4904- عن سهل بن أبي أمامة، حدثه، أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة في زمان عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة، فإذا هو يصلي صلاة خفيفة دقيقة كأنها صلاة مسافر أو قريبا منها، فلما سلم قال أبي: يرحمك الله، أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أو شيء تنفلته، قال: إنها المكتوبة، وإنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخطأت إلا شيئا سهوت عنه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم} [الحديد: ٢٧] " ثم غدا من الغد فقال: «ألا تركب لتنظر ولتعتبر؟» قال: نعم، فركبوا جميعا فإذا هم بديار باد أهلها وانقضوا وفنوا خاوية على عروشها، فقال: «أتعرف هذه الديار؟» فقلت: ما أعرفني بها وبأهلها، «هذه ديار قوم أهلكهم البغي والحسد، إن الحسد يطفئ نور الحسنات، والبغي يصدق ذلك أو يكذبه، والعين تزني، والكف، والقدم، والجسد، واللسان، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»
حديث حسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، رجاله كلهم ثقات غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، روى عن: سهل بن أبي أمامة والسائب بن مهجان المقدسي، وروى عنه: خالد بن حميد وعبد الله بن وهب، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول.
قلنا: يعني عند المتابعة، إلا فلين الحديث.
كما نص عليه الحافظ في المقدمة "للتقريب".
ولعظم الحديث شواهد متفرقة: فأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (٣٦٩٤) عن أحمد بن عيسى المصري، عن عبد الله ابن وهب، بهذا الإسناد.
وقال الهيثمي في "المجمع" ٦/ ٣٩٠: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، وهو ثقة.
وصحح إسناده البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" ٥/ ٢٥٨.
وأخرجه ابن ماجه (٤٢١٠)، وأبو يعلى (٣٦٥٦)، وابن عدى في "الكامل" ٥/ ١٨٨٧ والقضاعي في "مسند الشهاب" (١٠٤٩)، والخطيب في "الموضح" ١/ ١٤٦ من طريق ابن أبي فديك، عن عيسى بن أبي عيسى الحناط، عن أبي الزناد، عن أنس.
وعيسى: متروك.
ولفظ ابن ماجه وأبي يعلى وابن عدي: "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، والصدقة تطفى الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والصلاة نور المؤمن، والصيام جنة من النار"، ولفظ القضاعي والخطيب: "إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب".
وأخرجه الخطيب في "الموضح" أيضا ١/ ١٤٧ بزيادة الشعبي في الإسناد بين أبي الزناد وأنس.
وقال: لم يتابع يعقوب -وهو أحد رجال السند- أحد على هذا القول، والمحفوظ ما ذكرناه.
والله أعلم.
يعني: بإسقاط الشعبي بينهما.
وأخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٩٣ ومن طريق ابن عبد البر فى "التمهيد" ٦/ ١٢٣ - ١٢٤ عن أبي معاوية، عن الأعمش، والبيهقي في "الشعب، (٦٦١٠) و (٦٦١١) من طريق واقد بن سلامة، كلاهما (الأعمش وواقد) عن يزيد بن أبان الرقاشي، عن أنس.
ولفظ البيهقي بنحو لفظ أبي يعلى وابن ماجه، ولفظ ابن أبي شيبة اقتصر على قطعة الحسد.
ويزيد الرقاشي ضعيف.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" ٢/ ٢٢٧ مقتصرا فيه على الحسد من طريق محمد بن الحسين بن حريقا البزاز، عن الحسن بن موسى الأشيب، عن أبي هلال الراسي محمد بن سليم، عن قتادة، عن أنس.
ومحمد بن الحسين هذا لم يذكر الخطيب في ترجمته ما يبين حاله.
وأبو هلال الراسبي ضعيف يعتبر به.
ومع هذا فقد حسن الحافظ العراقي إسناده في تخريج أحاديث "الاحياء" ١/ ٤٥.
واقتصر فيه على تضعيف رواية ابن ماجه السالفة من طريق عيسى الحناط!!.
ولقرله:" لا تشددوا على أنفسكم .
" شاهد من حديث سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن جده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تشددوا على أنفسكم، فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات".
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" ٤/ ٩٧، والطبراني في "الكبير" (٥٥٥١)، وفي "الأوسط" (٣٠٧٨)، والبيهقي في "الشعب" (٣٨٨٤).
وقال الهيثمي في "المجمع" ١/ ٦٢: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وثقة جماعة وضعفه آخرون.
ولقوله: "العين تزني .
"، شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (٦٢٤٣)، ومسلم (٢٦٥٧)، وهو في "المسند" (٧٧١٩).
ولفظه: "إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، وزنى العين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" واللفظ لأحمد.
وفي "الصحيحين" عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: "لا تباغضوا, ولا تحاسدوا, ولا تدابروا, ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا, ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".
البخاري (٦٠٦٥)، ومسلم (٢٥٥٩).
وسيأتي عند المصنف برقم (٤٩١٠).
قال الخطابي: الذفيفة: الخفيفة، يقال: رجل ذفيف خفيف.
وأخرج أحمد (٨٨٩٤) من حديث عبد الله بن عنمة قال: رأيت عمار بن ياسر دخل المسجد، فصلى، فأخف الصلاة، قال: فلما خرج، قمت إليه، فقلت: يا أبا اليقظان: لقد خففت، قال: فهل رأيتني انتقصت من حدودها شيئا؟ قلت: لا، قال: فإني بادرت بها سهوة الشيطان، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها" وهو حديث صحيح.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ ) : أَيْ سَهْل ( وَأَبُوهُ ) : أَيْ أَبُو أُمَامَةَ ( وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة ) : أَيْ وَكَانَ أَنَس أَمِير الْمَدِينَة مِنْ قِبَل عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ( فَإِذَا هُوَ ) : أَيْ أَنَس ( يُصَلِّي صَلَاة خَفِيفَة دَقِيقَة ) : بِدَالٍ مُهْمَلَة وَقَافَيْنِ بَيْنهمَا تَحْتِيَّة سَاكِنَة.
وَفِي نُسْخَة الْخَطَّابِيِّ : ذَفِيفَة بِذَالٍ مُعْجَمَة وَفَاءَيْنِ بَيْنهمَا تَحْتِيَّة سَاكِنَة.
وَقَالَ فِي الْمَعَالِم : مَعْنَى الذَّفِيفَة الْخَفِيفَة , يُقَال رَجُل خَفِيف ذَفِيف وَخِفَاف وَذِفَاف بِمَعْنًى وَاحِد اِنْتَهَى.
وَفِي الْقَامُوس : خَفِيف ذَفِيف وَخُفَاف ذُفَاف بِالضَّمِّ اِتِّبَاع وَلْيُعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَانَ يُخِلّ بِالصَّلَاةِ وَيَتْرُك سُنَّة الْقِرَاءَة وَالتَّسْبِيحَات وَيَتَهَاوَن فِي أَدَائِهَا بَلْ الْمُرَاد أَنَّهُ كَانَ يَقْتَصِر عَلَى قَدْر الْكِفَايَة فِي ذَلِكَ فَكَانَ يَكْتَفِي عَلَى قِرَاءَة السُّورَة الْقَصِيرَة وَعَلَى ثَلَاث مَرَّات مِنْ التَّسْبِيح مَعَ رِعَايَة الْقَوْمَة وَالْجِلْسَة وَاعْتِدَال سَائِر الْأَرْكَان وَالظَّاهِر أَنَّهُ كَانَ إِمَامًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا فَخَفَّفَ اِتِّبَاعًا لِقَوْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا أَمَّ أَحَدكُمْ النَّاس فَلْيُخَفِّفْ " الْحَدِيث رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَأَمَّا سُؤَال أَبِي أُمَامَةَ بِقَوْلِهِ : أَرَأَيْت هَذِهِ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة أَوْ شَيْء تَنَفَّلْته وَتَشْبِيههَا بِصَلَاةِ الْمُسَافِر مِنْ أَجْل التَّخْفِيف فَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِر لَهُ إِذْ ذَاكَ حَدِيث التَّخْفِيف , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَبُو أُمَامَةَ حَمَلَ حَدِيث التَّخْفِيف عَلَى تَخْفِيف دُون التَّخْفِيف الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو أُمَامَةَ مَا قَالَ وَمِنْ قَوْله فِي زَمَان عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز إِلَى قَوْله مَا أَخْطَأْت إِلَّا شَيْئًا سَهَوْت عَنْهُ يُوجَد فِي بَعْض النُّسَخ وَلَمْ يُوجَد فِي بَعْضهَا.
وَكَذَا لَيْسَ فِي مُخْتَصَر الْمُنْذِرِيِّ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
( كَأَنَّهَا ) : أَيْ صَلَاة أَنَس بِاعْتِبَارِ التَّخْفِيف فِيهَا ( فَلَمَّا سَلَّمَ ) : أَيْ أَنَس مِنْ صَلَاته ( قَالَ أَبِي ) : أَيْ أَبُو أُمَامَةَ ( أَرَأَيْت ) : أَيْ أَخْبَرَنِي ( هَذِهِ الصَّلَاة ) أَيْ الَّتِي صَلَّيْتهَا الْآن ( الْمَكْتُوبَة أَوْ شَيْء تَنَفَّلْته ) : أَيْ فَرِيضَة أَوْ نَافِلَة ( مَا أَخْطَأْت ) : أَيْ مَا تَعَمَّدْت الْخَطَأ فِي هَذِهِ الصَّلَاة ( لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ ) : أَيْ بِالْأَعْمَالِ الشَّاقَّة كَصَوْمِ الدَّهْر وَإِحْيَاء اللَّيْل كُلّه وَاعْتِزَال النِّسَاء ( فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ ) : بِالنَّصْبِ جَوَاب النَّهْي أَيْ يَفْرِضهَا عَلَيْكُمْ , فَتَقَعُوا فِي الشِّدَّة أَوْ بِأَنْ يَفُوت عَنْكُمْ بَعْض مَا وَجَبَ عَلَيْكُمْ بِسَبَبِ ضَعْفكُمْ مِنْ تَحَمُّل الْمَشَاقّ ( فِي الصَّوَامِع ) : جَمْع صَوْمَعَة وَهِيَ مَوْضِع عِبَادَة الرُّهْبَان ( رَهْبَانِيَّة ) : نُصِبَ بِفِعْلٍ يُفَسِّرهُ مَا بَعْده , أَيْ اِبْتَدَعُوا رَهْبَانِيَّة ( مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ) : أَيْ مَا فَرَضْنَا تِلْكَ الرَّهْبَانِيَّة ( ثُمَّ غَدَا ) : أَيْ خَرَجَ أَبُو أُمَامَةَ غَدْوَة ( فَقَالَ ) : أَيْ أَنَس ( بَادٍ ) : أَيْ هَلَكَ ( وَقَتُّوا ) : بِالْقَافِ وَالتَّاء الْمُشَدَّدَة.
وَفِي بَعْض النُّسَخ فَنَوْا مِنْ الْفَنَاء وَمَعْنَاهُ ظَاهِر وَهُوَ الْمُرَاد مِنْ قَتَوْا.
قَالَ فِي الْقَامُوس : اِقْتَتّه اِسْتَأْصَلَهُ ( خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا ) : أَيْ سَاقِطَة عَلَى سُقُوفهَا , وَالظَّاهِر أَنَّهُ صِفَة ثَانِيَة لِدِيَارٍ وَصِفَته الْأُولَى هِيَ قَوْله بَادٍ أَهْلهَا ( فَقَالَ أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَار ) : الظَّاهِر أَنَّ الضَّمِير فِي قَالَ رَاجِع إِلَى أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَيْ قَالَ أَنَس لِأَبِي أُمَامَةَ هَلْ تَعْرِف هَذِهِ الدِّيَار الْبَائِدَة ( فَقَالَ ) : أَيْ أَبُو أُمَامَةَ ( مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا ) : أَيْ أَيّ شَيْء أَعْرَفَنِي بِهَذِهِ الدِّيَار وَأَهْلهَا الَّذِينَ كَانُوا فِيهَا يَعْنِي لَا أَعْرِفهَا وَلَا أَهْلهَا فَمَا اِسْتِفْهَامِيَّة وَالِاسْتِفْهَام لِلْإِنْكَار ( هَذِهِ دِيَار قَوْم إِلَخْ ) : هَذَا مَقُول أَنَس أَيْ قَالَ أَنَس هَذِهِ دِيَار قَوْم.
فَلَفْظ قَالَ هَذِهِ الْجُمْلَة مُقَدَّر هَذَا هُوَ الظَّاهِر.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الضَّمِير فِي فَقَالَ الْأَوَّل رَاجِعًا إِلَى أَبِي أُمَامَةَ , وَفِي فَقَالَ الثَّانِي إِلَى أَنَس أَيْ فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ لِأَنَسٍ هَلْ تَعْرِف هَذِهِ الدِّيَار ؟ فَقَالَ أَنَس : مَا أَعْرَفنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا إِلَخْ.
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِير يَكُون قَوْله مَا أَعْرَفنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا صِيغَة التَّعَجُّب , وَيَكُون حَاصِل الْمَعْنَى قَالَ أَنَس أَعْرِف هَذِهِ الدِّيَار وَأَهْلهَا حَقَّ الْمَعْرِفَة , وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَة إِلَى تَقْدِير لَفْظ قَالَ قَبْل قَوْله هَذِهِ دِيَار قَوْم.
وَمِنْ قَوْله ثُمَّ غَدَا مِنْ الْغَد إِلَى قَوْله وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبهُ يُوجَد فِي بَعْض النُّسَخ وَلَمْ يُوجَد فِي بَعْضهَا وَكَذَا لَيْسَ فِي مُخْتَصَر الْمُنْذِرِيِّ وَاَللَّه أَعْلَم.
ثُمَّ ظَفِرْت عَلَى كَلَام لِلْحَافِظِ اِبْن الْقَيِّم تَكَلَّمَ بِهِ فِي كِتَاب الصَّلَاة لَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيث وَهُوَ حَسَن نَافِع جِدًّا فَأَنَا أَنْقُلهُ بِعَيْنِهِ هَا هُنَا قَالَ.
وَأَمَّا حَدِيث سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْعَمْيَاء وَدُخُول سَهْل بْن أَبِي أُمَامَةَ عَنْ أَنَس بْن مَالِك فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي صَلَاة خَفِيفَة كَأَنَّهَا صَلَاة مُسَافِر فَقَالَ : إِنَّهَا لَصَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ اِبْن أَبِي الْعَمْيَاء وَهُوَ شِبْه الْمَجْهُول , وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة عَنْ أَنَس كُلّهَا تُخَالِفهُ فَكَيْف يَقُول أَنَس هَذَا وَهُوَ الْقَائِل : إِنَّ أَشْبَهَ مَنْ رُئِيَ صَلَاة بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَكَانَ يُسَبِّح عَشْرًا عَشْرًا وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَرْفَع رَأْسه مِنْ الرُّكُوع حَتَّى يُقَال قَدْ نَسِيَ وَكَذَلِكَ مِنْ بَيْن السَّجْدَتَيْنِ وَيَقُول مَا آلَوْا أَنْ أُصَلِّي لَكُمْ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ الَّذِي يَبْكِي عَلَى إِضَاعَتهمْ الصَّلَاة.
وَيَكْفِي فِي رَدِّ حَدِيث اِبْن أَبِي الْعَمْيَاء مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة الَّتِي لَا مَطْعَن فِي سَنَدهَا وَلَا شُبْهَة فِي دَلَالَتهَا.
فَلَوْ صَحَّ حَدِيث اِبْن أَبِي الْعَمْيَاء وَهُوَ بَعِيد عَنْ الصِّحَّة لَوَجَبَ حَمْله عَلَى أَنَّ تِلْكَ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسُّنَّةِ الرَّاتِبَة كَسُنَّةِ الْفَجْر وَالْمَغْرِب وَالْعِشَاء وَتَحِيَّة الْمَسْجِد وَنَحْوهَا لَا أَنَّ تِلْكَ صَلَاته الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا بِأَصْحَابِهِ دَائِمًا , وَهَذَا مِمَّا يُقْطَع بِبُطْلَانِهِ وَتَرُدّهُ سَائِر الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة.
وَلَا رَيْب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَفِّف بَعْض الصَّلَاة كَمَا كَانَ يُخَفِّف سُنَّة الْفَجْر حَتَّى تَقُول عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآن وَكَانَ يُخَفِّف الصَّلَاة فِي السَّفَر حَتَّى كَانَ رُبَّمَا قَرَأَ فِي الْفَجْر بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ , وَكَانَ يُخَفِّف إِذَا سَمِعَ بُكَاء الصَّبِيّ.
فَالسُّنَّة التَّخْفِيف حَيْثُ خَفَّفَ وَالتَّطْوِيل حَيْثُ أَطَالَ وَالتَّوَسُّط غَالِبًا.
فَاَلَّذِي أَنْكَرَهُ أَنَس هُوَ التَّشْدِيد الَّذِي لَا يُخَفِّف صَاحِبه عَلَى نَفْسه مَعَ حَاجَته إِلَى التَّخْفِيف , وَلَا رَيْب أَنَّ هَذَا خِلَاف سُنَّته وَهَدْيه.
اِنْتَهَى كَلَام اِبْن الْقَيِّم.
قُلْت : أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ اِبْن جُبَيْر قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك يَقُول " مَا صَلَّيْت وَرَاء أَحَد بَعْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْبَهَ صَلَاة بِصَلَاةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْفَتَى يَعْنِي عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز قَالَ فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعه عَشْر تَسْبِيحَات وَفِي سُجُوده عَشْر تَسْبِيحَات " وَإِلَى هَذَا الْحَدِيث أَشَارَ اِبْن الْقَيِّم بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْقَائِل إِنَّ أَشْبَهَ مَنْ رَأَى إِلَخْ.
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَأَبُوهُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي صَلَاةً خَفِيفَةً دَقِيقَةً كَأَنَّهَا صَلَاةُ مُسَافِرٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ أَبِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَرَأَيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ أَوْ شَيْءٌ تَنَفَّلْتَهُ قَالَ إِنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ وَإِنَّهَا لَصَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْطَأْتُ إِلَّا شَيْئًا سَهَوْتُ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ } ثُمَّ غَدَا مِنْ الْغَدِ فَقَالَ أَلَا تَرْكَبُ لِتَنْظُرَ وَلِتَعْتَبِرَ قَالَ نَعَمْ فَرَكِبُوا جَمِيعًا فَإِذَا هُمْ بِدِيَارٍ بَادَ أَهْلُهَا وَانْقَضَوْا وَفَنُوا خَاوِيَةٍ عَلَى عُرُوشِهَا فَقَالَ أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ فَقُلْتُ مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا هَذِهِ دِيَارُ قَوْمٍ أَهْلَكَهُمْ الْبَغْيُ وَالْحَسَدُ إِنَّ الْحَسَدَ يُطْفِئُ نُورَ الْحَسَنَاتِ وَالْبَغْيُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ وَالْعَيْنُ تَزْنِي وَالْكَفُّ وَالْقَدَمُ وَالْجَسَدُ وَاللِّسَانُ وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ
عن أبي الدرداء، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغل...
عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضب الله، ولا بالنار»
عن أبي الدرداء، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يكون اللعانون شفعاء، ولا شهداء»
ن ابن عباس، أن رجلا لعن الريح - وقال مسلم إن رجلا نازعته الريح رداءه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلعنها -، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تل...
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبخي عنه»
عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث...
عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ...
عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث، فليلقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشترك...
عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا يكون لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاثة، فإذا لقيه سلم عليه ثلاث مرار كل ذلك لا يرد عليه ف...