إن الأخر قد زنى يعني: نفسه فأعرض عنه، فتنحى ل...
عن ابن عباس «أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإس...
عن عكرمة «أن أخت عبد الله بن أبي بهذا، وقال: تردين حديقته؟ قالت: نعم، فردتها وأمره يطلقها» وقال إبراهيم بن طهمان عن خالد، عن عكرمة، عن النبي صلى الله...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إل...
عن المسور بن مخرمة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح علي ابنتهم فلا آذن.»
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان في بريرة ثلاث سنن إحدى السنن أنها أعتقت فخيرت في زوجها، وقال رسول الله صلى الله عليه و...
عن ابن عباس قال: «رأيته عبدا، يعني: زوج بريرة.»
عن ابن عباس قال: «ذاك مغيث عبد بني فلان يعني: زوج بريرة كأني أنظر إليه يتبعها في سكك المدينة يبكي عليها.»