4389- عن أبي هريرة، «أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى، فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو أمة»
(فطرحت جنينها) أي ألقته ميتا.
(فقضى فيه) أي حكم في جنينها النبي صلى الله عليه وسلم.
(بغرة عبد أو أمة) ضبطناه على شيوخنا في الحديث والفقه: بغرة، بالتنوين.
وهكذا قيده جماهير العلماء في كتبهم وفي مصنفاتهم في هذا، وفي شروحهم.
وقال القاضي عياض: الرواية فيه: بغرة، بالتنوين.
وما بعده بدل منه.
وقد فسر الغرة، في الحديث، بعبد أو أمة.
وأو هنا للتقسيم لا للشك.
والمراد بالغرة عبد أو أمة وهو اسم لكل منهما.
قال الجوهري: كأنه عبر بالغرة عن الجسم كله، كما قالوا أعتق رقبة.
وأصل الغرة بياض في الوجه.
ولهذا قال أبو عمرو: المراد بالغرة الأبيض منهما خاصة.
قال: ولا يجزئ الأسود.
قال.
ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بالغرة معنى زائدا على شخص العبد والأمة، لما ذكرها، ولا قتصر على قوله: عبد أو أمة.
قال أهل اللغة: الغرة عند العرب أنفس الشيء.
وأطلقت هنا، على الإنسان لأن الله تعالى خلقه في أحسن تقويم.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : إِنَّ اِمْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْل رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينهَا فَقَضَى فِيهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ : عَبْد أَوْ أَمَة ) وَفِي رِوَايَة : ( أَنَّهَا ضَرَبَتْهَا بِعَمُودِ فُسْطَاط وَهِيَ حُبْلَى فَقَتَلَهَا ).
قَوْله : ( أَنَّ اِمْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْل ) وَفِي رِوَايَة ( اِمْرَأَة مِنْ بَنِي لِحْيَان الْمَشْهُور كَسْر اللَّام فِي لِحْيَان , وَرُوِيَ فَتْحهَا.
وَلِحْيَان : بَطْن مِنْ هُذَيْل.
أَمَّا قَوْله : ( بِغُرَّةٍ : عَبْد ) , فَضَبَطْنَاهُ عَلَى شُيُوخنَا فِي الْحَدِيث وَالْفِقْه بِغُرَّةٍ بِالتَّنْوِينِ , وَهَكَذَا قَيَّدَهُ جَمَاهِير الْعُلَمَاء فِي كُتُبهمْ , وَفِي مُصَنَّفَاتهمْ فِي هَذَا , وَفِي شُرُوحهمْ.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : الرِّوَايَة فِيهِ ( بِغُرَّةٍ ) بِالتَّنْوِينِ , وَمَا بَعْده بَدَل مِنْهُ , قَالَ : وَرَوَاهُ بَعْضهمْ بِالْإِضَافَةِ , قَالَ : وَالْأَوَّل أَوْجَه وَأَقْيَس.
وَذَكَرَ صَاحِب الْمَطَالِع الْوَجْهَيْنِ ثُمَّ قَالَ : الصَّوَاب رِوَايَة التَّنْوِين , قُلْنَا : وَمِمَّا يُؤَيِّدهُ وَيُوَضِّحهُ رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كِتَاب الدِّيَات فِي بَاب دِيَة جَنِين الْمَرْأَة عَنْ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة , قَالَ : " قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُرَّةِ عَبْدًا أَوْ أَمَة " , وَقَدْ فَسَّرَ الْغُرَّة فِي الْحَدِيث بِعَبْدٍ أَوْ أَمَة , قَالَ الْعُلَمَاء : وَ ( أَوْ ) هُنَا لِلتَّقْسِيمِ لَا لِلشَّكِّ , وَالْمُرَاد بِالْغُرَّةِ عَبْد أَوْ أَمَة , وَهُوَ اِسْم لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا , قَالَ الْجَوْهَرِيّ : كَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْغُرَّةِ عَنْ الْجِسْم كُلّه كَمَا قَالُوا : أَعْتَقَ رَقَبَة , وَأَصْل الْغُرَّة بَيَاض فِي الْوَجْه , وَلِهَذَا قَالَ أَبُو عَمْرو : وَالْمُرَاد بِالْغُرَّةِ الْأَبْيَض مِنْهُمَا خَاصَّة , قَالَ : وَلَا يَجْزِي الْأَسْوَد , قَالَ : وَلَوْلَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِالْغُرَّةِ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى شَخْص الْعَبْد وَالْأَمَة , لَمَا ذَكَرَهَا , وَلَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْله : ( عَبْد أَوْ أَمَة ) , هَذَا قَوْل أَبِي عَمْرو , وَهُوَ خِلَاف مَا اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاء أَنَّهُ تَجْزِي فِيهَا السَّوْدَاء , وَلَا تَتَعَيَّن الْبَيْضَاء , وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَر عِنْدهمْ أَنْ تَكُون قِيمَتهَا عُشْر دِيَة الْأُمّ , أَوْ نِصْف عَشْر دِيَة الْأَب , قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْغُرَّة عِنْد الْعَرَب أَنْفَس الشَّيْء , وَأُطْلِقَتْ هُنَا عَلَى الْإِنْسَان ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَهُ فِي أَحْسَن تَقْوِيم.
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي بَعْض الرِّوَايَات فِي غَيْر الصَّحِيح : ( بِغُرَّةٍ عَبْد أَوْ أَمَة أَوْ فَرَس أَوْ بَغْل ) فَرِوَايَة بَاطِلَة , وَقَدْ أَخَذَ بِهَا بَعْض السَّلَف , وَحُكِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاء وَمُجَاهِد : أَنَّهَا عَبْد أَوْ أَمَة أَوْ فَرَس , وَقَالَ دَاوُدَ : كُلّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اِسْم الْغُرَّة يَجْزِي.
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ دِيَة الْجَنِين هِيَ الْغُرَّة , سَوَاء كَانَ الْجَنِين ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى , قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى فَيَكْثُر فِيهِ النِّزَاع فَضَبَطَهُ الشَّرْع بِضَابِطٍ يَقْطَع النِّزَاع , وَسَوَاء كَانَ خَلْقه كَامِل الْأَعْضَاء أَوْ نَاقِصهَا أَوْ كَانَ مُضْغَة تَصَوَّرَ فِيهَا خَلْق آدَمِيّ , فَفِي كُلّ ذَلِكَ الْغُرَّة بِالْإِجْمَاعِ , ثُمَّ الْغُرَّة تَكُون لِوَرَثَتِهِ عَلَى مَوَارِيثهمْ الشَّرْعِيَّة , وَهَذَا شَخْص يُورَث لَا يَرِث , وَلَا يُعْرَف لَهُ نَظِير إِلَّا مَنْ بَعْضه حُرّ وَبَعْضه رَقِيق , فَإِنَّهُ رَقِيق لَا يُورَث عِنْدنَا , وَهَلْ يُورَث ؟ فِيهِ : قَوْلَانِ أَصَحّهمَا : يُورَث , وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجَمَاهِير , وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّ الْجَنِين كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاء الْأُمّ فَتَكُون دِيَته لَهَا خَاصَّة.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَاد بِهَذَا كُلّه إِذَا اِنْفَصَلَ الْجَنِين مَيِّتًا أَمَّا إِذَا اِنْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَيَجِب فِيهِ كَمَالِ دِيَة الْكَبِير , فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَجَبَ مِائَة بَعِير , وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَخَمْسُونَ , وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ , وَسَوَاء فِي هَذَا كُلّه الْعَمْد وَالْخَطَأ , وَمَتَى وَجَبَتْ الْغُرَّة فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَة , لَا عَلَى الْجَانِي , هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَسَائِر الْكُوفِيِّينَ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - وَقَالَ مَالِك وَالْبَصْرِيُّونَ : تَجِب عَلَى الْجَانِي , وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَآخَرُونَ : يَلْزَم الْجَانِيَ الْكَفَّارَةُ , وَقَالَ بَعْضهمْ : لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ , وَهُوَ مَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا -.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا فَقَضَى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ
عن أبي هريرة، أنه قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا، بغرة عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضي عليها بالغرة توفي...
عن ابن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول ا...
عن المغيرة بن شعبة، قال: ضربت امرأة ضرتها بعمود فسطاط وهي حبلى، فقتلتها، قال: وإحداهما لحيانية، قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة عل...
عن المغيرة بن شعبة، أن امرأة قتلت ضرتها بعمود فسطاط، فأتي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى على عاقلتها بالدية، وكانت حاملا، فقضى في الجنين بغرة،...
عن المسور بن مخرمة، قال: استشار عمر بن الخطاب الناس في إملاص المرأة، فقال المغيرة بن شعبة: «شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة»، قا...
عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع السارق في ربع دينار فصاعدا»، أخبرنا سليمان بن كثير، وإبراهيم بن سعد، كلهم عن الزهري، بمثله في ه...
عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا»
عن عمرة، أنها سمعت عائشة، تحدث، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فما فوقه»
عن عائشة، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا»، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، بهذا الإسناد مثله