235- عن أبي هريرة قال: " أقيمت الصلاة، وصف الناس صفوفهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام في مقامه ذكر أنه لم يغتسل فقال للناس: «مكانكم»، ثم رجع إلى بيته، فخرج علينا ينطف رأسه، وقد اغتسل ونحن صفوف وهذا لفظ ابن حرب، وقال عياش في حديثه «فلم نزل قياما ننتظره حتى خرج علينا وقد اغتسل»
إسناده صحيح.
محمد بن حرب: هو الخولاني، والزبيدي: هو محمد بن الوليد، وابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، ورباح: هو ابن زيد الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والوليد: هو ابن مسلم، والأوزاعي: هو عبد الرحمن ابن عمرو، والزهري: هو محمد بن مسلم، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن.
وأخرجه البخاري (275)، ومسلم (605) (157)، والنسائي في "الكبرى" (885) من طريق يونس بن يزيد، والبخاري (640)، ومسلم (605) (158) و (159)، والنسائي (869) من طريق الأوزاعي، والبخاري (639) من طريق صالح بن كيسان، والنسائي (869) من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، أربعتهم عن الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (7238) و (7515) و (7804).
وفي هذا الحديث جواز النسيان على الأنبياء في أمر العبادة لأجل التشريع.
وفيه أنه لا حياء في أمور الدين، وسبيل من غلب أن يأتي بعذر موهم كأن يمسك بأنفه ليوهم أنه رعف، وفيه انتظار المأمومين مجيء الإمام قياما عند الضرورة، وهو غير القيام المنهي عنه في حديث أبي قتادة، وفيه أنه لا يجب على من احتلم في المسجد فأراد الخروج منه أن يتيمم، وجواز تأخير الجنب الغسل عن وقت الحدث، وجواز الكلام بين الإقامة والصلاة.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( إِمَام مَسْجِد صَنْعَاء ) : بِفَتْحِ الصَّاد وَسُكُون النُّون وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة هِيَ صَنْعَاء الْيَمَن.
وَأَذَّنَ إِبْرَاهِيم بْن خَالِد بِمَسْجِدِهَا سَبْعِينَ سَنَة ( مُؤَمَّل ) : عَلَى وَزْن مُحَمَّد ( فَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى خَرَجَ فِي حَال الْإِقَامَة.
وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون الْإِقَامَة تَقَدَّمَتْ خُرُوجه , وَكَانَ مِنْ شَأْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُكَبِّر حَتَّى تَسْتَوِي الصُّفُوف , وَكَانَتْ تَسْوِيَة الصُّفُوف سُنَّة مَعْهُودَة عِنْد الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ ( فِي مَقَامه ) : بِفَتْحِ الْمِيم أَيْ فِي مُصَلَّاهُ ( ذَكَرَ ) : أَيْ تَذَكَّرَ لَا أَنَّهُ قَالَ لَفْظًا , وَعَلِمَ الرَّاوِي بِذَلِكَ مِنْ قَرَائِن الْحَال , أَوْ بِإِعْلَامِهِ لَهُ بَعْد ذَلِكَ ( يَنْطِف ) : بِكَسْرِ الطَّاء وَضَمّهَا أَيْ يَقْطُر ( صُفُوف ) : جَمْع الصَّفّ , يُقَال : صَفَفْت الشَّيْء صَفًّا مِنْ بَاب قَتَلَ فَهُوَ مَصْفُوف وَصَفَفْت الْقَوْم فَاصْطَفُّوا ( فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرهُ ) : وَفِي هَذَا رَدّ عَلَى الرِّوَايَة الْمُرْسَلَة الَّتِي فِيهَا ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى الْقَوْم أَنْ اِجْلِسُوا , وَسَكَتَ الْمُؤَلِّف عَنْ أَلْفَاظ بَقِيَّة الرُّوَاة , فَلَعَلَّهَا كَانَتْ نَحْو لَفْظ اِبْن حَرْب وَعَيَّاش.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ , وَفِي لَفْظ الْبُخَارِيّ " ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسه يَقْطُر فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ " وَفِي لَفْظ مُسْلِم " حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدْ اِغْتَسَلَ يَنْطِف رَأْسه مَاء فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا " اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة هَذَا فَوَائِد مِنْهَا : أَنَّهُ لَا يَجِب عَلَى مَنْ اِحْتَلَمَ فِي الْمَسْجِد فَأَرَادَ الْخُرُوج مِنْهُ أَنْ يَتَيَمَّم , وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيّ إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِد أَنَّهُ جُنُب يَخْرُج كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّم وَأَوْرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيث.
وَمِنْهَا جَوَاز الْفَصْل بَيْن الْإِقَامَة وَالصَّلَاة , لِأَنَّ قَوْله صَلَّى بِهِمْ فِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ مِنْ طَرِيق أَبِي هُرَيْرَة وَفِي رِوَايَة الْمُؤَلِّف مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْرَة ظَاهِر أَنَّ الْإِقَامَة لَمْ تُعَدْ وَلَمْ تُجَدَّد , وَالظَّاهِر أَنَّهُ مُقَيَّد بِالضَّرُورَةِ وَبِأَمْنِ خُرُوج الْوَقْت وَعَنْ مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِذَا بَعُدَتْ الْإِقَامَة مِنْ الْإِحْرَام تُعَاد , وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَل عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْر.
وَمِنْهَا : جَوَاز اِنْتِظَار الْمَأْمُومِينَ مَجِيء الْإِمَام قِيَامًا عِنْد الضَّرُورَة وَهُوَ غَيْر الْقِيَام الْمَنْهِيّ فِي حَدِيث " إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاة فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي ".
ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّ رِوَايَة أَبِي بَكْرَة الْمُتَّصِلَة وَرِوَايَات مُحَمَّد بْن سِيرِينَ وَعَطَاء بْن يَسَار وَالرَّبِيع بْن مُحَمَّد الْمُرْسَلَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ بَعْدَمَا دَخَلَ فِي الصَّلَاة وَكَبَّرَ.
وَكَذَا رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الَّتِي أَخْرَجَهَا اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَاَلَّتِي أَخْرَجَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق وَكِيع عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد عَنْ أَبِي ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ بَعْد التَّكْبِير وَالدُّخُول فِي الصَّلَاة , وَحَدِيث أَبِي بَكْرَة أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَد وَابْن حِبَّان وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَة قَالَ الْحَافِظ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْبَيْهَقِيُّ , وَاخْتُلِفَ فِي إِرْسَاله وَوَصْلِهِ اِنْتَهَى.
وَأَمَّا رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الَّتِي أَخْرَجَهَا الْمُؤَلِّف وَالشَّيْخَانِ تَدُلّ بِدَلَالَةٍ صَرِيحَة عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ بَعْدَمَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَقَبْل أَنْ يُكَبِّر , فَرِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة هَذِهِ مُعَارِضَة لِلرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَة.
قَالَ الْحَافِظ فِي فَتْح الْبَارِي : وَيُمْكِن الْجَمْع بَيْنهمَا بِحَمْلِ قَوْله كَبَّرَ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاة أَنَّهُ قَامَ فِي مَقَامه لِلصَّلَاةِ وَتَهَيَّأَ لِلْإِحْرَامِ بِهَا وَأَرَادَ أَنْ يُكَبِّر أَوْ بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ أَبَدَاهُ الْعِيَاض وَالْقُرْطُبِيّ اِحْتِمَالًا , وَقَالَ النَّوَوِيّ : إِنَّهُ الْأَظْهَر وَجَزَمَ اِبْن حِبَّان كَعَادَتِهِ , فَإِنْ ثَبَتَ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيح أَصَحّ اِنْتَهَى.
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَة وَمَا فِي مَعْنَاهُ مَالِك بْن أَنَس وَأَصْحَابه وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيّ عَلَى أَنَّهُ لَا إِعَادَة عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْف مَنْ نَسِيَ الْجَنَابَة وَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ , وَإِنَّمَا الْإِعَادَة عَلَى الْإِمَام فَقَطْ , وَبِهِ قَالَ أَحْمَد حَكَاهُ الْأَثْرَم وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد وَالْحَسَن وَإِبْرَاهِيم وَسَعِيد بْن جُبَيْر.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالشَّعْبِيّ وَحَمَّاد بْن أَبِي سُلَيْمَان إِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِمْ الْإِعَادَة أَيْضًا قَالَهُ الْحَافِظ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ فِي الِاسْتِذْكَار شَرْح الْمُوَطَّأ.
وَلِلطَّائِفَتَيْنِ أَحَادِيث وَآثَار فَمِنْ الْأَحَادِيث لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُصَلُّونَ بِكُمْ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْبُخَارِيّ.
وَمِنْهَا حَدِيث بَرَاء بْن عَازِب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيّمَا إِمَام سَهَا فَصَلَّى بِالْقَوْمِ وَهُوَ جُنُب فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتهمْ وَلْيَغْتَسِلْ هُوَ ثُمَّ لِيُعِدْ صَلَاته , وَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوء فَمِثْل ذَلِكَ " وَالْحَدِيث ضَعِيف , لِأَنَّ جُوَيْبَرًا أَحَد رُوَاته مَتْرُوك وَالضَّحَّاك الرَّاوِي عَنْ الْبَرَاء لَمْ يَلْقَهُ , وَمِنْ الْآثَار لَهُمْ مَا أَخْرَجَهُ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْح ثُمَّ غَدَا إِلَى أَرْضه بِالْجُرْفِ فَوَجَدَ فِي ثَوْبه اِحْتِلَامًا فَقَالَ : إِنَّا لَمَّا أَصَبْنَا الْوَدَك لَانَتْ الْعُرُوق فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ الِاحْتِلَام مِنْ ثَوْبه وَعَادَ لِصَلَاتِهِ.
وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق آخَر بِلَفْظِ : أَنَّ عُمَر صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُب فَأَعَادَ وَلَمْ يَأْمُرهُمْ أَنْ يُعِيدُوا.
وَلِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَى مِنْ الْأَحَادِيث حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا : " الْإِمَام ضَامِن " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَإِسْنَاده صَحِيح , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَد وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ قَالَ الْهَيْثَمِيّ رِجَاله مُوَثَّقُونَ , وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّار أَيْضًا وَرِجَاله مُوَثَّقُونَ أَيْضًا.
قَالُوا : إِنَّ الْإِمَام إِذَا فَسَدَتْ صَلَاته فَسَدَتْ صَلَاة الْمُؤْتَمّ , لِأَنَّ الْإِمَام إِنَّمَا جُعِلَ لِيُؤْتَمّ بِهِ , وَالْإِمَام ضَامِن لِصَلَاةِ الْمُقْتَدِي , فَصَلَاة الْمُقْتَدِي مَشْمُولَة فِي صَلَاة الْإِمَام , وَصَلَاة الْإِمَام مُتَضَمِّنَة لِصَلَاةِ الْمَأْمُوم , فَصِحَّة صَلَاة الْمَأْمُوم بِصِحَّةِ الْإِمَام وَفَسَادهَا بِفَسَادِهَا , فَإِذَا صَلَّى الْإِمَام جُنُبًا لَمْ تَصِحّ صَلَاته لِفَوَاتِ الشَّرْط وَهِيَ مُتَضَمِّنَة لِصَلَاةِ الْمَأْمُوم فَتَفْسُد صَلَاته أَيْضًا , فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ يَلْزَم عَلَيْهِ الْإِعَادَة , وَيَتَفَرَّع عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَم لِلْإِمَامِ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ أَنْ يُعْلِمهُمْ بِهِ لِيُعِيدُوا صَلَاتهمْ , وَلَوْ لَمْ يُعْلِمهُمْ لَا إِثْم عَلَيْهِمْ , وَلِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَى آثَار كُلّهَا ضِعَاف.
وَمِمَّا يُحْتَجّ بِهِ عَلَى الطَّائِفَة الْأُولَى بِأَنَّ الْأَظْهَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ قَبْل أَنْ يُكَبِّر كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِم فِي الْحَدِيث , فَرِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الْمَرْوِيَّة فِي الصَّحِيحَيْنِ رَاجِحَة , وَرِوَايَات غَيْر الصَّحِيحَيْنِ الدَّالَّة عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ بَعْد التَّكْبِير مَرْجُوحَة , إِذْ لَا شَكّ فِي أَنَّ التَّرْجِيح لِأَحَادِيث الشَّيْخَيْنِ أَوْ أَحَدهمَا عِنْد التَّعَارُض.
قُلْت : وَإِذَا عَرَفْت هَذَا كُلّه فَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيث أَبِي بَكْرَة الَّذِي صَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْبَيْهَقِيُّ , وَحَدِيث أَنَس الَّذِي صَحَّحَهُ الْهَيْثَمِيّ يَدُلّ عَلَى عَدَم فَسَاد صَلَاة الْمَأْمُومِينَ بِفَسَادِ صَلَاة الْإِمَام لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي الصَّلَاة وَكَبَّرَ النَّاس ثُمَّ تَذَكَّرَ الْجَنَابَة وَانْصَرَفَ وَبَقِيَ النَّاس قِيَامًا مُنْتَظِرِينَ , فَكَانَ بَعْض صَلَاتهمْ خَلْف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جُنُب , وَمَعَ هَذَا لَمْ يَأْمُرهُمْ بِإِعَادَةِ تَكْبِير الْإِحْرَام مَعَ أَنَّهُ أَعْظَم أَجْزَاء الصَّلَاة , فَثَبَتَ بِهَذَا صِحَّة صَلَاة الْمَأْمُومِينَ خَلْف الْإِمَام الْجُنُب النَّاسِي , وَيُؤَيِّدهُ فِعْل عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَيْضًا كَمَا مَرَّ , وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا فِعْل عُثْمَان وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر أَيْضًا كَمَا أَخْرَجَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ.
وَأَمَّا التَّرْجِيح لِأَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدهمَا عَلَى غَيْرهمَا عِنْد التَّعَارُض فَهُوَ أَمْر مُحَقَّق لَا مِرْيَة فِيهِ , لَكِنْ لَيْسَ هَاهُنَا التَّعَارُض لِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ , فَحَدَّثَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ بِمَا شَاهَدَ , وَلَا حَاجَة إِلَى تَأْوِيل أَنَّ كَبَّرَ فِي مَعْنَى قَارَبَ أَنْ يُكَبِّر وَمِمَّا يُؤَيِّد أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ أَنَّ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْف عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَعُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَابْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَة لَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِمْ بَلْ سَكَتُوا فَفِي سُكُوتهمْ وَعَدَم أَمْر هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة إِيَّاهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاة دَلَالَة عَلَى تَعَدُّد الْوَاقِعَة وَأَنَّهُ كَانَ لَهُمْ بِذَلِكَ عِلْم مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لَكِنْ يُمْكِن أَنْ يُقَال مِنْ قِبَل الطَّائِفَة الثَّانِيَة : إِنَّ الرِّوَايَات الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ بَعْدَمَا كَبَّرَ وَدَخَلَ الصَّلَاة لَا تُقَاوِم رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصَرَفَ قَبْل التَّكْبِير وَالدُّخُول فِي الصَّلَاة لِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَات بَعْضهَا مُرْسَلَة وَبَعْضهَا مَرْفُوعَة , فَأَمَّا الْمُرْسَلَة فَمُرْسَلَة , وَأَمَّا الْمَرْفُوعَة فَرِوَايَة أَبِي بَكْرَة , وَإِنْ صَحَّحَهُمَا اِبْن حِبَّان وَالْبَيْهَقِيُّ , لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي إِرْسَالهَا وَوَصْلهَا قَالَهُ الْحَافِظ.
وَرِوَايَة أَنَس وَإِنْ كَانَ جَيِّد الْإِسْنَاد اُخْتُلِفَ فِي وَصْلهَا وَإِرْسَالهَا أَيْضًا كَمَا قَالَ الْحَافِظ.
وَأَمَّا رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الَّتِي أَخْرَجَهَا اِبْن مَاجَهْ فَقَالَ الْحَافِظ فِي إِسْنَادهَا نَظَر , وَأَمَّا رِوَايَة عَلِيّ الْمَرْفُوعَة فَمَدَار طُرُقهَا عَلَى اِبْن لَهِيعَة.
فَلَمَّا لَمْ تَصْلُح هَذِهِ الرِّوَايَات لِمُعَارَضَةِ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الَّذِي أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّف وَالشَّيْخَانِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا حَاجَة لِدَفْعِ التَّعَارُض إِلَى الْقَوْل بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَات مَا تَدُلّ عَلَى تَعَدُّد الْوَاقِعَة وَلَا حَاجَة أَيْضًا إِلَى اِرْتِكَاب التَّجَوُّز فِي مَعْنَى كَبَّرَ وَدَخَلَ , وَلَاحَ لَك أَيْضًا أَنَّ الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الرِّوَايَات عَلَى صِحَّة صَلَاة الْمَأْمُومِينَ خَلْف الْإِمَام الْجُنُب النَّاسِي لَيْسَ بِتَامٍّ , وَكَذَا الِاسْتِدْلَال عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَة بِمَا أَخْرَجَهُ مَالِك مِنْ فِعْل عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَبِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْل عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَيْسَ بِتَامٍّ أَيْضًا لِأَنَّهُ هُوَ أَفْعَالهمْ , وَأَمَّا الْقَطْع بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا فَعَلُوا مَا فَعَلُوا , لِأَنَّهُمْ رَأَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلهُ فَغَيْر مَقْطُوع لِأَنَّ لِلِاجْتِهَادِ مَجَالًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة , مَعَ أَنَّهُ مُعَارِض لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة الْمَرْفُوع الصَّحِيح : " الْإِمَام ضَامِن " وَكَذَا الِاسْتِدْلَال بِحَدِيثِ : " يُصَلُّونَ بِكُمْ , فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ " لَيْسَ بِتَامٍّ أَيْضًا , لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد بِهِ الْخَطَأ الْمُقَابِل لِلْعَمَلِ , لِأَنَّهُ لَا إِثْم فِيهِ بَلْ الْمُرَاد اِرْتِكَاب الْخَطِيئَة.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَة لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْوَادِي فَتَأَمَّلْ.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ ح و حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْأَزْرَقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ ح و حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ إِمَامُ مَسْجِدِ صَنْعَاءَ حَدَّثَنَا رَبَاحٌ عَنْ مَعْمَرٍ ح و حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَصَفَّ النَّاسُ صُفُوفَهُمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مَقَامِهِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ فَقَالَ لِلنَّاسِ مَكَانَكُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَنْطُفُ رَأْسُهُ وَقَدْ اغْتَسَلَ وَنَحْنُ صُفُوفٌ وَهَذَا لَفْظُ ابْنُ حَرْبٍ وَقَالَ عَيَّاشٌ فِي حَدِيثِهِ فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ عَلَيْنَا وَقَدْ اغْتَسَلَ
أخبرني بكر بن مبشر الأنصاري، قال: «كنت أغدو مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يوم الفطر، ويوم الأضحى، فنسلك بطن بطحان حتى نأتي المصلى،...
عن زيد بن أرقم، قال: " كان أحدنا يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة، فنزلت: {وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238]، فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام "
عن أنس بن مالك، أن اليهود كانت إذا حاضت منهم المرأة أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت، فسئل رسول الله صلى الله عليه وس...
عن جابر، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة بن الجراح نتلقى عيرا لقريش، وزودنا جرابا من تمر لم نجد له غيره، فكان أبو عبيدة ي...
عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة»
عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال في سبعة أشهر»
عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، قال: كان جرهد هذا من أصحاب الصفة قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا وفخذي منكشفة فقال: «أما علمت أن ا...
عن أنس بن مالك، قال: «كانت للنبي صلى الله عليه وسلم سكة يتطيب منها»
عن عطاء، عن رجل، من بكر بن وائل، عن خاله، قال: قلت: يا رسول الله أعشر قومي؟، قال: «إنما العشور على اليهود، والنصارى»