5266-
عن سعيد بن جبير : أنه أخبره أنه سمع ابن عباس يقول: «إذا حرم امرأته ليس بشيء.
وقال: {لكم في رسول الله أسوة حسنة}.»
(ليس بشيء) أي هذا القول لا يترتب عليه حكم
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن الصَّبَّاح ) هُوَ الْبَزَّار آخِره رَاء مُهْمَلَة وَهُوَ وَاسِطِي نَزَلَ بَغْدَاد , وَثَّقَهُ الْجُمْهُور وَلَيَّنَهُ النَّسَائِيُّ قَلِيلًا , وَأَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي الْإِيمَان وَالصَّلَاة وَغَيْرهمَا فَلَمْ يُكْثِر , وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ عَنْ الْحَسَن بْن الصَّبَّاح الزَّعْفَرَانِيّ , لَكِنْ إِذَا وَقَعَ هَكَذَا يَكُون نُسِبَ لِجَدِّهِ فَهُوَ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَنْهُ فِي الْحَدِيث الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَاب , وَفِي الرُّوَاة مِنْ شُيُوخ الْبُخَارِيّ وَمَنْ فِي طَبَقَتهمْ مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح الدُّولَابِيُّ أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي الصَّلَاة وَالْبُيُوع وَغَيْرهمَا , وَلَيْسَ هُوَ أَخًا لِلْحَسَنِ بْن الصَّبَّاح وَمُحَمَّد بْن الصَّبَّاح الْجَرْجَرَائِيّ أَخْرَجَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْن مَاجَهْ , وَهُوَ غَيْر الدُّولَابِيّ , وَعَبْد اللَّه بْن الصَّبَّاح الْعَطَّار أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي الْبُيُوع وَغَيْره وَلَيْسَ أَحَد مِنْ هَؤُلَاءِ أَخًا لِلْآخَرِ.
قَوْله ( سَمِعَ الرَّبِيع بْن نَافِع ) أَيْ أَنَّهُ سَمِعَ وَلَفْظ " أَنَّهُ " يُحْذَف خَطًّا وَيُنْطَق بِهِ , وَقَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ كَمَا وَقَعَ التَّنْبِيه عَلَى لَفْظ " قَالَ ".
وَالرَّبِيع بْن نَافِع هُوَ أَبُو تَوْبَة بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَسُكُون الْوَاو بَعْدهَا مُوَحَّدَة مَشْهُور بِكُنْيَتِهِ أَكْثَر مِنْ اِسْمه , حَلَبِيّ نَزَلَ طَرَسُوسَ , أَخْرَجَ عَنْهُ السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ بِوَاسِطَةٍ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ فَأَخْرَجَ عَنْهُ الْكَثِير بِغَيْرِ وَاسِطَة وَأَخْرَجَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ أَيْضًا.
وَأَدْرَكَهُ الْبُخَارِيّ وَلَكِنْ لَمْ أَرَ لَهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْكِتَاب شَيْئًا بِغَيْرِ وَاسِطَة , وَأَخْرَجَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ إِلَّا الْمَوْضِع الْمُتَقَدِّم فِي الْمُزَارَعَة فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ " قَالَ الرَّبِيع بْن نَافِع " وَلَمْ يَقُلْ " حَدَّثَنَا " فَمَا أَدْرِي لَقِيَهُ أَوْ لَمْ يَلْقَهُ , وَلَيْسَ لَهُ عِنْده إِلَّا هَذَانِ الْمَوْضِعَانِ.
قَوْله ( حَدَّثَنَا مُعَاوِيَة ) هُوَ اِبْن سَلَّامٍ بِتَشْدِيدِ اللَّام وَشَيْخه يَحْيَى وَمَنْ فَوْقه ثَلَاثَة مِنْ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ.
قَوْله ( إِذَا حَرَّمَ اِمْرَأَته لَيْسَ بِشَيْءٍ ) كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيّ وَلِلْأَكْثَرِ " لَيْسَتْ " أَيْ الْكَلِمَة وَهِيَ قَوْله أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام أَوْ مُحَرَّمَة أَوْ نَحْو ذَلِكَ.
قَوْله ( وَقَالَ ) أَيْ اِبْن عَبَّاس مُسْتَدِلًّا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) يُشِير بِذَلِكَ إِلَى قِصَّة التَّحْرِيم , وَقَدْ وَقَعَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي تَفْسِير سُورَة التَّحْرِيم , وَذَكَرْت فِي " بَاب مَوْعِظَة الرَّجُل اِبْنَته " فِي كِتَاب النِّكَاح فِي شَرْح الْحَدِيث الْمُطَوَّل فِي ذَلِكَ مِنْ رِوَايَة اِبْن عَبَّاس عَنْ عُمَر بَيَان الِاخْتِلَاف هَلْ الْمُرَاد تَحْرِيم الْعَسَل أَوْ تَحْرِيم مَارِيَة وَأَنَّهُ قِيلَ فِي السَّبَب غَيْر ذَلِكَ , وَاسْتَوْعَبْت مَا يَتَعَلَّق بِوَجْهِ الْجَمْع بَيْن تِلْكَ الْأَقْوَال بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ أَنَس " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ أَمَة يَطَؤُهَا , فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَفْصَة وَعَائِشَة حَتَّى حَرَّمَهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة : يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك " وَهَذَا أَصَحّ طُرُق هَذَا السَّبَب , وَلَهُ شَاهِد مُرْسَل أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ التَّابِعِيّ الشَّهِير قَالَ " أَصَابَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمّ إِبْرَاهِيم وَلَده فِي بَيْت بَعْض نِسَائِهِ , فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه فِي بَيْتِي وَعَلَى فِرَاشِي , فَجَعَلَهَا عَلَيْهِ حَرَامًا , فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه كَيْفَ تُحَرِّم عَلَيْك الْحَلَال ! فَحَلَفَ لَهَا بِاَللَّهِ لَا يُصِيبهَا , فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك " قَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ : فَقَوْل الرَّجُل لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام لَغْو , وَإِنَّمَا تَلْزَمهُ كَفَّارَة يَمِين إِنْ حَلَفَ.
وَقَوْله " لَيْسَ بِشَيْءٍ " يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِالنَّفْيِ التَّطْلِيق , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَوَّل أَقْرَب , وَيُؤَيِّدهُ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْسِير مِنْ طَرِيق هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير بِهَذَا الْإِسْنَاد مَوْضِعهَا " فِي الْحَرَام يُكَفِّر " وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن الْمُبَارَك الصُّورِيّ عَنْ مُعَاوِيَة بْن سَلَام بِإِسْنَادِ حَدِيث الْبَاب بِلَفْظِ " إِذَا حَرَّمَ الرَّجُل اِمْرَأَته فَإِنَّمَا هِيَ يَمِين يُكَفِّرهَا " فَعُرِفَ أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " لَيْسَ بِشَيْءٍ " أَيْ لَيْسَ بِطَلَاقٍ.
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَابْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق سَالِم الْأَفْطَس عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي جَعَلْت اِمْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا , قَالَ : كَذَبْت مَا هِيَ بِحَرَامٍ , ثُمَّ تَلَا ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك ) ثُمَّ قَالَ لَهُ " عَلَيْك رَقَبَةٌ " , ا ه وَكَأَنَّهُ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّهُ مُوسِر , فَأَرَادَ أَنْ يُكَفِّر بِالْأَغْلَظِ مِنْ كَفَّارَة الْيَمِين لَا أَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ عِتْقُ الرَّقَبَة , وَيَدُلّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِنْ التَّصْرِيح بِكَفَّارَةِ الْيَمِين.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّف حَدِيث عَائِشَة فِي قِصَّة شُرْب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَسَل عِنْد بَعْض نِسَائِهِ فَأَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا مِنْ طَرِيق عُبَيْد بْن عُمَيْر عَنْ عَائِشَة وَفِيهِ أَنَّ شُرْب الْعَسَل كَانَ عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش , وَالثَّانِي مِنْ طَرِيق هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة وَفِيهِ أَنَّ شُرْب الْعَسَل كَانَ عِنْد حَفْصَة بِنْت عُمَر , فَهَذَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَأَخْرَجَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ شُرْب الْعَسَل كَانَ عِنْد سَوْدَة , وَأَنَّ عَائِشَة وَحَفْصَة هُمَا اللَّتَانِ تَوَاطَأَتَا عَلَى وَفْق مَا فِي رِوَايَة عُبَيْد بْن عُمَيْر وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي صَاحِبَة الْعَسَل.
وَطَرِيق الْجَمْع بَيْن هَذَا الِاخْتِلَاف الْحَمْل عَلَى التَّعَدُّد فَلَا يَمْتَنِع تَعَدُّد السَّبَب لِلْأَمْرِ الْوَاحِد , فَإِنْ جُنِحَ إِلَى التَّرْجِيح فَرِوَايَةُ عُبَيْد بْن عُمَيْر أَثْبَتُ لِمُوَافَقَةِ اِبْن عَبَّاس لَهَا عَلَى أَنَّ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ حَفْصَة وَعَائِشَة عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْسِير وَفِي الطَّلَاق مِنْ جَزْم عُمَر بِذَلِكَ , فَلَوْ كَانَتْ حَفْصَة صَاحِبَة الْعَسَل لَمْ تُقْرَن فِي التَّظَاهُر بِعَائِشَة , لَكِنْ يُمْكِنُ تَعَدُّد الْقِصَّة فِي شُرْب الْعَسَل وَتَحْرِيمه وَاخْتِصَاص النُّزُول بِالْقِصَّةِ الَّتِي فِيهَا أَنَّ عَائِشَة وَحَفْصَة هُمَا الْمُتَظَاهِرَتَانِ , وَيُمْكِن أَنْ تَكُون الْقِصَّة الَّتِي وَقَعَ فِيهَا شُرْب الْعَسَل عِنْد حَفْصَة كَانَتْ سَابِقَة.
وَيُؤَيِّد هَذَا الْحَمْل أَنَّهُ لَمْ يَقَع فِي طَرِيق هِشَام بْن عُرْوَة الَّتِي فِيهَا أَنَّ شُرْب الْعَسَل كَانَ عِنْد حَفْصَة تَعَرُّض لِلْآيَةِ وَلَا لِذِكْرِ سَبَب النُّزُول , وَالرَّاجِح أَيْضًا أَنَّ صَاحِبَة الْعَسَل زَيْنَب لَا سَوْدَة لِأَنَّ طَرِيق عُبَيْد بْن عُمَيْر أَثْبَت مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي مُلَيْكَة بِكَثِيرٍ , وَلَا جَائِز أَنْ تَتَّحِد بِطَرِيقِ هِشَام بْن عُرْوَة لِأَنَّ فِيهَا أَنَّ سَوْدَة كَانَتْ مِمَّنْ وَافَقَ عَائِشَة عَلَى قَوْلهَا " أَجِد رِيح مَغَافِير " وَيُرَجِّحهُ أَيْضًا مَا مَضَى فِي كِتَاب الْهِبَة عَنْ عَائِشَة " أَنَّ نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ : أَنَا وَسَوْدَة وَحَفْصَة وَصَفِيَّة فِي حِزْب , وَزَيْنَب بِنْت جَحْش وَأُمّ سَلَمَة وَالْبَاقِيَات فِي حِزْب " فَهَذَا يُرَجِّح أَنَّ زَيْنَب هِيَ صَاحِبَة الْعَسَل وَلِهَذَا غَارَتْ عَائِشَة مِنْهَا لِكَوْنِهَا مِنْ غَيْر حِزْبهَا وَاللَّهُ أَعْلَم , وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَزْم الدَّاوُدِيّ بِأَنَّ تَسْمِيَة الَّتِي شَرِبَتْ الْعَسَل حَفْصَة غَلَط وَإِنَّمَا هِيَ صَفِيَّة بِنْت حُيَيٍّ أَوْ زَيْنَب بِنْت جَحْش , وَمِمَّنْ جَنَحَ إِلَى التَّرْجِيح عِيَاض , وَمِنْهُ تَلَقَّفَ الْقُرْطُبِيّ , وَكَذَا نَقَلَهُ النَّوَوِيّ عَنْ عِيَاض وَأَقَرَّهُ فَقَالَ عِيَاض : رِوَايَة عُبَيْد بْن عُمَيْر أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهَا ظَاهِر كِتَاب اللَّه , لِأَنَّ فِيهِ ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ) فَهُمَا ثِنْتَانِ لَا أَكْثَر , وَلِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس عَنْ عُمَر , قَالَ فَكَأَنَّ الْأَسْمَاء اِنْقَلَبَتْ عَلَى رَاوِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى , وَتَعَقَّبَ الْكَرْمَانِيُّ مَقَالَة عِيَاض فَأَجَادَ فَقَالَ : مَتَى جَوَّزْنَا هَذَا اِرْتَفَعَ الْوُثُوق بِأَكْثَر الرِّوَايَات.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا أَنَّ الْمُتَظَاهِرَات عَائِشَة وَسَوْدَة وَصَفِيَّة لَيْسَتْ بِصَحِيحَةِ لِأَنَّهَا مُخَالَفَة لِلتِّلَاوَةِ لِمَجِيئِهَا بِلَفْظِ خِطَاب الِاثْنَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَجَاءَتْ بِخِطَابِ جَمَاعَة الْمُؤَنَّث.
ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْأَصِيلِيّ وَغَيْره أَنَّ رِوَايَة عُبَيْد بْن عُمَيْر أَصَحّ وَأَوْلَى , وَمَا الْمَانِع أَنْ تَكُون قِصَّة حَفْصَة سَابِقَة , فَلَمَّا قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ تَرَكَ الشُّرْب مِنْ غَيْر تَصْرِيح بِتَحْرِيمٍ وَلَمْ يَنْزِل فِي ذَلِكَ شَيْء , ثُمَّ لَمَّا شَرِبَ فِي بَيْت زَيْنَب تَظَاهَرَتْ عَائِشَة وَحَفْصَة عَلَى ذَلِكَ الْقَوْل فَحَرَّمَ حِينَئِذٍ الْعَسَل فَنَزَلَتْ الْآيَة.
قَالَ : وَأَمَّا ذِكْر سَوْدَة مَعَ الْجَزْم بِالتَّثْنِيَةِ فِيمَنْ تَظَاهَرَ مِنْهُنَّ فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهَا كَانَتْ كَالتَّابِعَةِ لِعَائِشَة وَلِهَذَا وَهَبَتْ يَوْمهَا لَهَا , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْل الْهِبَة فَلَا اِعْتِرَاض بِدُخُولِهِ عَلَيْهَا , وَإِنْ كَانَ بَعْده فَلَا يَمْتَنِع هِبَتهَا يَوْمهَا لِعَائِشَة أَنْ يَتَرَدَّد إِلَى سَوْدَة.
قُلْت : لَا حَاجَة إِلَى الِاعْتِذَار عَنْ ذَلِكَ , فَإِنَّ ذِكْر سَوْدَة إِنَّمَا جَاءَ فِي قِصَّة شُرْب الْعَسَل عِنْد حَفْصَة وَلَا تَثْنِيَة فِيهِ وَلَا نُزُول عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَمْع الَّذِي ذَكَرَهُ , وَأَمَّا قِصَّة الْعَسَل عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش فَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ عَائِشَة قَالَتْ " تَوَاطَأْت أَنَا وَحَفْصَة " فَهُوَ مُطَابِق لِمَا جَزَمَ بِهِ عُمَر مِنْ أَنَّ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ عَائِشَة وَحَفْصَة وَمُوَافِق لِظَاهِرِ الْآيَة وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَوَجَدَتْ لِقِصَّةِ شُرْب الْعَسَل عِنْد حَفْصَة شَاهِدًا فِي تَفْسِير اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن رُومَان عَنْ اِبْن عَبَّاس وَرُوَاته لَا بَأْس بِهِمْ , وَقَدْ أَشَرْت إِلَى غَالِب أَلْفَاظه , وَوَقَعَ فِي تَفْسِير السُّدِّيّ أَنَّ شُرْب الْعَسَل كَانَ عِنْد أُمّ سَلَمَة أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْره وَهُوَ مَرْجُوح لِإِرْسَالِهِ وَشُذُوذه , وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ سَمِعَ الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }
عن عبيد بن عمير يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا، فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلواء، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن، فدخل على حف...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم» قال قتادة: إذا طلق في نفسه...
عن جابر : «أن رجلا من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: إنه قد زنى، فأعرض عنه فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات، فدع...
عن أبي هريرة قال: «أتى رجل من أسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله، إن الأخر قد زنى يعني: نفسه فأعرض عنه، فتنحى ل...
عن ابن عباس «أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإس...
عن عكرمة «أن أخت عبد الله بن أبي بهذا، وقال: تردين حديقته؟ قالت: نعم، فردتها وأمره يطلقها» وقال إبراهيم بن طهمان عن خالد، عن عكرمة، عن النبي صلى الله...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إل...
عن المسور بن مخرمة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح علي ابنتهم فلا آذن.»