1438- عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، «فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم»، ثم قال عمر: «أراك تجيعهم»، ثم قال عمر ": «والله» لأغرمنك غرما يشق عليك "، ثم قال للمزني: «كم ثمن ناقتك؟» فقال المزني: قد كنت والله أمنعها من أربعمائة درهم، فقال عمر: «أعطه ثمانمائة درهم»
إسناده منقطع، فإن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة لم يدرك جده حاطب
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِبَيِّنَةٍ , أَوْ بِإِقْرَارِ الْعَبِيدِ مَعَ دَعْوَى الْمُزَنِيِّ , أَوْ بِدَعْوَى الْمُزَنِيِّ فِي ذَلِكَ مَعْرِفَةُ حَاطِبٍ وَطَلَبِهِ يَمِينَهُ عَلَى ذَلِكَ فَنَكَلَ حَاطِبٌ وَحَلَفَ الْمُزَنِيُّ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ , أَوْ نُكُولِ حَاطِبٍ وَحَلَفَ الْمُزَنِيُّ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ , وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي عَبْدٍ انْتَحَرَ حِمَارًا , وَقَالَ خِفْت أَنْ أَمُوتَ جُوعًا لَا يُقْطَعُ وَيُغَرَّمُ سَيِّدُهُ ثَمَنَ الْحِمَارِ , وَقَالَ مُحَمَّدٌ : وَذَلِكَ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ السَّيِّدَ كَانَ يُجِيعُهُ فَيَغْرَمُ , أَوْ يُسَلِّمُهُ , وَإِنَّمَا غَرَّمَ عُمَرُ حَاطِبًا وَتَرَكَ قَطْعَ عَبِيدِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُجِيعُهُمْ فَعَلَى هَذَا أَيْضًا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْقِيمَةِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَمَرَ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ فَعَلَى رَأْيِ ابْنِ الْمَوَّازِ انْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى التَّقْوِيمِ لَمَّا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ كَانَ يُجِيعُهُمْ وَعَلَى رَأْيِ أَصْبَغَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَلَعَلَّهُ كَانَ لِلْعَبِيدِ مَالٌ فَوَقَعَ الْغُرْمُ مِنْهُ , وَقَالَ لِحَاطِبٍ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْك يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ عَبِيدِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ أَخْذُهُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ جَمِيعُهُ أَوْ الْكَثِيرُ مِنْهُ فَبِهِ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى السَّعْيِ وَالتَّكَسُّبِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْعَبِيدِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ : لَا يُقْبَلُ مِنْ إقْرَارِ الْعَبِيدِ إِلَّا مَا يَنْصَرِفُ إِلَى جَسَدِهِ فَأَمَّا مَا يَلْزَمُ سَيِّدَهُ بِهِ أَمْرٌ فَلَا , فَهَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَيُعَرَّى فِي الْقَضِيَّةِ مِمَّا يُقَوِّيهَا , وَأَمَّا إِذَا اُقْتُرِنَ بِالْقَضِيَّةِ مَا يَشْهَدُ لَهَا مِنْ شَاهِدِ الْحَالِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ مَقْبُولٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِ سَيِّدِهِ , وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي عَبْدٍ أَصَابَ صَبِيًّا بِمُوضِحَةٍ فَأَتَى مُتَعَلِّقًا بِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ فِعْلِهِ وَيَأْتِي مَكَانَهُ مُتَعَلِّقًا بِهِ فَلْيُقْبَلْ مِنْهُ فَأَمَّا بَعْدُ , وَإِنَّمَا يَقُولُ كُنْت فَعَلْته فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي عَبِيدٍ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَعِنْدَهُمْ شَاتَانِ مَذْبُوحَتَانِ يَعْرِفَانِ لِجَارِهِمْ فَأَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ , وَجَحَدَ الثَّالِثُ إِنَّ غُرْمَ ذَلِكَ عَلَى سَادَتِهِمْ فَعَلَى هَذَا أَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أُغْرِمَ حَاطِبًا لَمَّا وُجِدَتْ النَّاقَةُ بَيْنَ أَيْدِي الْعَبِيدِ وَعُرِفَ أَنَّهَا كَانَتْ لِلْمُزَنِيِّ الطَّالِبِ لَهَا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَمَرَ عُمَرُ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ قَالَ عِيسَى فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمْ سَرَقُوهَا مِنْ حِرْزِهَا وَلَمْ يَسْرِقُوهَا مِنْ الْمَرْعَى وَسَيَأْتِي مَعْنَى الْحِرْزِ مُفَسَّرًا فِي كِتَابِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعَبِيدُ قَدْ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَاعْتَذَرُوا بِهِ لِسَرِقَتِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَأَى فِيهِمْ مِنْ الضَّعْفِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ إجَاعَتَهُمْ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنَّ لَا يُجِيعَ رَقِيقَهُ بَلْ يُشْبِعَهُمْ الْوَسَطَ أَوْ يَبِيعَهُمْ لِمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم قَالَ : إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ : وَاَللَّهِ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْك يُرِيدُ بِهِ الْغُرْمَ الْكَثِيرَ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ حَاطِبًا يَتَوَجَّعُ لَهُ مَعَ كَثْرَةِ مَالِهِ وَلَعَلَّهُ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ وَالتَّعْزِيرِ لِحَاطِبٍ عَلَى إجَاعَتِهِ لِرَقِيقِهِ وَإِحْوَاجِهِ لَهُمْ إِلَى السَّرِقَةِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ قَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَسَبَبَ إتْلَافِ نَاقَةِ الْمُزَنِيِّ فَرَأَى أَنْ يُغَرِّمَهُ إيَّاهَا وَلَعَلَّهُ قَدْ كَانَ كَرَّرَ نَهْيَهُ إِيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ وَحَدَّ لَهُ فِي قُوتِهِمْ حَدًّا لَمْ يَمْتَثِلْهُ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ اتَّخَذَ فِي مَاشِيَتِهِ كَلْبًا عَقُورًا فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ فِي إزَالَتِهِ فَلَمْ يُزِلْهُ وَقَتَلَ أَحَدًا أَنَّ عَلَى صَاحِبِهِ دِيَتَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا لَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ , وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ غَشَّ لَبَنًا أَوْ زَعْفَرَانًا , أَوْ مِسْكًا لَا يُهْرَاقُ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَمْ يَخُصَّ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا , وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْيَسِيرِ فَأَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَيُوجَعُ أَدَبًا هَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ , وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْغَرِيمَ لِمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ النَّاقَةِ لِمَا اعْتَقَدَهُ مِنْ كَثْرَةِ قِيمَتِهَا وَإِنَّ حَاطِبًا شَقَّ عَلَيْهِ غُرْمُ مِثْلِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ مُزَيْنٍ أَصْبَغَ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ لَيْسَ الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ إِنْ كَانَ مَالِكٌ يَرْعَى عَلَى السَّيِّدِ الْغُرْمَ مِنْ غَيْرِ تَضْعِيفٍ.
قَالَ أَصْبَغُ : لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لَا أَقَلُّ وَلَا أَكْثَرُ لَا فِي مَالِهِ وَلَا فِي رِقَابِ الْعَبِيدِ الْقَطْعُ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَالَ الدَّاوُدِيُّ : غَلِطَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْقَطْعَ نَفَذَ , وَإِنَّمَا كَانَ عُمَرُ أَمَرَ بِقَطْعِهِمْ ثُمَّ قَالَ أَرَاك تُجِيعُهُمْ ثُمَّ أَمَرَ بِصَرْفِهِمْ وَلَمْ يَقْطَعْهُمْ وَعَذَرَهُمْ بِالْجُوعِ , وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ سِيرَةِ عُمَرَ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ سَارِقًا , وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ هَذَا مُفَسَّرًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَاطِبٍ قَالَ تُوُفِّيَ حَاطِبٌ وَتَرَكَ أَعْبُدًا مِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ سِتَّةِ آلَافٍ يَعْمَلُونَ فِي مَالٍ لِحَاطِبٍ بِسَوَانٍ فَأَرْسَلَ عُمَرُ فَقَالَ هَؤُلَاءِ عَبِيدُك قَدْ سَرَقُوا وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مَا وَجَبَ عَلَى السَّارِقِ فَانْتَحَرُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ وَاعْتَرَفُوا بِهَا وَمَعَهُمْ الْمُزَنِيُّ فَأَمَرَ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ ثُمَّ أَرْسَلَ وَرَاءَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِمْ فَجَاءَ بِهِمْ فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَمَا لَوْلَا أَنِّي أَظُنُّكُمْ تستعملونهم وَتُجِيعُونَهُمْ حَتَّى لَوْ وَجَدُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ لَأَكَلُوهُ لَقَطَعْتهمْ وَلَكِنْ وَاَللَّهِ إِذَا تَرَكْتهمْ لَأُغَرِّمَنَّكَ غَرَامَةً تُوجِعُك.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ كَانَ لِلْعَبِيدِ أَمْوَالٌ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ إنَّمَا كَانَ يَكُونُ غُرْمُهَا فِي أَمْوَالِ الْعَبِيدِ لَوْ كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ , وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي رِقَابِهِمْ مَا كَانَ مِنْ سَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا فَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ إسْلَامِهِمْ , أَوْ افْتِكَاكِهِمْ بِقِيمَتِهَا , وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُتْبَعُ فِي السَّرِقَةِ الَّتِي تُقْطَعُ فِي رَقَبَتِهِ وَلَا فِيمَا فِي يَدِهِ , وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ إِذَا لَمْ تُوجَدْ بِعَيْنِهَا ; لِأَنَّ مَالَهُ إنَّمَا صَارَ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ لِلْمُزَنِيِّ كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِك يُرِيدُ قِيمَتَهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَمَّا انْتَفَى حَاطِبٌ مِنْ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهَا ; لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغَارِمِ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَدَأَ بالمزني لِيَعْرِفَ مُنْتَهَى مَا يَدَّعِيه ثُمَّ تَوَقَّفَ حَاطِبٌ عَنْ الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ وَالْإِنْكَارُ لَهُ وَهَكَذَا وَجْهُ الْعَمَلِ ; لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ مُدَّعًى عَلَيْهِ حَتَّى يُعْلَمَ مُنْتَهَى دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ تِلْكَ فِي قَدْرِهَا وَجِنْسِهَا فَيَصِحُّ تَوْقِيفُ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ لِيُقِرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يُنْكِرَ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ الْمُزَنِيِّ كُنْت وَاَللَّهِ أَمْنَعُهَا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى مَعْنَى الْإِخْبَارِ بِقِيمَتِهَا عَلَى التَّحَرِّي بِذَلِكَ , وَإِنْ ذَكَرَ أَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ قِيمَتِهَا وَمَا كَانَ يَمْتَنِعُ مِنْ بَيْعِهَا بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَسَمَهُ عَلَى مَعْنَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَالْإِخْبَارِ عَنْ تَيَقُّنِهِ كَمَا قَالَ وَمَا أَدْعَى مِنْ الْقِيمَةِ لَا عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ لِلْقِيمَةِ بِيَمِينِهِ , وَلَمْ يَحْتَجَّ عُمَرُ أَنْ يُحَلِّفَهُ إمَّا ; لِأَنَّ حَاطِبًا صَدَقَ ; لِأَنَّ قَوْمًا شَهِدُوا لَهُ بِذَلِكَ , أَوْ لِأَنَّهُ بَنَى أَنْ يَأْخُذَ لَهُ مِنْ حَاطِبٍ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى مَعْنَى التَّأْدِيبِ لَهُ لِمَا جَنَاهُ بِإِجَاعَةِ رَقِيقِهِ , وَلِذَلِكَ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ قِيمَةِ نَاقَتِهِ حَتَّى أَضْعَفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَرَأْيُ الْمُزَنِيِّ أَحَقُّ النَّاسِ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جُنِيَ عَلَيْهِ بِتَفْوِيتِ نَاقَتِهِ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَخَذَ قِيمَتَهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَدْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي عَيْنِهَا فَفَوَّتَهُ عَيْنَهَا بِسَرِقَتِهَا وَنَحْرِهَا , وَهَذَا , وَإِنْ كَانَ وَجْهًا لِاجْتِهَادِ عُمَرَ فَالْقُضَاةُ الْيَوْمَ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ وَيَرَوْنَ عَلَى مَنْ جَنَى بِتَعَدٍّ , أَوْ غَيْرِهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ هَذَا إِذَا حَمَلْنَا قَوْلَ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ تَضْعِيفَ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَقَصَدَ وَجْهًا مِنْ وُجُوهٍ سَنَذْكُرُ بَعْضَهَا بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ أَعْطِهِ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ ظَاهِرُهُ تَضْعِيفُ الْقِيمَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُزَنِيُّ , وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ بِإِثْرِ الْحَدِيثِ لَيْسَ الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ , وَإِنَّمَا الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنْ يَغْرَمَ الرَّجُلُ قِيمَةَ الْبَعِيرِ يَوْمَ يَأْخُذُهُ ظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى ظَاهِرَ حَدِيثِ عُمَرَ فِي تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ عَلَى الْجَانِي قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ : وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ عُمَرُ إنَّمَا أَضْعَفَ الْقِيمَةَ ; لِأَنَّ الْمُزَنِيَّ ادَّعَى لِنَفْسِهِ قِيمَةَ نَاقَةٍ فِي بَلَدٍ , أَوْ زَمَنٍ غَيْرِ الْبَلَدِ وَالزَّمَنِ الَّتِي سُرِقَتْ بِهِ وَالْقِيمَةُ تَتَضَاعَفُ فِيهِ , وَلِذَلِكَ قَالَ : وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ قِيمَةُ الْبَعِيرِ يَوْمَ أَخْذِهِ يُرِيدُ أَنَّ قِيمَتَهُ إِنْ زَادَتْ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ صَاحِبُهَا قِيمَتَهُ بِتَغْيِيرِ الْأَسْوَاقِ بِانْتِقَالِ زَمَنٍ , أَوْ بِنَقْلِهِ إِلَى مَكَانٍ فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَهُ , وَلَوْ نَقَصَتْ لَكَانَ النُّقْصَانُ عَلَيْهِ , وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ رَأَيْت لِابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ إنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ ثَمَنِ نَاقَتِهِ فَأَضْعَفَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُصَادِفَ تَضْعِيفَ الْقِيمَةِ قِيمَتُهَا الْيَوْمَ قَالَ غَيْرُهُ , وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ بَعْدَهُ لَمْ يَجِبْ الْقَوْلُ بِهِ , وَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم لَتَرَكَ وَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا إِلَّا لِأَمْرٍ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
و حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَرَ عُمَرُ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ فَقَالَ الْمُزَنِيُّ قَدْ كُنْتُ وَاللَّهِ أَمْنَعُهَا مِنْ أَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ عُمَرُ أَعْطِهِ ثَمَانَ مِائَةِ دِرْهَمٍ
عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وعن محمد بن النعمان بن بشير، أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير، أنه قال: إن أباه بشيرا أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه و...
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: " والله يا بنية م...
عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا، ثم يمسكونها فإن مات ابن أحدهم، قال: ما لي بيدي لم أعطه أحدا، وإن م...
عن أبي غطفان بن طريف المري، أن عمر بن الخطاب قال: «من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة، فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب،...
عن جابر بن عبد الله الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل أعمر عمرى له، ولعقبه، فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبدا، لأ...
عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولا الدمشقي، يسأل القاسم بن محمد، عن العمرى وما يقول الناس فيها؟ فقال القاسم بن محمد: «ما أدركت الناس إلا وهم على ش...
عن نافع، أن عبد الله بن عمر ورث من حفصة بنت عمر دارها، قال: «وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب، ما عاشت، فلما توفيت بنت زيد، قبض عبد الله بن عمر ا...
عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة؟ فقال: «اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها س...
عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني، أن أباه أخبره: أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا، فذكرها لعمر بن الخطاب، فقال له عمر: «عر...