3202- عن واثلة بن الأسقع، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين، فسمعته يقول: " اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك، فقه فتنة القبر - قال عبد الرحمن: من ذمتك وحبل جوارك، فقه من فتنة القبر - وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحمد، اللهم فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم "، قال عبد الرحمن: عن مروان بن جناح
إسناده صحيح.
الوليد -وهو ابن مسلم الدمشقي- صرح بالتحديث في جميع طبقات الإسناد عند ابن ماجه، فانتفت شبهة تدليسه تدليس التسوية.
وأخرجه ابن ماجه (١٤٩٩) عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (١٦٠١٨)، و"صحيح ابن حبان" (٣٠٧٤).
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( فَسَمِعْته يَقُول ) : وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَوْف بْن مَالِك قَالَ : " سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى عَلَى جَنَازَة يَقُول اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَهُ " الْحَدِيث.
وَفِي رِوَايَة لَهُ عَنْهُ : فَحَفِظْت مِنْ دُعَائِهِ " وَجَمِيع ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ بِالدُّعَاءِ.
وَعِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس " أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَة فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَسُورَة وَجَهَرَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ سُنَّة وَحَقّ ".
قَالَ بَعْض أَصْحَاب الشَّافِعِيّ إِنَّهُ يَجْهَر بِاللَّيْلِ كَاللَّيْلِيَّةِ.
وَذَهَبَ أَكْثَر الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبّ الْإِسْرَار فِي صَلَاة الْجَنَازَة , وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِ اِبْن عَبَّاس " لِتَعْلَمُوا أَنَّهُ مِنْ السُّنَّة " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ , أَيْ لَمْ أَقْرَأ جَهْرًا إِلَّا لِتَعْلَمُوا أَنَّهُ سُنَّة.
وَلِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّ السُّنَّة فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَة أَنْ يُكَبِّر الْإِمَام ثُمَّ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب بَعْد التَّكْبِيرَة الْأُولَى سِرًّا فِي نَفْسه ".
الْحَدِيث , وَسَيَجِيءُ بِتَمَامِهِ.
وَقِيلَ : إِنَّ جَهْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدُّعَاءِ لِقَصْدِ تَعْلِيمهمْ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَد عَنْ جَابِر قَالَ مَا أَتَاحَ لَنَا فِي دُعَاء الْجَنَازَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْر وَلَا عُمَر وَفَسَّرَ أَتَاحَ بِمَعْنَى قَدَّرَ.
قَالَ الْحَافِظ : وَاَلَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ بَاحَ بِمَعْنَى جَهَرَ اِنْتَهَى.
قُلْت : وَالظَّاهِر أَنَّ الْجَهْر وَالْإِسْرَار بِالدُّعَاءِ فِي صَلَاة الْجَنَازَة جَائِزَانِ وَكُلّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَرْوِيّ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا هُوَ الْحَقّ وَاَللَّه أَعْلَم ( إِنَّ فُلَان بْن فُلَان ) : فِيهِ دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب تَسْمِيَة الْمَيِّت بِاسْمِهِ وَاسْم أَبِيهِ , وَهَذَا إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا وَإِلَّا جَعَلَ مَكَان ذَلِكَ اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدك هَذَا أَوْ نَحْوه , وَالظَّاهِر أَنَّهُ يَدْعُو بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ الْوَارِدَة فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث سَوَاء كَانَ الْمَيِّت ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا يُحَوِّل الضَّمَائِر الْمُذَكَّرَة إِلَى صِيغَة التَّأْنِيث إِذَا كَانَتْ الْمَيِّت أُنْثَى لِأَنَّ مَرْجِعهَا الْمَيِّت وَهُوَ يُقَال عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى كَذَا فِي النَّيْل ( فِي ذِمَّتك ) : أَيْ أَمَانك ( وَحَبْل جِوَارك ) : بِكَسْرِ الْجِيم قِيلَ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ , وَقِيلَ الْحَبْل الْعَهْد أَيْ فِي كَنَف حِفْظك وَعَهْد طَاعَتك , وَقِيلَ أَيْ فِي سَبِيل قُرْبك وَهُوَ الْإِيمَان , وَالْأَظْهَر أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ مُتَعَلِّق وَمُتَمَسِّك بِالْقُرْآنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ.
وَفَسَّرَهُ جُمْهُور الْمُفَسِّرِينَ بِكِتَابِ اللَّه تَعَالَى , وَالْمُرَاد بِالْجِوَارِ الْأَمَان وَالْإِضَافَة بَيَانِيَّة يَعْنِي الْحَبْل الَّذِي يُوَرِّث الِاعْتِصَام بِهِ الْأَمْن وَالْأَمَان وَالْإِسْلَام قَالَهُ الْقَارِي ( فَقِه ) : بِالضَّمِيرِ أَوْ بِهَاءِ السَّكْت ( مِنْ فِتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب النَّار ) : أَيْ اِمْتِحَان السُّؤَال فِيهِ أَوْ مِنْ أَنْوَاع عَذَابه مِنْ الضَّغْطَة وَالظُّلْمَة وَغَيْرهمَا ( وَأَنْتَ أَهْل الْوَفَاء ) : أَيْ بِالْوَعْدِ فَإِنَّك لَا تُخْلِف الْمِيعَاد ( وَالْحَقّ ) : أَيْ أَنْتَ أَهْل الْحَقّ , وَالْمُضَاف مُقَدَّر ( أَنْتَ الْغَفُور ) : أَيْ كَثِير الْمَغْفِرَة لِلسَّيِّئَاتِ ( الرَّحِيم ) : كَثِير الرَّحْمَة بِقَبُولِ الطَّاعَات وَالتَّفَضُّل بِتَضَاعُفِ الْحَسَنَات.
( قَالَ عَبْد الرَّحْمَن عَنْ مَرْوَان ) : يَعْنِي بِلَفْظَةِ عَنْ , وَأَمَّا إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَته حَدَّثَنَا مَرْوَان.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ.
ثُمَّ اِعْلَمْ أَنِّي قَدْ سُئِلْت غَيْر مَرَّة عَنْ طَرِيق أَدَاء صَلَاة الْجَنَازَة وَكَيْفِيَّة قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَدْعِيَة الْمَأْثُورَة لِلْمَيِّتِ , وَتَعْيِين مَحَلّ كُلّهَا مِنْ الْقِرَاءَة وَالصَّلَاة وَالْأَدْعِيَة عَلَى الْوَجْه الَّذِي هُوَ مَرْوِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَنْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ.
فَأَقُول إِنَّ فِي صَلَاة الْجَنَازَة خَمْسَة أَفْعَال فَهِيَ عِبَارَة عَنْ هَذِهِ الْأَفْعَال الْخَمْسَة.
الْأَوَّل : التَّكْبِيرَات فِيهَا حَتَّى قَالَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء التَّكْبِيرَات مِنْ الْأَرْكَان وَكُلّ تَكْبِيرَة قَائِمَة مَقَام رَكْعَة , حَتَّى لَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَة لَا تَجُوز صَلَاته كَمَا لَوْ تَرَكَ رَكْعَة , وَلِهَذَا قِيلَ أَرْبَع كَأَرْبَعِ الظُّهْر.
قَالَهُ الْعَيْنِيّ رَحِمَهُ اللَّه.
وَالثَّانِي : قِرَاءَة الْفَاتِحَة بَعْد الثَّنَاء مَعَ ضَمّ السُّورَة أَوْ حَذْفهَا.
وَالثَّالِث : الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ.
وَالرَّابِع : الْأَدْعِيَة الْخَالِصَة لِلْمَيِّتِ.
وَالْخَامِس : التَّسْلِيم.
أَمَّا التَّكْبِيرَات فِي الْجَنَازَة فَتَقَدَّمَ عَنْ الْحَافِظ بْنِ عَبْد الْبَرّ أَنَّهُ قَالَ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع عَلَى الْأَرْبَع , لَكِنْ فِي دَعْوَى الْإِجْمَاع فِي نَفْسه شَيْء لِأَنَّ زَيْد بْن أَرْقَم كَانَ يُكَبِّر خَمْسًا وَيَرْفَعهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عِنْد مُسْلِم فِي صَحِيحه وَعَنْ حُذَيْفَة أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَة فَكَبَّرَ خَمْسًا وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي مُسْنَد أَحْمَد.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَنْ عَلِيّ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى سَهْل بْن حُنَيْف سِتًّا وَقَالَ إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا.
وَرَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور فِي سُنَنه عَنْ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة أَنَّهُ قَالَ كَانُوا يُكَبِّرُونَ عَلَى أَهْل بَدْر خَمْسًا وَسِتًّا وَسَبْعًا.
كَذَا فِي الْمُنْتَقَى لِابْنِ تَيْمِيَّةَ.
وَرَوَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَة رَجُل مِنْ بَنِي أَسَد فَكَبَّرَ خَمْسًا.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ اِبْن مَسْعُود عَنْ عَلِيّ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّر عَلَى أَهْل بَدْر سِتًّا وَعَلَى الصَّحَابَة خَمْسًا وَعَلَى سَائِر النَّاس أَرْبَعًا.
وَرَوَى ذَلِكَ أَيْضًا اِبْن أَبِي شَيْبَة وَالطَّحَاوِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْهُ.
وَرَوَى اِبْن الْمُنْذِر أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَة ثَلَاثًا.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض اِخْتَلَفَتْ الصَّحَابَة فِي ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثِ تَكْبِيرَات إِلَى تِسْع اِنْتَهَى.
وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم : وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُر بِإِخْلَاصِ الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ وَكَانَ يُكَبِّر أَرْبَع تَكْبِيرَات , وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَبَّرَ خَمْسًا وَكَانَ الصَّحَابَة بَعْده يُكَبِّرُونَ أَرْبَعًا وَخَمْسًا وَسِتًّا , ثُمَّ ذَكَرَ آثَار الصَّحَابَة وَقَالَ هَذِهِ آثَارٌ صَحِيحَة فَلَا مُوجِب لِلْمَنْعِ مِنْهَا , وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمْنَع مِمَّا زَادَ عَلَى الْأَرْبَع بَلْ فَعَلَهُ هُوَ وَأَصْحَابه مِنْ بَعْده اِنْتَهَى.
نَعَمْ لَا شَكَّ أَنَّ الْأَرْبَع أَقْوَى وَأَصَحّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيل وَهُوَ ثَابِت مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد الشَّيْخَيْنِ قَالَ : " اِنْتَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرٍ رَطْب فَصَلَّى عَلَيْهِ وَصَفُّوا خَلْفه وَكَبَّرَ أَرْبَعًا ".
وَمِنْ حَدِيث جَابِر عِنْد الشَّيْخَيْنِ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيّ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا.
وَمِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْدهمَا أَيْضًا " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَع تَكْبِيرَات ".
وَأَمَّا قِرَاءَة الْفَاتِحَة فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ وَابْن حِبَّان وَالْحَاكِم عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَة فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهُ مِنْ السُّنَّة " وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ فِيهِ " فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَسُورَةٍ وَجَهَرَ , فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ سُنَّة وَحَقّ " وَرَوَى التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَى الْجَنَازَة بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب " وَإِسْنَاده ضَعِيف.
قَالَ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص : وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَده مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْجَنَازَة بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَزَادَ سُورَة.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : ذِكْر السُّورَة غَيْر مَحْفُوظ , وَقَالَ النَّوَوِيّ : إِسْنَاده صَحِيح.
وَرَوَى اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أُمّ شَرِيك قَالَتْ : " أَمَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقْرَأ عَلَى الْجَنَازَة بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب " وَفِي إِسْنَاده ضَعْف يَسِيرٌ اِنْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيّ فِي مُسْنَده أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى الْمَيِّت أَرْبَعًا وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآن بَعْد التَّكْبِيرَة الْأُولَى " وَلَفْظ الْحَافِظ فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ هَذَا الْوَجْه قَالَ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّر عَلَى جَنَائِزنَا أَرْبَعًا وَيَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب فِي التَّكْبِيرَة الْأُولَى , وَفِيهِ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي يَحْيَى , فَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَة مِنْهُمْ الشَّافِعِيّ وَابْن الْأَصْبَهَانِيِّ وَابْن عَدِيّ وَابْن عُقْدَة وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ قَالَهُ اِبْن الْقَيِّم فِي جَلَاء الْأَفْهَام.
وَفِي الْمُسْنَد أَيْضًا أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد قَالَ " سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَجْهَر بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب عَلَى الْجَنَازَة وَيَقُول إِنَّمَا فَعَلْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّة " وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : " السُّنَّة أَنْ يَقْرَأ عَلَى الْجَنَازَة بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب " وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن بَعْد التَّكْبِيرَة الْأُولَى عَلَى الْجَنَازَة " وَأَخْرَجَ اِبْن الْجَارُود فِي الْمُنْتَقَى مِنْ طَرِيق زَيْد بْن طَلْحَة التَّيْمِيِّ قَالَ : " سَمِعْت اِبْن عَبَّاس قَرَأَ عَلَى جَنَازَة فَاتِحَة الْكِتَاب وَسُورَة وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَقَالَ إِنَّمَا جَهَرْت لِأُعَلِّمكُمْ أَنَّهَا سُنَّة " وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيق طَلْحَة بْن عَبْد اللَّه قَالَ : " صَلَّيْت خَلْف اِبْن عَبَّاس عَلَى جَنَازَة فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَسُورَة فَجَهَرَ حَتَّى سَمِعْنَا " الْحَدِيث.
وَهَذِهِ الْأَحَادِيث فِيهَا دَلَالَة وَاضِحَة عَلَى مَشْرُوعِيَّة فَاتِحَة الْكِتَاب فِي صَلَاة الْجَنَازَة , وَفِيهَا دَلَالَة أَيْضًا عَلَى جَوَاز قِرَاءَة سُورَة مَعَ الْفَاتِحَة فِي صَلَاة الْجَنَازَة.
وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة وَاجِبَة عِنْد الشَّافِعِيّ , وَهُوَ قَوْل أَحْمَدَ , ذَكَرَهُ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْهِدَايَة , وَبَسَطَ الْكَلَام فِي شَرْح الْبُخَارِيّ.
وَنَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَابْن عُمَر لَيْسَ فِي الْجَنَازَة قِرَاءَة الْفَاتِحَة.
قَالَ اِبْن بَطَّال : وَبِهِ قَالَ عُمَر وَعَلِيّ , وَمِنْ التَّابِعِينَ عَطَاء وَطَاوُسٌ وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَغَيْرهمْ.
قَالَ اِبْن بَطَّال : وَرُوِيَ عَنْ اِبْن الزُّبَيْر وَعُثْمَان بْن حُنَيْف أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ عَلَيْهَا بِالْفَاتِحَةِ , وَكَذَا نَقَلَ هُوَ وَابْن أَبِي شَيْبَة عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ.
وَفِي كِتَاب الْجَنَائِز لِلْمُزَنِيِّ : وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْر وَغَيْره مِنْ الصَّحَابَة كَانُوا يَقْرَءُونَ بِأُمِّ الْقُرْآن عَلَيْهَا.
وَفِي الْمُحَلَّى لِابْنِ حَزْم : صَلَّى الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ فَقَرَأَ فِي التَّكْبِيرَة الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَسُورَة قَصِيرَة وَرَفَعَ بِهِمَا صَوْته اِنْتَهَى.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : ذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرهمَا إِلَى الْوُجُوب , وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أُمّ شَرِيك وَبِحَدِيثِ " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب " وَنَحْوه وَصَلَاة الْجَنَازَة صَلَاة وَهُوَ الْحَقّ اِنْتَهَى.
قَالَ اِبْن الْقَيِّم : قَالَ شَيْخنَا اِبْن تَيْمِيَّةَ لَا يَجِب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي صَلَاة الْجَنَازَة بَلْ هِيَ سُنَّة اِنْتَهَى.
قُلْت : الْحَقّ مَعَ الشَّيْخ اِبْن تَيْمِيَّةَ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا الْبُدَاءَة بِالثَّنَاءِ قَبْل الْقِرَاءَة فَلِأَنَّ الْإِتْيَان بِالدَّعَوَاتِ اِسْتِغْفَار لِلْمَيِّتِ , الْبُدَاءَة بِالثَّنَاءِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ سُنَّةُ الدُّعَاء.
وَالْمَقْصُود مِنْ صَلَاة الْجَنَازَة طَلَب الْمَغْفِرَة لِلْمَيِّتِ , وَلَا يَقْبَل اللَّه الدُّعَاء وَلَا يَسْتَجِيبهُ حَتَّى يَبْدَأ أَوَّلًا بِالثَّنَاءِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي بِالدُّعَاءِ , لِمَا أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّف وَالنَّسَائِيُّ فِي الصَّلَاة وَالتِّرْمِذِيّ فِي الدَّعَوَات وَاللَّفْظ لِأَبِي دَاوُدَ عَنْ فَضَالَة بْن عُبَيْد يَقُول : " سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاته لَمْ يُمَجِّد اللَّه وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجَّلَ هَذَا , ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ إِذَا صَلَّى أَحَدكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبّه وَالثَّنَاء عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ " وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح وَرَوَاهُ اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرْط مُسْلِمٍ.
وَقَالَ صَاحِب الْهِدَايَة مِنْ الْأَئِمَّة الْحَنَفِيَّة : وَالصَّلَاة أَنْ يُكَبِّر تَكْبِيرَة وَيَحْمَد اللَّه عَقِبَيْهَا اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ فِي الْبِنَايَة شَرْح الْهِدَايَة : وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِع وَغَيْره أَنْ يَقُول سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إِلَخْ بَعْد التَّكْبِير وَفِي الْمُحِيط إِنَّهُ رِوَايَة الْحَسَن عَنْ أَبِي حَنِيفَة , وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا اِسْتِفْتَاح فِيهِ وَلَكِنَّ الْعَادَة أَنَّهُمْ يَسْتَفْتِحُونَ فِي سَائِر الصَّلَوَات.
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَلَيْسَ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الثَّنَاء عَلَى اللَّه تَعَالَى وَلَا فِي الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ شَيْء مُوَقَّت , يَقْرَأ مِنْ ذَلِكَ مَا حَضَرَ وَتَيَسَّرَ عَلَيْهِ , وَذَلِكَ لِمَا رَوَى عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : " مَا وَقَّتَ لَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْجَنَازَة قَوْلًا وَلَا قِرَاءَة , كَبِّرْ مَا كَبَّرَ الْإِمَام وَاخْتَرْ مِنْ أَطْيَب الْكَلَام مَا شِئْت " اِنْتَهَى كَلَام الْعَيْنِيّ.
قُلْت : هَكَذَا ذَكَرَ الْعَيْنِيّ قَوْل عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بِغَيْرِ سَنَد وَلَمْ يَذْكُر مَنْ أَخْرَجَهُ لَكِنَّ الِاقْتِصَار عَلَى الْأَدْعِيَة الْمَأْثُورَة فِي صَلَاة الْجَنَازَة هُوَ الْمُتَعَيَّن.
وَقَدْ ثَبَتَ الْأَدْعِيَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَجِيءُ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم : فَإِذَا أَخَذَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت كَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ اِنْتَهَى.
وَأَمَّا الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَالِاسْتِغْفَار وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ , فَأَخْرَجَ الشَّافِعِيّ فِي مُسْنَده أَخْبَرَنَا مُطَرِّف بْن مَازِن عَنْ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْن سَهْل أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّ السُّنَّة فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَة أَنْ يُكَبِّر الْإِمَام ثُمَّ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب بَعْد التَّكْبِيرَة الْأُولَى سِرًّا فِي نَفْسه , ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُخْلِص الدُّعَاء لِلْجَنَازَة فِي التَّكْبِيرَات لَا يَقْرَأ فِي شَيْء مِنْهُنَّ , ثُمَّ يُسَلِّم سِرًّا فِي نَفْسه " وَفِيهِ أَيْضًا أَخْبَرَنَا مُطَرِّف بْن مَازِن عَنْ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي مُحَمَّد الْفِهْرِيّ عَنْ الضَّحَّاك بْن قَيْس أَنَّهُ قَالَ مِثْل قَوْل أَبِي أُمَامَةَ اِنْتَهَى.
وَفِي الْمُنْتَقَى لِابْنِ الْجَارُود حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْت أَبَا أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْف يُحَدِّث اِبْن الْمُسَيِّب قَالَ : " السُّنَّة فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَة أَنْ تُكَبِّر ثُمَّ تَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن ثُمَّ تُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تُخْلِص الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ وَلَا تَقْرَأ إِلَّا فِي التَّكْبِيرَة الْأُولَى ثُمَّ تُسَلِّم فِي نَفْسك عَنْ يَمِينك " قَالَ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص : وَرِجَال هَذَا الْإِسْنَاد مُخَرَّج لَهُمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ اِنْتَهَى.
وَرِوَايَة الشَّافِعِيّ ضُعِّفَتْ بِمُطَرِّفِ بْنِ مَازِن , لَكِنْ قَوَّاهَا الْبَيْهَقِيُّ بِمَا رَوَاهُ فِي الْمَعْرِفَة عَنْ الْحَجَّاج بْن أَبِي مَنِيع عَنْ جَدّه عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي زِيَاد الرَّصَافِيّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى رِوَايَة مُطَرِّف.
وَقَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد التَّاجِر حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الْعَسْقَلَانِيّ حَدَّثَنَا حَرْمَلَة بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْف , وَكَانَ مِنْ كُبَرَاء الْأَنْصَار وَعُلَمَائِهِمْ وَأَبْنَاء الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ رِجَال مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَة أَنْ يُكَبِّر الْإِمَام ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُخْلِص الدُّعَاء فِي التَّكْبِيرَات الثَّلَاث , ثُمَّ يُسَلِّم تَسْلِيمًا خَفِيًّا حِين يَنْصَرِف , وَالسُّنَّة أَنْ يَفْعَل مَنْ وَرَاءَهُ مِثْل مَا فَعَلَ إِمَامُهُ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو أُمَامَةَ وَابْن الْمُسَيِّب يَسْمَع فَلَمْ يُنْكِر ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ اِبْن شِهَاب : فَذَكَرْت الَّذِي أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ مِنْ السُّنَّة فِي الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت لِمُحَمَّدِ بْن سُوَيْدٍ قَالَ وَأَنَا سَمِعْت الضَّحَّاك بْن قَيْس يُحَدِّث عَنْ حَبِيب بْن مَسْلَمَةَ فِي صَلَاة صَلَّاهَا عَلَى الْمَيِّت مِثْل الَّذِي حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ.
قَالَ الْحَاكِم : هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ اِنْتَهَى.
قُلْت : لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة ذِكْر قِرَاءَة الْفَاتِحَة.
وَذَكَرَ اِبْن أَبِي حَاتِم فِي الْعِلَل مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ السُّنَّة عَلَى الْجَنَازَة أَنْ يُكَبِّر الْإِمَام ثُمَّ يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن فِي نَفْسه ثُمَّ يَدْعُو وَيُخْلِص الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ ثُمَّ يُكَبِّر ثَلَاثًا , ثُمَّ يُسَلِّم وَيَنْصَرِف وَيَفْعَل مَنْ وَرَاءَهُ ذَلِكَ.
قَالَ سَأَلْت أَبِي عَنْهُ فَقَالَ هَذَا خَطَأ إِنَّمَا هُوَ حَبِيب بْن مَسْلَمَةَ اِنْتَهَى.
وَحَدِيث حَبِيب فِي الْمُسْتَدْرَك كَذَا فِي التَّلْخِيص.
وَقَالَ الْإِمَام الْحَافِظ الْقَاضِي إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق فِي كِتَاب الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْت أَبَا أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْف يُحَدِّث سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ إِنَّ السُّنَّة فِي صَلَاة الْجَنَازَة أَنْ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُخْلِص الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ حَتَّى يَفْرُغ وَلَا يَقْرَأ إِلَّا مَرَّة وَاحِدَة ثُمَّ يُسَلِّم فِي نَفْسه اِنْتَهَى.
وَأَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْف قَالَ : " السُّنَّة فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَة أَنْ يُكَبِّر ثُمَّ يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن , ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُخْلِص الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ وَلَا يَقْرَأ إِلَّا فِي الْأُولَى " وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ قَالَ الْحَافِظ إِسْنَاده صَحِيح.
قَالَ الْحَافِظ بْنُ الْقَيِّم فِي جَلَاء الْأَفْهَام : وَأَبُو أُمَامَةَ هَذَا صَحَابِيّ صَغِير , وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ صَحَابِيّ آخَر كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيّ.
وَقَالَ صَاحِب الْمُغْنِي : رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَة بِمَكَّة فَكَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ وَجَهَرَ , وَصَلَّى عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَعَا لِصَاحِبِهِ فَأَحْسَنَ ثُمَّ اِنْصَرَفَ وَقَالَ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُون الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَة.
وَفِي الْمُوَطَّأ لِيَحْيَى بْن بُكَيْر حَدَّثَنَا مَالِك بْن أَنَس عَنْ سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ " أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة كَيْف نُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَة ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة أَنَا لَعَمْر اللَّه أُخْبِرك أَتَّبِعهَا مِنْ أَهْلهَا , فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرْت , وَحَمِدْت اللَّه تَعَالَى وَصَلَّيْت عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَقُول اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدك وَابْن عَبْدك كَانَ يَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدك وَرَسُولك وَأَنْتَ أَعْلَم بِهِ , اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانه وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاته , اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أَجْره وَلَا تَفْتِنَّا بَعْده ".
وَقَالَ أَبُو ذَرّ الْهَرَوِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن بْن أَبِي سَهْل السَّرَخْسِيّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيّ أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد بْن رَزِين حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن خَشْرَم حَدَّثَنَا أَنَس بْن عِيَاض عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَافِع عَنْ رَجُل قَالَ سَمِعْت إِبْرَاهِيم النَّخَعِيَّ يَقُول كَانَ اِبْن مَسْعُود إِذَا أُتِيَ بِجَنَازَة اِسْتَقْبَلَ النَّاس وَقَالَ يَا أَيّهَا النَّاس سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَمْ يَجْتَمِع مِائَة لِمَيِّتِ فَيَجْتَهِدُونَ لَهُ فِي الدُّعَاء إِلَّا أَوْهَبَ اللَّه لَهُمْ وَإِنَّكُمْ جِئْتُمْ شُفَعَاء لِأَخِيكُمْ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاء ثُمَّ يَسْتَقْبِل الْقِبْلَة , فَإِنْ كَانَ رَجُلًا قَامَ عِنْد رَأْسه , وَإِنْ كَانَتْ اِمْرَأَة قَامَ عِنْد مَنْكِبهَا , ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَبْدك وَابْن عَبْدك , أَنْتَ خَلَقْته , وَأَنْتَ هَدَيْته لِلْإِسْلَامِ , وَأَنْتَ قَبَضْت رُوحه وَأَنْتَ أَعْلَم بِسَرِيرَتِهِ وَعَلَانِيَته جِئْنَا شُفَعَاء لَهُ , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَجِير بِحَبْلِ جِوَارك لَهُ فَإِنَّك ذُو وَفَاء وَذُو رَحْمَة أَعِذْهُ مِنْ فِتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب جَهَنَّم , اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانه , وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاته , اللَّهُمَّ نَوِّرْ لَهُ فِي قَبْره وَأَلْحِقْهُ بِنَبِيِّهِ.
قَالَ يَقُول هَذَا كُلَّمَا كَبَّرَ , وَإِذَا كَانَتْ التَّكْبِيرَة الْآخِرَة قَالَ مِثْل ذَلِكَ ثُمَّ يَقُول اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت وَبَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حَمِيد مَجِيد اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَسْلَافنَا وَأَفْرَاطنَا , اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات الْأَحْيَاء مِنْهُمْ وَالْأَمْوَات.
ثُمَّ يَنْصَرِف.
كَذَا فِي جَلَاء الْأَفْهَام فِي الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى خَيْر الْأَنَام لِلْحَافِظِ اِبْن الْقَيِّم.
وَقَالَ فِي زَاد الْمَعَاد : وَرَوَى يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ سَأَلَ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت عَنْ الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَة فَقَالَ أَنَا وَاَللَّه أُخْبِرك , تَبْدَأ فَتُكَبِّر ثُمَّ تُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُول : اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدك فُلَان كَانَ لَا يُشْرِك بِك وَأَنْتَ أَعْلَم بِهِ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانه , فَذَكَرَ مِثْل حَدِيث مَالِك.
قَالَ فِي جَلَاء الْأَفْهَام : وَالصَّلَاة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْجَنَازَة بَعْد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة لَا خِلَاف فِي مَشْرُوعِيَّتهَا , وَاخْتُلِفَ فِي تَوَقُّف صِحَّة الصَّلَاة عَلَيْهَا.
قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَبهمَا إِنَّهَا وَاجِبَة فِي الصَّلَاة لَا تَصِحّ الصَّلَاة إِلَّا بِهَا.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت وَغَيْره مِنْ الصَّحَابَة.
وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة تُسْتَحَبّ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةِ وَهُوَ وَجْه لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيّ.
فَالْمُسْتَحَبّ أَنْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَازَة كَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّد , لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ ذَلِكَ أَصْحَابه لَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ كَيْفِيَّة الصَّلَاة عَلَيْهِ.
وَفِي مَسَائِل عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد عَنْ أَبِيهِ قَالَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُصَلِّي عَلَى الْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبِينَ.
قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيل فَيَقُول اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَلَائِكَتك الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِك وَالْمُرْسَلِينَ وَأَهْل طَاعَتك أَجْمَعِينَ مِنْ أَهْل السَّمَاوَات وَالْأَرَضِينَ إِنَّك عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير اِنْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك أَخْبَرَنَا أَبُو النَّصْر الْفَقِيه حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيد بْن أَبِي مَرْيَم حَدَّثَنَا مُوسَى بْن يَعْقُوب الزَّمْعِيُّ حَدَّثَنِي شُرَحْبِيل بْن سَعْد قَالَ حَضَرْت عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس صَلَّى بِنَا عَلَى جَنَازَة بِالْأَبْوَاءِ وَكَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآن رَافِعًا صَوْته بِهَا , ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَبْدك وَابْن عَبْدك وَابْن أَمَتك , يَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ وَحْدك لَا شَرِيك لَك , وَيَشْهَد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدك وَرَسُولك أَصْبَحَ فَقِيرًا إِلَى رَحْمَتك وَأَصْبَحْت غَنِيًّا عَنْ عَذَابه , إِنْ كَانَ زَاكِيًا فَزَكِّهِ , وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فَاغْفِرْ لَهُ , اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أَجْره وَلَا تَضِلّنَا بَعْده , ثُمَّ كَبَّرَ تَكْبِيرَات ثُمَّ اِنْصَرَفَ.
فَقَالَ يَا أَيّهَا النَّاس إِنِّي لَمْ أَقْرَأ عَلَيْهَا إِلَّا لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا السُّنَّة.
قَالَ الْحَاكِم : لَمْ يَحْتَجّ الشَّيْخَانِ بِشُرَحْبِيل بْن سَعْد وَهُوَ تَابِعِيّ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة وَإِنَّمَا أَخْرَجْت هَذَا الْحَدِيث شَاهِدًا لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي قَدَّمْنَا فَإِنَّهَا مُخْتَصَرَة بِجُمْلَةِ وَهَذَا حَدِيث مُفَسِّر.
اِنْتَهَى.
وَأَمَّا صِيَغ الْأَدْعِيَة الْمَأْثُورَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَنْ الصَّحَابَة , فَرُوِيَ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَأَبِي إِبْرَاهِيم الْأَشْهَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَعَوْف بْن مَالِك وَوَاثِلَة بْن الْأَسْقَع وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَيَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن رُكَانَةَ وَالْحَارِث بْن نَوْفَل الْقُرَشِيّ , فَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رَوَاهُ أَصْحَاب السُّنَن الْأَرْبَعَة إِلَّا النَّسَائِيَّ وَأَحْمَد وَابْن حِبَّان وَالْحَاكِم بِلَفْظِ : " اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتنَا " إِلَى آخِره , وَقَدْ تَقَدَّمَ.
قَالَ الْحَاكِم : وَهَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
وَرُوِيَ عَنْهُ بِلَفْظِ : " اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبّهَا , وَأَنْتَ خَلَقْتهَا " وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْبَاب.
وَحَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْنُ يَعْقُوب حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز حَدَّثَنَا عُمَر بْن يُونُس بْن الْقَاسِم الْيَمَامِيّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَة بْن عَمَّار عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن قَالَ : " سَأَلْت عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْف كَانَتْ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَيِّت ؟ قَالَتْ كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا , وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَغَائِبِنَا وَشَاهِدِنَا , وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا.
اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ , وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ " قَالَ الْحَاكِم صَحِيح عَلَى شَرْط مُسْلِم.
قُلْت : مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز نَزِيل بَغْدَاد.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَا بَأْس بِهِ , وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْن خِرَاش.
وَحَدِيث أَبِي إِبْرَاهِيم الْأَشْهَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَد وَابْن الْجَارُود وَاللَّفْظ لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِبْرَاهِيم الْأَشْهَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجَنَازَة قَالَ اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا , وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا , وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا , وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا ".
قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل ذَلِكَ وَزَادَ فِيهِ : " اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَام , وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى : حَدِيث وَالِد أَبِي إِبْرَاهِيم حَدِيث حَسَن صَحِيح.
وَرَوَى هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ وَعَلِيّ بْن الْمُبَارَك هَذَا الْحَدِيث عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
وَرَوَى عِكْرِمَة بْن عَمَّار عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ عَائِشَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدِيث عِكْرِمَة بْن عَمَّار غَيْر مَحْفُوظ وَعِكْرِمَة رُبَّمَا يُهِمّ فِي حَدِيث يَحْيَى , وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَتَادَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو عِيسَى : وَسَمِعْت مُحَمَّدًا يَقُول أَصَحّ الرِّوَايَات فِي هَذَا حَدِيث يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيم الْأَشْهَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَسَأَلْته عَنْ اِسْم أَبِي إِبْرَاهِيم الْأَشْهَلِيِّ فَلَمْ يَعْرِفهُ اِنْتَهَى كَلَام التِّرْمِذِيّ.
وَأَمَّا حَدِيث عَوْف بْن مَالِك فَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ مُخْتَصَرًا وَابْن الْجَارُود وَاللَّفْظ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق حَبِيب بْن عُبَيْد عَنْ جُبَيْر بْن نُفَيْر سَمِعَهُ يَقُول سَمِعْت عَوْف بْن مَالِك يَقُول : " صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَة فَحَفِظْت مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ , وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ , وَأَكْرِمْ نُزُله , وَوَسِّعْ مُدْخَله , وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْج وَالْبَرَد , وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْت الثَّوْب الْأَبْيَض مِنْ الدَّنَس , وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَاره , وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْله , وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجه , وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّة وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَاب الْقَبْر وَمِنْ عَذَاب النَّار.
قَالَ حَتَّى تَمَنَّيْت أَنْ أَكُون أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّت ".
وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " وَقِهِ فِتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب النَّار " قَالَ عَوْف " فَتَمَنَّيْت أَنْ لَوْ كُنْت أَنَا الْمَيِّت لِدُعَاءِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّت " وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل أَصَحّ شَيْء فِي هَذَا الْبَاب هَذَا الْحَدِيث اِنْتَهَى.
وَحَدِيث وَاثِلَة بْن الْأَسْقَع أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّف وَابْن مَاجَهْ قَالَ : " صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُل مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَسَمِعْته يَقُول اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَان بْنَ فُلَان فِي ذِمَّتك " الْحَدِيث وَتَقَدَّمَ فِي آخِر الْبَاب.
وَأَمَّا حَدِيث عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَة أَبِي ذَرّ الْهَرَوِيِّ.
وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس تَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة الْحَاكِم.
وَحَدِيث يَزِيد بْن عَبْد اللَّه أَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك بِقَوْلِهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الرَّحْمَن الْخَلَّال بِمَكَّة حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الْكَاتِب حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر الْحِزَامِيّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن زَيْد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن رُكَانَةَ بْن الْمُطَّلِب قَالَ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ لِلْجَنَازَة لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا قَالَ اللَّهُمَّ عَبْدك وَابْن أَمَتك اِحْتَاجَ إِلَى رَحْمَتك وَأَنْتَ غَنِيّ عَنْ عَذَابه , إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانه , وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ " هَذَا إِسْنَاد صَحِيح , وَيَزِيد بْن رُكَانَة وَأَبُو رُكَانَةَ اِبْن عَبْد يَزِيد صَحَابِيَّانِ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِب بْن عَبْد مَنَاف وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ اِنْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيث الْحَارِث بْن نَوْفَل فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُمْ الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت " اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِأَحْيَائِنَا وَأَمْوَاتنَا وَأَصْلِحْ ذَات بَيْننَا وَأَلِّفْ بَيْن قُلُوبنَا , اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدك فُلَان بْن فُلَان لَا نَعْلَم إِلَّا خَيْرًا وَأَنْتَ أَعْلَم بِهِ فَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ " كَذَا فِي عُمْدَة الْقَارِي وَأُسْد الْغَابَة.
فَهَذِهِ صِيَغ الْأَدْعِيَة الْمَأْثُورَة , وَقَدْ وَقَعَ فِي كُتُب الْفِقْه ذِكْر أَدْعِيَة غَيْر الْمَأْثُورَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالتَّمَسُّك بِالثَّابِتِ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْزَم وَأَوْكَد , وَاخْتِلَاف الْأَحَادِيث فِي ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو لِمَيِّتٍ بِدُعَاءِ وَلِآخَر بِآخَر , وَاَلَّذِي أَمَرَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْلَاص الدُّعَاء , فَلِلرَّجُلِ الْمُتَّبِع لِلسُّنَّةِ أَنَّهُ يَدْعُو بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ الْوَارِدَة فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث سَوَاء كَانَ الْمَيِّت ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا يُحَوِّل الضَّمَائِر الْمُذَكَّرَة إِلَى صِيغَة التَّأْنِيث إِذَا كَانَ الْمَيِّت أُنْثَى , لِأَنَّ مَرْجِعهَا الْمَيِّت وَهُوَ يُقَال عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى.
كَذَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّه وَكَلَامه هَذَا حَسَن جِدًّا.
فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوع الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَاب أَنَّ الْمَشْرُوع فِي صَلَاة الْجَنَازَة الثَّنَاء عَلَى اللَّه تَعَالَى ثُمَّ قِرَاءَة الْفَاتِحَة بَعْد التَّكْبِيرَة الْأُولَى , ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ يَدْعُو لِلْمَيِّتِ , ثُمَّ يُكَبِّر ثَانِيًا وَلَا يَقْرَأ الْفَاتِحَة بَلْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْتَكْثِر مِنْ الدُّعَاء لِلْمَيِّتِ مُخْلِصًا لَهُ , ثُمَّ يُكَبِّر ثَالِثًا وَيُصَلِّي وَيَدْعُو مِثْل مَا فَعَلَ بَعْد التَّكْبِير الثَّانِي , ثُمَّ يُكَبِّر رَابِعًا مِنْ غَيْر قِرَاءَة شَيْء مِنْ الدُّعَاء وَغَيْره وَيُسَلِّم بَعْد ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَالَ الْعَلَّامَة الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْل : وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْيِين مَوْضِع هَذِهِ الْأَدْعِيَة فَإِنْ شَاءَ الْمُصَلِّي جَاءَ بِمَا يَخْتَار مِنْهَا دُفْعَة , إِمَّا بَعْد فَرَاغه مِنْ التَّكْبِير , أَوْ بَعْد التَّكْبِيرَة الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَة أَوْ الثَّالِثَة , أَوْ يُفَرِّقهُ بَيْن كُلّ تَكْبِيرَتَيْنِ , أَوْ يَدْعُو بَيْن كُلّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَدْعِيَة لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لِجَمِيعِ مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا حَدِيث عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى الَّذِي عِنْد أَحْمَد فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَدْعُ إِلَّا بَعْد التَّكْبِيرَة الرَّابِعَة إِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ دَعَا بَعْدهَا وَذَلِكَ لَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الدُّعَاء مُخْتَصّ بِذَلِكَ الْمَوْضِع اِنْتَهَى قُلْت : وَالْأَحَبّ أَنْ يَسْتَكْثِر فِي الدُّعَاء وَيَجْمَع بَيْن هَذِهِ الدَّعَوَات الْمَأْثُورَة فِي التَّكْبِيرَات , لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاة دُعَاء لِلْمَيِّتِ وَاسْتِغْفَار لَهُ , وَالِاسْتِكْثَار وَالْمُبَالَغَة مَطْلُوب فِيهِمَا وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ جَاءَ الدُّعَاء بَعْد التَّكْبِيرَة الرَّابِعَة وَقَبْل السَّلَام أَيْضًا لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد فِي مُسْنَده عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى " أَنَّهُ مَاتَتْ اِبْنَة لَهُ فَيُكَبِّر عَلَيْهَا أَرْبَعًا ثُمَّ قَامَ بَعْد الرَّابِعَة قَدْر مَا بَيْن التَّكْبِيرَتَيْنِ , يَدْعُو ثُمَّ قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع فِي الْجَنَازَة هَكَذَا " وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ كَمَا سَيَجِيءُ.
وَلَفْظ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك " ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ثُمَّ قَامَ بَعْد الرَّابِعَة قَدْر مَا بَيْن التَّكْبِيرَتَيْنِ وَيَسْتَغْفِر لَهَا وَيَدْعُو وَقَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع هَكَذَا " قَالَ الْحَاكِم : حَدِيث صَحِيح.
وَفِي التَّلْخِيص : وَرَوَاهُ أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ فِي الْغَيْلَانِيَّات وَزَادَ " ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى يَمِينه وَشِمَاله ثُمَّ قَالَ : لَا أَزِيد عَلَى مَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع " وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيِّ فِي سُنَنه الْكُبْرَى مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن مُسْلِم الْهَجَرِيّ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى " أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَة اِبْنَته فَكَبَّرَ أَرْبَعًا حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ سَيُكَبِّرُ خَمْسًا ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينه وَعَنْ شِمَاله , فَلَمَّا اِنْصَرَفَ قُلْنَا لَهُ مَا هَذَا ؟ فَقَالَ إِنِّي لَا أَزِيد عَلَى مَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَع وَهَكَذَا كَانَ يَصْنَع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِيهِ دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب الدُّعَاء بَعْد التَّكْبِيرَة الْآخِرَة قَبْل التَّسْلِيم , وَفِيهِ خِلَاف , وَالرَّاجِح الِاسْتِحْبَاب لِهَذَا الْحَدِيث.
كَذَا فِي النَّيْل.
وَأَمَّا التَّسْلِيم فَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ يُسَلِّم عَنْ يَمِينه وَعَنْ شِمَاله كَمَا فِي سَائِر الصَّلَوَات , وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى الْمُتَقَدِّم.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : " ثَلَاث كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلهُنَّ تَرَكَهُنَّ النَّاس , إِحْدَاهُنَّ التَّسْلِيم عَلَى الْجَنَائِز مِثْل التَّسْلِيمَتَيْنِ فِي الصَّلَاة " اِنْتَهَى.
كَذَا نَقَلَهُ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْبُخَارِيّ.
وَنَقَلَ اِبْن الْقَيِّم فِي زَاد الْمَعَاد وَالشَّوْكَانِيّ فِي النَّيْل بِلَفْظِ " التَّسْلِيم عَلَى الْجَنَازَة مِثْل التَّسْلِيم فِي الصَّلَاة " وَعِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّف بِسَنَدٍ جَيِّد عَنْ جَابِر بْن زَيْد وَالشَّعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَتَيْنِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ فِي زَاد الْمَعَاد : وَأَمَّا هَدْيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّسْلِيم مِنْ صَلَاة الْجَنَازَة فَرُوِيَ أَنَّهُ يُسَلِّم وَاحِدَة , وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّم تَسْلِيمَتَيْنِ.
وَرَوَى الشَّافِعِيّ فِي كِتَاب حَرْمَلَة عَنْ سُفْيَان عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُسْلِم الْهَجَرِيّ وَفِيهِ " كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ثُمَّ قَامَ سَاعَة فَسَبَّحَ الْقَوْم فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنِّي أَزِيد عَلَى أَرْبَع وَقَدْ رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أَرْبَعًا وَلَمْ يَقُلْ عَنْ يَمِينه وَشِمَاله " وَرَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه الْمُحَارِبِيّ حَدَّثَنَا الْهَجَرِيّ قَالَ " صَلَّيْت مَعَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى الْأَسْلَمِيّ صَاحِب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَة اِبْنَة لَهُ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا فَمَكَثَ بَعْد الرَّابِعَة شَيْئًا قَالَ فَسَمِعْت الْقَوْم يُسَبِّحُونَ بِهِ مِنْ نَوَاحِي الصُّفُوف فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : أَكُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنِّي مُكَبِّرٌ خَمْسًا ؟ قَالُوا تَخَوَّفْنَا ذَلِكَ , قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَفْعَل وَلَكِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّر أَرْبَعًا ثُمَّ يَمْكُث سَاعَة فَيَقُول مَا شَاءَ أَنْ يَقُول ثُمَّ يُسَلِّم وَلَمْ يَقُلْ عَنْ يَمِينه وَشِمَاله ".
وَذِكْر السَّلَام عَنْ يَمِينه وَعَنْ شِمَاله اِنْفَرَدَ عَنْهَا شَرِيك عَنْ إِبْرَاهِيم الْهَجَرِيّ وَالْمَعْرُوف عَنْ اِبْن أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّم وَاحِدَة.
ذَكَرَهُ الْإِمَام أَحْمَد وَأَحْمَد بْنُ الْقَاسِم.
قِيلَ لِأَبِي عَبْد اللَّه أَتَعْرِفُ عَنْ أَحَد مِنْ أَصْحَابه أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَتَيْنِ عَلَى الْجَنَازَة ؟ قَالَ لَا وَلَكِنْ عَنْ سِتَّة مِنْ الصَّحَابَة أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَة خَفِيفَة عَنْ يَمِينه , فَذَكَرَ اِبْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَأَبَا هُرَيْرَة وَوَاثِلَة بْن الْأَسْقَع وَابْن أَبِي أَوْفَى وَزَيْد بْن ثَابِت وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَأَنَس بْن مَالِك وَأَبَا أُمَامَةَ , فَهَؤُلَاءِ عَشَرَة مِنْ الصَّحَابَة.
اِنْتَهَى كَلَام اِبْن الْقَيِّم بِتَغَيُّرٍ.
وَقَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك تَحْت حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْف : " ثُمَّ يُسَلِّم تَسْلِيمًا خَفِيًّا " إِلَخْ.
وَلَيْسَ فِي التَّسْلِيمَة الْوَاحِدَة عَلَى الْجَنَازَة أَصَحّ مِنْهُ , وَشَاهِده حَدِيث أَبِي الْعَنْبَس سَعِيد بْن كَثِير ثُمَّ سَاقَ رِوَايَته بِقَوْلِهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْنُ أَبِي دَارِم الْحَافِظ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه اِبْن غَنَّام بْن حَفْص بْن غِيَاث حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْعَنْبَس عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جَنَازَة فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا ".
التَّسْلِيمَة الْوَاحِدَة عَلَى الْجَنَازَة قَدْ صَحَّتْ الرِّوَايَة فِيهِ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَعَبْد اللَّه اِبْن عُمَر وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى وَأَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى الْجَنَازَة تَسْلِيمَة.
اِنْتَهَى كَلَام الْحَاكِم وَزَادَ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْبُخَارِيّ وَأَنَس وَجَمَاعَة مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْل مَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق , ثُمَّ هَلْ يُسِرّ بِهَا أَوْ يَجْهَر , فَعَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ إِخْفَاؤُهَا , وَعَنْ مَالِك يَسْمَع بِهَا مَنْ يَلِيه , وَعَنْ أَبِي يُوسُف لَا يَجْهَر كُلّ الْجَهْر وَلَا يُسِرّ كُلّ الْإِسْرَار , كَذَا فِي عُمْدَة الْقَارِي.
وَأَمَّا وَضْع الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي صَلَاة الْجَنَازَة وَرَفْع الْيَدَيْنِ فِيهَا فَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ فِي بَاب رَفْع الْيَدَيْنِ عَلَى الْجَنَازَة مِنْ كِتَاب الْجَنَائِز حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن دِينَار الْكُوفِيّ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبَانَ الْوَرَّاق عَنْ يَحْيَى بْن يَعْلَى الْأَسْلَمِيّ عَنْ أَبِي فَرْوَة يَزِيد بْن سِنَان عَنْ زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَة فَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّل تَكْبِيرَة وَوَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى ".
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي هَذَا , فَرَأَى أَكْثَر أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرهمْ أَنْ يَرْفَع الرَّجُل يَدَيْهِ فِي كُلّ تَكْبِيرَة عَلَى الْجَنَازَة , وَهُوَ قَوْل اِبْن الْمُبَارَك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق.
وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم : لَا يَرْفَع يَدَيْهِ إِلَّا فِي أَوَّل مَرَّة , وَهُوَ قَوْل الثَّوْرِيِّ وَأَهْل الْكُوفَة.
وَذُكِرَ عَنْ اِبْن الْمُبَارَك أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَة لَا يَقْبِض بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَاله وَرَأَى بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنْ يَقْبِض بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَاله كَمَا يَفْعَل فِي الصَّلَاة قَالَ أَبُو عِيسَى يَقْبِض أَحَبّ إِلَيَّ اِنْتَهَى كَلَامه.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنه : بَاب مَا جَاءَ فِي وَضْع الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي صَلَاة الْجَنَازَة وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى عَلَى جَنَازَة رَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّل تَكْبِيرَة ثُمَّ يَضَع يَده الْيُمْنَى عَلَى يَده الْيُسْرَى " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيد بْن سِنَان اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظ الْمِزِّيّ فِي الْأَطْرَاف بَعْد ذِكْر رِوَايَة التِّرْمِذِيّ : وَرَوَاهُ الْحَسَن بْن عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبَان الْوَرَّاق عَنْ يَحْيَى بْن يَعْلَى عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب عَنْ الزُّهْرِيِّ نَحْوه اِنْتَهَى.
قُلْت يُونُس بْنُ خَبَّاب ضَعِيف.
وَأَعَلَّ اِبْن الْقَطَّان رِوَايَة التِّرْمِذِيّ بِأَبِي فَرْوَة وَنَقَلَ تَضْعِيفه عَنْ أَحْمَد وَالنَّسَائِيِّ وَابْن مَعِين وَالْعُقَيْلِيّ.
قَالَ : وَفِيهِ عِلَّة أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ يَحْيَى بْن يَعْلَى الرَّاوِي عَنْ أَبِي فَرْوَة وَهُوَ أَبُو زَكَرِيَّا الْقَطْوَانِيُّ الْأَسْلَمِيّ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ ضَعِيف.
وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنه مِنْ طَرِيق الْفَضْل بْن السَّكَن حَدَّثَنَا هِشَام بْن يُوسُف حَدَّثَنَا مَعْمَر عَنْ اِبْن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَع يَدَيْهِ عَلَى الْجَنَازَة فِي أَوَّل تَكْبِيرَة ثُمَّ لَا يَعُود " اِنْتَهَى وَسَكَتَ عَنْهُ لَكِنْ أَعَلَّهُ الْعُقَيْلِيّ فِي كِتَابه بِالْفَضْلِ بْن السَّكَن وَقَالَ إِنَّهُ مَجْهُول اِنْتَهَى.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : وَلَمْ أَجِدهُ فِي ضُعَفَاء اِبْن حِبَّان.
وَيُعَارِضهُ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَله عَنْ عُمَر بْن شَبَّة حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجَنَازَة رَفَعَ يَدَيْهِ فِي كُلّ تَكْبِيرَة وَإِذَا اِنْصَرَفَ سَلَّمَ " قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : هَكَذَا رَفَعَهُ عُمَر بْن شَبَّة , وَخَالَفَهُ جَمَاعَة فَرَوَوْهُ عَنْ يَزِيد بْن هَارُون مَوْقُوفًا وَهُوَ الصَّوَاب اِنْتَهَى.
وَلَمْ يَرْوِ الْبُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرَد فِي رَفْع الْيَدَيْنِ شَيْئًا فِي هَذَا الْبَاب إِلَّا حَدِيثًا مَوْقُوفًا عَلَى اِبْن عَمْرو حَدِيثًا مَوْقُوفًا عَلَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز رَضِيَ اللَّه عَنْهُ اِنْتَهَى كَلَام الزَّيْلَعِيِّ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ الْحَافِظ : سَنَده صَحِيح وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط فِي تَرْجَمَة مُوسَى بْن عِيسَى مَرْفُوعًا وَقَالَ : لَمْ يَرْوِهُ عَنْ نَافِع إِلَّا عَبْد اللَّه بْن مُحَرَّر.
تَفَرَّدَ بِهِ عَبَّاد بْن صُهَيْب.
قَالَ فِي التَّلْخِيص : وَهُمَا ضَعِيفَانِ.
وَرَوَى الشَّافِعِيّ عَمَّنْ سَمِعَ سَلَمَة بْن وَرْدَان يَذْكُر عَنْ أَنَس أَنَّهُ كَانَ يَرْفَع يَدَيْهِ كُلَّمَا كَبَّرَ عَلَى الْجَنَازَة.
وَرَوَى أَيْضًا الشَّافِعِيّ عَنْ عُرْوَة وَابْن الْمُسَيِّب مِثْل ذَلِكَ.
قَالَ : وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْنَا أَهْل الْعِلْم بِبَلَدِنَا اِنْتَهَى.
وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر مَشْرُوعِيَّة الرَّفْع عِنْد كُلّ تَكْبِيرَة عَنْ اِبْن عُمَر وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَعَطَاء وَسَالِم بْن عَبْد اللَّه وَقَيْس بْن أَبِي حَازِم وَالزُّهْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق , وَاخْتَارَهُ بْن الْمُنْذِر.
وَقَالَ الثَّوْرِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَاب الرَّأْي إِنَّهُ لَا يَرْفَع عِنْد سَائِر التَّكْبِيرَات بَلْ عِنْد الْأُولَى فَقَطْ , وَعَنْ مَالِك ثَلَاث رِوَايَات الرَّفْع فِي الْجَمِيع , وَفِي الْأُولَى فَقَطْ , وَعَدَمه فِي كُلّهَا وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا الصَّلَاة عَلَى الطِّفْل الَّذِي لَمْ يَبْلُغ الْحُلُم , فَكَالصَّلَاةِ عَلَى الْكَبِير , وَلَمْ يَثْبُت عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَدٍ صَحِيح أَنَّهُ عَلَّمَ أَصْحَابه دُعَاءً آخَر لِلْمَيِّتِ الصَّغِير غَيْر الدُّعَاء الَّذِي عَلَّمَهُمْ لِلْمَيِّتِ الْكَبِير بَلْ كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتنَا , وَصَغِيرنَا وَكَبِيرنَا " كَمَا عَرَفْت.
وَأَخْرَجَ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت سَعِيد بْن الْمُسَيِّب يَقُول صَلَّيْت وَرَاء أَبِي هُرَيْرَة عَلَى صَبِيّ لَمْ يَعْمَل خَطِيئَة قَطّ فَسَمِعْته يَقُول : " اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَاب الْقَبْر " اِنْتَهَى.
فَالدُّعَاء لِلطِّفْلِ عَلَى مَعْنَى الزِّيَادَة كَمَا كَانَتْ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ الصَّلَاة وَالسَّلَام تَدْعُو اللَّه أَنْ يَرْحَمهَا وَتَسْتَغْفِرهُ.
لَكِنْ رَوَى الْمُسْتَغْفِرِيّ فِي الدَّعَوَات مِنْ حَدِيث عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَلِيّ إِذَا صَلَّيْت عَلَى جَنَازَة فَقُلْ اللَّهُمَّ عَبْدك وَابْن عَبْدك وَابْن أَمَتك مَاضٍ فِي حُكْمك وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا زَارَك وَأَنْتَ خَيْر مَزُور , اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ حُجَّته وَأَلْحِقْهُ بِنَبِيِّهِ , وَنِرْ لَهُ فِي قَبْره , وَوَسِّعْ عَلَيْهِ فِي مَدْخَله , وَثَبِّتْهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِت فَإِنَّهُ اِفْتَقَرَ إِلَيْك وَاسْتَغْنَيْت عَنْهُ وَكَانَ يَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ , فَاغْفِرْ لَهُ , اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أَجْره وَلَا تَفْتِنَّا بَعْده.
يَا عَلِيّ وَإِذَا صَلَّيْت عَلَى اِمْرَأَة فَقُلْ أَنْتَ خَلَقْتهَا وَرَزَقْتهَا وَأَنْتَ أَحْيَيْتهَا وَأَنْتَ أَمَتّهَا وَأَنْتَ أَعْلَم بِسِرِّهَا وَعَلَانِيَتهَا , جِئْنَاك شُفَعَاء لَهَا , اِغْفِرْ لَهَا , اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أَجْرهَا وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدهَا.
يَا عَلِيّ وَإِذَا صَلَّيْت عَلَى طِفْل قُلْ اللَّهُمَّ اِجْعَلْ لِأَبَوَيْهِ سَلَفًا , وَاجْعَلْ لَهُمَا نُورًا وَسَدَادًا أَعْقِبْ وَالِدِيهِ الْجَنَّة إِنَّك عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير " كَذَا فِي عُمْدَة الْقَارِي شَرْح الْبُخَارِي.
وَالْحَدِيث يُنْظَر فِي إِسْنَاده , وَالْغَالِب فِيهِ الضَّعْف.
وَقَالَ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص : رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى النُّفُوس " اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا ".
وَفِي جَامِع سُفْيَان عَنْ الْحَسَن فِي الصَّلَاة عَلَى الصَّبِيّ " اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا وَاجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا " اِنْتَهَى.
وَفِي سُنَن اِبْن مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَلُّوا عَلَى أَطْفَالكُمْ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَفْرَاطكُمْ " وَقَالَ فِي الْفَتْح وَعِنْد عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء فِي كِتَاب الْجَنَائِز لَهُ عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّلَاة عَلَى الصَّبِيّ فَأَخْبَرَهُمْ عَنْ قَتَادَة عَنْ الْحَسَن " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّر ثُمَّ يَقْرَأ فَاتِحَة الْكِتَاب ثُمَّ يَقُول اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا " اِنْتَهَى وَفِي الْهِدَايَة وَلَا يَسْتَغْفِر لِلصَّبِيِّ وَلَكِنْ يَقُول : اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا وَذُخْرًا وَاجْعَلْهُ لَنَا شَافِعًا وَمُشَفَّعًا.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْهِدَايَة لِأَنَّ الصَّبِيّ مَرْفُوع الْقَلَم عَنْهُ وَلَا ذَنْب لَهُ وَلَا حَاجَة إِلَى الِاسْتِغْفَار.
وَفِي الْبَدَائِع إِذَا كَانَ الْمَيِّت صَبِيًّا يَقُول اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَذُخْرًا وَشَفِّعْهُ فِينَا.
كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَة , وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْمُحِيط إِذَا كَانَ الْمَيِّت صَبِيًّا يَقُول اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا , اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لَنَا ذُخْرًا , اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ لَنَا شَافِعًا وَمُشَفَّعًا.
وَفِي الْمُفِيد : وَيَدْعُو لِوَالِدَيْهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ.
وَقِيلَ يَقُول اللَّهُمَّ ثَقِّلْ مَوَازِينهمَا وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورهمَا , اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ فِي كَفَالَة إِبْرَاهِيم وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَاره وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْله , اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِسَلَفِنَا وَفَرَطنَا وَمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اِنْتَهَى كَلَام الْعَيْنِيّ.
وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَام فِيهِ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ح و حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَمُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ فَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَمْدِ اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ جَنَاحٍ
عن أبي هريرة، أن امرأة سوداء - أو رجلا - كان يقم المسجد، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه، فقيل: مات، فقال: «ألا آذنتموني به؟» قال: «دلوني على...
عن أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربع تكبيرات»
عن أبي بردة، عن أبيه، قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق إلى أرض النجاشي - فذكر حديثه - قال النجاشي: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه...
عن المطلب، قال: لما مات عثمان بن مظعون، أخرج بجنازته فدفن، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله صلى...
عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كسر عظم الميت ككسره حيا»
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللحد لنا والشق لغيرنا»
عن عامر، قال: «غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي، والفضل، وأسامة بن زيد، وهم أدخلوه قبره»، قال: حدثنا مرحب أو أبو مرحب، أنهم أدخلوا معهم عبد الرحمن...
عن أبي مرحب، " أن عبد الرحمن بن عوف نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كأني أنظر إليهم أربعة "
عن أبي إسحاق، قال: أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد، " فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر، وقال: هذا من السنة "