5401- عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب، رأى حلة سيراء عند باب المسجد، فقال: يا رسول الله، لو اشتريت هذه فلبستها للناس يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة»، ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل، فأعطى عمر منها حلة، فقال عمر: يا رسول الله، كسوتنيها، وقد قلت في حلة عطارد ما قلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لم أكسكها لتلبسها»، فكساها عمر أخا له مشركا بمكة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث مالك
(حلة سيراء) ضبطوا الحلة هنا بالتنوين.
على أن سيراء صفة.
وبغير تنوين على الإضافة.
وهما وجهان مشهوران.
والمحققون ومتقنو العربية يختارون الإضافة.
قال سيبويه: لم تأت فعلاء صفة.
وأكثر المحدثين ينوبون.
وهي برود يخالطها حرير وهي مضلعة بالحرير.
قالوا: كأنها شبهت خطوطها بالسيور.
قال أهل اللغة: الحلة لا تكون إلا ثوبين.
وتكون غالبا إزارا ورداء.
(من لا خلاق له) قيل: معناه من لا نصيب له في الآخرة.
وقيل من لا حرمه له.
وقيل: من لا دين له.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( رَأَى حُلَّة سِيَرَاء ) هِيَ بِسِينٍ مُهْمَلَة مَكْسُورَة , ثُمَّ يَاء مُثَنَّاة مِنْ تَحْت مَفْتُوحَة , ثُمَّ رَاءٍ , ثُمَّ أَلِف مَمْدُودَة.
وَضَبَطُوا الْحُلَّة هُنَا بِالتَّنْوِينِ , عَلَى أَنَّ سِيَرَاء صِفَة , وَبِغَيْرِ تَنْوِين عَلَى الْإِضَافَة , وَهُمَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ , وَالْمُحَقِّقُونَ وَمُتْقِنُو الْعَرَبِيَّة يَخْتَارُونَ الْإِضَافَة.
قَالَ سِيبَوَيْهِ : لَمْ تَأْتِ فِعَلَاء صِفَة , وَأَكْثَر الْمُحَدِّثِينَ يُنَوِّنُونَ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : حُلَّة سِيَرَاء كَمَا قَالُوا : نَاقَة عُشَرَاء قَالُوا : هِيَ بُرُود يُخَالِطهَا حَرِير , وَهِيَ مُضَلَّعَة بِالْحَرِيرِ , وَكَذَا فَسَّرَهَا فِي الْحَدِيث فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ , وَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيل وَالْأَصْمَعِيّ وَآخَرُونَ.
قَالُوا : كَأَنَّهَا شُبِّهَتْ خُطُوطهَا بِالسُّطُورِ , وَقَالَ اِبْن شِهَاب : هِيَ ثِيَاب مُضَلَّعَة بِالْقَزِّ , وَقِيلَ : هِيَ مُخْتَلِفَة الْأَلْوَان , وَقَالَ : هِيَ وَشْي مِنْ حَرِير , وَقِيلَ : إِنَّهَا حَرِير مَحْض.
وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِم فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( حُلَّة مِنْ اِسْتَبْرَقٍ ) , وَفِي الْأُخْرَى ( مِنْ دِيبَاج أَوْ حَرِير ) , وَفِي رِوَايَة ( حُلَّة سُنْدُس ) , فَهَذِهِ الْأَلْفَاظ تُبَيِّن أَنَّ هَذِهِ الْحُلَّة كَانَتْ حَرِيرًا مَحْضًا , وَهُوَ الصَّحِيح الَّذِي يَتَعَيَّن الْقَوْل بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث جَمْعًا بَيْن الرِّوَايَات , وَلِأَنَّهَا هِيَ الْمُحَرَّمَة.
أَمَّا الْمُخْتَلِط مِنْ حَرِير وَغَيْره فَلَا يَحْرُم إِلَّا أَنْ يَكُون الْحَرِير أَكْثَر وَزْنًا.
وَاللَّه أَعْلَم.
قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْحُلَّة لَا تَكُون إِلَّا ثَوْبَيْنِ , وَتَكُون غَالِبًا إِزَارًا وَرِدَاء.
وَفِي حَدِيث عُمَر فِي هَذِهِ الْحُلَّة دَلِيلٌ لِتَحْرِيمِ الْحَرِير عَلَى الرِّجَال وَإِبَاحَته لِلنِّسَاءِ , إِبَاحَة هَدِيَّته , وَإِبَاحَة ثَمَنه , وَجَوَاز إِهْدَاء الْمُسْلِم إِلَى الْمُشْرِك ثَوْبًا وَغَيْره , وَاسْتِحْبَاب لِبَاس أَنْفَس ثِيَابه يَوْم الْجُمُعَة وَالْعِيد , وَعِنْد لِقَاء الْوُفُود وَنَحْوهمْ.
وَعَرْض الْمَفْضُول عَلَى الْفَاضِل , وَالتَّابِع عَلَى الْمَتْبُوع مَا يَحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ مَصَالِحه الَّتِي قَدْ لَا يَذْكُرهَا.
وَفِيهِ صِلَة الْأَقَارِب وَالْمَعَارِف وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا , وَجَوَاز الْبَيْع وَالشِّرَاء عِنْد بَاب الْمَسْجِد.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا يَلْبَس هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاق لَهُ فِي الْآخِرَة ) قِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ لَا نَصِيب لَهُ فِي الْآخِرَة , وَقِيلَ : مَنْ لَا حُرْمَة لَهُ , وَقِيلَ مَنْ لَا دِين لَهُ.
فَعَلَى الْأَوَّل يَكُون مَحْمُولًا عَلَى الْكُفَّار , وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَتَنَاوَل الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ.
وَاللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( فَكَسَاهَا عُمَر أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّة ) هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم , وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي كِتَاب قَالَ : أَرْسَلَ بِهَا عُمَر إِلَى أَخ لَهُ مِنْ أَهْل مَكَّة قَبْل أَنْ يُسْلِم , فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْد ذَلِكَ.
وَفِي رِوَايَة فِي مُسْنَد أَبِي عَوَانَة الْإِسْفَرَايِنِيّ : فَكَسَاهَا عُمَر أَخًا لَهُ مِنْ أُمّه مِنْ أَهْل مَكَّة مُشْرِكًا.
وَفِي هَذَا دَلِيل لِجَوَازِ صِلَة الْأَقَارِب الْكُفَّار وَالْإِحْسَان إِلَيْهِمْ , وَجَوَاز الْهَدِيَّة إِلَى الْكُفَّار , وَفِيهِ جَوَاز إِهْدَاء ثِيَاب الْحَرِير إِلَى الرِّجَال لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّن لِلُبْسِهِمْ , وَقَدْ يُتَوَهَّم مُتَوَهِّم أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ رِجَال الْكُفَّار يَجُوز لَهُمْ لُبْس الْحَرِير , وَهَذَا وَهْم بَاطِل , لِأَنَّ الْحَدِيث إِنَّمَا فِيهِ الْهَدِيَّة إِلَى كَافِر , وَلَيْسَ فِيهِ الْإِذْن لَهُ فِي لُبْسهَا , وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ إِلَى عُمَر وَعَلِيّ وَأُسَامَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , وَلَا يَلْزَم مِنْهُ إِبَاحَة لُبْسهَا لَهُمْ , بَلْ صَرَّحَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَعْطَاهُ لِيَنْتَفِع بِهَا بِغَيْرِ اللُّبْس , وَالْمَذْهَب الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْكُفَّار مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرْع , فَيَحْرُم عَلَيْهِمْ الْحَرِير كَمَا يَحْرُم عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا لِلنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ و حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ح و حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِ مَالِكٍ
عن ابن عمر، قال: رأى عمر عطاردا التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء، وكان رجلا يغشى الملوك ويصيب منهم، فقال عمر: يا رسول الله، إني رأيت عطاردا يقيم في السوق...
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر، قال: وجد عمر بن الخطاب حلة من إستبرق تباع بالسوق، فأخذها، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسو...
عن ابن عمر، أن عمر، رأى على رجل من آل عطارد قباء من ديباج، أو حرير، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اشتريته فقال: «إنما يلبس هذا من لا خلاق له»...
عن عبد الله، مولى أسماء بنت أبي بكر، وكان خال ولد عطاء، قال: أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر، فقالت: بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، ومي...
عن خليفة بن كعب أبي ذبيان، قال: سمعت عبد الله بن الزبير، يخطب، يقول: ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله...
عن أبي عثمان، قال: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان: «يا عتبة بن فرقد، إنه ليس من كدك، ولا من كد أبيك، ولا من كد أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع من...
عن أبي عثمان، قال: كنا مع عتبة بن فرقد، فجاءنا كتاب عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يلبس الحرير إلا من ليس له منه شيء في الآخرة، إلا هكذا...
عن قتادة، قال: سمعت أبا عثمان النهدي، قال: جاءنا كتاب عمر ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد - أو بالشام -: «أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى...
عن سويد بن غفلة، أن عمر بن الخطاب، خطب بالجابية، فقال: «نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين، أو ثلاث، أو أربع»، عن قتادة، ب...