5318- عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم «أن امرأة من أسلم يقال لها سبيعة كانت تحت زوجها توفي عنها وهي حبلى فخطبها أبو السنابل بن بعكك فأبت أن تنكحه، فقال: والله ما يصلح أن تنكحيه حتى تعتدي آخر الأجلين فمكثت قريبا من عشر ليال، ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: انكحي.»
(فقال والله ما يصلح.
.
) القائل هو أبو السنابل نفسه رضي الله عنه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( أَنَّ زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَة أَخْبَرَتْهُ ) أَيْ اِبْن عَبْد الْأَسَد الْمَخْزُومِيّ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيث فِي تَفْسِير الطَّلَاق مِنْ رِوَايَة أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ كُرَيْب عَنْ أُمّ سَلَمَة , وَذَلِكَ لَمَّا وَقَعَتْ الْمُرَاجَعَة بَيْنه وَبَيْن اِبْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ , وَتَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ مَشْرُوحًا هُنَاكَ.
وَقَدْ رَوَاهُ مَالِك عَنْ عَبْد رَبّه بْن سَعِيد عَنْ أَبِي سَلَمَة وَفِيهِ " فَدَخَلَ أَبُو سَلَمَة عَلَى أُمّ سَلَمَة " أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّف هُنَا مُخْتَصَرًا , وَأَوْرَدَ الْقِصَّة مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنَ بِاخْتِصَارٍ أَيْضًا.
الطَّرِيق الْأُولَى طَرِيق الْأَعْرَج " أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن أَنَّ زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَة أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمّهَا أُمّ سَلَمَة " كَذَا رَوَاهُ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي سَلَمَة , وَرَوَاهُ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير " عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ كُرَيْب عَنْ أُمّ سَلَمَة " كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير سُورَة الطَّلَاق , وَفِيهِ قِصَّة لِأَبِي سَلَمَة مَعَ اِبْن عَبَّاس وَأَبِي هُرَيْرَة.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بْن يَسَار " أَنَّ اِبْن عَبَّاس وَأَبَا سَلَمَة اِجْتَمَعَا عِنْد أَبِي هُرَيْرَة , فَبَعَثُوا كُرَيْبًا إِلَى أُمّ سَلَمَة يَسْأَلهَا عَنْ ذَلِكَ " فَذَكَرَتْ الْقِصَّة , وَهُوَ شَاهِد لِرِوَايَةِ الْأَعْرَج.
وَأَخْرَجَهُ مَالِك فِي " الْمُوَطَّأ " عَنْ عَبْد رَبِّهِ بْن سَعِيد " عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ : دَخَلْت عَلَى أَمْ سَلَمَة " , وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق دَاوُدَ بْن أَبِي عَاصِم " أَنَّ أَبَا سَلَمَة أَخْبَرَهُ " فَذَكَرَ قِصَّته مَعَ اِبْن عَبَّاس وَأَبِي هُرَيْرَة , قَالَ " فَأَخْبَرَنِي رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَأَخْرَجَهُ أَحْمَد مِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ " عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ : دَخَلْت عَلَى سُبَيْعَة " وَهَذَا الِاخْتِلَاف عَلَى أَبِي سَلَمَة لَا يَقْدَح فِي صِحَّة الْخَبَر , فَإِنَّ لِأَبِي سَلَمَة اِعْتِنَاء بِالْقِصَّةِ مِنْ حِين تَنَازَعَ هُوَ وَابْن عَبَّاس فِيهَا , فَكَأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَر مِنْ كُرَيْب عَنْ أُمّ سَلَمَة لَمْ يَقْتَنِع بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا ثُمَّ دَخَلَ عَلَى سُبَيْعَة صَاحِبَة الْقِصَّة نَفْسهَا ثُمَّ تَحَمَّلَهَا عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهَذَا الرَّجُل يَحْتَمِل أَنْ يَكُون هُوَ الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ كَمَا يَأْتِي فِي الطَّرِيق الثَّالِثَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَبَا هُرَيْرَة فَإِنَّ فِي آخِر الْحَدِيث عِنْد النَّسَائِيِّ " فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة أَشْهَد عَلَى ذَلِكَ " فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَبُو سَلَمَة أَبْهَمَهُ أَوَّلًا لَمَّا قَالَ " أَخْبَرَنِي رَجُل مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ عَبْد بْن حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَة صَالِح بْن أَبِي حَسَّان عَنْ أَبِي سَلَمَة فَذَكَر قِصَّته مَعَ اِبْن عَبَّاس وَأَبِي هُرَيْرَة قَالَ " فَأَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَة فَذَكَرَتْ حَدِيث سُبَيْعَة فَهُوَ شَاذّ , وَصَالِح بْن أَبِي حَسَّان مُخْتَلَف فِيهِ , وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ سَبَب الْوَهْم الَّذِي حَكَاهُ الْحُمَيْدِيّ عَنْ اِبْن مَسْعُود وَذَكَرْته فِي تَفْسِير الطَّلَاق.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبَان الْعَطَّار عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير فِي هَذَا الْحَدِيث " أَنَّ اِبْن عَبَّاس اِحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ) وَأَنَّ أَبَا سَلَمَة قَالَ لَهُ : يَا اِبْن عَبَّاس أَقَالَ اللَّه آخِر الْأَجَلَيْنِ ؟ أَرَأَيْت لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر وَلَمْ تَضَع أَتَتَزَوَّجُ ؟ فَقَالَ لِغُلَامِهِ : اِذْهَبْ إِلَى أُمّ سَلَمَة ".
قَوْله فِي الطَّرِيق الْأُولَى ( أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ أَسْلَمَ يُقَال لَهَا سُبَيْعَة ) هِيَ بِمُهْمَلَةِ وَمُوَحَّدَة ثُمَّ مُهْمَلَة تَصْغِير سَبْع , وَوَقَعَ فِي الْمَغَازِي " سُبَيْعَة بِنْت الْحَارِث " وَذَكَرهَا اِبْن سَعْد فِي الْمُهَاجِرَات , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لِابْنِ إِسْحَاق عِنْد أَحْمَد " سُبَيْعَة بِنْت أَبِي بَرْزَة الْأَسْلَمِيّ " فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ أَبُو بَرْزَة آخَر غَيْر الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور , وَهُوَ إِمَّا كُنْيَة لِلْحَارِثِ وَالِد سُبَيْعَة أَوْ نُسِبَتْ فِي الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة إِلَى جَدّ لَهَا.
قَوْله ( كَانَتْ تَحْت زَوْجهَا ) تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ أَيْضًا تَسْمِيَته " سَعْد بْن خَوْلَة " وَفِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَنِي عَامِر بْن لُؤَيّ , وَثَبَتَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ.
قَوْله ( تُوُفِّيَ عَنْهَا ) تَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي حَجَّة الْوَدَاع , وَنَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرّ الِاتِّفَاق عَلَى ذَلِكَ , وَفِي ذَلِكَ نَظَر فَقَدْ ذَكَرَ : مُحَمَّد بْن سَعْد أَنَّهُ مَاتَ قَبْل الْفَتْح , وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سَبْع , وَقَدْ ذَكَرْت شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَاب الْوَصَايَا , وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِير الطَّلَاق أَنَّهُ قُتِلَ , وَمُعْظَم الرِّوَايَات عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ الْمُعْتَمَد , وَوَقَعَ لِلْكِرْمَانِيِّ : لَعَلَّ سُبَيْعَة قَالَتْ قُتِلَ بِنَاء عَلَى ظَنّ مِنْهَا فِي ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُقْتَل , وَهَذَا الْجَمْع يَمُجّهُ السَّمْع , وَإِذَا ظَنَّتْ سُبَيْعَة أَنَّهُ قُتِلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا أَنَّهُ لَمْ يُقْتَل فَكَيْفَ تَجْزِم بَعْد دَهْر طَوِيل بِأَنَّهُ قُتِلَ ؟ فَالْمُعْتَمَد أَنَّ الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا قُتِلَ إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَة تَرَجَّحَتْ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي مَاتَ أَوْ تُوُفِّيَ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْس الْأَمْر قُتِلَ فَهِيَ رِوَايَة شَاذَّة.
قَوْله ( فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِل ) بِمُهْمَلَةٍ وَنُون ثُمَّ مُوَحَّدَة جَمْع سُنْبُلَة , اُخْتُلِفَ فِي اِسْمه فَقِيلَ عَمْرو قَالَهُ اِبْن الْبَرْقِيّ عَنْ اِبْن هِشَام عَمَّنْ يَثِق بِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
وَقِيلَ عَامِر رَوَى عَنْ اِبْن إِسْحَاق , وَقِيلَ حَبَّة بِمُوَحَّدَةِ بَعْد الْمُهْمَلَة , وَقِيلَ بِنُونٍ وَقِيلَ لَبَيْدَرَيْهِ , وَقِيلَ أَصْرَم , وَقِيلَ عَبْد اللَّه , وَوَقَعَ فِي بَعْض الشُّرُوح وَقِيلَ بَغِيض.
قُلْت : وَهُوَ غَلَط وَالسَّبَب فِيهِ أَنَّ بَعْض الْأَئِمَّة سُئِلَ عَنْ اِسْمه فَقَالَ : بَغِيض يَسْأَل عَنْ بَغِيض , فَظَنَّ الشَّارِح أَنَّهُ اِسْمه , وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ فِي بَقِيَّة الْخَبَر اِسْمه لَبَيْدَرَيْهِ , وَجَزَمَ الْعَسْكَرِيّ بِأَنَّ اِسْمه كُنْيَته , وَبَعْكك بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَة ثُمَّ كَافَيْنِ بِوَزْنِ جَعْفَر بْن الْحَارِث بْن عَمِيلَة بْن السَّبَّاق بْن عَبْد الدَّار , وَكَذَا نَسَبه اِبْن إِسْحَاق , وَقِيلَ هُوَ اِبْن بَعْكك بْن الْحَجَّاج بْن الْحَارِث بْنِ السَّبَّاق نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ اِبْن الْكَلْبِيّ اِبْن عَبْد الْبَرّ قَالَ : وَكَانَ مِنْ الْمُؤَلَّفَة وَسَكَنَ الْكُوفَة , وَكَانَ شَاعِرًا , وَنَقَلَ التِّرْمِذِيّ عَنْ الْبُخَارِيّ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَعْلَم أَنَّ أَبَا السَّنَابِل عَاشَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَذَا قَالَ , لَكِنْ جَزَمَ اِبْن سَعْد أَنَّهُ بَقِيَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنًا , وَقَالَ اِبْن مَنْدَهْ فِي " الصَّحَابَة " عِدَاده فِي أَهْل الْكُوفَة , وَكَذَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّهُ سَكَنَ الْكُوفَة , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ خَلِيفَة قَالَ : أَقَامَ بِمَكَّة حَتَّى مَاتَ , وَتَبِعَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ , وَيُؤَيِّد كَوْنه عَاشَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْل اِبْن الْبَرْقِيّ : أَنَّ أَبَا السَّنَابِل تَزَوَّجَ سُبَيْعَة بَعْد ذَلِكَ , وَأَوْلَدَهَا سَنَابِل بْن أَبِي السَّنَابِل , وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُون أَبُو السَّنَابِل عَاشَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَة عَبْد رَبّه بْن سَعِيد عَنْ أَبِي سَلَمَة أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ الشَّابّ , وَكَذَا فِي رِوَايَة دَاوُدَ بْن أَبِي عَاصِم أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فَتًى مِنْ قَوْمهَا , وَتَقَدَّمَ أَنَّ قِصَّتهَا كَانَتْ بَعْد حَجَّة الْوَدَاع فَيَحْتَاج - إِنْ كَانَ الشَّابّ دَخَلَ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا - إِلَى زَمَان عِدَّة مِنْهُ ثُمَّ إِلَى زَمَان الْحَمْل حَتَّى تَضَع وَتَلِد سَنَابِل حَتَّى صَارَ أَبُوهُ يُكَنَّى بِهِ أَبَا السَّنَابِل , وَقَدْ أَفَادَ مُحَمَّد بْن وَضَّاحٍ فِيمَا حَكَاهُ اِبْن بَشْكُوَالٍ وَغَيْره عَنْهُ أَنَّ اِسْم الشَّابّ - الَّذِي خَطَبَ سُبَيْعَة هُوَ وَأَبُو السَّنَابِل فَآثَرَتْهُ عَلَى أَبِي السَّنَابِل - أَبُو الْبَشَر بْن الْحَارِث , وَضَبْطه بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة , وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ قِصَّة سُبَيْعَة مِنْ رِوَايَة الْأَسْوَد عِنْد أَبِي السَّنَابِل بِسَنَدٍ عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ إِلَى الْأَسْوَد وَهُوَ مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ مِنْ أَصْحَاب اِبْن مَسْعُود وَلَمْ يُوصَف بِالتَّدْلِيسِ , فَالْحَدِيث صَحِيح عَلَى شَرْط مُسْلِم , لَكِنَّ الْبُخَارِيّ عَلَى قَاعِدَته فِي اِشْتِرَاط ثُبُوت اللِّقَاء وَلَوْ مَرَّة فَلِهَذَا قَالَ مَا نَقَلَهُ التِّرْمِذِيّ.
قَوْله ( فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحهُ ) وَقَعَ فِي رِوَايَة " الْمُوَطَّأ " فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ أَحَدهمَا شَابّ وَكَهْل , فَحَطَّتْ إِلَى الشَّابّ , فَقَالَ الْكَهْل لَمْ تَحِلِّي , وَكَانَ أَهْلهَا غُيَّبًا فَرَجَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا.
قَوْله ( فَقَالَتْ وَاَللَّهِ مَا يَصْلُح أَنْ تَنْكِحِيهِ حَتَّى تَعْتَدِّي آخِر الْأَجَلَيْنِ , فَمَكَثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْر لَيَالٍ ثُمَّ جَاءَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اِنْكِحِي ) قَالَ عِيَاض : هَكَذَا وَقَعَ عِنْد جَمِيعهمْ " فَقَالَتْ وَاَللَّه مَا يَصْلُح " إِلَّا لِابْنِ السَّكَن فَعِنْده " فَقَالَ " مَكَان " فَقَالَتْ " وَهُوَ الصَّوَاب.
قُلْت : وَكَذَا فِي الْأَصْل الَّذِي عِنْدنَا مِنْ رِوَايَة أَبِي ذَرّ عَنْ مَشَايِخه , بَلْ قَالَ اِبْن التِّين أَنَّهُ عِنْد جَمِيعهمْ " فَقَالَ " إِلَّا عِنْد الْقَابِسِيّ " فَقَالَتْ " بِزِيَادَةِ التَّاء , وَهَذَا أَقْرَب مِمَّا قَالَ عِيَاض.
ثُمَّ قَالَ عِيَاض : وَالْحَدِيث مَبْتُور نَقَصَ مِنْهُ قَوْلهَا " فَنُفِسَتْ بَعْد لَيَالٍ فَخُطِبَتْ إِلَخْ ".
قُلْت : قَدْ ثَبَتَ الْمَحْذُوف فِي رِوَايَة اِبْن مِلْحَانِ الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا عَنْ يَحْيَى بْن بُكَيْر شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ وَلَفْظه " فَمَكَثَتْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَة ثُمَّ نُفِسَتْ " وَقَدْ وَقَعَ لِلْبُخَارَيَّ اِخْتِصَار الْمَتْن فِي الطَّرِيق الثَّانِيَة بِأَبْلَغ مِنْ هَذَا , فَإِنَّهُ اِقْتَصَرَ مِنْهُ عَلَى قَوْله " إِنَّهُ كَتَبَ إِلَى اِبْن أَرْقَم أَنْ يَسْأَل سُبَيْعَة الْأَسْلَمِيَّة كَيْف أَفْتَاهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَتْ : أَفْتَانِي إِذَا حَلَلْت أَنْ أَنْكِح " فَأَبْهَمَ اِسْم اِبْن أَرْقَم وَنَسَبَهُ إِلَى جَدّه كَمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ وَطَوَى ذِكْر أَكْثَر الْقِصَّة وَتَقْدِيره : فَأَتَاهَا فَسَأَلَهَا , فَأَخْبَرْته , فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْجَوَاب : إِنِّي سَأَلْتهَا فَذَكَرْت الْقِصَّة , وَفِي آخِرهَا " فَقَالَتْ إِلَخْ ".
وَقَدْ وَقَعَ بَيَانه وَاضِحًا فِي تَفْسِير الطَّلَاق مِنْ رِوَايَة يُونُس عَنْ الزُّهْرِيِّ وَفِيهِ " فَكَتَبَ عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الْأَرْقَم إِلَى عَبْد اللَّه بْن عُتْبَةَ يُخْبِرهُ أَنَّ سُبَيْعَة بِنْت الْحَارِث أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْت سَعْد بْن خَوْلَة فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّة الْوَدَاع وَهِيَ حَامِل , فَلَمْ تَنْشَب أَنْ وَضَعَتْ حَمْلهَا , فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ , فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِل بْن بَعْكك رَجُل مِنْ بَنِي عَبْد الدَّار فَقَالَ : مَا لِي أَرَاك تَجَمَّلْت لِلْخُطَّابِ تَرْجِينَ النِّكَاح ؟ فَإِنَّك وَاَللَّه مَا أَنْتَ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرّ عَلَيْك أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر , قَالَتْ سُبَيْعَة : فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْت عَلَيَّ ثِيَابِي حِين أَمْسَيْت فَأَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ , فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْت حِين وَضَعْت حَمْلِيّ , وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي ".
وَقَوْله فِي هَذِهِ الطَّرِيق الثَّانِيَة " فَمَكَثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْر لَيَالٍ ثُمَّ جَاءَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَدْ يُخَالِف فِي الظَّاهِر قَوْله فِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورَة " فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْت عَلِيّ ثِيَابِي حِين أَمْسَيْت " فَإِنَّهُ ظَاهِر فِي أَنَّهَا تَوَجَّهْت إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسَاء الْيَوْم الَّذِي قَالَ لَهَا فِيهِ أَبُو السَّنَابِل مَا قَالَ , وَيُمْكِن الْجَمْع بَيْنهمَا أَنْ يُحْمَل قَوْلهَا حِين أَمْسَيْت عَلَى إِرَادَة وَقْت تَوَجُّههَا , وَلَا يَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي الْيَوْم الَّذِي قَالَ لَهَا فِيهِ مَا قَالَ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا سُبَيْعَةُ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ حُبْلَى فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَهُ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ تَنْكِحِيهِ حَتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الْأَجَلَيْنِ فَمَكُثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ ثُمَّ جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْكِحِي
عن يزيد أن ابن شهاب كتب إليه أن عبيد الله بن عبد الله أخبره عن أبيه : أنه «كتب إلى ابن الأرقم أن يسأل سبيعة الأسلمية كيف أفتاها النبي صلى الله علي...
عن المسور بن مخرمة «أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح فأذن لها فنكحت.»
و5322- عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار: أنه سمعهما يذكران «أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم فانتقلها عبد الرحمن فأرسلت عائشة أم...
و 5324- عن عائشة أنها قالت «ما لفاطمة ألا تتقي الله؟» يعني: في قوله لا سكنى ولا نفقة.<br>
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه «قال عروة بن الزبير لعائشة: ألم ترين إلى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت؟ فقالت: بئس ما صنعت.<br> قال: ألم تس...
و 5327- عن عروة : «أن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينفر إذا صفية على باب خبائها كئيبة، فقال لها: عقرى أو حلقى، إنك لحابستنا، أكنت...
عن الحسن قال: «زوج معقل أخته فطلقها تطليقة.»
عن قتادة: حدثنا الحسن «أن معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل فطلقها، ثم خلى عنها حتى انقضت عدتها، ثم خطبها فحمي معقل من ذلك أنفا، فقال خلى عنها وهو يقدر...