حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إن النذر لا يقدم شيئا ولا يؤخر وإنما يستخرج بالنذر من البخيل - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الأيمان والنذور باب الوفاء بالنذر وقوله يوفون بالنذر (حديث رقم: 6692 )


6692- ‌ابن عمر رضي الله عنهما يقول: «أولم ينهوا عن النذر، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن النذر لا يقدم شيئا ولا يؤخر وإنما يستخرج بالنذر من البخيل.»

أخرجه البخاري

شرح حديث (إن النذر لا يقدم شيئا ولا يؤخر وإنما يستخرج بالنذر من البخيل)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن صَالِح ) ‏ ‏هُوَ الْوُحَاظِيّ بِضَمِّ الْوَاو وَتَخْفِيف الْحَاء الْمُهْمَلَة وَبَعْد الْأَلِف ظَاء مُعْجَمَة.
‏ ‏قَوْله ( سَعِيد بْن الْحَارِث ) ‏ ‏هُوَ الْأَنْصَارِيُّ.
‏ ‏قَوْله ( سَمِعْت اِبْن عُمَر يَقُول : أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنْ النَّذْر ) ‏ ‏كَذَا فِيهِ , وَكَأَنَّهُ اِخْتَصَرَ السُّؤَال فَاقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَاب , وَقَدْ بَيَّنَهُ الْحَاكِم فِي " الْمُسْتَدْرَك " مِنْ طَرِيق الْمُعَافَى بْن سُلَيْمَان , وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي عَامِر الْعَقَدِيِّ وَمِنْ طَرِيق أَبِي دَاوُدَ وَاللَّفْظ لَهُ قَالَا " حَدَّثَنَا فُلَيْح عَنْ سَعِيد بْن الْحَارِث قَالَ : كُنْت عِنْد اِبْن عُمَر فَأَتَاهُ مَسْعُود بْن عَمْرو أَحَد بَنِي عَمْرو بْن كَعْب فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن إِنَّ اِبْنِي كَانَ مَعَ عُمَر بْن عُبَيْد اللَّه بْن مَعْمَر بِأَرْضِ فَارِس فَوَقَعَ فِيهَا وَبَاءٌ وَطَاعُونٌ شَدِيدٌ فَجَعَلْت عَلَى نَفْسِي لَئِنْ سَلَّمَ اللَّهُ اِبْنِي لَيَمْشِيَن إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى , فَقَدِمَ عَلَيْنَا , وَهُوَ مَرِيض ثُمَّ مَاتَ فَمَا تَقُول ؟ فَقَالَ اِبْن عُمَر : أَوَلَمْ تُنْهَوْا عَنْ النَّذْر ؟ إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَذَكَرَ الْحَدِيث الْمَرْفُوع وَزَادَ " أَوْفِ بِنَذْرِك " وَقَالَ أَبُو عَامِر " فَقُلْت يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن إِنَّمَا نَذَرْت أَنْ يَمْشِي اِبْنِي.
فَقَالَ : أَوْفِ بِنَذْرِك قَالَ سَعِيد بْن الْحَارِث فَقُلْت لَهُ : أَتَعْرِفُ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب ؟ قَالَ : نَعَمْ.
قُلْت لَهُ : اِذْهَبْ إِلَيْهِ ثُمَّ أَخْبِرْنِي مَا قَالَ لَك , قَالَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَالَ لَهُ " اِمْشِ عَنْ اِبْنك " قُلْت يَا أَبَا مُحَمَّد وَتَرَى ذَلِكَ مَقْبُولًا ؟ قَالَ : نَعَمْ , أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى اِبْنك دَيْن لَا قَضَاء لَهُ فَقَضَيْته أَكَانَ ذَلِكَ مَقْبُولًا ؟ قَالَ : نَعَمْ.
قَالَ فَهَذَا مِثْل هَذَا اِنْتَهَى.
وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن كُنْيَة عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَأَبُو مُحَمَّد كُنْيَة سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَأَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّان فِي النَّوْع السَّادِس وَالسِّتِّينَ مِنْ الْقِسْم الثَّالِث مِنْ طَرِيق زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ مُتَابِعًا لِفُلَيْح بْن سُلَيْمَان عَنْ سَعِيد بْن الْحَارِث فَذَكَرَ نَحْوَهُ بِتَمَامِهِ وَلَكِنْ لَمْ يُسَمِّ الرَّجُلَ , وَفِيهِ أَنَّ اِبْن عُمَر لَمَّا قَالَ لَهُ : أَوْفِ بِنَذْرِك قَالَ لَهُ الرَّجُل : إِنَّمَا نَذَرْت أَنْ يَمْشِيَ اِبْنِي وَإِنَّ اِبْنِي قَدْ مَاتَ.
فَقَالَ لَهُ : أَوْفِ بِنَذْرِك , كَرَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا , فَغَضِبَ عَبْد اللَّه فَقَالَ : أَوَلَمْ تُنْهَوْا عَنْ النَّذْر ؟ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَذَكَرَ الْحَدِيث الْمَرْفُوع , قَالَ سَعِيد : فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ قُلْت لَهُ اِنْطَلِقْ إِلَى سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَسِيَاق الْحَاكِم نَحْوه وَأَخْصَرُ مِنْهُ , وَقَدْ وَهِمَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك فَإِنَّ الْبُخَارِيّ أَخْرَجَهُ كَمَا تَرَى لَكِنْ اِخْتَصَرَ الْقِصَّة لِكَوْنِهَا مَوْقُوفَةً.
وَهَذَا الْفَرْع غَرِيب وَهُوَ أَنْ يَنْذُر عَنْ غَيْره فَيَلْزَمُ الْغَيْرَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ ثُمَّ إِذَا تَعَذَّرَ لَزِمَ النَّاذِرُ.
وَقَدْ كُنْت أَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ , ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الِابْن أَقَرَّ بِذَلِكَ وَالْتَزَمَ بِهِ , ثُمَّ لَمَّا مَاتَ أَمَرَهُ اِبْن عُمَر وَسَعِيد أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عَنْ اِبْنه كَمَا يَفْعَل سَائِر الْقُرَب عَنْهُ كَالصَّوْمِ وَالْحَجّ وَالصَّدَقَة.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مُخْتَصًّا عِنْدهمَا بِمَا يَقَع مِنْ الْوَالِد فِي حَقّ وَلَده فَيُعْقَد لِوُجُوبِ بِرّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى الْوَلَد بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ.
وَفِي قَوْل اِبْن عُمَر فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " أَوَلَمْ تُنْهَوْا عَنْ النَّذْرِ " نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْمَرْفُوع الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِالنَّهْيِ , لَكِنْ جَاءَ عَنْ اِبْنِ عُمَر التَّصْرِيح , فَفِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْدهَا مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن مُرَّة وَهُوَ الْهَمْدَانِيُّ بِسُكُونِ الْمِيم عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ " نَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْر " وَفِي لَفْظ لِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْه " أَخَذَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ النَّذْر " وَجَاءَ بِصِيغَةِ النَّهْي الصَّرِيحَة فِي رِوَايَة الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد مُسْلِم بِلَفْظِ " لَا تَنْذُرُوا ".
‏ ‏قَوْله ( لَا يُقَدِّم شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّر ) ‏ ‏فِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن مُرَّة " لَا يَرُدّ شَيْئًا " وَهِيَ أَعَمُّ , وَنَحْوهَا فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " لَا يَأْتِي اِبْن آدَم النَّذْر بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ " وَفِي رِوَايَة الْعَلَاء الْمُشَار إِلَيْهَا " فَإِنَّ النَّذْر لَا يُغْنِي مِنْ الْقَدَر شَيْئًا " وَفِي لَفْظ عَنْهُ " لَا يَرُدُّ الْقَدَر " وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْده " لَا يُقَرِّبُ مِنْ اِبْن آدَم شَيْئًا لَمْ يَكُنْ اللَّه قَدَّرَهُ لَهُ " وَمَعَانِي هَذِهِ الْأَلْفَاظ الْمُخْتَلِفَة مُتَقَارِبَة , وَفِيهَا إِشَارَة إِلَى تَعْلِيل النَّهْي عَنْ النَّذْر.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَا النَّهْي : فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِره , وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ.
قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة : تَكَرَّرَ النَّهْي عَنْ النَّذْر فِي الْحَدِيث , وَهُوَ تَأْكِيد لِأَمْرِهِ وَتَحْذِير عَنْ التَّهَاوُن بِهِ بَعْد إِيجَابه , وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْر عَنْهُ حَتَّى لَا يَفْعَل لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَال حُكْمِهِ وَإِسْقَاط لُزُوم الْوَفَاء بِهِ إِذْ كَانَ بِالنَّهْيِ يَصِيرُ مَعْصِيَةً فَلَا يَلْزَم , وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيث أَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْر لَا يَجُرّ لَهُمْ فِي الْعَاجِل نَفْعًا وَلَا يَصْرِف عَنْهُمْ ضُرًّا وَلَا يُغَيِّر قَضَاء فَقَالَ : لَا تَنْذُرُوا عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّه لَكُمْ أَوْ تَصْرِفُوا بِهِ عَنْكُمْ مَا قَدَّرَهُ عَلَيْكُمْ , فَإِذَا نَذَرْتُمْ فَاخْرُجُوا بِالْوَفَاءِ فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لَازِمٌ لَكُمْ , اِنْتَهَى كَلَامه.
وَنَسَبَهُ بَعْض شُرَّاح الْمَصَابِيح لِلْخَطَّابِيِّ وَأَصْله مِنْ كَلَام أَبِي عُبَيْد فِيمَا نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر فِي كِتَابه الْكَبِير فَقَالَ : كَانَ أَبُو عُبَيْد يَقُول : وَجْه النَّهْي عَنْ النَّذْر وَالتَّشْدِيد فِيهِ لَيْسَ هُوَ أَنْ يَكُون مَأْثَمًا , وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا أَمَرَ اللَّه أَنْ يُوَفَّى بِهِ وَلَا حَمِدَ فَاعِله , وَلَكِنَّ وَجْهَهُ عِنْدِي تَعْظِيم شَأْن النَّذْر وَتَغْلِيظ أَمْرِهِ لِئَلَّا يُتَهَاوَن بِهِ فَيُفَرَّط فِي الْوَفَاء بِهِ وَيُتْرَك الْقِيَام بِهِ.
ثُمَّ اِسْتَدَلَّ بِمَا وَرَدَ مِنْ الْحَثّ عَلَى الْوَفَاء بِهِ فِي الْكِتَاب وَالسُّنَّة , وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْمَازِرِيُّ بِقَوْلِهِ : ذَهَب بَعْض عُلَمَائِنَا إِلَى أَنَّ الْغَرَض بِهَذَا الْحَدِيث التَّحَفُّظ فِي النَّذْر وَالْحَضّ عَلَى الْوَفَاء بِهِ.
قَالَ : وَهَذَا عِنْدِي بَعِيد مِنْ ظَاهِر الْحَدِيث.
وَيَحْتَمِل عِنْدِي أَنْ يَكُون وَجْه الْحَدِيث أَنَّ النَّاذِر يَأْتِي بِالْقُرْبَةِ مُسْتَثْقِلًا لَهَا لَمَّا صَارَتْ عَلَيْهِ ضَرْبَةَ لَازِبٍ , وَكُلّ مَلْزُوم فَإِنَّهُ لَا يَنْشَطُ لِلْفِعْلِ نَشَاط مُطْلَق الِاخْتِيَار , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَبه أَنَّ النَّاذِر لَمَّا لَمْ يَنْذُر الْقُرْبَة إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَل لَهُ مَا يُرِيد صَارَ كَالْمُعَاوَضَةِ الَّتِي تَقْدَح فِي نِيَّة الْمُتَقَرِّب.
قَالَ : وَيُشِير إِلَى هَذَا التَّأْوِيل قَوْله " إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ " وَقَوْله " إِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ اِبْن آدَم شَيْئًا لَمْ يَكُنْ اللَّه قَدَّرَهُ لَهُ " وَهَذَا كَالنَّصِّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيل ا ه.
وَالِاحْتِمَال الْأَوَّل يَعُمّ أَنْوَاع النَّذْر وَالثَّانِي يَخُصّ نَوْع الْمَجَازَات , وَزَادَ الْقَاضِي عِيَاض : وَيُقَال إِنَّ الْإِخْبَار بِذَلِكَ وَقَعَ عَلَى سَبِيل الْإِعْلَام مِنْ أَنَّهُ لَا يُغَالِبُ الْقَدَرَ وَلَا يَأْتِي الْخَيْر بِسَبَبِهِ , وَالنَّهْي عَنْ اِعْتِقَاد خِلَاف ذَلِكَ خَشْيَة أَنْ يَقَع ذَلِكَ فِي ظَنِّ بَعْضِ الْجَهَلَةِ.
قَالَ : وَمُحَصَّل مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ مُبَاح إِلَّا إِذَا كَانَ مُؤَبَّدًا لِتَكَرُّرِهِ عَلَيْهِ فِي أَوْقَات فَقَدْ يَثْقُل عَلَيْهِ فِعْله فَيَفْعَلهُ بِالتَّكَلُّفِ مِنْ غَيْر طِيب نَفْس وَغَيْر خَالِصِ النِّيَّةِ فَحِينَئِذٍ يُكْرَه.
قَالَ : وَهَذَا أَحَد مُحْتَمَلَات قَوْله " لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ " أَيْ إِنَّ عُقْبَاهُ لَا تُحْمَدُ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ الْوَفَاءُ بِهِ , وَقَدْ يَكُون مَعْنَاهُ لَا يَكُون سَبَبًا لِخَيْرٍ لَمْ يُقَدَّر كَمَا فِي الْحَدِيث , وَبِهَذَا الِاحْتِمَال الْأَخِير صَدَّرَ اِبْن دَقِيق الْعِيد كَلَامَهُ فَقَالَ : يَحْتَمِل أَنْ تَكُون الْبَاء لِلسَّبَبِيَّةِ كَأَنَّهُ قَالَ : لَا يَأْتِي بِسَبَبِ خَيْر فِي نَفْس النَّاذِر وَطَبْعِهِ فِي طَلَبِ الْقُرْبَة وَالطَّاعَة مِنْ غَيْر عِوَضٍ يَحْصُل لَهُ , وَإِنْ كَانَ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ خَيْرٌ , وَهُوَ فِعْلُ الطَّاعَةِ الَّتِي نَذَرَهَا , لَكِنَّ سَبَب ذَلِكَ الْخَيْرِ حُصُولُ غَرَضِهِ ,.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَى قَوْله " لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ " أَنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا مِنْ الْقَدَرِ كَمَا بَيَّنَتْهُ الرِّوَايَاتُ الْأُخْرَى.
‏ ‏( تَنْبِيهٌ ) : ‏ ‏قَوْله " لَا يَأْتِي " كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ " لَا يَأْتِ " بِغَيْرِ يَاء وَلَيْسَ بِلَحْنٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ سُمِعَ نَظِيره مِنْ كَلَام الْعَرَب.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْأَعْلَام : هَذَا بَاب مِنْ الْعِلْم غَرِيبٌ , وَهُوَ أَنْ يُنْهَى عَنْ فِعْل شَيْء حَتَّى إِذَا فُعِلَ كَانَ وَاجِبًا , وَقَدْ ذَكَرَ أَكْثَر الشَّافِعِيَّة - وَنَقَلَهُ أَبُو عَلِيّ السِّنْجِيّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيّ - أَنَّ النَّذْر مَكْرُوه لِثُبُوتِ النَّهْي عَنْهُ وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْمَالِكِيَّة وَجَزَمَ بِهِ عَنْهُمْ اِبْن دَقِيق الْعِيد , وَأَشَارَ اِبْن الْعَرَبِيّ إِلَى الْخِلَاف عَنْهُمْ وَالْجَزْم عَنْ الشَّافِعِيَّة بِالْكَرَاهَةِ , قَالَ : وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَيْسَ طَاعَة مَحْضَة لِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ خَالِص الْقُرْبَة وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنْ يَنْفَعَ نَفْسه أَوْ يَدْفَعَ عَنْهَا ضَرَرًا بِمَا اِلْتَزَمَهُ.
وَجَزَمَ الْحَنَابِلَة بِالْكَرَاهَةِ , وَعِنْدهمْ رِوَايَة فِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَتَوَقَّفَ بَعْضهمْ فِي صِحَّتهَا , وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بَعْد أَنْ تَرْجَمَ كَرَاهَة النَّذْر , وَأَوْرَدَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة ثُمَّ قَالَ : وَفِي الْبَاب عَنْ اِبْن عُمَر الْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْد بَعْض أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرهمْ كَرِهُوا النَّذْر , وَقَالَ اِبْن الْمُبَارَك : مَعْنَى الْكَرَاهَة فِي النَّذْر فِي الطَّاعَة وَفِي الْمَعْصِيَة , فَإِنْ نَذَرَ الرَّجُل فِي الطَّاعَة فَوَفَّى بِهِ فَلَهُ فِيهِ أَجْرٌ , وَيُكْرَه لَهُ النَّذْر.
قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : وَفِيهِ إِشْكَال عَلَى الْقَوَاعِد فَإِنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الْوَسِيلَة إِلَى الطَّاعَة طَاعَةٌ كَمَا أَنَّ الْوَسِيلَة إِلَى الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ , وَالنَّذْر وَسِيلَة إِلَى اِلْتِزَام الْقُرْبَة فَيَلْزَم أَنْ يَكُون قُرْبَة إِلَّا أَنَّ الْحَدِيث دَلَّ عَلَى الْكَرَاهَة.
ثُمَّ أَشَارَ إِلَى التَّفْرِقَة بَيْن نَذْر الْمُجَازَاة فَحَمَلَ النَّهْي عَلَيْهِ وَبَيْن نَذْر الِابْتِدَاء فَهُوَ قُرْبَة مَحْضَةٌ.
وَقَالَ اِبْن أَبِي الدَّم فِي شَرْح الْوَسِيط : الْقِيَاس اِسْتِحْبَابه , وَالْمُخْتَار أَنَّهُ خِلَاف الْأَوْلَى وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ , كَذَا قَالَ , وَنُوزِعَ بِأَنَّ خِلَاف الْأَوْلَى مَا اِنْدَرَجَ فِي عُمُوم نَهْيٍ وَالْمَكْرُوه مَا نُهِيَ عَنْهُ بِخُصُوصِهِ , وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْي عَنْ النَّذْر بِخُصُوصِهِ فَيَكُون مَكْرُوهًا , وَإِنِّي لَأَتَعَجَّبُ مِمَّنْ اِنْطَلَقَ لِسَانُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ مَعَ ثُبُوتِ الصَّرِيح عَنْهُ فَأَقَلّ دَرَجَاته أَنْ يَكُون مَكْرُوهًا كَرَاهَة تَنْزِيه , وَمِمَّنْ بَنَى عَلَى اِسْتِحْبَابه النَّوَوِيّ فِي شَرْح الْمُهَذَّب فَقَالَ : إِنَّ الْأَصَحّ أَنَّ التَّلَفُّظ بِالنَّذْرِ فِي الصَّلَاة لَا يُبْطِلهَا لِأَنَّهَا مُنَاجَاة لِلَّهِ فَأَشْبَهَ الدُّعَاء ا ه.
وَإِذَا ثَبَتَ النَّهْي عَنْ الشَّيْء مُطْلَقًا فَتَرْك فِعْله دَاخِل الصَّلَاة أَوْلَى فَكَيْف يَكُون مُسْتَحَبًّا , وَأَحْسَن مَا يُحْمَل عَلَيْهِ كَلَام هَؤُلَاءِ نَذْر التَّبَرُّر الْمَحْض بِأَنْ يَقُول لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَل كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنهُ عَلَى الْمُجَازَاة , وَقَدْ حَمَلَ بَعْضهمْ النَّهْي عَلَى مَنْ عُلِمَ مِنْ حَاله عَدَم الْقِيَام بِمَا اِلْتَزَمَهُ حَكَاهُ شَيْخنَا فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ , وَلِمَا نَقَلَ اِبْن الرِّفْعَة عَنْ أَكْثَر الشَّافِعِيَّة كَرَاهَة النَّذْر وَعَنْ الْقَاضِي حُسَيْن الْمُتَوَلِّي بَعْده وَالْغَزَالِيّ أَنَّهُ مُسْتَحَبّ ; لِأَنَّ اللَّه أَثْنَى عَلَى مَنْ وَفَّى بِهِ وَلِأَنَّهُ وَسِيلَة إِلَى الْقُرْبَة فَيَكُون قُرْبَة قَالَ : يُمْكِن أَنْ يُتَوَسَّط فَيُقَال : الَّذِي دَلَّ الْخَبَر عَلَى كَرَاهَته نَذْر الْمُجَازَاة , وَأَمَّا نَذْر التَّبَرُّر فَهُوَ قُرْبَة مَحْضَة ; لِأَنَّ لِلنَّاذِرِ فِيهِ غَرَضًا صَحِيحًا , وَهُوَ أَنْ يُثَاب عَلَيْهِ ثَوَاب الْوَاجِب , وَهُوَ فَوْق ثَوَاب التَّطَوُّع ا ه.
وَجَزَمَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " بِحَمْلِ مَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيث مِنْ النَّهْي عَلَى نَذْر الْمُجَازَاة فَقَالَ : هَذَا النَّهْي مَحَلّه أَنْ يَقُول مَثَلًا : إِنْ شَفَى اللَّه مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَدَقَة كَذَا , وَوَجْه الْكَرَاهَة أَنَّهُ لَمَّا وَقَفَ فِعْلَ الْقُرْبَة الْمَذْكُور عَلَى حُصُول الْغَرَض الْمَذْكُور ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّض لَهُ نِيَّة التَّقَرُّب إِلَى اللَّه تَعَالَى لِمَا صَدَرَ مِنْهُ بَلْ سَلَكَ فِيهَا مَسْلَك الْمُعَارَضَة , وَيُوَضِّحهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْفِ مَرِيضه لَمْ يَتَصَدَّق بِمَا عَلَّقَهُ عَلَى شِفَائِهِ , وَهَذِهِ حَالَة الْبَخِيل فَإِنَّهُ لَا يُخْرِج مِنْ مَاله شَيْئًا إِلَّا بِعِوَضٍ عَاجِلٍ يَزِيد عَلَى مَا أَخْرَجَ غَالِبًا.
وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُشَار إِلَيْهِ فِي الْحَدِيث لِقَوْلِهِ " إِنَّمَا يُسْتَخْرَج بِهِ مِنْ الْبَخِيل مَا لَمْ يَكُنْ الْبَخِيلُ يُخْرِجهُ " قَالَ : وَقَدْ يَنْضَمّ إِلَى هَذَا اِعْتِقَاد جَاهِل يَظُنّ أَنَّ النَّذْر يُوجِب حُصُول ذَلِكَ الْغَرَض , أَوْ أَنَّ اللَّه يَفْعَل مَعَهُ ذَلِكَ الْغَرَض لِأَجْلِ ذَلِكَ النَّذْر , وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيث أَيْضًا " فَإِنَّ النَّذْر لَا يَرُدّ مِنْ قَدَر اللَّه شَيْئًا " وَالْحَالَة الْأُولَى تُقَارِب الْكُفْر وَالثَّانِيَة خَطَأ صَرِيح.
قُلْت : بَلْ تَقْرُب مِنْ الْكُفْر أَيْضًا.
ثُمَّ نَقَلَ الْقُرْطُبِيّ عَنْ الْعُلَمَاء حَمْل النَّهْي الْوَارِد فِي الْخَبَر عَلَى الْكَرَاهَة وَقَالَ : الَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيم فِي حَقّ مَنْ يُخَاف عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاعْتِقَاد الْفَاسِد فَيَكُون إِقْدَامه عَلَى ذَلِكَ مُحَرَّمًا , وَالْكَرَاهَة فِي حَقّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِد ذَلِكَ ا ه.
وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ , وَيُؤَيِّدهُ قِصَّة اِبْن عُمَر رَاوِي الْحَدِيث فِي النَّهْي عَنْ النَّذْر فَإِنَّهَا فِي نَذْر الْمُجَازَاة.
وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) قَالَ كَانُوا يَنْذُرُونَ طَاعَةَ اللَّه مِنْ الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالزَّكَاة وَالْحَجّ وَالْعُمْرَة وَمَا اِفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ فَسَمَّاهُمْ اللَّه أَبْرَارًا , وَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ الثَّنَاء وَقَعَ فِي غَيْر نَذْر الْمُجَازَاة , وَكَأَنَّ الْبُخَارِيّ رَمَزَ فِي التَّرْجَمَة إِلَى الْجَمْع بَيْن الْآيَة وَالْحَدِيث بِذَلِكَ وَقَدْ يُشْعِر التَّعْبِير بِالْبَخِيلِ أَنَّ الْمَنْهِيّ عَنْهُ مِنْ النَّذْر مَا فِيهِ مَال فَيَكُون أَخَصَّ مِنْ الْمُجَازَاة , لَكِنْ قَدْ يُوصَف بِالْبُخْلِ مَنْ تَكَاسَلَ عَنْ الطَّاعَة كَمَا فِي الْحَدِيث الْمَشْهُور " الْبَخِيل مَنْ ذُكِرْت عِنْده فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ شَيْخنَا فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ.
ثُمَّ نَقَلَ الْقُرْطُبِيّ الِاتِّفَاق عَلَى وُجُوب الْوَفَاء بِنَذْرِ الْمُجَازَاة لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيع اللَّه تَعَالَى فَلْيُطِعْهُ " وَلَمْ يُفَرِّق بَيْن الْمُعَلَّق وَغَيْره اِنْتَهَى , وَالِاتِّفَاق الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم , لَكِنْ فِي الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور لِوُجُوبِ الْوَفَاء بِالنَّذْرِ الْمُعَلَّق نَظَرٌ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدَ بَابٍ.
‏ ‏قَوْله ( وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَج بِالنَّذْرِ مِنْ الْبَخِيل ) ‏ ‏يَأْتِي فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الَّذِي بَعْد بَيَان الْمُرَادِ بِالِاسْتِخْرَاجِ الْمَذْكُورِ.


حديث أولم ينهوا عن النذر إن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن النذر لا يقدم

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ ‏ ‏أَنَّهُ سَمِعَ ‏ ‏ابْنَ عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنْ النَّذْرِ إِنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنْ الْبَخِيلِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

نهى النبي ﷺ عن النذر وقال إنه لا يرد شيئا

عن ‌عبد الله بن عمر : «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئا ولكنه يستخرج به من البخيل.»

لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له

عن ‌أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له، ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدر له، فيستخرج الله به من ا...

يجيء قوم ينذرون ولا يفون ويخونون ولا يؤتمنون ويشهد...

عن ‌عمران بن حصين يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران لا أدري ذكر ثنتين أو ثلاثا بعد قرنه ثم...

من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يع...

عن ‌عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.»

إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحر...

عن ‌ابن عمر : أن ‌عمر قال: «يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: أوف بنذرك.»

استفتى النبي ﷺ في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تق...

عن عبد الله بن عباس: «أن سعد بن عبادة الأنصاري استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه، فتوفيت قبل أن تقضيه، فأفتاه أن يقضيه عنها، فكانت سن...

اقض الله فهو أحق بالقضاء

عن ‌ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أختي نذرت أن تحج، وإنها ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كان علي...

من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا ي...

عن ‌عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.»

إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه

عن ‌أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه ورآه يمشي بين ابنيه» وقال الفزاري، عن حميد: حدثني ثابت، عن أنس.<br>