5388- عن معاوية بن سويد بن مقرن، قال: دخلت على البراء بن عازب، فسمعته يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع: «أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار القسم، أو المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونهانا عن خواتيم - أو عن تختم - بالذهب، وعن شرب بالفضة، وعن المياثر، وعن القسي، وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج»، عن أشعث بن سليم، بهذا الإسناد مثله، إلا قوله: وإبرار القسم، أو المقسم، فإنه لم يذكر هذا الحرف في الحديث، وجعل مكانه وإنشاد الضال، عن أشعث بن أبي الشعثاء، بهذا الإسناد مثل حديث زهير، وقال: إبرار القسم من غير شك، وزاد في الحديث، وعن الشرب في الفضة، فإنه من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة، عن أشعث بن سليم، بإسنادهم ومعنى حديثهم، إلا قوله: وإفشاء السلام، فإنه قال: بدلها ورد السلام، وقال: نهانا عن خاتم الذهب أو حلقة الذهب، عن أشعث بن أبي الشعثاء، بإسنادهم، وقال: وإفشاء السلام، وخاتم الذهب من غير شك
(وتشميت العاطس) هو أن يقال له: يرحمك الله.
ويقال بالسين المهملة والمعجمة، لغتان مشهورتان.
قال الأزهري: قال الليث: التشميت ذكر الله تعالى على كل شيء.
ومنه قوله للعاطس: يرحمك الله.
وقال ثعلب: يقال سمت العاطس وشمته إذا دعوت له بالهدى وقصد السمت المستقيم.
قال: والأصل فيه السين المهملة، فقلبت شينا معجمة.
(وإجابة الداعي) المراد به الداعي إلى وليمة ونحوها من الطعام.
(وإفشاء السلام) إشاعته وإكثاره، وأن يبذله لكل مسلم.
(وعن المياثر) قال العلماء: هو جمع مئثرة، بكسر الميم، وهو وطاء كانت النساء يضعنه لأزواجهن على السروج.
وكان من مراكب العجم.
ويكون من الحرير ويكون من الصوف وغيره.
وقيل: أغشية للسروج تتخذ من الحرير.
وقيل هي سروج من الديباج.
وقيل: هي شيء كالفراش الصغير تتخذ من حرير تحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب على البعير تحته فوق الرحل.
والمئثرة مهموزة، وهي مفعلة بكسر الميم، من الوثارة.
يقال: وثر وثارة فهو وثير، أي وطئ لين.
وأصلها مؤثرة، فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها.
كما في ميزان وميقات وميعاد من الوزن والوقت والوعد.
وأصله موزان وموقات وموعاد.
(وعن القسي) بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة.
وهذا الذي ذكرنا من فتح القاف هو الصحيح المشهور.
وبعض أهل الحديث يكسرها.
قال أبو عبيد: أهل الحديث يكسرونها وأهل مصر يفتحونها.
قال أهل اللغو وغريب الحديث: هي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقس، بفتح القاف، وهو موضع من بلاد مصر، وهو قرية على ساحل البحر قريبة من تنيس.
(والإستبرق) هو غليظ الديباج.
(الديباج) بفتح الدال وكسرها جمعه ديابيج.
وهو عجمي معرب الديبا.
وهي الثياب المتخذة من الإبريسم.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( أَمَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ , وَنَهَانَا عَنْ سَبْع , أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيض , وَاتِّبَاع الْجِنَازَة , وَتَشْمِيت الْعَاطِس , وَإِبْرَار الْقَسَم أَوْ الْمُقْسِم , وَنَصْر الْمَظْلُوم , وَإِجَابَة الدَّاعِي , وَإِفْشَاء السَّلَام.
وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيم أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ بِالذَّهَبِ , وَعَنْ شُرْب بِالْفِضَّةِ , وَعَنْ الْمَيَاثِر , وَعَنْ الْقَسِّيّ , وَعَنْ لُبْس الْحَرِير , وَالْإِسْتَبْرَق , وَالدِّيبَاج ) وَفِي رِوَايَة : ( وَإِنْشَاد الضَّالَّة ) بَدَل ( إِبْرَار الْقَسَم أَوْ الْمُقْسِم ) , وَفِي رِوَايَة : ( وَرَدّ السَّلَام ) بَدَل ( إِفْشَاء السَّلَام ).
أَمَّا عِيَادَة الْمَرِيض فَسُنَّة بِالْإِجْمَاعِ , وَسَوَاء فِيهِ مَنْ يَعْرِفهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفهُ , وَالْقَرِيب وَالْأَجْنَبِيّ , وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْأَوْكَد وَالْأَفْضَل مِنْهَا.
وَأَمَّا اِتِّبَاع الْجَنَائِز فَسُنَّة بِالْإِجْمَاعِ أَيْضًا , وَسَوَاء فِيهِ مَنْ يَعْرِفهُ وَقَرِيبه وَغَيْرهمَا , وَسَبَقَ إِيضَاحه فِي الْجَنَائِز.
وَأَمَّا تَشْمِيت الْعَاطِس فَهُوَ أَنْ يَقُول لَهُ : يَرْحَمك اللَّه , وَيُقَال بِالسِّينِ الْمُهْمَلَة وَالْمُعْجَمَة , لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ.
قَالَ الْأَزْهَرِيّ : قَالَ اللَّيْث : التَّشْمِيت ذِكْر اللَّه تَعَالَى عَلَى كُلّ شَيْء , وَمِنْهُ قَوْله لِلْعَاطِسِ : يَرْحَمك اللَّه.
وَقَالَ ثَعْلَب : يُقَال : سَمَّتَ الْعَاطِس وَشَمَّتَهُ إِذَا دَعَوْت لَهُ بِالْهُدَى , وَقَصَدَ السَّمْت الْمُسْتَقِيم.
قَالَ : وَالْأَصْل فِيهِ السِّين الْمُهْمَلَة , فَقُلِبَتْ شِينًا مُعْجَمَة.
وَقَالَ صَاحِب الْمُحْكَم : تَسْمِيت الْعَاطِس مَعْنَاهُ هَدَاك اللَّه إِلَى السَّمْت.
قَالَ : وَذَلِكَ لِمَا فِي الْعَاطِس مِنْ الِانْزِعَاج وَالْقَلِق.
قَالَ أَبُو عُبَيْد وَغَيْره : الشِّين الْمُعْجَمَة عَلَى اللُّغَتَيْنِ.
قَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : يُقَال مِنْهُ شَمَّتَهُ , وَسَمَّتَ عَلَيْهِ إِذَا دَعَوْت لَهُ بِخَيْرِ , وَكُلّ دَاعٍ بِالْخَيْرِ فَهُوَ مُشَمِّت , وَمُسَمِّت.
وَتَسْمِيت الْعَاطِس سُنَّة , وَهُوَ سُنَّة عَلَى الْكِفَايَة إِذَا فَعَلَ بَعْض الْحَاضِرِينَ سَقَطَ الْأَمْر عَنْ الْبَاقِينَ , وَشَرْطه أَنْ يَسْمَع قَوْل الْعَاطِس : الْحَمْد لِلَّهِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ مَعَ فُرُوع تَتَعَلَّق بِهِ فِي بَابه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَأَمَّا إِبْرَار الْقَسَم فَهُوَ سُنَّة أَيْضًا مُسْتَحَبَّة مُتَأَكِّدَة وَإِنَّمَا يُنْدَب إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَفْسَدَة أَوْ خَوْف ضَرَر أَوْ نَحْو ذَلِكَ , فَإِنْ كَانَ شَيْء مِنْ هَذَا لَمْ يَبَرَّ قَسَمه كَمَا ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَمَّا عَبَرَ الرُّؤْيَا بِحَضْرَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ ( صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَصَبْت بَعْضًا وَأَخْطَأْت بَعْضًا ) فَقَالَ : أَقْسَمْت عَلَيْك يَا رَسُول اللَّه لَتُخْبِرنِي فَقَالَ : ( لَا تُقْسِم ) وَلَمْ يُخْبِرهُ.
وَأَمَّا نَصْر الْمَظْلُوم فَمِنْ فُرُوض الْكِفَايَة , وَهُوَ مِنْ جُمْلَة الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر , وَإِنَّمَا يَتَوَجَّه الْأَمْر بِهِ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ , وَلَمْ يَخَفْ ضَرَرًا.
وَأَمَّا إِجَابَة الدَّاعِي فَالْمُرَاد بِهِ الدَّاعِي إِلَى وَلِيمَة وَنَحْوهَا مِنْ الطَّعَام , وَسَبَقَ إِيضَاح ذَلِكَ بِفُرُوعِهِ فِي بَاب الْوَلِيمَة مِنْ كِتَاب النِّكَاح.
وَأَمَّا إِفْشَاء السَّلَام فَهُوَ إِشَاعَته وَإِكْثَاره , وَأَنْ يَبْذُلهُ لِكُلِّ مُسْلِم كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيث الْآخَر : ( وَتَقْرَأ السَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ) وَسَبَقَ بَيَان هَذَا فِي كِتَاب الْإِيمَان فِي حَدِيث ( أَفْشُوا السَّلَام ) وَسَنُوَضِّحُ فُرُوعه فِي بَابه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَأَمَّا رَدّ السَّلَام فَهُوَ فَرْض بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ كَانَ السَّلَام عَلَى وَاحِد كَانَ الرَّدّ فَرْض عَيْن عَلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ عَلَى جَمَاعَة كَانَ فَرْض كِفَايَة فِي حَقّهمْ , إِذَا رَدّ أَحَدهمْ سَقَطَ الْحَرَج عَنْ الْبَاقِينَ , وَسَنُوَضِّحُهُ بِفُرُوعِهِ فِي بَابه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَأَمَّا إِنْشَاد الضَّالَّة فَهُوَ تَعْرِيفهَا , وَهُوَ مَأْمُور بِهِ , وَسَبَقَ تَفْصِيله فِي كِتَاب اللُّقَطَة.
وَأَمَّا خَاتَم الذَّهَب فَهُوَ حَرَام عَلَى الرَّجُل بِالْإِجْمَاعِ , وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضه ذَهَبًا وَبَعْضه فِضَّة حَتَّى قَالَ أَصْحَابنَا : لَوْ كَانَتْ سِنّ الْخَاتَم ذَهَبًا , أَوْ كَانَ مُمَوَّهًا بِذَهَب يَسِير , فَهُوَ حَرَام لِعُمُومِ الْحَدِيث الْآخَر فِي الْحَرِير وَالذَّهَب ( إِنَّ هَذَيْنِ حَرَام عَلَى ذُكُور أُمَّتِي حِلّ لِإِنَاثِهَا ).
وَأَمَّا لُبْس الْحَرِير وَالْإِسْتَبْرَق وَالدِّيبَاج وَالْقَسِّيّ , وَهُوَ نَوْع مِنْ الْحَرِير , فَكُلّه حَرَام عَلَى الرِّجَال , سَوَاء لَبِسَهُ لِلْخُيَلَاءِ أَوْ غَيْرهَا , إِلَّا أَنْ يَلْبَسهُ لِلْحَكَّةِ فَيَجُوز فِي السَّفَر وَالْحَضَر , وَأَمَّا النِّسَاء فَيُبَاح لَهُنَّ لُبْس الْحَرِير وَجَمِيع أَنْوَاعه , وَخَوَاتِيم الذَّهَب , وَسَائِر الْحُلِيّ مِنْهُ , وَمِنْ الْفِضَّة , سَوَاء الْمُزَوَّجَة , وَغَيْرهَا , وَالشَّابَّة وَالْعَجُوز وَالْغَنِيَّة وَالْفَقِيرَة هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَحْرِيم الْحَرِير عَلَى الرِّجَال وَإِبَاحَته لِلنِّسَاءِ هُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجَمَاهِير , وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ قَوْم إِبَاحَته لِلرَّجُلِ وَالنِّسَاء , وَعَنْ اِبْن الزُّبَيْر تَحْرِيمه عَلَيْهِمَا , ثُمَّ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع عَلَى إِبَاحَته لِلنِّسَاءِ , وَتَحْرِيمه عَلَى الرِّجَال , وَيَدُلّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيث الْمُصَرِّحَة بِالتَّحْرِيمِ , مَعَ الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكَرهَا مُسْلِم بَعْد هَذَا فِي تَشْقِيق عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ الْحَرِير بَيْن نِسَائِهِ وَبَيْن الْفَوَاطِم خَمْرًا لَهُنَّ , وَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيث.
وَاللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا الصِّبْيَان فَقَالَ أَصْحَابنَا : يَجُوز إِلْبَاسهمْ الْحُلِيّ وَالْحَرِير فِي يَوْم الْعِيد لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيف عَلَيْهِمْ.
وَفِي جَوَاز إِلْبَاسهمْ ذَلِكَ فِي بَاقِي السَّنَة ثَلَاثَة أَوْجُه : أَصَحّهَا جَوَازه , وَالثَّانِي تَحْرِيمه , وَالثَّالِث يَحْرُم بَعْد سِنّ التَّمْيِيز.
وَأَمَّا قَوْله : ( وَعَنْ شُرْب بِالْفِضَّةِ ) فَقَدْ سَبَقَ إِيضَاحه فِي الْبَاب قَبْله.
وَأَمَّا قَوْله : ( وَعَنْ الْمَيَاثِر ) فَهُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَة قَبْل الرَّاء.
قَالَ الْعُلَمَاء : هُوَ جَمْع مِئْثَرَة بِكَسْرِ الْمِيم , وَهِيَ وِطَاء كَانَتْ النِّسَاء يَضَعْنَهُ لِأَزْوَاجِهِنَّ عَلَى السُّرُوج , وَكَانَ مِنْ مَرَاكِب الْعَجَم , وَيَكُون مِنْ الْحَرِير , وَيَكُون مِنْ الصُّوف وَغَيْره.
وَقِيلَ : أَغْشِيَة لِلسُّرُوجِ , تُتَّخَذ مِنْ الْحَرِير.
وَقِيلَ : هِيَ سُرُوج مِنْ الدِّيبَاج.
وَقِيلَ : هِيَ شَيْء كَالْفِرَاشِ الصَّغِير تُتَّخَذ مِنْ حَرِير تُحْشَى بِقُطْنٍ أَوْ صُوف , يَجْعَلهَا الرَّاكِب عَلَى الْبَعِير تَحْته فَوْق الرَّحْل.
وَالْمِئْثَرَة مَهْمُوزَة , وَهِيَ مِفْعَلةٌ بِكَسْرِ الْمِيم مِنْ الْوَثَارَة , يُقَال : وَثُرَ بِضَمِّ الثَّاء وَثَارَة بِفَتْحِ الْوَاو فَهُوَ وَثِير أَيْ وَطِيءٌ لَيِّنٌ , وَأَصْلهَا ( مِوْثَرَة ) فَقُلِبَتْ الْوَاو يَاء لِكَسْرِ مَا قَبْلهَا , كَمَا فِي ( مِيزَان وَمِيقَات وَمِيعَاد ) , مِنْ الْوَزْن وَالْوَقْت وَالْوَعْد , وَأَصْله مِوْزَان وَمِوْقَات وَمِوْعَاد.
قَالَ الْعُلَمَاء : فَالْمِئْثَرَة إِنْ كَانَتْ مِنْ الْحَرِير كَمَا هُوَ الْغَالِب فِيمَا كَانَ مِنْ عَادَتهمْ فَهِيَ حَرَام , لِأَنَّهُ جُلُوس عَلَى الْحَرِير , وَاسْتِعْمَال لَهُ , وَهُوَ حَرَام عَلَى الرِّجَال , سَوَاء كَانَ عَلَى رَحْل أَوْ سَرْج أَوْ غَيْرهمَا.
وَإِنْ كَانَتْ مِئْثَرَة مِنْ غَيْر الْحَرِير فَلَيْسَتْ بِحِرَامٍ , وَمَذْهَبنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مَكْرُوهَة أَيْضًا , فَإِنَّ الثَّوْب الْأَحْمَر لَا كَرَاهَة فِيهِ , سَوَاء كَانَتْ حَمْرَاء أَمْ لَا.
وَقَدْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ حُلَّة حَمْرَاء.
وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْض الْعُلَمَاء كَرَاهَتهَا لِئَلَّا يَظُنّهَا الرَّائِي مِنْ بَعِيد حَرِيرًا.
وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ يَزِيد بْن رُومَان الْمُرَاد بِالْمِئْثَرَةِ جُلُود السِّبَاع.
وَهَذَا قَوْل بَاطِل مُخَالِف لِلْمَشْهُورِ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَهْل اللُّغَة وَالْحَدِيث وَسَائِر الْعُلَمَاء : وَاللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا الْقَسِّيّ فَهُوَ بِفَتْحِ الْقَاف وَكَسْر السِّين الْمُهْمَلَة الْمُشَدَّدَة , وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ فَتْح الْقَاف , هُوَ الصَّحِيح الْمَشُور , وَبَعْض أَهْل الْحَدِيث يَكْسِرهَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْد : أَهْل الْحَدِيث يَكْسِرُونَهَا , وَأَهْل مِصْر يَفْتَحُونَهَا , وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيره , فَالصَّوَاب مَا ذَكَرَهُ مُسْلِم بَعْد هَذَا بِنَحْوِ كَرَّاسَة فِي حَدِيث النَّهْي عَنْ التَّخَتُّم فِي الْوُسْطَى , وَالَّتِي تَلِيهَا عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُ عَنْ لُبْس الْقَسِّيّ , وَعَنْ جُلُوس عَلَى الْمَيَاثِر.
قَالَ : فَأَمَّا الْقَسِّيّ فَثِيَاب مُضَلَّعَة يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْر وَالشَّام فِيهَا شُبَه.
كَذَا هُوَ لَفْظ رِوَايَة مُسْلِم.
وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ ( فِيهَا حَرِير أَمْثَال الْأُتْرُجّ ) , قَالَ أَهْل اللُّغَة وَغَرِيب الْحَدِيث : هِيَ ثِيَاب مُضَلَّعَة بِالْحَرِيرِ , تُعْمَل بِالْقَسِّ بِفَتْحِ الْقَاف , وَهُوَ مَوْضِع مِنْ بِلَاد مِصْر , وَهُوَ قَرْيَة عَلَى سَاحِل الْبَحْر قَرِيبَة مِنْ تِنِّيس.
وَقِيلَ : هِيَ ثِيَاب كَتَّان مَخْلُوط بِحَرِيرِ , وَقِيلَ : هِيَ ثِيَاب مِنْ الْقَزّ , وَأَصْله الْقَزِّيّ بِالزَّايِ مَنْسُوب إِلَى الْقَزّ , وَهُوَ رَدِيء الْحَرِير , فَأُبْدِل مِنْ الزَّاي سِين.
وَهَذَا الْقَسِّيّ إِنْ كَانَ حَرِيره أَكْثَر مِنْ كَتَّانه فَالنَّهْي عَنْهُ لِلتَّحْرِيمِ , إِلَّا فَالْكَرَاهَة لِلتَّنْزِيهِ.
وَأَمَّا الْإِسْتَبْرَق فَغَلِيظ الدِّيبَاج , وَأَمَّا الدِّيبَاج فَبِفَتْحِ الدَّال وَكَسْرهَا جَمْعه دَبَابِيج , وَهُوَ عَجَمِيّ مُعَرَّب الديبا.
وَالدِّيبَاج وَالْإِسْتَبْرَق حَرَام لِأَنَّهُمَا مِنْ الْحَرِير وَاللَّه أَعْلَم.
قَوْله فِي حَدِيث أَبِي بَكْر وَعُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة ( وَزَادَ فِي الْحَدِيث وَعَنْ الشُّرْب ) فَالضَّمِير فِي ( وَزَادَ ) يَعُود إِلَى الشَّيْبَانِيِّ الرَّاوِي عَنْ أَشْعَث بْن أَبِي الشَّعْثَاء.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ح و حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ أَوْ الْمُقْسِمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ بِالذَّهَبِ وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ وَعَنْ الْمَيَاثِرِ وَعَنْ الْقَسِّيِّ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ إِلَّا قَوْلَهُ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ أَوْ الْمُقْسِمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْحَرْفَ فِي الْحَدِيثِ وَجَعَلَ مَكَانَهُ وَإِنْشَادِ الضَّالِّ و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ح و حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ كِلَاهُمَا عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ زُهَيْرٍ وَقَالَ إِبْرَارِ الْقَسَمِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ وَعَنْ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ و حَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَقَ الشَّيْبَانِيُّ وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ بِإِسْنَادِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَادَةَ جَرِيرٍ وَابْنِ مُسْهِرٍ و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ح و حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح و حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ح و حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنِي بَهْزٌ قَالُوا جَمِيعًا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ بِإِسْنَادِهِمْ وَمَعْنَى حَدِيثِهِمْ إِلَّا قَوْلَهُ وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ قَالَ بَدَلَهَا وَرَدِّ السَّلَامِ وَقَالَ نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ حَلْقَةِ الذَّهَبِ و حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَعَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ بِإِسْنَادِهِمْ وَقَالَ وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ
عن أبي فروة، أنه سمع عبد الله بن عكيم، قال: كنا مع حذيفة بالمدائن، فاستسقى حذيفة، فجاءه دهقان بشراب في إناء من فضة فرماه به، وقال: إني أخبركم أني قد أ...
عن سيف، قال: سمعت مجاهدا، يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: استسقى حذيفة، فسقاه مجوسي في إناء من فضة، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسل...
عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب، رأى حلة سيراء عند باب المسجد، فقال: يا رسول الله، لو اشتريت هذه فلبستها للناس يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رس...
عن ابن عمر، قال: رأى عمر عطاردا التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء، وكان رجلا يغشى الملوك ويصيب منهم، فقال عمر: يا رسول الله، إني رأيت عطاردا يقيم في السوق...
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر، قال: وجد عمر بن الخطاب حلة من إستبرق تباع بالسوق، فأخذها، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسو...
عن ابن عمر، أن عمر، رأى على رجل من آل عطارد قباء من ديباج، أو حرير، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اشتريته فقال: «إنما يلبس هذا من لا خلاق له»...
عن عبد الله، مولى أسماء بنت أبي بكر، وكان خال ولد عطاء، قال: أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر، فقالت: بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، ومي...
عن خليفة بن كعب أبي ذبيان، قال: سمعت عبد الله بن الزبير، يخطب، يقول: ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله...
عن أبي عثمان، قال: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان: «يا عتبة بن فرقد، إنه ليس من كدك، ولا من كد أبيك، ولا من كد أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع من...