5777-
عن أبي هريرة أنه قال: «لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجمعوا لي من كان ها هنا من اليهود فجمعوا له، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقي عنه؟ فقالوا: نعم، يا أبا القاسم.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أبوكم؟ قالوا: أبونا فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبتم، بل أبوكم فلان، فقالوا: صدقت وبررت، فقال: هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه، فقالوا: نعم، يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أهل النار؟ فقالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخسئوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا، ثم قال لهم: فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم، فقال: هل جعلتم في هذه الشاة سما؟ فقالوا: نعم، فقال: ما حملكم على ذلك؟ فقالوا: أردنا إن كنت كذابا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( أُهْدِيَتْ ) بِضَمِّ أَوَّله عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ , تَقَدَّمَ فِي الْهِبَة مِنْ رِوَايَة هِشَام بْن زَيْد عَنْ أَنَس " أَنَّ يَهُودِيَّة أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَة فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا " الْحَدِيث , فَعُرِفَ أَنَّ الَّتِي أَهْدَتْ الشَّاة الْمَذْكُورَة اِمْرَأَة , وَقُدِّمَتْ فِي الْمَغَازِي أَنَّهَا زَيْنَب بِنْت الْحَارِث اِمْرَأَة سَلَام بْن مِشْكَم أَخْرَجَهُ اِبْن إِسْحَاق بِغَيْرِ إِسْنَاد.
وَأَوْرَدَهُ اِبْن سَعْد مِنْ طُرُق عَنْ اِبْن عَبَّاس بِسَنَدٍ ضَعِيف , وَوَقَعَ فِي مُرْسَل الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا أَكْثَرَتْ السُّمّ فِي الْكَتِف وَالذِّرَاع لِأَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَحَبّ أَعْضَاء الشَّاة إِلَيْهِ , وَفِيهِ " فَتَنَاوَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَتِف فَنَهَشَ مِنْهَا " وَفِيهِ : " فَلَمَّا اِزْدَرَدَ لَقُمْته قَالَ.
إِنَّ الشَّاة تُخْبِرنِي " يَعْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَة وَبَيَّنْت هُنَاكَ الِاخْتِلَاف هَلْ قَتَلَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ تَرَكَهَا.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس الْمُشَار إِلَيْهِ " فَقِيلَ : أَلَا تَقْتُلهَا ؟ قَالَ : لَا.
قَالَ : فَمَا زِلْت أَعْرِفهَا فِي لَهَوَات رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَتَقَدَّمَ كَيْفِيَّة الْجَمْع بَيْن الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور.
وَمِنْ الْمُسْتَغْرَب قَوْل مُحَمَّد بْن سَحْنُون : أَجْمَعَ أَهْل الْحَدِيث أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَهَا.
قَوْله : ( اِجْمَعُوا لِي ) لَمْ أَقِف عَلَى تَعْيِين الْمَأْمُور بِذَلِكَ.
قَوْله : ( إِنِّي سَائِلكُمْ عَنْ شَيْء , فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقُونِي عَنْهُ ) ؟ كَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيث فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع , قَالَ اِبْن التِّين : وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ " صَادِقِيّ " بِتَشْدِيدِ الْيَاء بِغَيْرِ نُون , وَهُوَ الصَّوَاب فِي الْعَرَبِيَّة لِأَنَّ أَصْله صَادِقُونِي فَحُذِفَتْ النُّون لِلْإِضَافَةِ فَاجْتَمَعَ حَرْفَا عِلَّة سَبَقَ الْأَوَّل بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاو يَاء وَأُدْغِمَتْ , وَمِثْله ( وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ) وَفِي حَدِيث بَدْء الْوَحْي " أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ " اِنْتَهَى.
وَإِنْكَاره الرِّوَايَة مِنْ جِهَة الْعَرَبِيَّة لَيْسَ بِجَيِّدٍ , فَقَدْ وَجَّهَهَا غَيْره , قَالَ اِبْن مَالِك : مُقْتَضَى الدَّلِيل أَنْ تَصْحَب نُون الْوِقَايَة اِسْم الْفَاعِل وَأَفْعَل التَّفْضِيل وَالْأَسْمَاء الْمُعْرَبَة الْمُضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلِّم لِتَقِيهَا خَفَاء الْإِعْرَاب , فَلَمَّا مُنِعَت ذَلِكَ كَانَتْ كَأَصْلٍ مَتْرُوك , فَنَبَّهُوا عَلَيْهِ فِي بَعْض الْأَسْمَاء الْمُعْرَبَة الْمُشَابِهَة لِلْفِعْلِ كَقَوْلِ الشَّاعِر : وَلَيْسَ الْمُوَافِينِي لِيَرْتَدّ خَائِبًا فَإِنَّ لَهُ أَضْعَاف مَا كَانَ أَمَّلَا وَمِنْهُ فِي الْحَدِيث " غَيْر الدَّجَّال أَخْوَفُنِي عَلَيْك " وَالْأَصْل فِيهِ : أَخْوَف مُخَوِّفَاتِي عَلَيْكُمْ , فَحُذِفَ الْمُضَاف إِلَى الْيَاء وَأُقِيمَتْ هِيَ مَقَامه , فَاتَّصَلَ أَخْوَف بِهَا مَقْرُونَة بِالنُّونِ , وَذَلِكَ أَنَّ أَفْعَل التَّفْضِيل شَبِيه بِفِعْلِ التَّعَجُّب.
وَحَاصِل كَلَامه أَنَّ النُّون الْبَاقِيَة هِيَ نُون الْوِقَايَة وَنُون الْجَمْع حُذِفَتْ كَمَا تَدُلّ عَلَيْهِ الرِّوَايَة الْأُخْرَى بِلَفْظِ " صَادِقِي " وَيُمْكِن تَخْرِيجه أَيْضًا عَلَى أَنَّ النُّون الْبَاقِيَة هِيَ نُون الْجَمْع فَإِنَّ بَعْض النُّحَاة أَجَازَ فِي الْجَمْع الْمُذَكَّر السَّالِم أَنْ يُعْرَب بِالْحَرَكَاتِ عَلَى النُّون مَعَ الْوَاو , وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون الْيَاء فِي مَحَلّ نَصْب بِنَاء عَلَى أَنَّ مَفْعُول اِسْم الْفَاعِل إِذَا كَانَ ضَمِيرًا بَارِزًا مُتَّصِلًا بِهِ كَانَ فِي مَحَلّ نَصْب وَتَكُون النُّون عَلَى هَذَا أَيْضًا نُون الْجَمْع.
قَوْله : ( مَنْ أَبُوكُمْ ؟ قَالُوا : أَبُونَا فُلَان.
فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبْتُمْ , بَلْ أَبُوكُمْ فُلَان.
فَقَالُوا صَدَقْت وَبَرِرْت ) بِكَسْرِ الرَّاء الْأُولَى وَحُكِيَ فَتْحهَا وَهُوَ مِنْ الْبِرّ قَوْله : ( نَكُون فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تُخْلِفُونَنَا فِيهَا ) بِضَمِّ اللَّام مُخَفَّفًا أَيْ تَدْخُلُونَ فَتُقِيمُونَ فِي الْمَكَان الَّذِي كُنَّا فِيهِ.
وَضَبَطَهُ الْكَرْمَانِيُّ بِتَشْدِيدِ اللَّام , وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق عِكْرِمَة قَالَ : خَاصَمَتْ الْيَهُود رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه فَقَالُوا : لَنْ نَدْخُل النَّار إِلَّا أَرْبَعِينَ لَيْلَة ; وَسَيَخْلُفُنَا إِلَيْهَا قَوْم آخَرُونَ - يَعْنُونَ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه - فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ عَلَى رُءُوسهمْ : بَلْ أَنْتُمْ خَالِدُونَ مُخَلَّدُونَ لَا يَخْلُفكُمْ فِيهَا أَحَد , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ( وَقَالُوا لَنْ تَمَسّنَا النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة ) الْآيَة وَمِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاق عَنْ سَيْف بْن سُلَيْمَان عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَنَّ الْيَهُود كَانُوا يَقُولُونَ : هَذِهِ الدُّنْيَا سَبْعَة آلَاف سَنَة , وَإِنَّمَا نُعَذَّب بِكُلِّ أَلْف سَنَة يَوْمًا فِي النَّار , وَإِنَّمَا هِيَ سَبْعَة أَيَّام فَنَزَلَتْ " وَهَذَا سَنَد حَسَن.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : " اِجْتَمَعَتْ يَهُود تُخَاصِم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : لَنْ تُصِيبنَا النَّار " فَذَكَرَ نَحْوه وَزَادَ " فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبْتُمْ , بَلْ أَنْتُمْ خَالِدُونَ مُخَلَّدُونَ , لَا نَخْلُفكُمْ فِيهَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
فَنَزَلَ الْقُرْآن تَصْدِيقًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَمِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ حَدَّثَنِي أَبِي زَيْد بْن أَسْلَمَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيَهُود : أَنْشُدكُمْ اللَّه مَنْ أَهْل النَّار الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه فِي التَّوْرَاة ؟ قَالُوا : إِنَّ اللَّه غَضِبَ عَلَيْنَا غَضْبَة فَنَمْكُث فِي النَّار أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ نَخْرُج فَتَخْلُفُونَنَا فِيهَا.
فَقَالَ : كَذَبْتُمْ , وَاَللَّه لَا نَخْلُفكُمْ فِيهَا أَبَدًا , فَنَزَلَ الْقُرْآن تَصْدِيقًا لَهُ " وَهَذَانِ خَبَرَانِ مُرْسَلَانِ يُقَوِّي أَحَدهمَا الْآخَر , وَيُسْتَفَاد مِنْهُمَا تَعْيِين مِقْدَار الْأَيَّام الْمَعْدُودَة الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة , وَكَذَا فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة حَيْثُ قَالَ فِيهِ : " أَيَّامًا يَسِيرَة " وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة قَتَادَة وَغَيْره أَنَّ حِكْمَة الْعَدَد الْمَذْكُور - وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ - أَنَّهَا الْمُدَّة الَّتِي عَبَدُوا فِيهَا الْعِجْل.
قَوْله : ( اِخْسَئُوا فِيهَا ) هُوَ زَجْر لَهُمْ بِالطَّرْدِ وَالْإِبْعَاد , أَوْ دُعَاء عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ.
قَوْله : ( وَاَللَّه لَا نَخْلُفكُمْ فِيهَا أَبَدًا ) أَيْ لَا تَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا نُقِيم بَعْدكُمْ فِيهَا , لِأَنَّ مَنْ يَدْخُل النَّار مِنْ عُصَاة الْمُسْلِمِينَ يَخْرُج مِنْهَا فَلَا يُتَصَوَّر أَنَّهُ يَخْلُف غَيْره أَصْلًا.
قَوْله : ( أَرَدْنَا إِنْ كُنْت كَاذِبًا ) فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيّ " إِنْ كُنْت كَذَّابًا ".
قَوْله : ( وَإِنْ كُنْت نَبِيًّا لَمْ يَضُرّك ) يَعْنِي عَلَى الْوَجْه الْمَعْهُود مِنْ السُّمّ الْمَذْكُور.
وَفِي حَدِيث أَنَس الْمُشَار إِلَيْهِ " فَقَالَتْ أَرَدْت لِأَقْتُلك.
فَقَالَ : مَا كَانَ اللَّه لِيُسَلِّطك عَلَى ذَلِكَ " وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بْن حُسَيْن عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة " فَقَالَتْ أَرَدْت أَنْ أَعْلَم إِنْ كُنْت نَبِيًّا فَسَيُطْلِعُك اللَّه عَلَيْهِ , وَإِنْ كُنْت كَاذِبًا فَأُرِيح النَّاس مِنْك " أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَخْرَجَ نَحْوه مَوْصُولًا عَنْ جَابِر , وَأَخْرَجَهُ اِبْن سَعْد بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَوَقَعَ عِنْد اِبْن سَعْد عَنْ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدِهِ الْمُتَعَدِّدَة أَنَّهَا قَالَتْ : " قَتَلْت أَبِي وَزَوْجِي وَعَمِّي وَأَخِي وَنِلْت مِنْ قَوْمِي مَا نِلْت , فَقُلْت : إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَيُخْبِرُهُ الذِّرَاع , وَإِنْ كَانَ مَلَكًا اِسْتَرَحْنَا مِنْهُ " وَفِي الْحَدِيث إِخْبَاره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْغَيْب , وَتَكْلِيم الْجَمَاد لَهُ , وَمُعَانِدَة الْيَهُود لِاعْتِرَافِهِمْ بِصِدْقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ اِسْم أَبِيهِمْ وَبِمَا وَقَعَ مِنْهُمْ مِنْ دَسِيسَة السُّمّ : وَمَعَ ذَلِكَ فَعَانَدُوا وَاسْتَمَرُّوا عَلَى تَكْذِيبه.
وَفِيهِ قَتْل مَنْ قَتَلَ بِالسُّمِّ قِصَاصًا , وَعَنْ الْحَنَفِيَّة إِنَّمَا تَجِب فِيهِ الدِّيَة , وَمَحَلّ ذَلِكَ إِذَا اِسْتَكْرَهَهُ عَلَيْهِ اِتِّفَاقًا , وَأَمَّا إِذَا دَسَّهُ عَلَيْهِ فَأَكَلَهُ فَفِيهِ اِخْتِلَاف لِلْعُلَمَاءِ , فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ الْيَهُودِيَّة بِبِشْرِ بْن الْبَرَاء فَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ يَقُول بِالْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَفِيهِ أَنَّ الْأَشْيَاء - كَالسَّمُومِ وَغَيْرهَا - لَا تُؤَثِّر بِذَوَاتِهَا بَلْ بِإِذْنِ اللَّه , لِأَنَّ السُّمّ أَثَّرَ فِي بِشْر فَقِيلَ إِنَّهُ مَاتَ فِي الْحَال , وَقِيلَ : إِنَّهُ [ مَاتَ ] بَعْد حَوْل , وَوَقَعَ فِيهِ مُرْسَل الزُّهْرِيِّ فِي مَغَازِي مُوسَى بْن عُقْبَة " أَنَّ لَوْنه صَارَ فِي الْحَال كَالطَّيْلَسَانِ " يَعْنِي أَصْفَر شَدِيد الصُّفْرَة , وَأَمَّا قَوْل أَنَس " فَمَا زِلْت أَعْرِفهَا فِي لَهَوَات رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَاللَّهَوَات جَمْع لَهَاة وَيُجْمَع أَيْضًا عَلَى لُهًى بِضَمِّ أَوَّله وَالْقَصْر مَنُون , وَلِهْيَان وَزْن إِنْسَان , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانهَا فِيمَا مَضَى فِي الطِّبّ فِي الْكَلَام عَلَى الْعُذْرَة وَهِيَ اللَّحْمَة الْمُعَلَّقَة فِي أَصْل الْحَنَك , وَقِيلَ : هِيَ مَا بَيْن مُنْقَطِع اللِّسَان إِلَى مُنْقَطِع أَصْل الْفَم , وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُوَافِق الْجَمْع الْمَذْكُور.
وَمُرَاد أَنَس أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَرِيه الْمَرَض مِنْ تِلْكَ الْأَكْلَة أَحْيَانًا , وَهُوَ مُوَافِق لِقَوْلِهِ فِي حَدِيث عَائِشَة : " مَا أَزَال أَجِد أَلَم الطَّعَام " وَوَقَعَ فِي مَغَازِي مُوسَى بْن عُقْبَة عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا " مَا زِلْت أَجِد مِنْ الْأَكْلَة الَّتِي أَكَلْت بِخَيْبَر عِدَادًا حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَان اِنْقِطَاع أَبْهَرِي " وَمِثْله فِي الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة عِنْد اِبْن سَعْد.
وَالْعِدَاد بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَالتَّخْفِيف مَا يُعْتَاد , وَالْأَبْهَر عِرْق فِي الظَّهْر تَقَدَّمَ بَيَانه فِي الْوَفَاة النَّبَوِيَّة , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون أَنَس أَرَادَ أَنَّهُ يُعْرَف ذَلِكَ فِي اللَّهَوَات بِتَغَيُّرِ لَوْنهَا أَوْ بِنُتُوءٍ فِيهَا أَوْ تَحْفِير , قَالَهُ الْقُرْطُبِيّ.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سَمٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ الْيَهُودِ فَجُمِعُوا لَهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَبُوكُمْ قَالُوا أَبُونَا فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَبْتُمْ بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ فَقَالُوا صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ فَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْلُ النَّارِ فَقَالُوا نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْسَئُوا فِيهَا وَاللَّهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا ثُمَّ قَالَ لَهُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سَمًّا فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ فَقَالُوا أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقت...
عن عامر بن سعد قال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر.»
عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السبع» قال الزهري: ولم أسمعه حتى أتيت الشأم 5781 - وزاد الليث...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه؛ فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء.»
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.<br> قال أبو بكر: يا رسول...
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: «خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا، حتى أتى المسجد، وثاب الناس، فصلى ركعتين فجلي عنها،...
عن أبي جحيفة قال: «فرأيت بلالا جاء بعنزة فركزها ثم أقام الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في حلة مشمرا، فصلى ركعتين إلى العنزة، ورأيت ال...
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار.»