حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

احتج آدم و موسى - سنن أبي داود

سنن أبي داود | كتاب السنة  باب في القدر (حديث رقم: 4701 )


4701- عن أبي هريرة، يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، فقال آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده، تلومني على أمر قدره علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم، موسى " قال: أحمد بن صالح، عن عمرو، عن طاوس، سمع أبا هريرة

أخرجه أبو داوود


إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (٦٦١٤)، ومسلم (٢٦٥٢) (١٣)، وابن ماجه (٨٠)، والنسائي في "الكبرى" (١١١٢٣) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٣٤٠٩) و (٤٧٣٦) و (٤٧٣٨) و (٧٥١٥)، ومسلم (٢٦٥٢) (١٤) (١٥)، والترمذي (٢٢٦٨)، والنسائي في "الكبرى" (١٠٩١٨) و (١٠٩١٩) و (١٠٩٩٤) و (١١٠٦٥) و (١١١٢٢) و (١١٢٦٦) و (١١٣٧٩) من طرق عن أبي هريرة.
وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وهو في "مسند أحمد" (٧٣٨٧)، و"صحيح ابن حبان" (٦١٧٩) و (٦١٨٠).
قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" ٤/ ٣٢٢: قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه معنى الاجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدره، ويتوهم أن فلج آدم في الحجة على موسى إنما كان من هذا الوجه، وليس الأمر في ذلك على ما يتوهمونه، وإنما معناه: الإخبار عن تقدم علم الله سبحانه بما يكون من أفعال العباد وأكسابهم، وصدورها عن تقدير منه، وخلق لها خيرها وشرها.
والقدر: اسم لما صار مقدورا عن فعل القادر، كما الهدم والقبض والنشر أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال: قدرت الشيء وقدرته خفيفة وثقيلة بمعنى واحد.
والقضاء في هذا معناه: الخلق، كقوله تعالى: {فقضاهن سبع سماوات في يومين} [فصلت: ١٢]، أي: خلفهن.
وإذا كان الأمر كذلك، فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إياها عن قصد وتعمد وتقديم إرادة واختيار، فالحجة إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليه.
وقال ابن أبي العز في "شرحه للعقيدة الطحاوية" ١/ ١٣٦ - بتحققن - عن هذا الحديث: نتلقاه بالقبول والسمع والطاعة، لصحته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا نتلقاه بالرد والتكذيب لراويه كما فعلت القدرية، ولا بالتأويلات الباردة، بل الصحيح أن آدم لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب، وهو كان أعلم بربه وذنبه، بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل، وموسى عليه السلام، كان أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم عليه السلام على ذنب قد تاب منه وتاب الله عليه، واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم عليه السلام بالقدر على المصيبة، لا على الخطيئة، فإن القدر يحتج به عند المصائب، لا عند المعايب.
وهذا المعنى أحسن ما قيل في الحديث، فما قدر من المصائب يجب الاستسلام له، فإنه من تمام الرضا بالله ربا، وأما الذنوب فليس للعبد أن يذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب، فيتوب من المعايب ويصبر على المصائب، قال تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} [غافر: ٥٥]، وقال تعالى: {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} [آل عمران: ١٢٠].
وانظر حديث عمر الآتي بعده.

شرح حديث (احتج آدم و موسى)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( اِحْتَجَّ آدَم وَمُوسَى ) ‏ ‏: أَيْ عِنْد رَبّهمَا كَمَا فِي رِوَايَة مُسْلِم , أَيْ طَلَبَ كُلّ مِنْهُمَا الْحُجَّة مِنْ صَاحِبه عَلَى مَا يَقُول ‏ ‏( خَيَّبْتنَا ) ‏ ‏: أَيْ أَوْقَعْتنَا فِي الْخَيْبَة وَهِيَ الْحِرْمَان وَالْخَسْرَان ‏ ‏( وَأَخْرَجْتنَا مِنْ الْجَنَّة ) ‏ ‏: أَيْ بِخَطِيئَتِك الَّتِي صَدَرَتْ مِنْك وَهِيَ أَكْلك مِنْ الشَّجَرَة ‏ ‏( اِصْطَفَاك اللَّه ) ‏ ‏: أَيْ اِخْتَارَك ‏ ‏( تَلُومنِي ) ‏ ‏: بِحَذْفِ هَمْزَة الِاسْتِفْهَام ‏ ‏( عَلَى أَمْر قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْل أَنْ يَخْلُقنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَة ) ‏ ‏: قَالَ النَّوَوِيّ : الْمُرَاد بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَوْ فِي صُحُف التَّوْرَاة وَأَلْوَاحهَا , أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْل خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَة.
وَلَا يَجُوز أَنْ يُرَاد بِهِ حَقِيقَة الْقَدَر , فَإِنَّ عِلْم اللَّه تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَاده وَأَرَادَ مِنْ خَلْقه أَزَلِيّ لَا أَوَّل لَهُ اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
‏ ‏( فَحَجَّ آدَم مُوسَى ) ‏ ‏: بِرَفْعِ آدَم وَهُوَ فَاعِل أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا.
فَإِنْ قِيلَ : فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ : هَذِهِ الْمَعْصِيَة قَدَّرَهَا اللَّه عَلَيَّ لَمْ يَسْقُط عَنْهُ اللَّوْم وَالْعُقُوبَة بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ.
فَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَار التَّكْلِيف جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَام الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْعُقُوبَة وَاللَّوْم وَالتَّوْبِيخ وَغَيْرهَا , وَفِي لَوْمه وَعُقُوبَته زَجْر لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْل هَذَا الْفِعْل وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى الزَّجْر مَا لَمْ يَمُتْ , فَأَمَّا آدَم فَمَيِّت خَارِج عَنْ دَار التَّكْلِيف وَعَنْ الْحَاجَة إِلَى الزَّجْر فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْل الْمَذْكُور لَهُ فَائِدَة بَلْ فِيهِ إِيذَاء وَتَخْجِيل.
‏ ‏قَالَهُ النَّوَوِيّ : ‏ ‏( قَالَ أَحْمَد بْن صَالِح عَنْ عَمْرو عَنْ طَاوُسٍ ) ‏ ‏: وَأَمَّا مُسَدَّد فَقَالَ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار سَمِعَ طَاوُسًا فَفِي رِوَايَة أَحْمَد بِالْعَنْعَنَةِ وَفِي رِوَايَة مُسَدَّد بِلَفْظِ السَّمَاع.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.


حديث احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُسَدَّدٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ‏ ‏الْمَعْنَى ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ‏ ‏سَمِعَ ‏ ‏طَاوُسًا ‏ ‏يَقُولُ سَمِعْتُ ‏ ‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏ ‏يُخْبِرُ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏احْتَجَّ ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏وَمُوسَى ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏يَا ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏أَنْتَ أَبُونَا ‏ ‏خَيَّبْتَنَا ‏ ‏وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ فَقَالَ ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏أَنْتَ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ‏ ‏فَحَجَّ ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرٍو ‏ ‏عَنْ ‏ ‏طَاوُسٍ ‏ ‏سَمِعَ ‏ ‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن أبي داود

فيم تلومني في شيء سبق من الله تعالى فيه القضاء قبل...

عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن موسى قال: يا رب، أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الل...

إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يمو...

عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب، سئل عن هذه الآية، {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم} [الأعراف: ١٧٢] قال: قرأ القعنبي الآية فقال عمر: سمعت رس...

الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبو...

عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا»

كان الغلام طبع يوم طبع كافرا

حدثنا أبي بن كعب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول في قوله {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين} [الكهف: ٨٠] «وكان طبع يوم طبع كافرا»

أبصر الخضر غلاما يلعب مع الصبيان فتناول رأسه فقلعه

عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أبصر الخضر غلاما يلعب مع الصبيان، فتناول رأسه فقلعه، فقال موسى: {أقتلت نفسا زكية} [الكهف: ٧٤] ال...

إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبي...

عن عبد الله بن مسعود، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم...

ففيم يعمل العاملون قال كل ميسر لما خلق له

عن عمران بن حصين، قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: «نعم» قال: ففيم يعمل العاملون؟ قال: «كل ميسر...

لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم

عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم»

سئل عن أولاد المشركين فقال الله أعلم بما كانوا عام...

عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين، فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»