4892-
عن أم عطية رضي الله عنها قالت: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا: {أن لا يشركن بالله شيئا} ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فانطلقت ورجعت، فبايعها».
(امرأة) قيل هي أم عطية نفسها رضي الله عنها.
(أسعدتني) قامت معي في نياحة لي
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ حَفْصَة بِنْت سِيرِينَ عَنْ أُمّ عَطِيَّة ) كَذَا قَالَ عَبْد الْوَارِث عَنْ أَيُّوب , وَقَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ " عَنْ أَيُّوب عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ عَنْ أُمّ عَطِيَّة " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ , فَكَأَنَّ أَيُّوب سَمِعَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا , وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْح هَذَا فِي الْجَنَائِز.
قَوْله : ( بَايَعْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا ( أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا ) وَنَهَانَا عَنْ النِّيَاحَة ) فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق عَاصِم عَنْ حَفْصَة عَنْ أُمّ عَطِيَّة قَالَتْ ( لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة ( يُبَايِعْنَك عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا - وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوفٍ ) كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَة ".
قَوْله : ( فَقَبَضَتْ اِمْرَأَة يَدهَا ) فِي رِوَايَة عَاصِم " فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه إِلَّا آلَ فُلَان فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَا بُدّ مِنْ أَنْ أُسْعِدهُمْ " لَمْ أَعْرِف آلَ فُلَان الْمُشَار إِلَيْهِمْ , وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ " قُلْت إِنَّ اِمْرَأَة أَسْعَدَتْنِي فِي الْجَاهِلِيَّة " وَلَمْ أَقِف عَلَى اِسْم الْمَرْأَة.
وَتَبَيَّنَ أَنَّ أُمّ عَطِيَّة فِي رِوَايَة عَبْد الْوَارِث أَبْهَمَتْ نَفْسهَا.
قَوْله : ( أَسْعَدَتْنِي فُلَانَة فَأُرِيد أَنْ أَجْزِيهَا ) وَلِلنَّسَائِيِّ فِي رِوَايَة أَيُّوب " فَأَذْهَب فَأُسْعِدهَا ثُمَّ أَجِيئك فَأُبَايِعك " وَالْإِسْعَاد قِيَام الْمَرْأَة مَعَ الْأُخْرَى فِي النِّيَاحَة تُرَاسِلهَا , وَهُوَ خَاصّ بِهَذَا الْمَعْنَى , وَلَا يُسْتَعْمَل إِلَّا فِي الْبُكَاء وَالْمُسَاعَدَة عَلَيْهِ , وَيُقَال إِنَّ أَصْل الْمُسَاعَدَة وَضْع الرَّجُل يَده عَلَى سَاعِد الرَّجُل صَاحِبه عِنْد التَّعَاوُن عَلَى ذَلِكَ.
قَوْله : ( فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ , فَبَايَعَهَا ) فِي رِوَايَة عَاصِم فَقَالَ " إِلَّا آلَ فُلَان " وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ " قَالَ فَاذْهَبِي فَأَسْعِدِيهَا , قَالَتْ : فَذَهَبْت فَسَاعَدْتهَا ثُمَّ جِئْت فَبَايَعْت " قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا مَحْمُول عَلَى أَنَّ التَّرْخِيص لِأُمِّ عَطِيَّة فِي آلِ فُلَان خَاصَّة , وَلَا تَحِلّ النِّيَاحَة لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا فِي غَيْر آلِ فُلَان كَمَا هُوَ ظَاهِر الْحَدِيث , وَلِلشَّارِعِ أَنْ يَخُصّ مِنْ الْعُمُوم مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ , فَهَذَا صَوَاب الْحُكْم فِي هَذَا الْحَدِيث.
كَذَا قَالَ , وَفِيهِ نَظَر إِلَّا إِنْ اِدَّعَى أَنَّ الَّذِينَ سَاعَدَتْهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَسْلَمُوا , وَفِيهِ بُعْد , وَإِلَّا فَلْيُدَّعَ مُشَارَكَتهمْ لَهَا فِي الْخُصُوصِيَّة , وَسَأُبَيِّنُ مَا يَقْدَح فِي خُصُوصِيَّة أُمّ عَطِيَّة بِذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ : وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره هَذَا الْحَدِيث وَقَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا عَجِيبَة , وَمَقْصُودِي التَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بِهَا , فَإِنَّ بَعْض الْمَالِكِيَّة قَالَ : النِّيَاحَة لَيْسَتْ بِحَرَامٍ , لِهَذَا الْحَدِيث , وَإِنَّمَا الْمُحَرَّم مَا كَانَ مَعَهُ شَيْء مِنْ أَفْعَال الْجَاهِلِيَّة مِنْ شَقّ جَيْب وَخَمْش خَدّ وَنَحْو ذَلِكَ , قَالَ : وَالصَّوَاب مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَأَنَّ النِّيَاحَة حَرَام مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة اِنْتَهَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِز النَّقْل عَنْ غَيْر هَذَا الْمَالِكِيّ أَيْضًا أَنَّ النِّيَاحَة لَيْسَتْ بِحَرَامٍ , وَهُوَ شَاذّ مَرْدُود , وَقَدْ أَبْدَاهُ الْقُرْطُبِيّ اِحْتِمَالًا وَرَدَّهُ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَة فِي الْوَعِيد عَلَى النِّيَاحَة , وَهُوَ دَالّ عَلَى شِدَّة التَّحْرِيم , لَكِنْ لَا يَمْتَنِع أَنْ يَكُون النَّهْي أَوَّلًا وَرَدَ بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيه , ثُمَّ لَمَّا تَمَّتْ مُبَايَعَة النِّسَاء وَقَعَ التَّحْرِيم فَيَكُون الْإِذْن لِمَنْ ذُكِرَ وَقَعَ فِي الْحَالَة الْأُولَى لِبَيَانِ الْجَوَاز ثُمَّ وَقَعَ التَّحْرِيم فَوَرَدَ حِينَئِذٍ الْوَعِيد الشَّدِيد.
وَقَدْ لَخَصَّ الْقُرْطُبِيّ بَقِيَّة الْأَقَاوِيل الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا النَّوَوِيّ , مِنْهَا دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَبْل تَحْرِيم النِّيَاحَة , قَالَ : وَهُوَ فَاسِد لِمَسَاقِ حَدِيث أُمّ عَطِيَّة هَذَا , وَلَوْلَا أَنَّ أُمّ عَطِيَّة فَهِمَتْ التَّحْرِيم لَمَا اِسْتَثْنَتْ.
قُلْت : وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا أَنَّ أُمّ عَطِيَّة صَرَّحَتْ بِأَنَّهَا مِنْ الْعِصْيَان فِي الْمَعْرُوف وَهَذَا وَصْف الْمُحَرَّم.
وَمِنْهَا أَنَّ قَوْله " إِلَّا آلَ فُلَان " لَيْسَ فِيهِ نَصّ عَلَى أَنَّهَا تُسَاعِدهُمْ بِالنِّيَاحَةِ , فَيُمْكِن أَنَّهَا تُسَاعِدهُمْ بِاللِّقَاءِ وَالْبُكَاء الَّذِي لَا نِيَاحَة مَعَهُ.
قَالَ وَهَذَا أَشْبَه مِمَّا قَبْله.
قُلْت : بَلْ يَرُدّ عَلَيْهِ وُرُود التَّصْرِيح بِالنِّيَاحَةِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ , وَيَرُدّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ اللِّقَاء وَالْبُكَاء الْمُجَرَّد لَمْ يَدْخُل فِي النَّهْي كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِز تَقْرِيره , فَلَوْ وَقَعَ الِاقْتِصَار عَلَيْهِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَأْخِير الْمُبَايَعَة حَتَّى تَفْعَلهُ.
وَمِنْهَا يُحْتَمَل أَنْ يَكُون أَعَادَ " إِلَّا آلَ فُلَان " عَلَى سَبِيل الْإِنْكَار كَمَا قَالَ لِمَنْ اِسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ : مَنْ ذَا ؟ فَقَالَ : أَنَا.
فَقَالَ : أَنَا أَنَا.
فَأَعَادَ عَلَيْهِ كَلَامه مُنْكِرًا عَلَيْهِ.
قُلْت : وَيَرُدّ عَلَيْهِ [ مَا وَرَدَ ] عَلَى الْأَوَّل.
وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ خَاصّ بِأُمِّ عَطِيَّة , قَالَ : وَهُوَ فَاسِد فَإِنَّهَا لَا تَخْتَصّ بِتَحْلِيلِ شَيْء مِنْ الْمُحَرَّمَات اِنْتَهَى.
وَيَقْدَح فِي دَعْوَى تَخْصِيصهَا أَيْضًا ثُبُوت ذَلِكَ لِغَيْرِهَا , وَيُعْرَف مِنْهُ أَيْضًا الْخَدْش فِي الْأَجْوِبَة الْمَاضِيَة , فَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس قَالَ " لَمَّا أَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاء فَبَايَعَهُنَّ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاَللَّهِ شَيْئًا الْآيَة قَالَتْ خَوْلَة بِنْت حَكِيم : يَا رَسُول اللَّه كَانَ أَبِي وَأَخِي مَاتَا فِي الْجَاهِلِيَّة , وَإِنَّ فُلَانَة أَسْعَدَتْنِي وَقَدْ مَاتَ أَخُوهَا " الْحَدِيث.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق شَهْر بْن حَوْشَبٍ عَنْ أُمّ سَلَمَة الْأَنْصَارِيَّة وَهِيَ أَسْمَاء بِنْت يَزِيد قَالَتْ " قُلْت يَا رَسُول اللَّه إِنَّ بَنِي فُلَان أَسْعَدُونِي عَلَى عَمِّي وَلَا بُدّ مِنْ قَضَائِهِنَّ , فَأَبَى قَالَتْ : فَرَاجَعْته مِرَارًا فَأَذِنَ لِي , ثُمَّ لَمْ أَنُحْ بَعْد " , وَأَخْرَجَ أَحْمَد وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق مُصْعَب بْن نُوح قَالَ " أَدْرَكْت عَجُوزًا لَنَا كَانَتْ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : فَأَخَذَ عَلَيْنَا وَلَا يَنُحْنَ , فَقَالَ عَجُوز : يَا نَبِيّ اللَّه إِنَّ نَاسًا كَانُوا أَسْعَدُونَا عَلَى مَصَائِب أَصَابَتْنَا , وَإِنَّهُمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَة فَأَنَا أُرِيد أَنْ أُسْعِدهُمْ , قَالَ : فَاذْهَبِي فَكَافِئِيهِمْ.
قَالَتْ : فَانْطَلَقْت فَكَافَأْتهمْ.
ثُمَّ إِنَّهَا أَتَتْ فَبَايَعَتْهُ " وَظَهَرَ مِنْ هَذَا كُلّه أَنَّ أَقْرَب الْأَجْوِبَة أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَة ثُمَّ كُرِهَتْ كَرَاهَة تَنْزِيه ثُمَّ تَحْرِيم وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا { أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا } وَنَهَانَا عَنْ النِّيَاحَةِ فَقَبَضَتْ امْرَأَةٌ يَدَهَا فَقَالَتْ أَسْعَدَتْنِي فُلَانَةُ أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ فَبَايَعَهَا
عن ابن عباس «في قوله تعالى: {ولا يعصينك في معروف} قال: إنما هو شرط شرطه الله للنساء».<br>
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، وقرأ آية ال...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم يصليها قبل الخطبة، ثم يخطب بعد، ف...
عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو ا...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} قال: قلت: من هم يا رسول...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «أقبلت عير يوم الجمعة، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فثار الناس إلا اثنا عشر رجلا، فأنزل الله: {وإذا رأوا...
عن زيد بن أرقم قال: «كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولو رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها...
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: «كنت مع عمي، فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا.<br> وقال أيضا: لئن رجعن...
زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: «لما قال عبد الله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله، وقال أيضا: لئن رجعنا إلى المدينة، أخبرت به النبي صلى الله عل...