3590- عن ابن عباس، قال: " {فإن جاءوك فاحكم بينهم، أو أعرض عنهم}، فنسخت، قال: {فاحكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: ٤٨] "
صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحسين -وهو ابن واقد المروزي- فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (٦٣٣٦) و (٧١٨١) من طريق مجاهد، عن ابن عباس.
وسنده صحيح.
قال الإمام ابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ٣٦١ بتحقيقنا: اختلف علماء التفسير في هذه الآية على قولين: أحدهما أنها منسوخة، وذلك أن أهل الكتاب كانوا إذا ترافعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مخيرا إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم، ثم نسخ ذلك بقوله: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة:٤٩] فلزمه الحكم، وزال التخيير، وهذا مروي عن ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والسدي.
قلت: ذكره أبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (١٢٩) أنه الصحيح من قول الشافعي، فإنه قال في كتاب الجزية: ولا خيار له إذا تحاكموا إليه لقوله عز وجل: {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة: ٢٩] وهذا من أصح الاحتجاجات، لأنه إذا كان معنى {وهم صاغرون} أن تجري عليهم أحكام المسلمين، وجب أن لا يردوا إلى أحكامهم، فإذا وجب هذا فالآية منسوخة، وهو أيضا قول الكوفيين أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف ومحمد لا اختلاف بينهم إذا تحاكم أهل الكتاب إلى الإمام أنه ليس له أن يعرض عنهم، غير أن أبا حنيفة قال: إذا جاءت المرأة والزوج، فعليه أن يحكم بينهما بالعدل، فإن جاءت المرأة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم .
وقال الباقون: بل يحكم.
والثاني: أنها محكمة وأن الإمام ونوابه في الحكم مخيرون إذا ترافعوا إليهم إن شاؤوا حكموا بينهم، وإن شاؤوا أعرضوا عنهم، وهذا مروي عن الحسن والشعبي والنخعي والزهري، وبه قال أحمد بن حنبل وهو الصحيح، لأنه لا تنافي بين الآيتين، لأن إحداهما خيرت بين الحكم وتركه، والثانية بينت كيفية الحكم إذا كان.
قلت: وقد أفتى بهذا القول عطاء بن أبي رباح ومالك بن أنس، ذكر ذلك أبو جعفر النحاس عنهما في "الناسخ والمنسوخ" (١٢٩)، والقرطبي في أحكام القرآن " ٦/ ١٨٤، وإليه ذهب قتادة كما في الطبري ١٠/ ٣٣٠، وسعيد بن جبير كما ذكر ذلك ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص ٣١٤، واختاره أبو جعفر الطبري لعدم التعارض بين الآيتين، ولأنه لم يصح به خبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجمع عليه علماء المسلمين.
وليس بين الآيتين من التعارض ما يسوغ النسخ على الإطلاق، فإن الأولى -وهي المدعى عليها النسخ- تخير النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الحكم في خصومتهم والإعراض عنهم، والثانية -وهي المدعى أنها ناسخة- تأمره أن يحكم بينهم بما أنزل الله، وتنهاه أن يتبع أهواءهم، ثم تحذره منهم أن يفتنوه عن بعض الذي أنزل إليه، فقد ذكر الحكم مطلقا في الآية الأولى، وقيد في الثانية، فوجب أن يكون بما أنزل الله، وأن لا يكون فيه اتباع لهواهم، وأن تكون معه يقظة لهم حتى لا يفتنوه عن بعض ما أنزل الله إليه.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
{ فَإِنْ جَاءُوك } : أَيْ لِتَحْكُم بَيْنهمْ { فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } : فِي تَفْسِير الْجَلَالَيْنِ : هَذَا التَّخْيِيرُ مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ { وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ } الْآيَة , فَيَجِب الْحُكْم بَيْنَهُمْ إِذَا تَرَافَعُوا إِلَيْنَا وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه وَلَوْ تَرَافَعُوا إِلَيْنَا مَعَ مُسْلِم وَجَبَ إِجْمَاعًا ( فَنُسِخَتْ ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول ( قَالَ ) : أَيْ اللَّهُ تَعَالَى ( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ) : أَيْ بَيْن أَهْل الْكِتَاب إِذَا تَرَافَعُوا إِلَيْك ( بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) : أَيْ إِلَيْك وَبَعْدَهُ { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَك مِنْ الْحَقِّ } وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن بْن وَاقِد وَفِيهِ مَقَالٌ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ { فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } فَنُسِخَتْ قَالَ { فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ }
عن ابن عباس، قال: " لما نزلت هذه الآية {فإن جاءوك فاحكم بينهم، أو أعرض عنهم وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} الآية، قال: كان بنو النضير إذا قتلوا من بني ق...
عن الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة، عن أناس من أهل حمص، من أصحاب معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلح جائز بين المسلمين» زاد أحمد، «إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا» وزاد سليمان بن داود، وقال...
عبد الله بن كعب بن مالك، أن كعب بن مالك، أخبره أنه، تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما ح...
عن زيد بن خالد الجهني، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته، أو يخبر بشهادته، قبل أن يسألها»، شك عبد...
عن يحيى بن راشد، قال: جلسنا لعبد الله بن عمر فخرج إلينا فجلس، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ض...
عن خريم بن فاتك، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائما، فقال: «عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله» ثلاث مرار، ثم قرأ {فا...
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن، والخائنة وذي الغمر على أخيه، ورد شهادة القانع لأهل البيت، وأجازها...
عن أبي هريرة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية»