3029-
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دما، يقول: يا رب، قتلني هذا، حتى يدنيه من العرش " قال: فذكروا لابن عباس، التوبة، فتلا هذه الآية: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} [النساء: ٩٣]، قال: «ما نسخت هذه الآية، ولا بدلت، وأنى له التوبة»: هذا حديث حسن.
وقد روى بعضهم هذا الحديث، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، نحوه ولم يرفعه
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ ) الْيَشْكُرِيُّ وَأَبُو بِشْرٍ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ الْمَدَائِنِ , صَدُوقٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ مَنْصُورٍ , لَيِّنٌ مِنْ السَّابِعَةِ.
قَوْلُهُ : ( يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ ) الْبَاءُ لِلتَّعَدِّيَةِ أَيْ يُحْضِرُهُ وَيَأْتِي بِهِ ( نَاصِيَتُهُ ) أَيْ شَعْرُ مُقَدَّمِ رَأْسِ الْقَاتِلِ ( وَرَأْسُهُ ) أَيْ بَقِيَّتُهُ ( بِيَدِهِ ) أَيْ بِيَدِ الْمَقْتُولِ , وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ , وَيُحْتَمَلُ مِنْ الْمَفْعُولِ عَلَى بُعْدٍ وَقَدْ اِكْتَفَى فِيهَا بِالضَّمِيرِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اِسْتِئْنَافًا عَلَى تَقْدِيرِ السُّؤَالِ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْمَجِيءِ بِهِ ( وَأَوْدَاجُهُ ) فِي النِّهَايَةِ هِيَ مَا أَحَاطَ بِالْعُنُقِ مِنْ الْعُرُوقِ الَّتِي يَقْطَعُهَا الذَّابِحُ وَاحِدُهَا وَدَجٌ بِالتَّحْرِيكِ , وَقِيلَ الْوَدَجَانِ عِرْقَانِ غَلِيظَانِ عَنْ جَانِبَيْ نَقْرَةِ النَّحْرِ , وَقِيلَ عَبَّرَ عَنْ الْمُثَنَّى بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لِلْأَمْنِ مِنْ الِالْتِبَاسِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } ( تَشْخَبُ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِهَا , أَيْ تَسِيلُ ( دَمًا ) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ دَمُهُمَا ( يَقُولُ يَا رَبِّ قَتَلَنِي هَذَا ) أَيْ وَيُكَرِّرُهُ ( حَتَّى يُدْنِيه مِنْ الْعَرْشِ ) مِنْ الْإِدْنَاءِ : أَيْ يُقَرِّبُ الْمَقْتُولُ الْقَاتِلَ مِنْ الْعَرْشِ وَكَأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ اِسْتِقْصَاءِ الْمَقْتُولِ فِي طَلَبِ ثَأْرِهِ وَعَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي إِرْضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ بِعَدْلِهِ ( فَذَكَرُوا لِابْنِ عَبَّاسٍ التَّوْبَةَ ) يَعْنِي قَالُوا لَهُ هَلْ لِلْقَاتِلِ تَوْبَةٌ أَمْ لَا ( فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةِ { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } تَمَامُ الْآيَةِ : { خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } ( قَالَ ) أَيْ اِبْنُ عَبَّاسٍ ( مَا نُسِخَتْ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَكَذَا مَا بُدِّلَتْ ( وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ ) أَيْ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ.
النَّوَوِيُّ : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ لَهُ تَوْبَةً وَجَوَازُ الْمَغْفِرَةِ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا } وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ مَذْهَبُ جَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ الْقَتْلِ , وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي اِحْتَجَّ بِهَا اِبْنُ عَبَّاسٍ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يُخَلَّدُ وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهُ جَزَاؤُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُجَازَى اِنْتَهَى.
الْحَافِظُ اِبْنُ جَرِيرٍ : وَأَوْلَى الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ } أَنَّ جَزَاءَهُ جَهَنَّمُ { خَالِدًا فِيهَا } وَلَكِنَّهُ يَعْفُو وَيَتَفَضَّلُ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ فَلَا يُجَازِيهِمْ بِالْخُلُودِ فِيهَا , وَلَكِنَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ إِمَّا أَنْ يَعْفُوَ بِفَضْلِهِ فَلَا يُدْخِلُهُ النَّارَ , وَإِمَّا أَنْ يُدْخِلَهُ إِيَّاهَا ثُمَّ يُخْرِجَهُ مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ لِمَا سَلَفَ مِنْ وَعْدِهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْقَاتِلَ إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْرِكُ دَاخِلًا فِيهَا ; لِأَنَّ الشِّرْكَ مِنْ الذُّنُوبِ , فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ غَيْرُ غَافِرٍ الشِّرْكَ لِأَحَدٍ بِقَوْلِهِ : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } وَالْقَتْلُ دُونَ الشِّرْكِ اِنْتَهَى.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا يَقُولُ يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنْ الْعَرْشِ قَالَ فَذَكَرُوا لِابْنِ عَبَّاسٍ التَّوْبَةَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } قَالَ مَا نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا بُدِّلَتْ وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بْنَ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ
عن ابن عباس، قال: " مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غنم له، فسلم عليهم قالوا: ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم فقامو...
عن البراء بن عازب، قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} [النساء: ٩٥] الآية جاء عمرو ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكان ضرير...
عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم، سمع مقسما، مولى عبد الله بن الحارث، يحدث عن ابن عباس، أنه قال: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} [الن...
عن ابن شهاب قال: حدثني سهل بن سعد، قال: رأيت مروان بن الحكم، جالسا في المسجد فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت، أخبره " أن النبي صلى ال...
عن يعلى بن أمية، قال: قلت لعمر بن الخطاب: إنما قال الله: {أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم} [النساء: ١٠١] وقد أمن الناس، فقال عمر: عجبت مما عجبت...
حدثنا أبو هريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان، فقال المشركون: إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم وهي العصر، فأجم...
عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده قتادة بن النعمان، قال: كان أهل بيت منا يقال لهم: بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر، وكان بشير رجلا منافقا يقول الشعر...
عن علي بن أبي طالب، قال: " ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: ٤٨] «.» وهذا حديث حسن...
عن أبي هريرة، قال: لما نزل: {من يعمل سوءا يجز به} [النساء: ١٢٣] شق ذلك على المسلمين، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «قاربوا وسددوا، وفي...