117- عن ابن عباس، قال دخل علي علي يعني ابن أبي طالب، وقد أهراق الماء فدعا بوضوء، فأتيناه بتور فيه ماء، حتى وضعناه بين يديه، فقال: يا ابن عباس، ألا أريك كيف كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، قال: «فأصغى الإناء على يده فغسلها، ثم أدخل يده اليمنى فأفرغ بها على الأخرى، ثم غسل كفيه، ثم تمضمض واستنثر، ثم أدخل يديه في الإناء جميعا، فأخذ بهما حفنة من ماء فضرب بها على وجهه، ثم ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه، ثم الثانية، ثم الثالثة مثل ذلك، ثم أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء، فصبها على ناصيته فتركها تستن على وجهه، ثم غسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا، ثم مسح رأسه وظهور أذنيه، ثم أدخل يديه جميعا فأخذ حفنة من ماء فضرب بها على رجله، وفيها النعل ففتلها بها، ثم الأخرى مثل ذلك» قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين
إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند أحمد، فانتفت شبهة تدليسه.
عبيد الله الخولاني: هو ابن الأسود ربيب ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرجه أحمد (625)، والبزار (463) و (464)، والطحاوي 1/ 32 و 34 و 35، وأبو يعلى (600)، وابن خزيمة (153)، وابن حبان (1080)، والبيهقي 1/ 74 من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
ورواية ابن خزيمة وابن حبان مختصرتان ولم يذكر البزار ولا الطحاوي النعلين، ورواية أبي يعلى: "فصك بهما على قدميه وفيهما النعل ثم قلبها" وكذا رواية أحمد، وفسر السندي قوله: "ثم قلبها بها" أي: صرف رجله بالحفنة وحركها عند صبها قصدا لاستيعاب الغسل للرجل، ورواية المصنف: ففتلها بها.
قال في "عون المعبود"، أي: لوى، قال فى "التوسط": أي: فتل رجله بالحفنة التي صبها عليها.
وروى البخاري في "صحيحه" (140) عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، فذكر الحديث وقال في آخره: "ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله -يعني: اليسرى-، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ".
وفي المتفق عليه من حديث ابن عمر أنه قال: تخلف عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فى سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا قال: فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار" مرتين أو ثلاثا.
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 3/ 109: ذهب جمع من الفقهاء من أهل الفتوى فى الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين ولا يجزئ مسحهما ولا يجب المسح مع الغسل ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإجماع.
وقال الحافظ في "الفتح": ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن على وابن عباس وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غسل القدمين.
رواه سعيد بن منصور، وحديث الباب نقل الترمذي عن البخاري أنه ضعفه، وقد ذكر الإمام ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 1/ 95 - 98 أن هذا الحديث من الأحاديث المشكلة وأجاب عن تلك الإشكالات ودفعها فانظرها لزاما.
قوله: "تور"، هو إناء معروف، تذكره العرب، والجمع أتوار.
و"تستن": أي: تسيل وتنصب، يقال: سننت الماء، إذا صببته صبا سهلا.
وانظر ما سلف برقم (111).
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( دَخَلَ عَلَيَّ ) : بِالْيَاءِ لِلْمُتَكَلِّمِ ( أَهْرَاقَ الْمَاء ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَسُكُون الْهَاء وَالْمُضَارِع فِيهِ يُهْرِيق بِسُكُونِ الْهَاء تَشْبِيهًا لَهُ بِاسْطَاعَ يَسْطِيع كَأَنَّ الْهَاء زِيدَتْ عَنْ حَرَكَة الْيَاء الَّتِي كَانَتْ فِي الْأَصْل وَلِهَذَا لَا نَظِير لِهَذِهِ الزِّيَادَة , وَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد بِالْمَاءِ هَاهُنَا الْبَوْل.
قَالَ اِبْن رَسْلَان فِي شَرْحه : وَفِيهِ إِطْلَاق أَهْرَقْت الْمَاء وَأَمَّا مَا رَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَنْ وَاثِلَة بْن الْأَسْقَع قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَقُولَنَّ أَحَدكُمْ أَهْرَقْت الْمَاء وَلَكِنْ لِيَقُلْ الْبَوْل " فَفِي إِسْنَاده عَنْبَسَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَنْبَسَةَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفه ( بِوَضُوءٍ ) : بِفَتْحِ الْوَاو أَيْ الْمَاء ( بِتَوْرٍ ) : بِفَتْحِ التَّاء وَسُكُون الْوَاو إِنَاء صَغِير مِنْ صُفْر أَوْ حِجَارَة يُشْرَب مِنْهُ وَمُدّ يُتَوَضَّأ مِنْهُ وَيُؤْكَل مِنْهُ الطَّعَام ( حَفْنَة مِنْ مَاء ) : الْحَفْن بِفَتْحِ الْحَاء وَسُكُون الْفَاء أَخْذ الشَّيْء بِرَاحَةِ الْكَفّ وَضَمّ الْأَصَابِع , يُقَال حَفَنْت لَهُ حَفْنًا مِنْ بَاب ضَرَبَ , وَالْحَفْنَة مِلْء الْكَفَّيْنِ وَالْجَمْع حَفَنَات , مِثْل سَجْدَة وَسَجَدَات ( فَضَرَبَ ) : وَفِي رِوَايَة أَحْمَد ثُمَّ أَخَذَ بِيَدَيْهِ فَصَكَّ بِهِمَا وَجْهه ( بِهَا ) : أَيْ بِالْحَفْنَةِ ( عَلَى وَجْهه ) : قَالَ الْحَافِظ وَلِيّ الدِّين الْعِرَاقِيّ : ظَاهِره يَقْتَضِي لَطْم وَجْهه بِالْمَاءِ , وَفِي رِوَايَة اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه : فَصَكَّ بِهِ وَجْهه , وَبَوَّبَ عَلَيْهِ اِسْتِحْبَاب صَكّ الْوَجْه بِالْمَاءِ لِلْمُتَوَضِّئِ عِنْد إِرَادَتِهِ غَسْلَ وَجْهه.
.
وَفِي هَذَا رَدّ عَلَى عُلَمَاء الشَّافِعِيَّة فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مِنْ مَنْدُوبَات الْوُضُوء أَنْ لَا يَلْطِم وَجْهه بِالْمَاءِ كَمَا نَقَلَهُ الْعِرَاقِيّ فِي شَرْحه وَالْخَطِيب الشِّرْبِينِيّ فِي الْإِقْنَاع.
وَقَالُوا يُمْكِن تَأْوِيل الْحَدِيث بِأَنَّ الْمُرَاد صَبّ الْمَاء عَلَى وَجْهه لَا لَطْمه , لَكِنَّ رِوَايَة اِبْن حِبَّان تَرُدّ هَذَا التَّأْوِيل ( ثُمَّ أَلْقَمَ إِبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ ) : قَالَ فِي التَّوَسُّط أَيْ جَعْل الْإِبْهَامَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ كَاللُّقْمَةِ.
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاة الصُّعُود قَالَ النَّوَوِيّ : فِيهِ دَلَالَة لِمَا كَانَ اِبْن شُرَيْح يَفْعَلهُ فَإِنَّهُ كَانَ يَغْسِل الْأُذُنَيْنِ مَعَ الْوَجْه وَيَمْسَحهُمَا أَيْضًا مُنْفَرِدَتَيْنِ عَمَلًا بِمَذَاهِب الْعُلَمَاء , وَهَذِهِ الرِّوَايَة فِيهَا تَطْهِيرهمَا مَعَ الْوَجْه وَمَعَ الرَّأْس وَقَالَ الْعَلَّامَة الشَّوْكَانِيُّ فِي نَيْل الْأَوْطَار : وَأَلْقَمَ إِبْهَامَيْهِ أَيْ جَعَلَ إِبْهَامَيْهِ لِلْبَيَاضِ الَّذِي بَيْن الْأُذُن وَالْعِذَار كَاللُّقْمَةِ لِلْفَمِ تُوضَع فِيهِ , وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيّ عَلَى أَنَّ الْبَيَاض الَّذِي بَيْن الْأُذُن وَالْعَذَار مِنْ الْوَجْه كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيَّة.
وَقَالَ مَالِك مَا بَيْن الْأُذُن وَاللِّحْيَة لَيْسَ مِنْ الْوَجْه.
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ عُلَمَاء الْأَمْصَار قَالَ بِقَوْلِ مَالِك.
وَعَنْ أَبِي يُوسُف يَجِبُ عَلَى الْأَمْرَدِ غَسْلُهُ دُون الْمُلْتَحِي.
قَالَ اِبْن تَيْمِيَّةَ : وَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ رَأَى مَا أَقْبَلَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْه , وَفِيهِ أَيْضًا وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنْ يَغْسِل مَا أَقْبَلَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الْوَجْه وَيَمْسَح مَا أَدْبَرَ مِنْهُمَا مَعَ الرَّأْس وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَن بْن صَالِح وَالشَّعْبِيّ وَذَهَبَ الزُّهْرِيّ وَدَاوُد إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْه فَيُغْسَلَانِ مَعَهُ , وَذَهَبَ مَنْ عَدَاهُمْ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْس فَيُمْسَحَانِ مَعَهُ.
اِنْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ.
( ثُمَّ الثَّانِيَة ثُمَّ الثَّالِثَة مِثْل ذَلِكَ ) : بِالنَّصْبِ أَيْ فَعَلَ فِي الْمَرَّة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة مِثْله ( فَصَبَّهَا عَلَى نَاصِيَته ) : قَالَ النَّوَوِيّ : هَذِهِ اللَّفْظَة مُشْكِلَة , فَإِنَّهُ ذَكَرَ الصَّبّ عَلَى النَّاصِيَة بَعْد غَسْل الْوَجْه ثَلَاثًا وَقَبْل غَسْل الْيَدَيْنِ , فَظَاهِره أَنَّهَا مَرَّة رَابِعَة فِي غَسْل الْوَجْه وَهَذَا خِلَاف إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ , فَيُتَأَوَّل عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَقِيَ مِنْ أَعْلَى الْوَجْه شَيْء وَلَمْ يُكْمِل فِيهِ الثَّلَاث , فَأَكْمَلَ بِهَذِهِ الْقَبْضَة.
قَالَ الشَّيْخ وَلِيّ الدِّين الْعِرَاقِيّ : الظَّاهِر أَنَّهُ إِنَّمَا صَبَّ الْمَاء عَلَى جُزْء مِنْ الرَّأْس , وَقَصَدَ بِذَلِكَ تَحَقُّق اِسْتِيعَاب الْوَجْه كَمَا قَالَ الْفُقَهَاء , وَإِنَّمَا يَجِب غَسْل جُزْء مِنْ الرَّأْس لَتَحَقُّق غَسْل الْوَجْه.
قَالَ السُّيُوطِيُّ : وَعِنْدِي وَجْه ثَالِث فِي تَأْوِيله , وَهُوَ أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ مَا يُسَنّ فِعْله بَعْد فَرَاغ غَسْل الْوَجْه مِنْ أَخْذ كَفّ مَاء وَإِسَالَته عَلَى جَبْهَته.
قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : يُسْتَحَبّ لِلْمُتَوَضِّئِ بَعْد غَسْل وَجْهه أَنْ يَضَع كَفًّا مِنْ مَاء عَلَى جَبْهَته لِيَتَحَدَّر عَلَى وَجْهه.
وَفِي مُعْجَم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير بِسَنَدٍ حَسَن عَنْ الْحَسَن بْن عَلِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ فَضَلَ مَاءٌ حَتَّى يُسِيلهُ عَلَى مَوْضِع سُجُوده.
قُلْت : مَا قَالَهُ السُّيُوطِيُّ هُوَ حَسَن جِدًّا وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَده مِنْ رِوَايَة حُسَيْن بْن عَلِيّ , لَكِنْ بَيْن حَدِيث عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَحَدِيث الْحَسَنَيْنِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا تَغَايُرٌ لِأَنَّ فِي حَدِيث عَلِيّ إِسَالَة الْمَاء عَلَى جَبْهَته بَعْد غَسْل الْوَجْه وَقَبْل غَسْل الْيَدَيْنِ , وَفِي حَدِيثهمَا إِسَالَته بَعْد الْفَرَاغ مِنْ الْوُضُوء , وَلِهَذِهِ الْمُغَايَرَة قَالَ الشَّوْكَانِيُّ تَحْت حَدِيث عَلِيّ : فِيهِ اِسْتِحْبَاب إِرْسَال غَرْفَة مِنْ الْمَاء عَلَى النَّاصِيَة , لَكِنْ بَعْد غَسْل الْوَجْه لَا كَمَا يَفْعَلهُ الْعَامَّة عَقِيب الْفَرَاغ مِنْ الْوُضُوء.
قُلْت نَعَمْ : إِنَّمَا يَدُلّ حَدِيث عَلِيّ عَلَى مَا قَالَ الشَّيْخ الْعَلَّامَة الشَّوْكَانِيُّ , لَكِنْ دَلِيل مَا يَفْعَلهُ الْعَامَّة حَدِيث الْحَسَنَيْنِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا.
( فَتَرَكَهَا ) : أَيْ الْقَبْضَة مِنْ الْمَاء ( تَسْتَنّ ) : أَيْ تَسِيل وَتَنْصَبّ , يُقَال سَنَنْت الْمَاء إِذَا جَعَلْته صَبَّا سَهْلًا , وَفِي رِوَايَة أَحْمَدَ : ثُمَّ أَرْسَلَهَا تَسِيل ( عَلَى رِجْله ) : الْيُمْنَى ( وَفِيهَا النَّعْل ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَدْ يَكُون الْمَسْح فِي كَلَام الْعَرَب بِمَعْنَى الْغَسْل أَخْبَرَنِي الْأَزْهَرِيّ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر بْن عُثْمَان عَنْ أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِي زَيْد الْأَنْصَارِيّ قَالَ : الْمَسْح فِي كَلَام الْعَرَب يَكُون غَسْلًا وَيَكُون مَسْحًا , وَمِنْهُ يُقَال لِلرَّجُلِ إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ أَعْضَاءَهُ قَدْ تَمَسَّحَ , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون تِلْكَ الْحَفْنَة مِنْ الْمَاء قَدْ وَصَلَتْ إِلَى ظَاهِر الْقَدَم وَبَاطِنهَا وَإِنْ كَانَتْ الرِّجْل فِي النَّعْل وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله فَغَسَلَهَا بِهَا ( فَفَتَلَهَا بِهَا ) : هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخ وَفِي بَعْضهَا فَغَسَلَهَا بِهَا , وَالْفَتْل مِنْ بَاب ضَرَبَ أَيْ لَوَى.
قَالَ فِي التَّوَسُّط : أَيْ فَتَلَ رِجْله بِالْحَفْنَةِ الَّتِي صَبَّهَا عَلَيْهَا , وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ الْمَسْح وَهُمْ الرَّوَافِض وَمَنْ خَيَّرَ بَيْنه وَبَيْن الْغَسْل وَلَا حُجَّة لِأَنَّهُ حَدِيث ضَعِيف , وَلِأَنَّ هَذِهِ الْحَفْنَة وَصَلَتْ إِلَى ظَهْر قَدَمه وَبَطْنه , لِدَلَائِل قَاطِعَة بِالْغَسْلِ , وَلِحَدِيثِ عَلِيّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ وَقَالَ : هَذَا وُضُوء مَنْ لَمْ يُحْدِث.
اِنْتَهَى.
وَسَيَجِيءُ بَيَانه فِي بَاب الْوُضُوء مَرَّتَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
( ثُمَّ ) : ضَرَبَ بِالْحَفْنَةِ عَلَى رِجْله ( الْأُخْرَى ) : أَيْ الْيُسْرَى ( قَالَ ) : أَيْ عَبْد اللَّه الْخَوْلَانِيُّ ( قُلْت ) : لِابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ( وَفِي النَّعْلَيْنِ ) : أَيْ أَضَرَبَ حَفْنَةً مِنْ مَاء عَلَى رِجْلَيْهِ وَكَانَتْ الرِّجْلَانِ فِي النَّعْلَيْنِ ( قَالَ ) : اِبْن عَبَّاس نَعَمْ ( قَالَ قُلْت وَفِي النَّعْلَيْنِ ) : وَإِنَّمَا كَرَّرَهَا وَسَأَلَهَا ثَلَاثًا لِعَجَبِهِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ مِنْ فِعْل عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَهُوَ ضَرْب الْمَاء عَلَى الرِّجْل الَّتِي فِيهَا النَّعْل.
وَقَالَ الشَّعْرَانِيّ فِي كَشْف الْغُمَّة عَنْ جَمِيع الْأُمَّة : إِنَّ الْقَائِل لِلَّفْظِ قُلْت هُوَ اِبْن عَبَّاس سَأَلَ عَلِيًّا وَهَذَا لَفْظه.
قَالَ اِبْن عَبَّاس : فَسَأَلْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقُلْت وَفِي النَّعْلَيْنِ ؟ قَالَ وَفِي النَّعْلَيْنِ.
الْحَدِيث اِنْتَهَى وَاَللَّه أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي هَذَا الْحَدِيث مَقَال قَالَ التِّرْمِذِيّ : سَأَلْت مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل عَنْهُ فَضَعَّفَهُ وَقَالَ مَا أَدْرِي مَا هَذَا.
اِنْتَهَى.
وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْن حَنْبَل.
كَذَا فِي الْمُنْتَقَى وَفِي التَّلْخِيص , وَرَوَاهُ الْبَزَّار وَقَالَ لَا نَعْلَم أَحَدًا رَوَى هَذَا هَكَذَا إِلَّا مِنْ حَدِيث عُبَيْد اللَّه الْخَوْلَانِيُّ وَلَا نَعْلَم أَنَّ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْهُ إِلَّا مُحَمَّد بْن طَلْحَة بْن يَزِيد بْن رُكَانَة , وَقَدْ صَرَّحَ اِبْن إِسْحَاق بِالسَّمَاعِ فِيهِ , وَأَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّان مِنْ طَرِيقه مُخْتَصَرًا.
وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيّ فِيمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ.
اِنْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيث وَإِنْ كَانَ رُوَاته كُلّهمْ ثِقَات , لَكِنْ فِيهِ عِلَّة خَفِيَّة اِطَّلَعَ عَلَيْهَا الْبُخَارِيّ وَضَعَّفَهُ لِأَجْلِهَا , وَلَعَلَّ الْعِلَّة الْخَفِيَّة فِيهِ هِيَ مَا ذَكَرَهُ الْبَزَّار , وَأَمَّا مَظِنَّة التَّدْلِيس مِنْ اِبْن إِسْحَاق فَارْتَفَعَتْ مِنْ رِوَايَة الْبَزَّار ( وَحَدِيث اِبْن جُرَيْجٍ ) : هُوَ عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد الْعَزِيز بْن جُرَيْجٍ نُسِبَ إِلَى جَدّه ثِقَة فَاضِل ( عَنْ شَيْبَة ) : بْن نِصَاح بِكَسْرِ النُّون وَتَخْفِيف الصَّاد الْمُهْمَلَة : مَوْلَى أُمّ سَلَمَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يُشْبِه حَدِيث عَلِيّ ) : فِي بَعْض الْمَعَانِي ( قَالَ فِيهِ ) : أَيْ فِي حَدِيث شَيْبَة.
وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مَوْصُولًا وَلَفْظه : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْحَسَن الْمِقْسَمِيّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاج قَالَ قَالَ اِبْن جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي شَيْبَة أَنَّ مُحَمَّد بْن عَلِيّ أَخْبَرَهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي - عَلِيٌّ - أَنَّ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ قَالَ : دَعَانِي أَبِي عَلِيّ بِوَضُوءٍ فَقَرَّبْته لَهُ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاث مَرَّات قَبْل أَنْ يُدْخِلهَا فِي وَضُوئِهِ ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهه ثَلَاث مَرَّات ثُمَّ غَسَلَ يَده الْيُمْنَى إِلَى الْمَرْفِق ثَلَاثًا ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ ( وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّة وَاحِدَة ) : رِوَايَة النَّسَائِيِّ : ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَسْحَة وَاحِدَة ثُمَّ غَسَلَ رِجْله الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ قَامَ قَائِمًا فَقَالَ : نَاوِلْنِي , فَنَاوَلْته الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ فَضْل وَضُوئِهِ , فَشَرِبَ مِنْ فَضْل وَضُوئِهِ قَائِمًا , فَعَجِبْت فَلَمَّا رَآنِي قَالَ : لَا تَعْجَب فَإِنِّي رَأَيْت أَبَاك النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع مِثْل مَا رَأَيْتنِي صَنَعْت ( وَقَالَ اِبْن وَهْب فِيهِ ) : أَيْ فِي حَدِيث شَيْبَة.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : كَذَا قَالَ اِبْن وَهْب عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْهُ.
قَالَهُ اِبْن رَسْلَان.
وَقَدْ وَرَدَ تَكْرَار الْمَسْح فِي حَدِيث عَلِيّ مِنْهَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيق عَبْد خَيْر , وَتَقَدَّمَ بَحْث ذَلِكَ مَشْرُوحًا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ دَخَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَتَيْنَاهُ بِتَوْرٍ فِيهِ مَاءٌ حَتَّى وَضَعْنَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَا أُرِيكَ كَيْفَ كَانَ يَتَوَضَّأُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَأَصْغَى الْإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ فَغَسَلَهَا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَأَفْرَغَ بِهَا عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ جَمِيعًا فَأَخَذَ بِهِمَا حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أَلْقَمَ إِبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَخَذَ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى قَبْضَةً مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهَا عَلَى نَاصِيَتِهِ فَتَرَكَهَا تَسْتَنُّ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَظُهُورَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى رِجْلِهِ وَفِيهَا النَّعْلُ فَفَتَلَهَا بِهَا ثُمَّ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ قُلْتُ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ قُلْتُ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ أَبُو دَاوُد وَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ شَيْبَةَ يُشْبِهُ حَدِيثَ عَلِيٍّ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُرَيْجٍ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا
حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فلما انتهينا إليه، سأل عن القوم حتى انتهى إلي، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيده...
عن عائشة، قالت: «ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما ولا امرأة قط»
عن عبد الله بن السائب، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم «يصلي يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره»
عن جابر بن سمرة، قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين العيدين بغير أذان، ولا إقامة»
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات صاحبكم فدعوه، ولا تقعوا فيه»
قالت زينب: وسمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفنكحله...
عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: حين يقول: " سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء - قال مؤمل: ملء السموات وم...
عن منصور الكلبي، أن دحية بن خليفة خرج من قرية من دمشق مرة إلى قدر قرية عقبة، من الفسطاط، وذلك ثلاثة أميال في رمضان، ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس، وكره آخ...
عن عبد الرحمن بن فروخ يسأل ابن عمر، قال: إنا نتبايع بأموال الناس فيأتي أحدنا مكة فيبيت على المال، فقال: «أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات بمنى و...