6823- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدا فأقمه علي، قال: ولم يسأله عنه، قال: وحضرت الصلاة، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدا، فأقم في كتاب الله، قال: أليس قد صليت معنا؟، قال: نعم، قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو قال: حدك.»
أخرجه مسلم في التوبة باب قوله إن الحسنات يذهبن السيئات رقم 2764
(أصبت حدا) فعلت فعلا يوجب الحد.
(كتاب الله) أي حكم كتاب الله تعالى.
(حدك) إثم الذنب الذي يوجب الحد
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا عَبْد الْقُدُّوس بْن مُحَمَّد ) أَيْ اِبْن عَبْد الْكَبِير بْن شُعَيْب بْن الْحَبْحَاب بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنهمَا مُوَحَّدَة سَاكِنَة وَآخِره مُوَحَّدَة , هُوَ بَصْرِيّ صَدُوق وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيث الْوَاحِد , وَعَمْرو بْن عَاصِم هُوَ الْكُلَابِيّ وَهُوَ مِنْ شُيُوخ الْبُخَارِيّ أَخْرَجَ عَنْهُ بِغَيْرِ وَاسِطَة فِي الْأَدَب وَغَيْره , وَقَدْ طَعَنَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَرْزَنْجِيّ فِي صِحَّة هَذَا الْخَبَر مَعَ كَوْن الشَّيْخَيْنِ اِتَّفَقَا عَلَيْهِ فَقَالَ هُوَ مُنْكَر وَهْم وَفِيهِ عَمْرو بْن عَاصِم مَعَ أَنَّ هَمَّامًا كَانَ يَحْيَى بْن سَعِيد لَا يَرْضَاهُ وَيَقُول : أَبَان الْعَطَّار أَمْثَلُ مِنْهُ , قُلْت : لَمْ يُبَيِّن وَجْه الْوَهْم , وَأَمَّا إِطْلَاقه كَوْنَهُ مُنْكَرًا فَعَلَى طَرِيقَته فِي تَسْمِيَته مَا يَنْفَرِد بِهِ الرَّاوِي مُنْكَرًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَابِع , لَكِنْ يُجَاب بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَد لِهَمَّامٍ وَلَا لِعَمْرِو بْن عَاصِم فِيهِ مُتَابِع فَشَاهِده حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ , وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَقِبَهُ وَاَللَّه أَعْلَمُ.
قَوْله ( فَجَاءَ رَجُل فَقَالَ : إِنِّي أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ) لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه , وَلَكِنَّ مَنْ وَحَّدَ هَذِهِ الْقِصَّة وَالَّتِي فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود فَسَّرَهُ بِهِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِاخْتِلَافِ الْقِصَّتَيْنِ , وَعَلَى التَّعَدُّد جَرَى الْبُخَارِيّ فِي هَاتَيْنِ التَّرْجَمَتَيْنِ فَحَمَلَ الْأُولَى عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِذَنْبٍ دُون الْحَدّ لِلتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ " غَيْر أَنِّي لَمْ أُجَامِعهَا " وَحَمَلَ الثَّانِيَة عَلَى مَا يُوجِب الْحَدَّ ظَاهِر قَوْل الرَّجُل , وَأَمَّا مَنْ وَحَّدَ بَيْن الْقِصَّتَيْنِ فَقَالَ لَعَلَّهُ ظَنَّ مَا لَيْسَ بِحَدٍّ حَدًّا , أَوْ اِسْتَعْظَمَ الَّذِي فَعَلَهُ فَظَنَّ أَنَّهُ يَجِب فِيهِ الْحَدّ , وَلِحَدِيثِ أَنَس شَاهِد أَيْضًا مِنْ رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ شَدَّاد أَبِي عَمَّار عَنْ وَائِلَة.
قَوْله ( وَلَمْ يَسْأَل عَنْهُ ) أَيْ لَمْ يَسْتَفْسِرهُ , وَفِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ عِنْد مُسْلِم " فَسَكَتَ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ " قَوْله ( وَحَضَرَتْ الصَّلَاة ) فِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ " وَأُقِيمَتْ " قَوْله ( أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْت مَعَنَا ) فِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ " أَلَيْسَ حَيْثُ خَرَجْت مِنْ بَيْتك تَوَضَّأْت فَأَحْسَنْت الْوُضُوء ؟ قَالَ : بَلَى.
قَالَ : ثُمَّ شَهِدْت مَعَنَا الصَّلَاة ؟ قَالَ : نَعَمْ " قَوْله ( ذَنْبك أَوْ قَالَ حَدّك ) فِي رِوَايَة مُسْلِم عَنْ الْحَسَن بْن عَلِيّ الْحُلْوَانِيّ عَنْ عَمْرو بْن عَاصِم بِسَنَدِهِ فِيهِ " قَدْ غَفَرَ لَك " وَفِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ بِالشَّكِّ وَلَفْظه " فَإِنَّ اللَّه قَدْ غَفَرَ لَك ذَنْبك أَوْ قَالَ حَدّك ".
وَقَدْ اِخْتَلَفَ نَظَر الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحُكْم , فَظَاهِر تَرْجَمَة الْبُخَارِيّ حَمْله عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ وَلَمْ يُفَسِّرهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِب عَلَى الْإِمَام أَنْ يُقِيمهُ عَلَيْهِ إِذَا تَابَ , وَحَمَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِطَّلَعَ بِالْوَحْيِ عَلَى أَنَّ اللَّه قَدْ غَفَرَ لَهُ لِكَوْنِهَا وَاقِعَة عَيْن , وَإِلَّا لَكَانَ يَسْتَفْسِرهُ عَنْ الْحَدّ وَيُقِيمهُ عَلَيْهِ , وَقَالَ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيث إِنَّهُ لَا يَكْشِف عَنْ الْحُدُود بَلْ يَدْفَع مَهْمَا أَمْكَنَ , وَهَذَا الرَّجُل لَمْ يُفْصِح بِأَمْرٍ يَلْزَمُهُ بِهِ إِقَامَةُ الْحَدّ عَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ أَصَابَ صَغِيرَة ظَنَّهَا كَبِيرَة تُوجِب الْحَدّ فَلَمْ يَكْشِفهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مُوجِب الْحَدّ لَا يَثْبُت بِالِاحْتِمَالِ , وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَفْسِرهُ إِمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَدْخُل فِي التَّجْسِيس الْمَنْهِيّ عَنْهُ وَإِمَّا إِيثَارًا لِلسَّتْرِ وَرَأَى أَنَّ فِي تَعَرُّضه لِإِقَامَةِ الْحَدّ عَلَيْهِ نَدَمًا وَرُجُوعًا , وَقَدْ اِسْتَحَبَّ الْعُلَمَاء تَلْقِينَ مَنْ أَقَرَّ بِمُوجِبِ الْحَدّ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ إِمَّا بِالتَّعْرِيضِ وَإِمَّا بِأَوْضَحَ مِنْهُ لِيَدْرَأ عَنْهُ الْحَدّ , وَجَزَمَ النَّوَوِيّ وَجَمَاعَة أَنَّ الذَّنْب الَّذِي فَعَلَهُ كَانَ مِنْ الصَّغَائِر بِدَلِيلِ أَنَّ فِي بَقِيَّة الْخَبَر أَنَّهُ كَفَّرَتْهُ الصَّلَاة بِنَاء عَلَى أَنَّ الَّذِي تُكَفِّرُهُ الصَّلَاةُ مِنْ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرُ لَا الْكَبَائِرُ , وَهَذَا هُوَ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ , وَقَدْ تُكَفِّرُ الصَّلَاةُ بَعْضَ الْكَبَائِرِ كَمَنْ كَثُرَ تَطَوُّعُهُ مَثَلًا بِحَيْثُ صَلَحَ لِأَنْ يُكَفِّر عَدَدًا كَثِيرًا مِنْ الصَّغَائِر وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ الصَّغَائِر شَيْء أَصْلًا أَوْ شَيْء يَسِير وَعَلَيْهِ كَبِيرَة وَاحِدَة مَثَلًا فَإِنَّهَا تُكَفِّر عَنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّه لَا يُضِيع أَجْر مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا.
قُلْت : وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي بَكْر الْبَرْزَنْجِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك الْوَاسِطِيّ عَنْ عَمْرو بْن عَاصِم بِسَنَدٍ حَدِيثُ الْبَاب بِلَفْظِ " أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي زَنَيْت فَأَقِمْ عَلَيَّ الْحَدّ " الْحَدِيث فَحَمَلَهُ بَعْض الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ ظَنَّ مَا لَيْسَ زِنًا زِنًا فَلِذَلِكَ كَفَّرَتْ ذَنْبَهُ الصَّلَاةُ , وَقَدْ يَتَمَسَّك بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ إِذَا جَاءَ تَائِبًا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدّ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الرَّاوِي عَبَّرَ بِالزِّنَا مِنْ قَوْله أَصَبْت حَدًّا فَرَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ظَنَّهُ وَالْأَصْل مَا فِي الصَّحِيح فَهُوَ الَّذِي اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الْحُفَّاظ عَنْ عَمْرو بْن عَاصِم بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور , وَيَحْتَمِل أَنْ يُخْتَصّ ذَلِكَ بِالْمَذْكُورِ لِإِخْبَارِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّه قَدْ كَفَّرَ عَنْهُ حَدَّهُ بِصَلَاتِهِ , فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَف إِلَّا بِطَرِيقِ الْوَحْي فَلَا يَسْتَمِرّ الْحُكْم فِي غَيْره إِلَّا فِي مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِثْله فِي ذَلِكَ وَقَدْ اِنْقَطَعَ عِلْمُ ذَلِكَ بِانْقِطَاعِ الْوَحْي بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِهِ صَاحِب الْهُدَى فَقَالَ لِلنَّاسِ فِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ - يَعْنِي الْمَذْكُور قَبْل - ثَلَاثُ مَسَالِكَ : أَحَدهَا أَنَّ الْحَدّ لَا يَجِب إِلَّا بَعْد تَعْيِينه وَالْإِصْرَار عَلَيْهِ مِنْ الْمُقِرّ بِهِ , وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصّ بِالرَّجُلِ الْمَذْكُور فِي الْقِصَّة , وَالثَّالِث أَنَّ الْحَدّ يَسْقُط بِالتَّوْبَةِ , قَالَ : وَهَذَا أَصَحُّ الْمَسَالِك , وَقَوَّاهُ بِأَنَّ الْحَسَنَة الَّتِي جَاءَ بِهَا مِنْ اِعْتِرَافه طَوْعًا بِخَشْيَةِ اللَّه وَحْده تُقَاوِم السَّيِّئَة الَّتِي عَمِلَهَا , لِأَنَّ حِكْمَة الْحُدُود الرَّدْع عَنْ الْعَوْد , وَصَنِيعه ذَلِكَ دَالّ عَلَى اِرْتِدَاعه فَنَاسَبَ رَفْع الْحَدّ عَنْهُ لِذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ قَالَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ قَالَ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ حَدَّكَ
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت قال: لا يا رسول الله، قال: أنكتها...
عن أبي هريرة قال: «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الناس وهو في المسجد، فناداه: يا رسول الله، إني زنيت، يريد نفسه، فأعرض عنه النبي صلى الله عل...
و 6828- عن أبي هريرة وزيد بن خالد قالا: «كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال: أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه، وكان أفقه م...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر : «لقد خشيت أن يطول بالناس زمان، حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، أل...
عن ابن عباس قال: «كنت أقرئ رجالا من المهاجرين، منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلي عب...
عن زيد بن خالد الجهني قال: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر فيمن زنى ولم يحصن: جلد مائة وتغريب عام.» 6832- قال ابن شهاب : وأخبرني عروة بن الزبير...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيمن زنى ولم يحصن: بنفي عام، وبإقامة الحد عليه.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم.<br> وأخرج فلانا، وأخ...
و 6836- عن أبي هريرة وزيد بن خالد : «أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس، فقال: يا رسول الله، اقض بكتاب الله، فقام خصمه فقا...