حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه - سنن أبي داود

سنن أبي داود | باب تفريع أبواب الوتر باب أنزل القرآن على سبعة أحرف (حديث رقم: 1475 )


1475- سمعت عمر بن الخطاب، يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام، يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه، فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ»، فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هكذا أنزلت»، ثم قال لي: «اقرأ»، فقرأت، فقال: «هكذا أنزلت»، ثم قال: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه» (1) 1476- حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر، قال: قال الزهري: «إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد، ليس تختلف في حلال ولا حرام» (2)

أخرجه أبو داوود


(١) إسناده صحيح.
القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو الزهري وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 201، ومن طريقه أخرجه البخاري (2419)، ومسلم (818)، والنسائى في "الكبرى" (1011) و (7931) و (11302).
وهو في "مسند أحمد" (277)، و"صحيح ابن حبان" (741).
وأخرجه البخاري (4992) و (5041) و (6936) و (7550)، ومسلم (818)، والترمذي (3173)، والنسائي (1010) و (1012) من طرق عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري، عن عمر بن الخطاب، به.
ولم يذكر النسائى (1010) عبد الرحمن بن عبد القاري في إسناده في الموضع الأول واقتصر على ذكر المسور.
وهو في "مسند أحمد" (158) و (277)، و"صحيح ابن حبان " (741).
قال الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" كان الصحابة يحتاجون إلى حفظ ما قد تلاه عليهم - صلى الله عليه وسلم - مما أنزله الله عز وجل عليه من القرآن ليقرؤوه في صلاتهم، وليعلموا به شرائع دينهم، فوسع عليهم في ذلك أن يتلوه بمعانيه وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم - صلى الله عليه وسلم - التي قرأه بها عليهم فوسع لهم في ذلك بما ذكر ثم احتج بحديث عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم هذا .
ثم قال: فقلنا بذلك أن اختلاف عمر وهشام في قراءة هذه السورة حتى قال لهما رسول الله من أجل اختلافهما ما قاله لهما مما ذكر في هذا الحديث، وأن ذلك إنما كان من الألفاظ التى قرأها بها كل واحد منهما مما يخالف الألفاظ التي قرأها بها الآخر منهما وعقلنا بذلك أن السبعة الأحرف التي أعلمهما أن القرآن نزل بها هي الأحرف التي لا تختلف في أمر ولا نهي، ولا في حلال ولا حرام، كمثل قول الرجل للرجل: أقبل، وقوله له: تعال، وقوله له: ادن .
ثم أورد حديث أبي بن كعب .
ثم قال: وكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف في عجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه، لما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب، وكانرا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقووا بذلك على تحفظ القرآن بألفاظه التي نزل بها، فلم يسعهم حينئذ أن يقرؤوه بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف أنها كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد.
وانظر لزاما "الرسالة" ص 273 للإمام الشافعي، و"جامع البيان" 1/ 41 - 76 للطبري، و"التمهيد" 8/ 293 - 294، لابن عبد البر.
(٢)إسناده صحيح من قول الزهري.
عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم.
وأخرجه مسلم بإثر الحديث (٨١٩) من طريق يونس، عن ابن شهاب قال: بلغني أن تلك الأحرف .

شرح حديث (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( هُشَام بْن حَكِيم بْن حِزَام ) ‏ ‏: بِكَسْرِ الْحَاء قَبْل الزَّاي قَالَ الطِّيبِيُّ : حَكِيم بْن حِزَام قُرَشِيّ وَهُوَ اِبْن أَخِي خَدِيجَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ مِنْ أَشْرَاف قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ إِلَى عَامِ الْفَتْح وَأَوْلَادُهُ صَحِبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( عَلَى غَيْر مَا أَقْرَؤُهَا ) ‏ ‏: أَيْ مِنْ الْقِرَاءَة ‏ ‏( أَقْرَأَنِيهَا ) ‏ ‏: أَيْ سُورَة الْفُرْقَان ‏ ‏( فَكِدْت أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ ) ‏ ‏: بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالْجِيم وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ قَارَبْت أَنْ أُخَاصِمَهُ وَأُظْهِرَ بَوَادِرَ غَضَبِي عَلَيْهِ بِالْعَجَلَةِ فِي أَثْنَاء الْقِرَاءَةِ ‏ ‏( ثُمَّ أَمْهَلْته حَتَّى اِنْصَرَفَ ) ‏ ‏: أَيْ عَنْ الْقِرَاءَةِ ‏ ‏( ثُمَّ لَبَّبْتُهُ ) ‏ ‏: بِالتَّشْدِيدِ ‏ ‏( بِرِدَائِي ) ‏ ‏: أَيْ جَعَلْته فِي عُنُقِهِ وَجَرَرْته.
قَالَ الطِّيبِيُّ : لَبَّبْت الرَّجُل تَلْبِيبًا إِذَا جَمَعَتْ ثِيَابه عِنْد صَدْرِهِ فِي الْخُصُومَة ثُمَّ جَرَرْته وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اِعْتِنَائِهِمْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُحَافَظَة عَلَى لَفْظِهِ كَمَا سَمِعَهُ بِلَا عُدُولٍ إِلَى مَا تُجَوِّزُهُ الْعَرَبِيَّةُ ‏ ‏( هَذَا يَقْرَأُ سُورَة الْفُرْقَان عَلَى غَيْر مَا أَقْرَأْتنِيهَا ) ‏ ‏: قِيلَ نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لُغَة قُرَيْش فَلَمَّا عَسُرَ عَلَى غَيْرِهِمْ أُذِنَ فِي الْقِرَاءَة بِسَبْعِ لُغَاتٍ لِلْقَبَائِلِ الْمَشْهُورَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ , وَذَلِكَ لَا يُنَافِي زِيَادَة الْقِرَاءَاتِ عَلَى سَبْعٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي لُغَة كُلِّ قَبِيلَةٍ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَلِلتَّمَكُّنِ بَيْنَ الِاخْتِلَافِ فِي اللُّغَات ‏ ‏( اِقْرَأْ فَقَرَأَ ) ‏ ‏: أَيْ هِشَامٌ ‏ ‏( الْقِرَاءَة الَّتِي سَمِعْته ) ‏ ‏: أَيْ سَمِعْت هِشَامًا إِيَّاهَا عَلَى حَذْف الْمَفْعُول الثَّانِي ‏ ‏( هَكَذَا أُنْزِلَتْ ) ‏ ‏: أَيْ السُّورَة أَوْ الْقِرَاءَة ‏ ‏( فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ) ‏ ‏: أَيْ عَلَى لِسَان جِبْرِيل كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ هَكَذَا عَلَى التَّخْيِير أُنْزِلَتْ ‏ ‏( أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف ) ‏ ‏: أَيْ لُغَات أَوْ قِرَاءَات أَوْ أَنْوَاع , قِيلَ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَحَد وَأَرْبَعِينَ قَوْلًا مِنْهَا أَنَّهُ مِمَّا لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ لِأَنَّ الْحَرْف يَصْدُقُ لُغَة عَلَى حَرْفِ الْهِجَاء وَعَلَى الْكَلِمَةِ وَعَلَى الْمَعْنَى وَعَلَى الْجِهَة , قَالَ الْعُلَمَاء : إِنَّ الْقِرَاءَات وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَبْعٍ فَإِنَّهَا رَاجِعَة إِلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ مِنْ الِاخْتِلَافَاتِ : ‏ ‏الْأَوَّلُ : اِخْتِلَافُ الْكَلِمَة فِي نَفْسِهَا بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : نُنْشِزُهَا , نَنْشُرُهَا.
الْأَوَّل بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّانِي بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَة , وَقَوْله : سَارِعُوا , وَسَارِعُوا.
فَالْأَوَّلُ بِحَذْفِ الْوَاوِ الْعَاطِفَة قَبْلَ السِّين وَالثَّانِي بِإِثْبَاتِهَا.
‏ ‏الثَّانِي : التَّغْيِيرُ بِالْجَمْعِ وَالتَّوْحِيدِ كَكُتُبِهِ وَكِتَابِهِ.
‏ ‏الثَّالِثُ : بِالِاخْتِلَافِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ كَمَا فِي يَكُنْ وَتَكُنْ.
‏ ‏الرَّابِع : الِاخْتِلَافُ التَّصْرِيفِيّ كَالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ نَحْو يَكْذِبُونَ وَيُكَذِّبُونَ وَالْفَتْح وَالْكَسْر نَحْو يَقْنَط وَيَقْنِط.
‏ ‏الْخَامِس : الِاخْتِلَاف الْإِعْرَابِيّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { ذُو الْعَرْش الْمَجِيدُ } بِرَفْعِ الذَّال وَجَرِّهَا.
‏ ‏السَّادِس : اِخْتِلَافُ الْأَدَاةِ نَحْو { لَكِنَّ الشَّيَاطِين } بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَتَخْفِيفهَا.
‏ ‏السَّابِع : اِخْتِلَاف اللُّغَات كَالتَّفْخِيمِ وَالْإِمَالَة وَإِلَّا فَلَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآن كَلِمَة تُقْرَأُ عَلَى سَبْعَة أَوْجُهٍ إِلَّا الْقَلِيل مِثْل عَبَدَ الطَّاغُوت وَلَا تَقُلْ أُفّ لَهُمَا , وَهَذَا كُلُّهُ تَيْسِير عَلَى الْأُمَّة الْمَرْحُومَة , وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ‏ ‏( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ) ‏ ‏: أَيْ مِنْ أَنْوَاع الْقِرَاءَات بِخِلَافِ قَوْله تَعَالَى : { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } فَإِنَّ الْمُرَاد بِهِ الْأَعَمُّ مِنْ الْمِقْدَار وَالْجِنْس وَالنَّوْع.
وَالْحَاصِل أَنَّهُ أَجَازَ بِأَنْ يَقْرَءُوا مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوَاتُرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف , وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَاد بِالسَّبْعَةِ التَّكْثِير لَا التَّحْدِيد , فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْل مِنْ الْأَقْوَال لِأَنَّهُ قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم أَصَحّ الْأَقْوَال وَأَقْرَبهَا إِلَى مَعْنَى الْحَدِيث قَوْل مَنْ قَالَ هِيَ كَيْفِيَّة النُّطْق بِكَلِمَاتِهَا مِنْ إِدْغَام وَإِظْهَار وَتَفْخِيم وَتَرْقِيق وَإِمَالَة وَمَدّ وَقَصْر وَتَلْيِين , لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ مُخْتَلِفَة اللُّغَات فِي هَذِهِ الْوُجُوه فَيَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِيَقْرَأَ كُلٌّ بِمَا يُوَافِقُ لُغَتَهُ وَيَسْهُلُ عَلَى لِسَانِهِ.
اِنْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ.
قَالَ الْقَارِيّ : وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ , فَإِنَّ الْإِدْغَام مَثَلًا فِي مَوَاضِع لَا يَجُوزُ الْإِظْهَار فِيهَا وَفِي مَوَاضِع لَا يَجُوزُ الْإِدْغَام فِيهَا وَكَذَلِكَ الْبَوَاقِي.
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ اِخْتِلَاف اللُّغَات لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي هَذِهِ الْوُجُوه لِوُجُوهِ إِشْبَاع مِيمِ الْجَمْعِ وَقَصْره وَإِشْبَاع هَاء الضَّمِير وَتَرْكه مِمَّا هُوَ مُتَّفِقٌ عَلَى بَعْضه وَمُخْتَلِف فِي بَعْضه وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : إِنَّ الْمُرَاد سَبْعَة أَوْجُه مِنْ الْمَعَانِي الْمُتَّفِقَة بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَة نَحْو أَقْبِلْ وَتَعَالَ وَعَجِّلْ وَهَلُمَّ وَأَسْرِعْ فَيَجُوزُ إِبْدَال اللَّفْظ بِمُرَادِفِهِ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ لَا بِضِدِّهِ , وَحَدِيث أَحْمَد بِإِسْنَادٍ جَيِّد صَرِيح فِيهِ , وَعِنْده بِإِسْنَادٍ جَيِّد أَيْضًا مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة : " أُنْزِلَ الْقُرْآن عَلَى سَبْعَة أَحْرُف عَلِيمًا حَكِيمًا غَفُورًا رَحِيمًا " وَفِي حَدِيث عِنْده بِسَنَدٍ جَيِّد أَيْضًا : " الْقُرْآن كُلّه صَوَاب مَا لَمْ يَجْعَلْ مَغْفِرَةً عَذَابًا أَوْ عَذَابًا مَغْفِرَةً " وَلِهَذَا كَانَ أُبَيٌّ يَقْرَأُ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ سَعَوْا فِيهِ بَدَل مَشَوْا فِيهِ , وَابْن مَسْعُود أَمْهِلُونَا أَخِّرُونَا بَدَل أَنْظِرُونَا.
‏ ‏قَالَ الْقَارِيّ : إِنَّهُ مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا مِنْ الصَّحَابَة خُصُوصًا مِنْ أُبَيٍّ وَابْن مَسْعُود أَنَّهُمَا يُبَدِّلَانِ لَفْظًا مِنْ عِنْدهمَا بَدَلًا مِمَّا سَمِعَاهُ مِنْ لَفْظ النُّبُوَّةِ وَأَقَامَاهُ مَقَامَهُ مِنْ التِّلَاوَة , فَالصَّوَابُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مِنْهُمَا أَوْ سَمِعَا مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوُجُوهَ فَقَرَأَ مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا كَمَا هُوَ الْآن فِي الْقُرْآن مِنْ الِاخْتِلَافَات الْمُتَنَوِّعَة الْمَعْرُوفَة عِنْد أَرْبَاب الشَّأْن , وَكَذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ.
وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رُخْصَةً لِمَا كَانَ يَتَعَسَّرُ عَلَى كَثِير مِنْهُمْ التِّلَاوَة بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِالْكِتَابَةِ وَالضَّبْط , وَإِتْقَان الْحِفْظ ثُمَّ نُسِخَ بِزَوَالِ الْعُذْر وَتَيْسِير الْكِتَابَة وَالْحِفْظ قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة.
‏ ‏وَقَالَ الْحَافِظ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى الْحُرُوف اللُّغَات يُرِيدُ أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى سَبْع لُغَات مِنْ لُغَات الْعَرَب هِيَ أَفْصَح اللُّغَات وَأَعْلَاهَا فِي كَلَامِهِمْ.
قَالُوا وَهَذِهِ اللُّغَاتُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْقُرْآن غَيْر مُجْتَمِعَة فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة , وَإِلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا أَشَارَ أَبُو عُبَيْد , وَقَالَ الْقُتَيْبِيّ : لَا نَعْرِفُ فِي الْقُرْآنِ حَرْفًا يُقْرَأُ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف.
‏ ‏قَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : هَذَا غَلَطٌ , وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآن حُرُوف يَصِحُّ أَنْ تُقْرَأ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُف مِنْهَا قَوْله تَعَالَى : { وَعَبَدَ الطَّاغُوت } وَقَوْله تَعَالَى : { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعُ وَيَلْعَبُ } وَذَكَرَ وُجُوهًا كَأَنَّهُ يَذْهَبُ فِي تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآن أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف لَا كُلّه.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وُجُوهًا أُخَر قَالَ : وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآن أُنْزِلَ مُرَخِّصًا لِلْقَارِئِ , وَمُوَسِّعًا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف أَيْ يَقْرَأُ عَلَى أَيّ حَرْف شَاءَ مِنْهَا عَلَى الْبَدَل مِنْ صَاحِبِهِ , وَلَوْ كَانَ مَعْنَى مَا قَالَهُ اِبْن الْأَنْبَارِيّ لَقِيلَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِسَبْعَةِ أَحْرُف وَإِنَّمَا قِيلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْ كَأَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى هَذَا مِنْ الشَّرْط أَوْ عَلَى هَذَا مِنْ الرُّخْصَة وَالتَّوْسِعَة , وَذَلِكَ لِتَسْهِيلِ قِرَاءَتِهِ عَلَى النَّاسِ.
وَلَوْ أَخَذُوا بِأَنْ يَقْرَءُوهُ عَلَى حَرْف وَاحِد لَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَلَكَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى الزَّهَادَة فِيهِ وَسَبَبًا لِلْفُتُورِ عَنْهُ.
وَقِيلَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَاد بِهِ التَّوْسِعَةُ لَيْسَ حَصْر الْعَدَدِ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ السِّنْدِيُّ : عَلَى سَبْعَة أَحْرُف أَيْ عَلَى سَبْع لُغَات مَشْهُورَةٍ بِالْفَصَاحَةِ وَكَانَ ذَاكَ رُخْصَة أَوَّلًا تَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ ثُمَّ جَمَعَهُ عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين خَافَ الِاخْتِلَاف عَلَيْهِمْ فِي الْقُرْآن وَتَكْذِيب بَعْضهمْ بَعْضًا عَلَى لُغَة قُرَيْش الَّتِي أُنْزِلَ عَلَيْهَا أَوَّلًا اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ السُّيُوطِيُّ : الْمُخْتَارُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُتَشَابِه الَّذِي لَا يُدْرَى تَأْوِيلُهُ , وَفِيهِ أَكْثَر مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا أَوْرَدْتهَا فِي الْإِتْقَان.
اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : سَبْعُ اللُّغَاتِ الْمَشْهُورَةِ هِيَ لُغَة الْحِجَاز وَالْهُذَيْل وَالْهَوَازِن وَالْيَمَن وَالطَّيّ وَالثَّقِيف وَبَنِي تَمِيمٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
‏ ‏( هَذِهِ الْأَحْرُف ) ‏ ‏: أَيْ الْقِرَاءَة عَلَى سَبْعَة أَحْرُف ‏ ‏( فِي الْأَمْرِ الْوَاحِد ) ‏ ‏: مِنْ الْإِبَاحَة وَالْحَلَال أَوْ النَّهْي وَالْحَرَام ‏ ‏( لَيْسَ يَخْتَلِفُ ) ‏ ‏: حُكْمه ‏ ‏( فِي حَلَال وَلَا حَرَام ) ‏ ‏: وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ اِخْتِلَاف الْقِرَاءَة لَا يُبْدِلُ الْمَعْنَى فَلَا يَصِيرُ حُكْم وَاحِد مِنْ بَعْض الْقِرَاءَة حَلَالًا وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْحُكْم بِعَيْنِهِ مِنْ قِرَاءَة أُخْرَى حَرَامًا مَثَلًا , بَلْ يَبْقَى حُكْم وَاحِد مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام , وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ الْقِرَاءَة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


حديث اقرأ فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الْقَعْنَبِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيِّ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ‏ ‏يَقْرَأُ سُورَةَ ‏ ‏الْفُرْقَانِ ‏ ‏عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَقْرَأَنِيهَا فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ ‏ ‏لَبَّبْتُهُ ‏ ‏بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ ‏ ‏الْفُرْقَانِ ‏ ‏عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏اقْرَأْ فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ ‏ ‏لِيَ اقْرَأْ فَقَرَأْتُ فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ ‏ ‏إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ ‏ ‏أَحْرُفٍ ‏ ‏فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الرَّزَّاقِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مَعْمَرٌ ‏ ‏قَالَ قَالَ ‏ ‏الزُّهْرِيُّ ‏ ‏إِنَّمَا هَذِهِ ‏ ‏الْأَحْرُفُ ‏ ‏فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ لَيْسَ تَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن أبي داود

قلت على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف

عن أبي بن كعب، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أبي، إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف، أو حرفين؟ فقال الملك الذي معي: قل: على حرفين، قلت: على...

إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك على سبعة أحرف

عن أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم، فقال: عز وجل يأمرك أن تقرئ أمتك على حرف، قال: «أسأل...

الدعاء هو العبادة

عن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدعاء هو العبادة، {قال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60] "

سيكون قوم يعتدون في الدعاء فإياك أن تكون منهم

عن ابن لسعد، أنه قال: سمعني أبي، وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة، ونعيمها، وبهجتها، وكذا، وكذا، وأعوذ بك من النار، وسلاسلها، وأغلالها، وكذا، وكذا، فق...

إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز

عن فضالة بن عبيد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى، ولم يصل على النبي ص...

كان يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك»

لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له "

يستجاب لأحدكم ما لم يعجل

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت، فلم يستجب لي "

لا تستروا الجدر من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه

حدثني عبد الله بن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تستروا الجدر من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه، فإنما ينظر في النار، سلوا الله ببطون أكفك...