86-
عن عائشة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ»، قال: قلت: من هي إلا أنت؟ فضحكت.
وقد روي نحو هذا عن غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، قالوا: ليس في القبلة وضوء، وقال مالك بن أنس، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: «في القبلة وضوء»، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين.
وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد.
وسمعت أبا بكر العطار البصري يذكر، عن علي بن المديني، قال: ضعف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث، وقال: هو شبه لا شيء وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث، وقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة، وقد روي عن إبراهيم التيمي، عن عائشة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قبلها ولم يتوضأ»، وهذا لا يصح أيضا، ولا نعرف لإبراهيم التيمي سماعا من عائشة، وليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( عَنْ عُرْوَةَ ) قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ لَمْ يَنْسُبْ التِّرْمِذِيُّ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَصْلًا وَأَمَّا اِبْنُ مَاجَهْ فَإِنَّهُ نَسَبَهُ فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا وَكِيعٌ ثنا الْأَعْمَشُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ , وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرِجَالُ هَذَا السَّنَدِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ اِنْتَهَى , وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ وَقَالَ وَأَيْضًا فَالسُّؤَالُ الَّذِي فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ اِبْنُ الزُّبَيْرِ لِأَنَّ الْمُزَنِيَّ لَا يَجْسُرُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ الْكَلَامَ لِعَائِشَةَ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ , وَأَرَادَ بِالسُّؤَالِ الَّذِي فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ قَوْلَهُ مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتَ وَهَذَا السُّؤَالُ مَوْجُودٌ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ : ( قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ) أَيْ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ ( ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ) أَيْ فَصَلَّى بِالْوُضُوءِ السَّابِقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وُضُوءًا جَدِيدًا مِنْ التَّقْبِيلِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَسَّ الْمَرْأَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.
قَوْلُهُ : ( قَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالُوا لَيْسَ فِي الْقُبْلَةِ وُضُوءٌ ) وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ مَرْوِيٌّ مِنْ طُرُقٍ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا وَبِحَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كُنْت أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْت رِجْلِي فَإِذَا قَامَ بَسَطْتهَا وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ , أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَفِي لَفْظٍ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلِي فَضَمَمْتهَا إِلَيَّ ثُمَّ سَجَدَ , وَبِحَدِيثِهَا قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي وَإِنِّي لَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ اِعْتِرَاضَ الْجِنَازَةِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ مَسَّنِي بِرِجْلِهِ , أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ , وَبِحَدِيثِهَا قَالَتْ : فَقَدْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْته فَوَضَعْت يَدِي عَلَى بَاطِنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ , الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ ( وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي الْقُبْلَةِ وُضُوءٌ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ ) وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ اِبْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ , وَاسْتَدَلَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا هَذِهِ الْآيَةُ صَرَّحَتْ بِأَنَّ اللَّمْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْدَاثِ الْمُوجِبَةِ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي لَمْسِ الْيَدِ وَيُؤَيِّدُ بَقَاءَهُ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ قِرَاءَةُ " أَوْ لَمَسْتُمْ " فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي مُجَرَّدِ اللَّمْسِ مِنْ دُونِ جِمَاعٍ , رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَوْلُهُ { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } قَوْلٌ مَعْنَاهُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ , قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا إِسْنَادٌ مَوْصُولٌ صَحِيحٌ , وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قُبْلَةُ الرَّجُلِ اِمْرَأَتَهُ وَجَسُّهَا بِيَدِهِ مِنْ الْمُلَامَسَةِ فَمَنْ قَبَّلَ اِمْرَأَتَهُ أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ.
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُلَامَسَةِ وَاللَّمْسِ هُوَ الْجَسُّ بِالْيَدِ لَكِنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ الْمَجَازُ وَهُوَ الْجِمَاعُ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ وَهِيَ أَحَادِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَةُ الَّتِي اِسْتَدَلَّ بِهَا الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْقُبْلَةَ لَيْسَ فِيهَا وُضُوءٌ , وَقَدْ صَرَّحَ اِبْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الَّذِي عَلَّمَهُ اللَّهُ تَأْوِيلَ كِتَابِهِ وَاسْتَجَابَ فِيهِ دَعْوَةَ رَسُولِهِ بِأَنَّ اللَّمْسَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ هُوَ الْجِمَاعُ , وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ تَفْسِيرَهُ أَرْجَحُ مِنْ تَفْسِيرِ غَيْرِهِ لِتِلْكَ الْمَزِيَّةِ , وَكَذَلِكَ صَرَّحَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا , قَالَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ فِي تَفْسِيرِهِ اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ وَالْأَئِمَّةُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً } صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } الْآيَةَ قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } قَالَ الْجِمَاعَ , وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ اِبْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ثنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : ذَكَرُوا اللَّمْسَ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ الْمَوَالِي لَيْسَ بِالْجِمَاعِ , وَقَالَ نَاسٌ مِنْ الْعَرَبِ اللَّمْسُ الْجِمَاعُ , قَالَ فَلَقِيت اِبْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْت لَهُ إِنَّ نَاسًا مِنْ الْمَوَالِي وَالْعَرَبِ اِخْتَلَفُوا فِي اللَّمْسِ فَقَالَتْ الْمَوَالِي لَيْسَ بِالْجِمَاعِ وَقَالَتْ الْعَرَبُ الْجِمَاعَ , قَالَ فَمِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ كُنْت قُلْت كُنْت مِنْ الْمَوَالِي , قَالَ غَلَبَ فَرِيقُ الْمَوَالِي إِنَّ اللَّمْسَ وَالْمَسَّ وَالْمُبَاشَرَةَ الْجِمَاعُ , وَلَكِنَّ اللَّهَ يَكُنِّي مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ إِلَى أَنْ قَالَ وَقَدْ صَحَّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ اِبْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ آخَرُونَ عَنَى اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ كُلَّ مَنْ لَمَسَ بِيَدٍ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ وَأَوْجَبَ الْوُضُوءَ عَلَى كُلِّ مَنْ مَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا ثُمَّ أَوْرَدَ أَثَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَقْوَالِ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ فِي أَنَّ الْقُبْلَةَ مِنْ الْمَسِّ وَفِيهَا الْوُضُوءُ ثُمَّ قَالَ : وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ الْمَسِّ هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَمَالِكٍ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , ثُمَّ قَالَ اِبْنُ جَرِيرٍ وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } الْجِمَاعَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ مَعَانِي اللَّمْسِ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ اِنْتَهَى.
قُلْت : قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ مَسَّ الْمَرْأَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ هُوَ الْأَقْوَى وَالْأَرْجَحُ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ : ( وَإِنَّمَا تَرَكَ أَصْحَابُنَا حَدِيثَ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ لِحَالِ الْإِسْنَادِ ) فَهُوَ ضَعِيفٌ , لَكِنْ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : الضَّعِيفُ مُنْجَبِرٌ بِكَثْرَةِ رِوَايَاتِهِ وَبِحَدِيثِ لَمْسِ عَائِشَةَ لِبَطْنِ قَدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالِاعْتِذَارُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي لَمْسِهَا لِقَدَمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرَهُ اِبْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ اللَّمْسَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ بِحَائِلٍ أَوْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ تَكَلُّفٌ وَمُخَالَفَةٌ لِلظَّاهِرِ اِنْتَهَى كَلَامُهُ , وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَصْحَابُنَا أَهْلُ الْحَدِيثِ.
قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ أَحْمَدَ السَّرْهَنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ مَا لَفْظُهُ : وجزاين نيست لَهُ تَرْكُ كردند أَصْحَاب مَا أَهْل حَدِيث حَدِيثَ عَائِشَةَ إِلَخْ , وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَرَكَ أَصْحَابُنَا أَيْ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَوْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ كَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْأَوَّلُ اِنْتَهَى قُلْت بَلْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ أَصْحَابُنَا فِي الْمُقَدِّمَةِ ( قَالَ وَسَمِعْت أَبَا بَكْرٍ الْعَطَّارَ الْبَصْرِيَّ ) اِسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , صَدُوقٌ مِنْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ ( وَقَالَ هُوَ شِبْهُ لَا شَيْءَ ) يَعْنِي أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ ( وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ ) قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ : ذَكَرَ أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ لَمْ يَسْمَعْ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ مِنْ عُرْوَةَ , وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ اِنْتَهَى.
( وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ ( وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَلَا نَعْرِفُ لِإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ سَمَاعًا مِنْ عَائِشَةَ ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ وَلَا مِنْ حَفْصَةَ وَلَا أَدْرَكَ زَمَانَهُمَا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَوَصَلَ إِسْنَادَهُ , وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي لَفْظِهِ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ , وَقَالَ عَنْهُ غَيْرُ عُثْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَلَا يَتَوَضَّأُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ اِنْتَهَى ( وَلَيْسَ يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ ) أَيْ فِي بَابِ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ , لَكِنَّ حَدِيثَ الْبَابِ مَرْوِيٌّ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فَالضَّعْفُ مُنْجَبِرٌ بِكَثْرَةِ الطُّرُقِ , وَيُؤَيِّدُهُ أَحَادِيثُ عَائِشَةَ الْأُخْرَى كَمَا قَدْ عَرَفْت.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِانْتِقَاضِ الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ وَلَمْسِ الْمَرْأَةِ اِخْتَلَفُوا فِي اِشْتِرَاطِ وُجُودِ اللَّذَّةِ وَعَدَمِهِ , قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ : لَمْ يَشْتَرِطْ الشَّافِعِيُّ وُجُودَ اللَّذَّةِ لِظَاهِرِ قَوْلِ اِبْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعُمَرَ وَالْآيَةِ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمُسْتَكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ لَذَّةٌ وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ اللَّذَّةَ أَوْ وُجُودَهَا عِنْدَ اللَّمْسِ وَهُوَ أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي الْمُلَامَسَةِ إِلَّا قَوْلَانِ الْجِمَاعُ وَمَا دُونَهُ وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي إِنَّمَا أَرَادَ مَا دُونَهُ مِمَّا لَيْسَ بِجِمَاعٍ وَلَمْ يُرِدْ اللَّطْمَةَ وَلَا قُبْلَةَ الرَّجُلِ اِبْنَتَهُ وَلَا اللَّمْسَ بِلَا شَهْوَةٍ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَا وَقَعَتْ بِهِ اللَّذَّةُ إِذْ لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ لَطَمَ اِمْرَأَتَهُ أَوْ دَاوَى جُرْحَهَا لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ مَنْ لَمَسَ وَلَمْ يَلْتَذَّ كَذَا قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَفِيهِ نَظَرٌ , فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَسَّ الْمَرْأَةِ بِلَطْمِهَا أَوْ مُدَاوَاةِ جُرْحِهَا نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ فَإِنْ أَرَادَ نَفْيَ الْخِلَافِ فِي مَذْهَبِهِ لَمْ يَتِمَّ الدَّلِيلُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَحْمَلِ النِّزَاعِ اِنْتَهَى كَلَامُ الزُّرْقَانِيِّ.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَهَنَّادٌ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ وَأَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ قُلْتُ مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ قَالَ فَضَحِكَتْ قَالَ أَبُو عِيسَى وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالُوا لَيْسَ فِي الْقُبْلَةِ وُضُوءٌ و قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ فِي الْقُبْلَةِ وُضُوءٌ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَإِنَّمَا تَرَكَ أَصْحَابُنَا حَدِيثَ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ لِحَالِ الْإِسْنَادِ قَالَ و سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ الْعَطَّارَ الْبَصْرِيَّ يَذْكُرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ ضَعَّفَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ هَذَا الْحَدِيثَ جِدًّا وَقَالَ هُوَ شِبْهُ لَا شَيْءَ قَالَ و سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَعِيلَ يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ و قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَلَا نَعْرِفُ لِإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ سَمَاعًا مِنْ عَائِشَةَ وَلَيْسَ يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ
عن أبي الدرداء: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء، فتوضأ»، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت ذلك له، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه،: وقال إسحاق بن منص...
عن عبد الله بن مسعود، قال: سألني النبي صلى الله عليه وسلم: «ما في إداوتك؟»، فقلت: نبيذ، فقال: «تمرة طيبة، وماء طهور»، قال: فتوضأ منه،: وإنما روي هذا ا...
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فدعا بماء فمضمض، وقال: «إن له دسما»، وفي الباب عن سهل بن سعد، وأم سلمة،: وهذا حديث حسن صحيح وقد رأى...
عن ابن عمر، «أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه»، هذا حديث حسن صحيح، وإنما يكره هذا عندنا إذا كان على الغائط والبول، وقد ف...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات: أولاهن أو أخراهن بالتراب، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة "،...
عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت عند ابن أبي قتادة، أن أبا قتادة دخل عليها، قالت: فسكبت له وضوءا، قالت: فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت ك...
عن همام بن الحارث، قال: بال جرير بن عبد الله، ثم «توضأ، ومسح على خفيه»، فقيل له: أتفعل هذا؟ قال: وما يمنعني، وقد «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يف...
عن شهر بن حوشب، قال: رأيت جرير بن عبد الله توضأ، ومسح على خفيه، فقلت له في ذلك، فقال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على خفيه»، فقلت له: أق...
عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سئل عن المسح على الخفين؟ فقال: «للمسافر ثلاثة، وللمقيم يوم»، وذكر عن يحيى ب...