حديث الرسول ﷺ الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من ودعه الناس لاتقاء فحشه - سنن أبي داود

سنن أبي داود | كتاب الأدب باب في حسن العشرة (حديث رقم: 4791 )


4791- عن عائشة، قالت: استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «بئس ابن العشيرة»، أو «بئس رجل العشيرة»، ثم قال: «ائذنوا له» فلما دخل ألان له القول، فقالت عائشة: يا رسول الله، ألنت له القول وقد قلت له ما قلت، قال: «إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من ودعه، أو تركه، الناس لاتقاء فحشه»



إسناده صحيح.
سفيان: هو ابن عيية, ابن المنكدر: هو محمد، وعروة: هو ابن الزبير.
وأخرجه البخاري (٦٠٥٤) و (٦١٣١)، ومسلم (٢٥٩١)، والترمذي (٢١١٤) من طرق عن سفيان بن عيية، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦٠٣٢) من طريق روح بن القاسم، ومسلم (٢٥٩١)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (٨٣٣)، والخطيب في" الأسماء المبهمة" ص ٣٧٣ من طريق معمر، كلاهما عن محمد بن المنكدر، به.
والرجل المبهم في الحديث: هو عيينة بن حصن -وكان يقال له: الأحمق المطاع- فيما ذكره ابن راهويه والخطيب عن معمر في روايتيهما، ونص على ذلك النووي في "شرح مسلم" ١٦/ ١١٩ فيما نقله عن القاضي عياض.
وأخرجه بنحوه ومختصرا النسائي في "الكبرى" (٩٩٩٦) من طريق عبد الله بن نيار، عن عروة، به.
وأخرجه كذلك النسائي (٩٩٩٥) من طريق مسروق، عن عائشة.
وانظر لاحقيه.
وهو في "مسند أحمد" (٢٤١٠٦)، و"صحيح ابن حبان" (٤٥٣٨) و (٥٦٩٦).
قال الخطابي في "أعلام الحديث" ٣/ ٢١٧٩ - ٢١٨٠: يجمع هذا الحديث علما وأدبا، وليس قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمته بالأمور التي يسمهم بها ويضيفها إليهم من المكروه غيبة وإثما، كما يكون ذلك من بعضهم في بعض، بل الواجب عليه أن يبين ذلك، ويفصح به، ويعرف الناس أمره، فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة، ولكنه لما جبل عليه من الكرم، وأعطيه من حسن الخلق، أظهر له من البشاشة ولم يجبهه بالمكروه، ليقتدي به أمته في اتقاء شر من هذا سبيله، وفي مداراته ليسلموا من شره وغائلته.
قال الحافظ في "الفتح" ١٠/ ٤٥٤: وظاهر كلامه (أي من كلام الخطابي) أن يكون هذا من جملة الخصائص، وليس كذلك، بل كل من اطلع من حال شخص على شيء، وخشي أن غيره يغتر بجميل ظاهره، فيقع في محذور ما، فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصدا نصيحته، وإنما الذي يمكن أن يختص به النبي-صلى الله عليه وسلم-أن يكشف له عن حال من يغتر بشخص من غير أن يطلعه المغتر على حاله، فيذم الشخص بحضرته، ليتجنبه المغتر ليكون نصيحة، بخلاف غير النبي-صلى الله عليه وسلم-، فإن جواز ذمه للشخص يتوقف على تحقق الأمر بالقول أو الفعل ممن يريد نصحه.
وعيينة بن حصن (الرجل في الحديث)، قال النووي في "شرح مسلم" ١٦/ ١١٩ فيما نقله عن القاضي عياض، قال: لم يكن أسلم حينئذ وإن كان قد أظهر الإسلام، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبين حاله ليعرفه الناس ولا يغتر به من لم يعرف حاله، قال: وكان منه في حياة النبي-صلى الله عليه وسلم- وبعده ما دل على ضعف إيمانه وارتد مع المرتدين، وجيء به أسيرا إلى أبي بكر رضي الله عنه.
وقال القرطبي المحدث - ونقله عنه الحافظ في "الفتح"١٠/ ٤٥٤: وفي الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش أو نحو ذلك من الجور في الحكم، والدعاء إلى البدعة مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى، والفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا، وهي مباحة وربما استحبت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما بذل له من دنياه حسن عشرته والرفق في مكالمته، ومع ذلك فلم يمدحه بقول، فلم يناقض قوله فيه فعله، فإن قوله فيه حق، وفعله معه حسن عشرة.
وقال العلماء: تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعا حيث يتعين طريقا إلى الوصول إليه بها: كالتظلم والاستعانة على تغيير المنكر والاستفتاء والمحاكمة، والتحذير من الشر، ويدخل فيه تجريح الرواة والشهود، وإعلام من له ولاية عامة يسير من هو تحت يده، وجواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود، وكذا من رأى تفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق ويخاف عليه الاقتداء به وممن تجوز غيبتهم من يتجاهر بالفسق أو الظلم أو البدعة.

شرح حديث ( إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من ودعه الناس لاتقاء فحشه)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( اِسْتَأْذَنَ رَجُل ) ‏ ‏: أَيْ طَلَبَ الْإِذْن ‏ ‏( عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏: أَيْ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ ‏ ‏( بِئْسَ اِبْن الْعَشِيرَة أَوْ بِئْسَ رَجُل الْعَشِيرَة ) ‏ ‏: أَوْ لِلشَّكِّ مِنْ بَعْض الرُّوَاة أَيْ بِئْسَ هُوَ مِنْ قَوْمه.
‏ ‏قَالَ الطِّيبِيُّ : الْعَشِيرَة الْقَبِيلَة أَيْ بِئْسَ هَذَا الرَّجُل مِنْ هَذِهِ الْعَشِيرَة كَمَا يُقَال يَا أَخَا الْعَرَب لِرَجُلٍ مِنْهُمْ.
‏ ‏قَالَ الْقَاضِي : هَذَا الرَّجُل هُوَ عُيَيْنَة بْن حِصْن وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَام , فَأَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَيِّن حَاله لِيَعْرِفهُ النَّاس وَلَا يَغْتَرّ بِهِ مَنْ لَمْ يَعْرِف حَاله.
قَالَ وَكَانَ مِنْهُ فِي حَيَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْده مَا دَلَّ عَلَى ضَعْف إِيمَانه وَارْتَدَّ مَعَ الْمُرْتَدِّينَ وَجِيءَ بِهِ أَسِيرًا إِلَى أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ‏ ‏( ثُمَّ قَالَ اِئْذَنُوا ) ‏ ‏: بِهَمْزَةٍ سَاكِنَة وَصْلًا أَيْ أَعْطُوا الْإِذْن ‏ ‏( أَلَانَ لَهُ الْقَوْل ) ‏ ‏: أَيْ قَالَ لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ‏ ‏( مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاس ) ‏ ‏: شَكّ مِنْ الرَّاوِي , وَمَعْنَى الْفِعْلَيْنِ وَاحِد ‏ ‏( لِاتِّقَاءِ فُحْشه ) ‏ ‏: أَيْ لِأَجْلِ قَبِيح قَوْله وَفِعْله.
وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ اِتِّقَاء شَرّه.
‏ ‏قَالَ الْقُرْطُبِيّ : فِي الْحَدِيث جَوَاز غَيْبَة الْمُعْلَن بِالْفِسْقِ أَوْ الْفُحْش وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْجَوْر فِي الْحُكْم وَالدُّعَاء إِلَى الْبِدْعَة مَعَ جَوَاز مُدَارَاتهمْ اِتِّقَاء شَرّهمْ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى الْمُدَاهَنَة فِي دِين اللَّه تَعَالَى.
ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْق بَيْن الْمُدَارَاة وَالْمُدَاهَنَة أَنَّ الْمُدَارَاة بَذْل الدُّنْيَا لِصَلَاحِ الدُّنْيَا أَوْ الدِّين أَوْ هُمَا مَعًا وَهِيَ مُبَاحَة وَرُبَّمَا اُسْتُحِبَّتْ وَالْمُدَاهَنَة تَرْك الدِّين لِصَلَاحِ الدُّنْيَا , وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بُذِلَ لَهُ مِنْ دُنْيَاهُ حُسْن عِشْرَته وَالرِّفْق فِي مُكَامَلَته وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَمْدَحهُ بِقَوْلٍ فَلَمْ يُنَاقِض قَوْله فِيهِ فِعْله , فَإِنَّ قَوْله فِيهِ حَقّ وَفِعْله مَعَهُ حُسْن عِشْرَة , فَيَزُول مَعَ هَذَا التَّقْرِير الْإِشْكَال بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ.
وَهَذَا الرَّجُل هُوَ عُيَيْنَة بْن حِصْن بْن حُذَيْفَة بْن بَدْر الْفَزَارِيُّ , وَقِيلَ هُوَ مَخْرَمَة بْن نَوْفَل الزُّهْرِيّ وَالِد الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.


ترجمة الحديث باللغة الانجليزية

حديث بئس ابن العشيرة أو بئس رجل العشيرة ثم قال ائذنوا له فلما دخل ألان له

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُسَدَّدٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ الْمُنْكَدِرِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُرْوَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏قَالَتْ ‏ ‏اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ ‏ ‏أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ ‏ ‏ثُمَّ قَالَ ائْذَنُوا لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ فَقَالَتْ ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ وَقَدْ قُلْتَ لَهُ مَا قُلْتَ قَالَ ‏ ‏إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ ‏ ‏أَوْ تَرَكَهُ ‏ ‏النَّاسُ لِاتِّقَاءِ ‏ ‏فُحْشِهِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

أحاديث أخرى من سنن أبي داود

إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يمو...

عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب، سئل عن هذه الآية، {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم} [الأعراف: ١٧٢] قال: قرأ القعنبي الآية فقال عمر: سمعت رس...

كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة

عن عائشة رضي الله عنها، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر بتسع - أو كما قالت: - ويصلي ركعتين وهو جالس، وركعتي ا...

بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر

عن أبي أمية الشعباني، قال: سألت أبا ثعلبة الخشني، فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: {عليكم أنفسكم} [المائدة: ١٠٥]؟ قال: أما والله لقد سألت ع...

كان يذبح أضحيته بالمصلى

عن ابن عمر، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذبح أضحيته بالمصلى» وكان ابن عمر يفعله

ما اسمك قال حزن قال أنت سهل قال لا السهل يوطأ ويمت...

عن سعيد بن المسيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال له: «ما اسمك؟» قال: حزن، قال: «أنت سهل» قال: لا، السهل يوطأ ويمتهن، قال سعيد: «فظ...

السؤال عن الصلاة في ثوب الحائض

حدثنا بكار بن يحيى، حدثتني جدتي قالت: دخلت على أم سلمة فسألتها امرأة من قريش عن الصلاة في ثوب الحائض، فقالت أم سلمة: «قد كان يصيبنا الحيض على عهد رسول...

لا حمى إلا لله ولرسوله

عن الصعب بن جثامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا حمى إلا لله ولرسوله» قال ابن شهاب: وبلغني «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى النقيع»

احلقوه كله أو اتركوه كله

عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم: رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال: «احلقوه كله، أو اتركوه كله»

نهى عن بيع حبل الحبلة

عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة "(1) 3381- عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وقال: «وحبل الحب...