5835-
عن عمران بن حطان قال «سألت عائشة عن الحرير، فقالت: ائت ابن عباس فسله، قال: فسألته، فقال: سل ابن عمر، قال: فسألت ابن عمر، فقال: أخبرني أبو حفص يعني عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة.
فقلت: صدق وما كذب أبو حفص على رسول الله صلى الله عليه وسلم» وقال عبد الله بن رجاء: حدثنا جرير عن يحيى: حدثني عمران، وقص الحديث.
(لا خلاق له) لا نصيب له من نعيم الآخرة
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار ) هُوَ بُنْدَار , وَعُثْمَان هُوَ اِبْن عُمَر بْن فَارِس , وَالسَّنَد كُلّه إِلَى عِمْرَان بْن حِطَّانَ بَصْرِيُّونَ , وَعِمْرَان هُوَ السُّدُوسِيّ كَانَ أَحَد الْخَوَارِج مِنْ الْعَقَدِيَّة بَلْ هُوَ رَئِيسهمْ وَشَاعِرهمْ , وَهُوَ الَّذِي مَدَحَ اِبْن مُلْجِم قَاتِل عَلِيّ بِالْأَبْيَاتِ الْمَشْهُورَة , وَأَبُوهُ حِطَّان بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة بَعْدهَا طَاء مُهْمَلَة ثَقِيلَة , وَإِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيّ عَلَى قَاعِدَته فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الْمُبْتَدِع إِذَا كَانَ صَامِد اللَّهْجَة مُتَدَيِّنًا ; وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عِمْرَان تَابَ مِنْ بِدْعَته وَهُوَ بَعِيد , وَقِيلَ : إِنَّ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير حَمَلَهُ عَنْهُ قَبْل أَنْ يَبْتَدِع , فَإِنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَ اِمْرَأَة مِنْ أَقَارِبه تَعْتَقِد رَأْي الْخَوَارِج لِيَنْقُلهَا عَنْ مُعْتَقَدهَا فَنَقَلَتْهُ هِيَ إِلَى مُعْتَقَدهَا , وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِع وَهُوَ مُتَابَعَة , وَآخَر فِي " بَاب نَقْضِ الصُّوَر ".
قَوْله : ( سَأَلْت عَائِشَة عَنْ الْحَرِير فَقَالَتْ : اِئْتِ اِبْن عَبَّاس فَسَلْهُ , قَالَ فَسَأَلْته فَقَالَ : سَلْ اِبْن عُمَر ) كَذَا فِي هَذِهِ الطَّرِيق , وَفِي رِوَايَة حَرْب بْن شَدَّاد الَّتِي تُذْكَر عَقِب هَذِهِ بِالْعَكْسِ أَنَّهُ سَأَلَ اِبْن عَبَّاس فَقَالَ.
سَلْ عَائِشَة , فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ : سَلْ اِبْن عُمَر.
قَوْله : ( أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْص يَعْنِي عُمَر بْن الْخَطَّاب ) كَذَا فِي الْأَصْل.
قَوْله : ( فَقُلْت صَدَقَ وَمَا كَذَبَ أَبُو حَفْص ) هُوَ قَوْل عِمْرَان بْن حِطَّان.
قَوْله : ( وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن رَجَاء ) هُوَ الْغُدَانِيّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمُهْمَلَة , وَهُوَ مِنْ شُيُوخ الْبُخَارِيّ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يُصَرِّح فِي هَذَا بِتَحْدِيثِهِ.
قَوْله : ( حَدَّثَنَا حَرْب ) هُوَ اِبْن شَدَّاد , وَزَعَمَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ اِبْن مَيْمُون , وَنَسَبَهُ لِصَاحِبِ الْكَاشِف وَهُوَ عَجِيب فَإِنَّ صَاحِب الْكَاشِف لَمْ يَرْقُم لِحَرْبِ بْن مَيْمُون عَلَامَة الْبُخَارِيّ , وَإِنَّمَا قَالَ فِي تَرْجَمَة عَبْد اللَّه بْن رَجَاء رَوَى عَنْ حَرْب بْن مَيْمُون , وَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْن عَبْد اللَّه بْن رَجَاء رَوَى عَنْهُ أَنْ لَا يَرْوِي عَنْ حَرْب بْن شَدَّاد , بَلْ رِوَايَته عَنْ حَرْب بْن شَدَّاد مَوْجُودَة فِي غَيْر هَذَا وَيَحْيَى هُوَ اِبْن أَبِي كَثِير , وَأَرَادَ الْبُخَارِيّ بِهَذِهِ الرِّوَايَة تَصْرِيح يَحْيَى بِتَحْدِيثِ عِمْرَان لَهُ بِهَذَا الْحَدِيث.
قَوْله : ( وَقَصَّ الْحَدِيث ) سَاقَهُ النَّسَائِيُّ مَوْصُولًا عَنْ عَمْرو بْن مَنْصُور عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَجَاء عَنْ حَرْب بْن شَدَّاد بِلَفْظِ " مَنْ لَبِسَ الْحَرِير فِي الدُّنْيَا فَلَا خَلَاق لَهُ فِي الْآخِرَة " وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ هَذَا اللَّفْظ فِي حَدِيث عُمَر خَطَأ , وَلَعَلَّ الْبُخَارِيّ لَمْ يَسُقْ اللَّفْظ لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث بَيَان وَاضِح لِمَنْ قَالَ يَحْرُم عَلَى الرِّجَال لُبْس الْحَرِير لِلْوَعِيدِ الْمَذْكُور , وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْح مَعْنَاهُ فِي كِتَاب الْأَشْرِبَة فِي شَرْح أَوَّل حَدِيث مِنْهُ , فَإِنَّ الْحُكْم فِيهَا وَاحِد وَهُوَ نَفْي اللُّبْس وَنَفْي الشُّرْب فِي الْآخِرَة وَفِي الْجَنَّة.
وَحَاصِل أَعْدَل الْأَقْوَال أَنَّ الْفِعْل الْمَذْكُور مُقْتَضٍ لِلْعُقُوبَةِ الْمَذْكُورَة , وَقَدْ يَتَخَلَّف ذَلِكَ لِمَانِعٍ كَالتَّوْبَةِ وَالْحَسَنَات الَّتِي تُوَازِن وَالْمَصَائِب الَّتِي تُكَفِّر , وَكَدُعَاءِ الْوَلَد بِشَرَائِط , وَكَذَا شَفَاعَة مَنْ يُؤْذَن لَهُ فِي الشَّفَاعَة , وَأَعَمّ مِنْ ذَلِكَ كُلّه عَفْو أَرْحَم الرَّاحِمِينَ.
وَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ أَجَازَ لُبْس الْعَلَم مِنْ الْحَرِير إِذَا كَانَ فِي الثَّوْب , وَخَصَّهُ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُور وَهُوَ أَرْبَع أَصَابِع , وَهَذَا هُوَ الْأَصَحّ عِنْد الشَّافِعِيَّة , وَفِيهِ حُجَّة عَلَى مَنْ أَجَازَ الْعَلَم فِي الثَّوْب مُطْلَقًا وَلَوْ زَادَ عَلَى أَرْبَعَة أَصَابِع , وَهُوَ مَنْقُول عَنْ بَعْض الْمَالِكِيَّة , وَفِيهِ حُجَّة عَلَى مَنْ مَنَعَ الْعَلَم فِي الثَّوْب مُطْلَقًا , وَهُوَ ثَابِت عَنْ الْحَسَن وَابْن سِيرِينَ وَغَيْرهمَا , لَكِنْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونُوا مَنَعُوهُ وَرَعًا وَإِلَّا فَالْحَدِيث حُجَّة عَلَيْهِمْ فَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَبْلُغهُمْ , قَالَ النَّوَوِيّ وَقَدْ نُقِلَ مِثْل ذَلِكَ عَنْ مَالِك وَهُوَ مَذْهَب مَرْدُود , وَكَذَا مَذْهَب مَنْ أَجَازَ بِغَيْرِ تَقْدِير وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز لُبْس الثَّوْب الْمُطَرَّز بِالْحَرِيرِ , وَهُوَ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ طِرَاز حَرِير مُرَكَّب , وَكَذَلِكَ الْمُطَرَّف وَهُوَ مَا سُجِفَتْ أَطْرَافه بِسَجَفٍ مِنْ حَرِير بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُور , وَقَدْ يَكُون التَّطْرِيز فِي نَفْس الثَّوْب بَعْد النَّسْج , وَفِيهِ اِحْتِمَال سَتَأْتِي الْإِشَارَة إِلَيْهِ.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى جَوَاز لُبْس الثَّوْب الَّذِي يُخَالِطهُ مِنْ الْحَرِير مِقْدَار الْعَلَم سَوَاء كَانَ ذَلِكَ الْقَدْر مَجْمُوعًا أَوْ مُفَرَّقًا وَهُوَ قَوِيّ , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِي ذَلِكَ فِي " بَاب الْقَسِّيّ " بَعْد بَابَيْنِ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ الْحَرِيرِ فَقَالَتْ ائْتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْهُ قَالَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَلْ ابْنَ عُمَرَ قَالَ فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْصٍ يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ فَقُلْتُ صَدَقَ وَمَا كَذَبَ أَبُو حَفْصٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي عِمْرَانُ وَقَصَّ الْحَدِيثَ
عن البراء رضي الله عنه قال: «أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير، فجعلنا نلمسه ونتعجب منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا؟ قلنا: ن...
عن حذيفة رضي الله عنه قال: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه.»
عن ابن عازب قال: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن المياثر الحمر والقسي.»
عن أنس قال: «رخص النبي صلى الله عليه وسلم للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحكة بهما.»
عن علي رضي الله عنه قال: «كساني النبي صلى الله عليه وسلم حلة سيراء، فخرجت فيها، فرأيت الغضب في وجهه، فشققتها بين نسائي.»
عن عبد الله : «أن عمر رضي الله عنه رأى حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله، لو ابتعتها تلبسها للوفد إذا أتوك والجمعة، قال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له...
عن أنس بن مالك : «أنه رأى على أم كلثوم عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم برد حرير سيراء.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر، عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت أهابه، فنزل يوما منز...
عن أم سلمة قالت: «استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: لا إله إلا الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب...