3218- عن أبي هياج الأسدي، قال: بعثني علي، قال لي: أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن لا أدع قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته»
إسناده صحيح.
أبو هياج الأسدي: هو حيان بن حصين، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة، وسفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العبدي.
وأخرجه مسلم (٩٦٩)، والترمذي (١٠٧٠)، والنسائي (٢٥٣١) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (٦٨٣) و (٧٤١).
وروى البخاري بإثر (١٣٩٠) عن سفيان التمار: أنه رأى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- مسنما.
قال ابن القيم في "تهذيب السنن": وهذه الآثار لا تضاد بينها، والأمر بتسوية القبور إنما هو تسويتها بالأرض، وأن لا ترفع مشرفة عالية، وهذا لا يناقض تسنيمها شيئا يسيرا عن الأرض.
وقال ابن قدامة في "المغني" ٣/ ٤٣٧: وتسنيم القبر أفضل من تسطيحه.
وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري.
وقال الشافعي: تسطيحه أفضل، قال: وبلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سطح قبر ابنه إبراهيم.
وعن القاسم قال: رأيت قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر مسطحة [قلنا: يعني الحديث الآتي برقم (٣٢٢٠)] ولنا ما روى سفيان التمار أنه قال: رأيت قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- مسنما.
رواه البخاري بإسناده، وعن الحسن مثله.
ولأن التسطيح يشبه أبنية أهل الدنيا، وهو أشبه بشعار أهل البدع، فكان مكروها.
وحديثنا أثبت من حديثهم وأصح، فكان العمل به أولى.
وقال الحافظ في "الفتح" ٣/ ٢٥٧: المستحب تسنيم القبور، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية، وادعى القاضي حسين اتفاق الأصحاب عليه، وتعقب بأن جماعة من قدماء الشافعية استحبوا التسطيح كما نص عليه الشافعي، وبه جزم الماوردي وآخرون.
قلنا: قوله: "مشرفا" أي: مرتفعا غاية الارتفاع، وقيل: أي: عالية أكثر من شبر، قاله القاري
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( عَنْ أَبِي هَيَّاج الْأَسَدِيِّ ) : هُوَ بِفَتْحِ الْهَاء وَتَشْدِيد الْيَاء وَاسْمه حَيَّان بْن حُصَيْنٍ قَالَهُ النَّوَوِيّ ( عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ ) : أَيْ أَرْسَلَنِي إِلَى تَغْيِيره , وَلِذَا عُدِّيَ بِعَلَى , أَوْ أَرْسَلَك لِلْأَمْرِ الَّذِي أَرْسَلَنِي لَهُ ( أَنْ لَا أَدَع ) : أَنْ مَصْدَرِيَّة وَلَا نَافِيَة خَبَرُ مُبْتَدَأ مَحْذُوف , أَيْ هُوَ أَنْ لَا أَدَع , وَقِيلَ أَنْ تَفْسِيرِيَّة وَلَا نَاهِيَة أَيْ لَا أَدَع ( قَبْرًا مُشْرِفًا ) : هُوَ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ حَتَّى اِرْتَفَعَ دُون الَّذِي أُعْلِمَ عَلَيْهِ بِالرَّمْلِ وَالْحَصْبَاء أَوْ مَحْسُومَة بِالْحِجَارَةِ لِيُعْرَف وَلَا يُوطَأ.
قَالَهُ الْقَارِي ( إِلَّا سَوَّيْته ) : قَالَ النَّوَوِيّ : فِيهِ أَنَّ السُّنَّة أَنَّ الْقَبْر لَا يُرْفَع عَلَى الْأَرْض رَفْعًا كَثِيرًا وَلَا يُسَنَّم بَلْ يُرْفَع نَحْو شِبْر وَيُسَطَّح , وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ.
وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ أَكْثَر الْعُلَمَاء أَنَّ الْأَفْضَل عِنْدهمْ تَسْنِيمهَا وَهُوَ مَذْهَب مَالِك اِنْتَهَى.
قُلْت : وَقَوْله لَا يُسَنَّم فِيهِ نَظَر.
وَفِي النَّيْل : وَالْحَدِيث فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ السُّنَّة أَنَّ الْقَبْر لَا يُرْفَع رَفْعًا كَثِيرًا مِنْ غَيْر فَرْق بَيْن مَنْ كَانَ فَاضِلًا وَمَنْ كَانَ غَيْر فَاضِل , وَالظَّاهِر أَنَّ رَفْع الْقُبُور زِيَادَة عَلَى الْقَدْر الْمَأْذُون فِيهِ مُحَرَّم , وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَصْحَاب أَحْمَد وَجَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَمَالِك.
وَالْقَوْل بِأَنَّهُ غَيْر مَحْظُور لِوُقُوعِهِ مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف بِلَا نَكِير لَا يَصِحّ وَهُوَ مِنْ اِتِّخَاذ الْقُبُور مَسَاجِد , وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعِل ذَلِكَ , وَكَمْ قَدْ سَرَى عَنْ تَشْيِيد أَبْنِيَة الْقُبُور وَتَحْسِينهَا مِنْ مَفَاسِد يَبْكِي لَهَا الْإِسْلَام , مِنْهَا اِعْتِقَاد الْجَهَلَة لَهَا كَاعْتِقَادِ الْكُفَّار لِلْأَصْنَامِ وَعُظِّمَ ذَلِكَ فَظَنُّوا أَنَّهَا قَادِرَة عَلَى جَلْب النَّفْع وَدَفْع الضَّرَر فَجَعَلُوهَا مَقْصِدًا لِطَلَبِ قَضَاء الْحَوَائِج , وَمَلْجَأ لِنَجَاحِ الْمَطَالِب , وَسَأَلُوا مِنْهَا مَا يَسْأَلهُ الْعُبَّاد مِنْ رَبّهمْ , وَشَدُّوا إِلَيْهَا الرِّحَال , وَتَمَسَّحُوا بِهَا وَاسْتَغَاثُوا , وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا شَيْئًا مِمَّا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَفْعَلهُ بِالْأَصْنَامِ إِلَّا فَعَلُوهُ , فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَمَعَ هَذَا الْمُنْكَر الشَّنِيع وَالْكُفْر الْفَظِيع لَا نَجِد مَنْ يَغْضَب لِلَّهِ وَيَغَار حَمِيَّة لِلدِّينِ الْحَنِيف , لَا عَالِمًا وَلَا مُتَعَلِّمًا وَلَا أَمِيرًا وَلَا وَزِيرًا وَلَا مَلِكًا , وَقَدْ تَوَارَدَ إِلَيْنَا مِنْ الْأَخْبَار مَا لَا شَكّ مَعَهُ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْقُبُورِيِّينَ أَوْ أَكْثَرهمْ إِذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِين مِنْ جِهَة خَصْمه حَلَفَ بِاَللَّهِ فَاجِرًا , فَإِذَا قِيلَ لَهُ بَعْد ذَلِكَ اِحْلِفْ بِشَيْخِك وَمُعْتَقَدك الْوَلِيّ الْفُلَانِيّ تَلَعْثَمَ وَتَلَكَّأَ وَأَبَى وَاعْتَرَفَ بِالْحَقِّ , وَهَذَا مِنْ بَيْن الْأَدِلَّة الدَّالَّة عَلَى أَنَّ شِرْكهمْ قَدْ بَلَغَ فَوْق شِرْك مَنْ قَالَ إِنَّهُ تَعَالَى ثَانِي اِثْنَيْنِ أَوْ ثَالِث ثَلَاثَة.
فَيَا عُلَمَاء الدِّين وَيَا مُلُوك الْمُسْلِمِينَ أَيّ رُزْء لِلْإِسْلَامِ أَشَدّ مِنْ الْكُفْر , وَأَيّ بَلَاء لِهَذَا الدِّين أَضَرّ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَة غَيْر اللَّه وَأَيّ مُصِيبَة يُصَاب بِهَا الْمُسْلِمُونَ تَعْدِل هَذِهِ الْمُصِيبَة , وَأَيّ مُنْكَر يَجِب إِنْكَاره إِنْ لَمْ يَكُنْ إِنْكَار هَذَا الشِّرْك الْبَيِّن وَاجِبًا.
لَقَدْ أَسْمَعْت لَوْ نَادَيْت حَيًّا وَلَكِنْ لَا حَيَاة لِمَنْ تُنَادِي وَلَوْ نَارًا نَفَخْت بِهَا أَضَاءَتْ وَلَكِنْ أَنْتَ تَنْفُخ فِي رَمَاد اِنْتَهَى وَكَلَامه.
هَذَا حَسَن جِدًّا لَا مَزِيَّة عَلَى حُسْنه جَزَاهُ اللَّه خَيْرًا.
وَقَالَ الْحَافِظ بْن الْقَيِّم فِي زَاد الْمَعَاد قُدُوم وُفُود الْعَرَب : وَهَذَا حَال الْمَشَاهِد الْمَبْنِيَّة عَلَى الْقُبُور الَّتِي تُعْبَد مِنْ دُون اللَّه وَيُشْرَك بِأَرْبَابِهَا مَعَ اللَّه لَا يَحِلّ إِبْقَاؤُهَا فِي الْإِسْلَام وَيَجِب هَدْمهَا , وَلَا يَصِحّ وَقْفهَا وَلَا الْوَقْف عَلَيْهَا , وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعهَا وَأَوْقَافهَا لِجُنْدِ الْإِسْلَام وَيَسْتَعِين بِهَا عَلَى مَصَالِح الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ مَا فِيهَا مِنْ الْآلَات وَالْمَتَاع وَالنُّذُور الَّتِي تُسَاق إِلَيْهَا يُضَاهَى بِهَا الْهَدَايَا الَّتِي تُسَاق إِلَى الْبَيْت لِلْإِمَامِ أَخَذَهَا كُلّهَا وَصَرَفَهَا فِي مَصَالِح الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَخَذَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْوَال بُيُوت هَذِهِ الطَّوَاغِيت وَصَرَفَهَا فِي مَصَالِح الْإِسْلَام , وَكَانَ يُفْعَل عِنْدهَا مَا يُفْعَل عِنْد هَذِهِ الْمَشَاهِد سَوَاء مِنْ النُّذُور لَهَا وَالتَّبَرُّك بِهَا وَتَقْبِيلهَا وَاسْتِلَامهَا , هَذَا كَانَ شِرْك الْقَوْم بِهَا وَلَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا خَلَقَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض , بَلْ كَانَ شِرْكهمْ بِهَا كَشِرْكِ أَهْل الشِّرْك مِنْ أَرْبَاب الْمَشَاهِد بِعَيْنِهِ اِنْتَهَى.
( وَلَا تِمْثَالًا ) : أَيْ صُورَة ذِي رُوح ( إِلَّا طَمَسْته ) : أَيْ مَحَوْته وَأَبْطَلْته.
فِيهِ الْأَمْر بِتَغْيِيرِ صُوَر ذَوَات الْأَرْوَاح.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي هَيَّاجٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ بَعَثَنِي عَلِيٌّ قَالَ لِي أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتُهُ وَلَا تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتُهُ
عن أبي علي الهمداني حدثه، قال: كنا مع فضالة بن عبيد برودس من أرض الروم، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسوي، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسل...
عن القاسم، قال: دخلت على عائشة، فقلت: يا أمه اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، «فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لا...
عن عثمان بن عفان، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له بالتثبيت، فإنه الآن يسأل»، قال أب...
عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عقر في الإسلام»، قال عبد الرزاق: «كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة»
عن عقبة بن عامر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد، صلاته على الميت، ثم انصرف»(1) 3224- عن يزيد بن أبي حبيب - بهذا الحد...
عن جابر قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى أن يقعد على القبر، وأن يقصص ويبنى عليه»(1) 3226-عن جابر، بهذا الحديث، قال أبو داود: قال ع...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، حتى تخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر»
عن أبي مرثد الغنوي، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها»