2284-
عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فتسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: «لها ليس لك عليه نفقة»، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: «إن تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك، وإذا حللت فآذنيني»، قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد»، قالت: فكرهته، ثم قال: «انكحي أسامة بن زيد»، فنكحته، فجعل الله تعالى فيه خيرا كثيرا، واغتبطت به.
(1) 2285- عن فاطمة بنت قيس، حدثته أن أبا حفص بن المغيرة، طلقها ثلاثا، وساق الحديث فيه: وأن خالد بن الوليد، ونفرا من بني مخزوم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا نبي الله، إن أبا حفص بن المغيرة طلق امرأته ثلاثا، وإنه ترك لها نفقة يسيرة، فقال: «لا نفقة لها»، وساق الحديث، وحديث مالك أتم.
(2) 2286- عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص المخزومي، طلقها ثلاثا، وساق الحديث، وخبر خالد بن الوليد، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليست لها نفقة ولا مسكن»، قال فيه: وأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم: «أن لا تسبقيني بنفسك» (3) 2287- عن فاطمة بنت قيس، قالت: كنت عند رجل من بني مخزوم فطلقني البتة، ثم ساق نحو حديث مالك، قال فيه: «ولا تفوتيني بنفسك»، قال أبو داود: وكذلك رواه الشعبي، والبهي وعطاء، عن عبد الرحمن بن عاصم، وأبو بكر بن أبي الجهم، كلهم، عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثا (4)
(١) إسناده صحيح.
القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس.
وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 580 - 581، ومن طريقه أخرجه مسلم (1480)، والنسائي في "الكبرى" (5989).
وهو في "مسند أحمد" (27327) و (27328)، و "صحيح ابن حبان" (4049) و (4290).
وأخرجه تاما ومختصرا مسلم (1480)، والنسائي في "الكبرى" (5332) من طريق أبي سلمة، ومسلم (1480)، وابن ماجه (1869) و (2035)، والترمذي (1166) و (1167)، والنسائي في "الكبرى" (5581) و (5714) و (9200) من طريق أبي بكر بن أبي الجهم صخير العدوي، ومسلم (1480) من طريق عبد الله البهي ثلاثتهم عن فاطمة بنت قيس.
وقال الترمذي: حديث صحيح.
وانظر ما سيأتي بالأرقام (2285 - 2290).
قال الخطابي: معى "البتة" هنا الطلاق، وقد روي أنها كانت آخر تطليقة بقيت لها من الثلاث.
وفيه دليل أن المطلقة ثلاثا لا نفقة لها واختلف فيها، فقالت طائفة: لا نفقة لها ولا سكنى إلا أن تكون حاملا، وروي ذلك عن ابن عباس وأحمد، وروي عن فاطمة أنها قالت: لم يجعل لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سكنى ولا نفقة.
وقالت طائفة: لها السكنى والنفقة حاملا كانت أو غير حامل، وقاله عمر وسفيان وأهل الرأي (وزاد العيني في "عمدة القاري": حمادا وشريحا والنخعي والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وابن مسعود).
وقالت طائفة: لها السكنى ولا نفقة لها، قاله مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى والشافعي وابن المسيب والحسن وعطاء والشعبي، واحتجوا بقوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} [الطلاق: 6] فأوجب السكنى عاما، وأما نقل النبي -صلى الله عليه وسلم- إياها من بيت أحمائها إلى بيت ابن أم مكتوم، فلبس فيه إبطال السكنى، بل فيه إثباته وإنما هو اختيار لموضع السكنى.
وانظر لزاما "عمدة القاري"، 20/ 307 - 312 للبدر العيني.
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٤٨٠) من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(٣)إسناده صحيح.
الوليد -وهو ابن مسلم- صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه.
ثم إنه متابع.
أبو عمرو: هو عبد الرحمن الأوزاعي، ويحيى: هو ابن أبي كثير.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (٥٥٦٨) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي عمرو، بهذا الإسناد.
وهو في "صحيح ابن حبان" (٤٢٥٣).
وانظر ما سلف برقم (٢٢٨٤).
(٤)حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- صدوق حسن الحديث.
لكنه متابع.
محمد بن جعفر: هو ابن أبي كثير الأنصاري.
كذا في جميع أصول "سنن أبي داود" الخطية ومسند أحمد (٢٧٣٣٣)، وجاء في تحفة الأشراف للمزي ١٢/ ٤٧٠: إسماعيل بن جعفر وهو أخو محمد بن جعفر، وكلاهما ثقة، لكن المذكور في شيوخ إسماعيل بن جعفر محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وأنه روى عنه قتيبة بن سعيد، ولم يذكروا ذلك في محمد بن جعفر، فيترجح أنه إسماعيل بن جعفر، والله أعلم.
وأخرجه مسلم (١٤٨٠) من طريق إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (١٤٨٠) من طريق محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، به.
وانظر ما سلف برقم (٢٢٨٤).
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( طَلَّقَهَا الْبَتَّة ) : وَفِي بَعْض الرِّوَايَات الْآتِيَة أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا , وَفِي بَعْضهَا طَلَّقَهَا آخِر ثَلَاث تَطْلِيقَات , وَفِي بَعْضهَا فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا.
وَالْجَمْع بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ هَذَا طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا هَذِهِ الْمَرَّة الطَّلْقَة الثَّالِثَة , فَمَنْ رَوَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا آخِر ثَلَاث تَطْلِيقَات أَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَة كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا فَهُوَ ظَاهِر , وَمَنْ رَوَى الْبَتَّة فَمُرَاده طَلَّقَهَا طَلَاقًا صَارَتْ بِهِ مَبْتُوتَة بِالثَّلَاثِ , وَمَنْ رَوَى ثَلَاثًا أَرَادَ تَمَام الثَّلَاث.
كَذَا أَفَادَ النَّوَوِيّ ( وَهُوَ ) : أَيْ أَبُو عَمْرو ( فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيله بِشَعِيرٍ ) : أَيْ لِلنَّفَقَةِ ( فَتَسَخَّطَتْهُ ) : مِنْ بَاب التَّفَعُّل أَيْ اِسْتَقَلَّتْهُ , يُقَال سَخِطَ عَطَاءَهُ أَيْ اِسْتَقَلَّهُ , وَلَمْ يَرْضَ بِهِ.
وَفِي رِوَايَة مُسْلِم فَسَخِطَتْهُ.
قَالَ الْقَارِي : وَيُمْكِن أَنْ يَكُون مِنْ بَاب الْحَذْف وَالْإِيصَال , وَالضَّمِير يَرْجِع إِلَى الْوَكِيل أَيْ غَضِبَتْ عَلَى الْوَكِيل بِإِرْسَالِهِ الشَّعِير قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا ( وَاَللَّه مَا لَك عَلَيْنَا مِنْ شَيْء ) : أَيْ لِأَنَّك بَائِنَة أَوْ مِنْ شَيْء غَيْر الشَّعِير ( لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَة ) : أَيْ وَلَا سُكْنَى كَمَا فِي بَعْض الرِّوَايَات الْآتِيَة ( إِنَّ تِلْكِ ) : بِكَسْرِ الْكَاف أَيْ هِيَ ( يَغْشَاهَا ) : أَيْ يَدْخُل عَلَيْهَا ( تَضَعِينَ ثِيَابك ) : أَيْ لَا تَخَافِينَ مِنْ نَظَر رَجُل إِلَيْك.
قَالَ النَّوَوِيّ : أَمَرَهَا بِالِانْتِقَالِ إِلَى بَيْت اِبْن أُمّ مَكْتُوم ; لِأَنَّهُ لَا يُبْصِرُهَا وَلَا يَتَرَدَّد إِلَى بَيْته مَنْ يَتَرَدَّد إِلَى بَيْت أُمّ شَرِيك حَتَّى إِذَا وَضَعَتْ ثِيَابهَا لِلتَّبَرُّزِ نَظَرُوا إِلَيْهَا.
وَقَدْ اِحْتَجَّ بَعْض النَّاس بِهَذَا عَلَى جَوَاز نَظَر الْمَرْأَة إِلَى الْأَجْنَبِيّ بِخِلَافِ نَظَره إِلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيف , وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنَّهُ يَحْرُم عَلَى الْمَرْأَة النَّظَر إِلَى الْأَجْنَبِيّ كَمَا يَحْرُم عَلَيْهِ النَّظَر إِلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ } الْآيَة , وَلِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَة " أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا " وَأَيْضًا لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيث رُخْصَة لَهَا فِي النَّظَر إِلَيْهِ بَلْ فِيهِ أَنَّهَا آمِنَة عِنْده مِنْ نَظَر غَيْره , وَهِيَ مَأْمُورَة بِغَضِّ بَصَرهَا عَنْهُ اِنْتَهَى ( فَإِذَا حَلَلْت ) : أَيْ خَرَجْت مِنْ الْعِدَّة ( فَآذِنِينِي ) : بِالْمَدِّ وَكَسْر الذَّال أَيْ فَأَعْلِمِينِي ( وَأَبَا جَهْم ) : بِفَتْحِ فَسُكُون هُوَ عَامِر بْن حُذَيْفَة الْعَدَوِيُّ الْقُرَشِيّ , وَهُوَ مَشْهُور بِكُنْيَتِهِ , وَهُوَ الَّذِي طَلَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْبِجَانِيَّته فِي الصَّلَاة.
قَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ غَيْر أَبِي جَهْم الْمَذْكُور فِي التَّيَمُّم , وَفِي الْمُرُور بَيْن يَدَيْ الْمُصَلِّي ( فَلَا يَضَع عَصَاهُ عَنْ عَاتِقه ) : بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّة أَيْ مَنْكِبه , وَهُوَ كِنَايَة عَنْ كَثْرَة الْأَسْفَار أَوْ عَنْ كَثْرَة الضَّرْب وَهُوَ الْأَصَحّ , بِدَلِيلِ الرِّوَايَة الْأُخْرَى أَنَّهُ ضَرَّاب لِلنِّسَاءِ , ذَكَرَهُ النَّوَوِيّ , وَقَالَ : فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز ذِكْر الْإِنْسَان بِمَا فِيهِ عِنْد الْمُشَاوَرَة وَطَلَب النَّصِيحَة , وَلَا يَكُون هَذَا فِي الْغِيبَة الْمُحَرَّمَة بَلْ مِنْ النَّصِيحَة الْوَاجِبَة ( فَصُعْلُوكٌ ) : بِضَمِّ الصَّاد أَيْ فَقِير ( لَا مَال لَهُ ) : صِفَة كَاشِفَة ( اِنْكِحِي ) : بِهَمْزِ وَصْل وَكَسْر الْكَاف أَيْ تَزَوَّجِي ( فَكَرِهَتْهُ ) : أَيْ اِبْتِدَاء لِكَوْنِهِ مَوْلًى أَسْوَد جِدًّا.
وَإِنَّمَا أَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِكَاحِ أُسَامَة لِمَا عَلِمَهُ مِنْ دِينه وَفَضْله وَحُسْن طَرَائِقه وَكَرَم شَمَائِله فَنَصَحَهَا بِذَلِكَ ( ثُمَّ قَالَ انْكِحِي ) : إِنَّمَا كَرَّرَ عَلَيْهَا الْحَثّ عَلَى زَوَاجه لِمَا عَلِمَ مِنْ مَصْلَحَتهَا فِي ذَلِكَ وَكَانَ كَذَلِكَ , وَلِذَا قَالَتْ فَجَعَلَ اللَّه تَعَالَى إِلَخْ ( وَاغْتَبَطْت بِهِ ) : بِفَتْحِ التَّاء وَالْبَاء أَيْ صِرْت ذَات غِبْطَة بِحَيْثُ اغْتَبَطَتْنِي النِّسَاء لِحَظٍّ كَانَ لِي مِنْهُ قَالَهُ الْقَارِي , وَقَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ أَهْل اللُّغَة الْغِبْطَة أَنْ يَتَمَنَّى مِثْل حَال الْمَغْبُوط مِنْ غَيْر إِرَادَة زَوَالهَا عَنْهُ , وَلَيْسَ هُوَ الْحَسَد , تَقُول مِنْهُ غَبَطْته بِمَا نَالَ أَغْبَطهُ بِكَسْرِ الْبَاء غَبْطًا وَغِبْطَة فَاغْتَبَطَ هُوَ كَمَنَعْتُهُ فَامْتَنَعَ وَحَبَسْته فَاحْتَبَسَ اِنْتَهَى.
وَفِي الْحَدِيث حُجَّة لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْمُطَلَّقَة ثَلَاثًا لَا نَفَقَة لَهَا وَلَا سُكْنَى.
قَالَ النَّوَوِيّ : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُطَلَّقَة الْبَائِن الْحَائِل [ أَيْ غَيْر الْحَامِل ] هَلْ لَهَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى أَمْ لَا , فَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَأَبُو حَنِيفَة وَآخَرُونَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَأَحْمَد : لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَة.
وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَآخَرُونَ : يَجِب لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَة لَهَا.
وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُمَا جَمِيعًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدكُمْ } فَهَذَا أَمْر بِالسُّكْنَى.
وَأَمَّا النَّفَقَة فَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَة عَلَيْهِ.
وَقَدْ قَالَ عُمَر : لَا نَدَعُ كِتَاب رَبّنَا وَسُنَّة نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ اِمْرَأَة جَهِلَتْ أَوْ نَسِيَتْ.
قَالَ الْعُلَمَاء الَّذِي فِي كِتَاب رَبّنَا إِنَّمَا هُوَ إِثْبَات السُّكْنَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : قَوْله وَسُنَّة نَبِيّنَا هَذِهِ زِيَادَة غَيْر مَحْفُوظَة لَمْ يَذْكُرهَا جَمَاعَة مِنْ الثِّقَات.
وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُوجِب نَفَقَة وَلَا سُكْنَى بِحَدِيثِ فَاطِمَة بِنْت قَيْس , وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ السُّكْنَى دُون النَّفَقَة لِوُجُوبِ السُّكْنَى بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ } وَلِأَنَّ وُجُوب النَّفَقَة بِحَدِيثِ فَاطِمَة مَعَ ظَاهِر قَوْل اللَّه تَعَالَى { وَإِنْ كُنَّ أُولَات حَمْل فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } فَمَفْهُومه أَنَّهُنَّ إِذَا لَمْ يَكُنَّ حَوَامِل لَا يُنْفَقْنَ عَلَيْهِنَّ.
وَأَجَابَ هَؤُلَاءِ عَنْ حَدِيث فَاطِمَة فِي سُقُوط النَّفَقَة بِمَا قَالَهُ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَغَيْره أَنَّهَا كَانَتْ اِمْرَأَة لَسِنَة وَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا فَأَمَرَهَا بِالِانْتِقَالِ فَتَكُون عِنْد اِبْن أُمّ مَكْتُوم.
وَقِيلَ : لِأَنَّهَا خَافَتْ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِل بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ قَوْلهَا أَخَاف أَنْ يُقْتَحَم عَلَيَّ , وَلَا يُمْكِن شَيْء مِنْ هَذَا التَّأْوِيل فِي سُقُوط نَفَقَتهَا وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَأَمَّا الْبَائِن الْحَامِل فَتَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَة.
وَأَمَّا الرَّجْعِيَّة فَتَجِبَانِ لَهَا بِالْإِجْمَاعِ.
وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا فَلَا نَفَقَة لَهَا بِالْإِجْمَاعِ.
وَالْأَصَحّ عِنْدنَا وُجُوب السُّكْنَى لَهَا , فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَالْمَشْهُور أَنَّهُ لَا نَفَقَة كَمَا لَوْ كَانَتْ حَائِلًا.
وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا : تَجِب وَهُوَ غَلَط وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ.
( أَبَا حَفْص بْن الْمُغِيرَة ) : وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَة الْأُولَى أَنَّ اِسْم زَوْجهَا أَبُو عَمْرو بْن حَفْص.
قَالَ النَّوَوِيّ : هَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُور أَنَّهُ أَبُو عَمْرو بْن حَفْص , وَقِيلَ أَبُو حَفْص بْن عَمْرو , وَقِيلَ أَبُو حَفْص بْن الْمُغِيرَة ( فِيهِ ) : أَيْ فِي الْحَدِيث ( وَحَدِيث مَالِك ) : أَيْ الْمَذْكُور أَوَّلًا.
( وَخَبَر خَالِد بْن الْوَلِيد ) : بِالنَّصْبِ عَطْف عَلَى الْحَدِيث أَيْ وَسَاقَ الْحَدِيث مَعَ ذِكْر خَبَر خَالِد بْن الْوَلِيد , وَهُوَ إِتْيَانه مَعَ نَفَر مِنْ بَنِي مَخْزُوم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ فِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدِّمَة ( أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِك ) : هُوَ مِنْ التَّعْرِيض بِالْخِطْبَةِ , وَهُوَ جَائِز فِي عِدَّة الْوَفَاة , وَكَذَا فِي عِدَّة الْبَائِن بِالثَّلَاثِ.
وَفِيهِ قَوْل ضَعِيف فِي عِدَّة الْبَائِن , وَالصَّوَاب الْأَوَّل لِهَذَا الْحَدِيث.
( وَلَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِك ) : تَعْرِيض بِالْخِطْبَةِ ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ ) : أَيْ بِلَفْظِ أَنَّ زَوْجهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ( رَوَاهُ الشَّعْبِيّ ) : رِوَايَة الشَّعْبِيّ أَخْرَجَهَا الْمُؤَلِّف ( وَالْبَهِيّ ) : رِوَايَته أَخْرَجَهَا مُسْلِم ( وَعَطَاء عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَاصِم ) : رِوَايَة عَطَاء عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَاصِم عَنْ فَاطِمَة بِنْت قَيْس , أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ ( وَأَبُو بَكْر بْن أَبِي الْجَهْم ) : رِوَايَته أَخْرَجَهَا مُسْلِم ( كُلّهمْ ) : أَيْ الشَّعْبِيّ وَالْبَهِيّ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَاصِم وَأَبُو بَكْر بْن أَبَى الْجَهْم.
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَتَسَخَّطَتْهُ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهَا لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ وَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي قَالَتْ فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَتْ فَكَرِهْتُهُ ثُمَّ قَالَ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا وَاغْتَبَطْتُ بِهِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَسَاقَ الْحَدِيثَ فِيهِ وَأَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَنَفَرًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَإِنَّهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً يَسِيرَةً فَقَالَ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَحَدِيثُ مَالِكٍ أَتَمُّ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَخَبَرَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَال فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَتْ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا مَسْكَنٌ قَالَ فِيهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَطَلَّقَنِي الْبَتَّةَ ثُمَّ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ قَالَ فِيهِ وَلَا تُفَوِّتِينِي بِنَفْسِكِ قَالَ أَبُو دَاوُد وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ وَالْبَهِيُّ وَعَطَاءٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَاصِمٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ كُلُّهُمْ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا
عن فاطمة بنت قيس، «أن زوجها طلقها ثلاثا، فلم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى»
عن فاطمة بنت قيس، أنها أخبرته أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة، وأن أبا حفص بن المغيرة طلقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه...
عن عبيد الله قال: أرسل مروان، إلى فاطمة فسألها، فأخبرته أنها كانت عند أبي حفص، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر علي بن أبي طالب، يعني على بعض اليمن،...
عن أبي إسحاق قال: كنت في المسجد الجامع مع الأسود، فقال: أتت فاطمة بنت قيس عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «ما كنا لندع كتاب ربنا، وسنة نبينا صلى الله...
عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لقد عابت ذلك عائشة رضي الله عنها أشد العيب - يعني حديث فاطمة بنت قيس - وقالت: «إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيته...
عن القاسم بن محمد، وسليمان بن يسار، أنه سمعهما يذكران، أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم البتة، فانتقلها عبد الرحمن، فأرسلت عائشة ر...
حدثنا ميمون بن مهران قال: قدمت المدينة فدفعت إلى سعيد بن المسيب فقلت فاطمة بنت قيس: طلقت فخرجت من بيتها، فقال سعيد: «تلك امرأة فتنت الناس، إنها كانت ل...
عن جابر قال: طلقت خالتي ثلاثا، فخرجت تجد نخلا لها، فلقيها رجل، فنهاها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال لها: «اخرجي فجدي نخلك، لعلك أ...
عن ابن عباس: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج} [البقرة: 240]، «فنسخ ذلك بآية الميراث بما فرض لهن من الربع وال...