1437-
عن حرام بن سعد بن محيصة، أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه.
فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها»
هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ أَرْسَلَهُ الْأَئِمَّةُ وَحَدَّثَ بِهِ الثِّقَاتُ وَاسْتَعْمَلَهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظُهَا بِالنَّهَارِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَحَدَ مَعْنَيَيْنِ إمَّا أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ بِالشَّرْعِ لِمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ إفْسَادِ الْأَمْوَالِ وَتَضْيِيعِهَا فَلَمَّا وَجَبَ لِذَلِكَ حِفْظُ الزُّرُوعِ الَّتِي هِيَ مُعْظَمُ الْأَقْوَاتِ وَسَبَبُ الْمَعَاشِ كَانَ حِفْظُهَا بِالنَّهَارِ يَلْزَمُ أَرْبَابَ الزُّرُوعِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ ; لِأَنَّهُ وَقْتَ رَاحَتِهِمْ وَنَوْمِهِمْ وَسُكُونِهِمْ وَلَيْسَ بِوَقْتِ رَعْيٍ لِلْمَاشِيَةِ فِي غَالِبِ الْحَالِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ أَهْلَ الزَّرْعِ إِنْ أَرَادُوا حِفْظَ زُرُوعِهِمْ وَدَفْعَ الضَّرَرِ عَنْهَا فَإِنَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِالنَّهَارِ لِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ رَعْيِ الْمَوَاشِي بِالنَّهَارِ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ لَهُ مَنْ يَرْعَى نَاقَتَهُ وَدَابَّتَهُ فَإِنْ مَنَعَهَا الرَّعْيَ أَضَرَّ بِهَا , وَإِنْ أَرَادَ الْحِفْظَ لَهَا لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ مَنْ يَحْفَظُ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفَائِدَةُ الْكَلَامِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَصْحَابِ الْمَاشِيَةِ فِيمَا أَصَابَتْ بِالنَّهَارِ لِمَا ذَكَرْنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ , وَقَالَ اللَّيْثُ يَضْمَنُ أَرْبَابُ الْمَوَاشِي مَا أَفْسَدَتْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ مَنْ احْتَجَّ لَمَّا ذَكَّرْته بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ قَالُوا وَالنَّفْشُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ , وَقَدْ ذُكِرَ مِثْلُ هَذَا عَنْ شُرَيْحٍ , وَهَذَا لَيْسَ بِبَيِّنٍ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْآيَةِ التَّصْرِيحُ بِالْحُكْمِ أَنَّهُ ضَمِنَ أَهْلَ الْمَاشِيَةِ الَّتِي نَفَشَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْيُ الْحُكْمِ ذَلِكَ فِي الرَّاعِيَةِ بِالنَّهَارِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ دَلِيلِ الْخِطَابِ وَلَيْسَ عِنْدِي بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ فَكَيْفَ وَالْآيَةُ لَمْ تَتَضَمَّنْ تَفْسِيرَ الْحُكْمِ وَلَا بَيَانَهُ , وَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ قَوْلُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَسَوَاءٌ كَانَ مُحْظِرًا , أَوْ غَيْرَ مُحْظَرٍ عَلَيْهِ رَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ وَزَادَ فِي الْمُزَنِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَمِيعُ الْأَشْيَاءِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
.
( فَصْلٌ ) قَوْلُهُ وَمَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا بِمَعْنَى مَضْمُونٍ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَرَى أَنْ يَقْضِيَ فِيمَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَالزُّرُوعِ مِثْلَ الْحَوَائِطِ فِيمَا أَفْسَدَتْ الْبَهَائِمُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : لَا ضَمَانَ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي فِيمَا أَفْسَدَتْ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ مَا أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ إهْمَالَهَا بِاللَّيْلِ مِنْ بَابِ التَّعَدِّي ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ رَعْيٍ مُعْتَادٍ فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَ مَا أَفْسَدَتْ فِيهِ كَالْقَائِدِ وَالسَّائِقِ فِيمَا أَفْسَدَتْ الدَّابَّةُ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي ضَمَانُ مَا أَفْسَدَتْهُ بِاللَّيْلِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِمْ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَتْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ أَنْ يُتِمَّ , أَوْ لَا يُتِمَّ زَادَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ , وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَزَادَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيمَتَهُ لَوْ حَلَّ بَيْعُهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَلَا يَسْتَأْنِي بِالزَّرْعِ أَنْ يُنْبِتَ , أَوْ لَا يُنْبِتُ كَمَا يَصْنَعُ بِسِنِّ الصَّغِيرِ.
وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ حَقِيقَةُ مَا أَفْسَدَتْ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَائِمًا عَلَى أَصْلِهِ بَيْنَ رَجَاءٍ وَخَوْفٍ أَنْ يَعُوقَهُ عَائِقٌ مِنْ كَثْرَةِ مَاءٍ , أَوْ قِلَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَعَلَى ذَلِكَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَلَمَّا كَانَ قِيمَةُ هَذَا الزَّرْعِ يُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُهُ وَلَا يُحْكَمُ لِصَغِيرِهِ بِحُكْمِ كَبِيرِهِ لَزِمَ غُرْمُ قِيمَتِهِ عَلَى صِفَتِهِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ بِأَنْ يَخْلُفَ بَعْدَ ذَلِكَ , أَوْ لَا يَخْلُفَ بِخِلَافِ السِّنِّ الَّذِي إنَّمَا يُرَاعِي الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ بِهَا فَإِذَا نَبَتَتْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا أَخَفَّ وَلَمْ يَلْزَمْ ضَمَانُهَا جُمْلَةً وَإِذَا يَئِسَ مِنْ نَبَاتِهَا لَزِمَتْ فِيهَا دِيَتُهَا دُونَ قِيمَتِهَا وَالدِّيَاتُ مُخْتَصَّةٌ بِمَا يَتْلَفُ وَلَا يَعُودُ فَلِذَلِكَ اسْتُؤْنِيَ لِيَعْلَمَ مِنْ نَبَاتِهَا , أَوْ عَدَمِهِ مَا يَجِبُ مِنْ قِيمَتِهِ , أَوْ دِيَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي قِيمَةَ مَا أَفْسَدَتْ فَيَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ , وَقَالَ اللَّيْثُ إنَّمَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا , أَوْ قِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ , وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْمَوَاشِي , وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَرْبَابِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ تَسْلِيمُهَا وَلَا يَقْصُرُ الْأَرْشُ عَلَى قِيمَتِهَا كَمَا لَوْ أَصَابَتْهُ مَعَ الْقَائِدِ , أَوْ السَّائِقِ.
( فَرْعٌ ) وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ فِيهِ بِالْقِيمَةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ الَّذِي أَفْسَدَتْهُ مِمَّا كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حِينَ الرَّعْيِ , أَوْ غَيْرِهِ , أَوْ لَا تَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حِينَ رَعْيِهِ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ حِينَ الرَّعْيِ لَا يُرَاعَى فِيهِ رَجَاءٌ وَلَا خَوْفٌ مَعَ الْأَدَبِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ الْأَدَبُ بِقَدْرِ سَفَهِهِ وَإِفْسَادِهِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ , وَقَالَ أَصْبَغُ , وَإِنْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَإِنَّهُ يَقُومُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ نَبَتَ , أَوْ لَمْ يَنْبُتْ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ قِيمَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيُرْجَى تَزَايُدُ مَنْفَعَتِهِ , وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ فِي عَيْنِهِ مَنْفَعَةٌ إِلَّا مَا يُرْجَى مِنْ انْتِهَائِهِ إِلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِنَفْسِهِ لَزِمَهُ إِنْ حُكِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ نَبَاتِهِ قِيمَةُ الْمَنْفَعَتَيْنِ ; لِأَنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ مِثْلِ ذَلِكَ الزَّرْعِ عَلَى قُوَّةِ الرَّجَاءِ فِيهِ , وَإِنْ نَبَتَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَصَارَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَقَدْ عَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهُ عَلَيْهِ وَلَزِمَتْهُ قِيمَةُ الْبَقْلِ الَّذِي هُوَ مِنْ نَبَاتِ أَصْلِ زَرْعِهِ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ حِينَ رَعْيِهِ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا لَهُ فِيهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ , وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ مَا أُتْلِفَ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ فِيهِ قِيمَةُ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَمَا تَلِفَ فَإِنَّمَا هُوَ فَائِدَةُ الْأَصْلِ الَّذِي فِي الْأَرْضِ فَهُوَ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ الْأَصْلِ , وَإِنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ مَا أَبْطَلَ مِنْ الْفَرْعِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَبْطَلَتْ الْقِيمَةُ بِنَبَاتِهِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِقِيمَتِهِ حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ يَعُودُ بِالنَّبَاتِ فَتَبْطُلُ الْقِيمَةُ , أَوْ لَا يَعُودُ فَيَثْبُتُ وُجُوبُهَا كَسِنِّ الصَّبِيِّ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا حُكْمُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ وَالْحَرْثِ , وَأَمَّا لَوْ خَرَجَتْ لَيْلًا فَوَطِئَتْ رَجُلًا قَائِمًا فَقَطَعَتْ رِجْلَهُ فَإِنَّهُ هَدَرٌ قَالَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم أَنَّهُ قَالَ جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَقْصِدُهُ الْمَوَاشِي غَالِبًا فَلَا تُحْرَسُ مِنْهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَهَذَا نَصٌّ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ عِنْدِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الزَّرْعُ , أَوْ الْحَوَائِطُ مَعَ الْمَسَارِحِ وَالْمَوَاضِعِ عِنْدِي ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ : مَوْضِعٌ تَتَدَاخَلُ فِيهِ الْمَسَارِحُ وَالْمَرَاعِي , وَالثَّانِي : أَنْ تَنْفَرِدَ الْمَرَاعِي , أَوْ الْحَوَائِطُ وَلَيْسَ بِمَكَانِ مَسْرَحٍ , وَالثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ مَسْرَحٍ وَلَيْسَ بِمَوْضِعِ زَرْعٍ فَيَحْدُثُ فِيهِ إنْسَانٌ زَرْعًا فَإِنْ كَانَ مَوْضِعَ زَرْعٍ وَمَسَارِحَ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ حُكْمِهِ وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْحُكْمُ عِنْدِي وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْحَائِطِ وَالْمَوَاشِي الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْحَدِيثِ لِلْعَهْدِ لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْمَوَاشِي إرْسَالُهَا بِالنَّهَارِ فِيهَا لَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهَا مَسْرَحًا , وَلَوْ لَمْ يُرِدْ هَذَا بِالْحَدِيثِ وَأُرِيدَ بِهِ الشَّاذَّةَ مِنْ الْمَوَاشِي لِمَا قَضَى عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ بِحِفْظِهَا بِالنَّهَارِ ; لِأَنَّ مَا يَشِذُّ وَيَنْدُرُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْحِفْظِ وَكَانَ حُكْمُ مَا أَصَابَتْ بِالنَّهَارِ حُكْمَ مَا أَصَابَتْ بِاللَّيْلِ , وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ زَرْعٍ دُونَ سَرْحٍ فَهَذِهِ عِنْدِي لَا يَجُوزُ إِرْسَالُ الْمَوَاشِي فِيهَا وَمَا أَفْسَدَتْ لَيْلًا , أَوْ نَهَارًا فَعَلَى أَصْحَابِ الْمَوَاشِي ضَمَانُهُ , وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَدَنِيَّةِ : لَيْسَ لِأَهْلِ الْمَوَاشِي أَنْ يُخْرِجُوهَا إِلَى قُرَى الزَّرْعِ بِغَيْرِ ذُوَّادٍ وَلَكِنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَذُودُوهَا عَنْ الزَّرْعِ فَإِذَا بَلَغُوا الْمَرَاعِيَ وَالْمَسَارِحَ سَرَّحُوهَا هُنَالِكَ فَمَا شَذَّ مِنْهَا إِلَى الزُّرُوعِ وَالْجَنَّاتِ فَعَلَى أَصْحَابِ الزَّرْعِ وَالْجَنَّاتِ دَفْعُهَا , وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَوْضِعُ سَرْحٍ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِإِرْسَالِ مَوَاشِيهِمْ فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا فَأَحْدَثَ رَجُلٌ فِيهِ زَرْعًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فِي الْإِحْيَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي الِامْتِنَاعُ مِنْ إرْعَاءِ مَوَاشِيهِمْ لَيْلًا , أَوْ نَهَارًا وَمَا أَفْسَدَتْهُ مِنْ زَرْعِهِ بِاللَّيْلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ ; لِأَنَّهُ جَرّ الْجِنَايَةَ إِلَى نَفْسِهِ حَيْثُ زَرَعَ بِمَوْضِعِ الْمَسْرَحِ وَأَرَادَ مَنْعَ النَّاسِ مِنْ مَنَافِعِهِمْ الَّتِي قَدْ ثَبَتَتْ لَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا كَانَتْ الدَّوَابُّ تَعْبُرُ فِي الزَّرْعِ فَتُفْسِدُهُ فَحَفَرَ رَبُّ الزَّرْعِ حَوْلَ الزَّرْعِ حَفِيرًا لِمَكَانِ الدَّوَابِّ فَوَقَعَ بَعْضُهَا فِي ذَلِكَ فَمَاتَ فَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ , وَلَوْ لَمْ يُنْذِرْهُمْ قَالَ أَصْبَغُ : وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , وَقَدْ قَالَ فِيمَنْ يَحْفِرُ لِلسَّارِقِ زُبْيَةً فَوَقَعَ السَّارِقُ , أَوْ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا
عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، «فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم»،...
عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وعن محمد بن النعمان بن بشير، أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير، أنه قال: إن أباه بشيرا أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه و...
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: " والله يا بنية م...
عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا، ثم يمسكونها فإن مات ابن أحدهم، قال: ما لي بيدي لم أعطه أحدا، وإن م...
عن أبي غطفان بن طريف المري، أن عمر بن الخطاب قال: «من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة، فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب،...
عن جابر بن عبد الله الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل أعمر عمرى له، ولعقبه، فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبدا، لأ...
عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولا الدمشقي، يسأل القاسم بن محمد، عن العمرى وما يقول الناس فيها؟ فقال القاسم بن محمد: «ما أدركت الناس إلا وهم على ش...
عن نافع، أن عبد الله بن عمر ورث من حفصة بنت عمر دارها، قال: «وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب، ما عاشت، فلما توفيت بنت زيد، قبض عبد الله بن عمر ا...
عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة؟ فقال: «اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها س...