4796- حدث عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحياء خير كله، أو قال: الحياء كله خير " فقال بشير بن كعب إنا نجد في بعض الكتب أن منه سكينة، ووقارا، ومنه ضعفا، فأعاد عمران الحديث وأعاد بشير الكلام قال: فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال: «ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن كتبك» قال: قلنا يا أبا نجيد: إيه إيه
إسناده صحيح.
حماد: هو ابن زيد، وأبو قتادة: هو تميم بن نذير.
وأخرجه مسلم (٣٧) عن يحيى بن حبيب، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٦١١٧)، ومسلم (٣٧) من طريق أبي السوار، عن عمران بن حصين.
وهو في "مسند أحمد" (١٩٨١٧) و (١٩٩٩٩).
وقولهم في الحديث: إنه إنه، كذا ضبطت في (أ) و (ج) و (هـ)) وأصل المنذري، أي: إنه لا بأس به، كما جاء في رواية مسلم، قال النووي: إنه لا بأس به، معناه ليس هو ممن يتهم بنفاق أو زندقة أو بدعة أو غيرها مما يخالف به أهل الاستقامة.
وفي نسخة على هامش (ج): ايه إيه، وهو كذلك في النسخة التي اعتمدها ابن الأثير في "جامع الأصول" (١٩٥٥)، فقال: ايه: إذا قلت للرجل؟ إيه، بغير تنوين، فأنت تستزيده من الكلام والبذاء، إذا وصلت نونت فقلت: إيه، فإذا قلت: إيها بالنصب، فإنما تأمره بالسكوت.
ونقل الحافظ في "الفتح" ١٠/ ٥٢٢ - ٥٢٣ عن القاضي عياض في شرحه على الحديث: أنه إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة؛ لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم، وأما كونه خيرا كله، ولا يأتي إلا بخير (كما في رواية البخاري)، فاشكل حمله على العموم؛ لأنه قد يصد صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات، ويحمله على الاخلال ببعض الحقوق؟ والجواب: أن المراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيا، والحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياء شرعيا، بل هو عجز ومهانة، وانما يطلق عليه حياء، لمشابهته للحياء الشرعي، وهو خلق يبعث على ترك القبيح.
قلت (القائل ابن حجر): ويحتمل أن يكون أشير إلى من كان الحياء من خلقه، أن الخير يكون فيه أغلب، فيضمحل ما لعله يقع منه مما ذكر في جنب ما يحصل له بالحياء من الخير، أو لكونه إذا صار عادة، وتخلق به صاحبه، يكون سببا لجلب الخير إليه، فيكون منه الخير بالذات، والسبب.
وقال أبو العباس القرطبي المحدث: الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان, وهو المكلف به، دون الغريزي، غير أن من كان فيه غريزة منه، فإنها تعينه على المكتسب، وقد يتطبع بالمكتسب حتى يصير غريزيا.
قال: وكان النبي-صلى الله عليه وسلم-قد جمع له النوعان، فكان في الغريزي أشد حياة من العذارء في خدرها، وكان في الحياء المكتسب في الذروة العليا - صلى الله عليه وسلم.
انتهى
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ) : هُوَ تَمِيم بْن نُذَيْر الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيّ.
وَقِيلَ فِي اِسْمه غَيْر ذَلِكَ , وَالْأَوَّل أَشْهَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
وَنُذَيْر بِضَمِّ النُّون وَفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخِر الْحُرُوف وَرَاء مُهْمَلَة قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ ( وَثَمَّ ) : بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَة وَتَشْدِيد الْمِيم الْمَفْتُوحَة ظَرْف مَكَان , وَفِي رِوَايَة مُسْلِم وَفِينَا بُشَيْر بْن كَعْب ( بُشَيْر ) بِالتَّصْغِيرِ تَابِعِيّ جَلِيل ( الْحَيَاء خَيْر كُلّه أَوْ قَالَ الْحَيَاء كُلّه خَيْر ) : أَوْ لِلشَّكِّ.
قَالَ الْحَافِظ : أَشْكَلَ حَمْله عَلَى الْعُمُوم لِأَنَّهُ قَدْ يَصُدّ صَاحِبه عَنْ مُوَاجَهَة مَنْ يَرْتَكِب الْمُنْكَرَات وَيَحْمِلهُ عَلَى الْإِخْلَال بِبَعْضِ الْحُقُوق.
وَالْجَوَاب : أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَيَاءِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث مَا يَكُون شَرْعِيًّا , وَالْحَيَاء الَّذِي يَنْشَأ عَنْهُ الْإِخْلَال بِالْحُقُوقِ لَيْسَ حَيَاء شَرْعِيًّا بَلْ هُوَ عَجْز وَمَهَانَة وَإِنَّمَا يُطْلَق عَلَيْهِ حَيَاء لِمُشَابَهَتِهِ لِلْحَيَاءِ الشَّرْعِيّ وَهُوَ خُلُق يَبْعَث عَلَى تَرْك الْقَبِيح اِنْتَهَى ( أَنَّ مِنْهُ ) : أَيْ مِنْ الْحَيَاء , وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ ( سَكِينَة وَوَقَارًا ) : قَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَى كَلَام بُشَيْر أَنَّ مِنْ الْحَيَاء مَا يَحْمِل صَاحِبه عَلَى الْوَقَار بِأَنْ يُوَقِّر غَيْره وَيَتَوَقَّر هُوَ فِي نَفْسه , وَمِنْهُ مَا يَحْمِلهُ عَلَى أَنْ يَسْكُن عَنْ كَثِير مِمَّا يَتَحَرَّك النَّاس فِيهِ مِنْ الْأُمُور الَّتِي لَا تَلِيق بِذِي الْمُرُوءَة ( وَمِنْهُ ضَعْفًا ) : بِفَتْحِ الضَّاد وَضَمّهَا لُغَتَانِ أَيْ كَالْحَيَاءِ الَّذِي يَمْنَع عَنْ طَلَبِ الْعِلْم وَنَحْوه ( فَغَضِبَ عِمْرَان ) : وَسَبَب غَضَبه وَإِنْكَاره عَلَى بُشَيْر لِكَوْنِهِ قَالَ وَمِنْهُ ضَعْفًا بَعْد سَمَاعه قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَيْر كُلّه وَقِيلَ إِنَّمَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَاقَهُ فِي مَعْرِض مَنْ يُعَارِض كَلَام الرَّسُول بِكَلَامِ غَيْره ( يَا أَبَا نُجَيْد ) : بِضَمِّ النُّون وَفَتْح الْجِيم وَآخِره دَال مُهْمَلَة وَهُوَ كُنْيَة عِمْرَان بْن حُصَيْن ( إِيه إِيه ) : قَالَ فِي الْقَامُوس : إِي بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَإِسْكَان الْهَاء زَجْر بِمَعْنَى حَسْبك , وَإِيهِ مَبْنِيَّة عَلَى الْكَسْر فَإِذَا وُصِلَتْ نُوِّنَتْ , وَأَيّهَا بِالنَّصْبِ وَالْفَتْح أَمْر بِالسُّكُوتِ.
وَالْمَعْنَى وَاَللَّه أَعْلَم يَا أَبَا نُجَيْد حَسْبك مَا صَدَرَ مِنْك مِنْ الْغَضَب وَالْإِنْكَار عَلَى بُشَيْر فَإِنَّهُ مِنَّا وَلَا بَأْس بِهِ فَاسْكُتْ وَلَا تَزْدَدْ غَضَبًا وَإِنْكَارًا.
وَفِي بَعْض النُّسَخ إنَّهُ إنَّهُ أَيْ صَادِق , وَفِي بَعْضهَا إنَّهُ إنَّهُ , وَفِي رِوَايَة مُسْلِم يَا أَبَا نُجَيْد إنَّهُ لَا بَأْس بِهِ.
قَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يُتَّهَم بِنِفَاقٍ أَوْ زَنْدَقَة أَوْ بِدْعَة أَوْ غَيْرهَا مِمَّا يُخَالِف بِهِ هَلْ الِاسْتِقَامَة اِنْتَهَى.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم بِمَعْنَاهُ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَثَمَّ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ أَوْ قَالَ الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ إِنَّا نَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ مِنْهُ سَكِينَةً وَوَقَارًا وَمِنْهُ ضَعْفًا فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ وَأَعَادَ بُشَيْرٌ الْكَلَامَ قَالَ فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ أَلَا أُرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ كُتُبِكَ قَالَ قُلْنَا يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِيهٍ إِيهِ
عن أبي مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت»
عن عائشة رحمها الله، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم»
عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق» قال: أبو الوليد، قال: سمعت عطاء الكيخاراني، قال أبو داود: "...
عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كا...
عن حارثة ابن وهب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري» قال: " والجواظ: الغليظ الفظ "
عن أنس، قال: كانت العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسابقها، فسبقها الأعرابي فكأن ذلك شق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «حق على...
عن همام، قال: جاء رجل فأثنى على عثمان في وجهه، فأخذ المقداد بن الأسود ترابا فحثا في وجهه، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لقيتم المداحين...
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، أن رجلا أثنى على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: «قطعت عنق صاحبك» ثلاث مرات، ثم قال: " إذا مدح أحدكم صا...
عن مطرف، قال: قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلنا: أنت سيدنا، فقال: «السيد الله تبارك وتعالى» قلنا: وأفضلنا فضلا...